الأربعاء، 26 ديسمبر 2007

المدونات السعودية في الدستور

سعدت بمقالة أخي أحمد نصرصاحب مدونة ( ارحم دماغك ) عن المدونات في السعودية والتي نشرت في جريدة الدستور المصرية قي يوم الأربعاء 5 ديسمبر 2007م ، حسنا لا أخفي أن اختيار صاحب المقالة لمدونتي من ضمن مدونات أخرى أسعدني ، لكن الذي أسعدني أكثر هو أن مقالة أحمد نصر قد كسرت فعلا الصورة النمطية لحديث المصريين عن السعودية ، سبق لاحمد أن علق على مقالتي : أوهام مصرية عن المرأة السعودية ، وها هو ذا يعود ليكتب عن السعوديين ( وأنا أعد نفسي سعودية هوى ونشأة وانتماء) بطريقة تخالف السائد وتمنيت أن تطول المقالة أكثر لأنها فعلا كتبت برصانة تستحق الاحترام وهنا أضع رابط المقالة من مدونة الاخ خالد ( ماشي صح ) لأني وقعت على مقالة أحمد نصر هناك ولأن الأخ خالد وضع روابط للمدونات التي اختارها أحمد نصر في مقالته http://www.mashi97.com/?p=343

العلاقة الخاصة في حرم العلم

هذا هو العنوان الأصلي للعرض الذي قدمته لدراسة الدكتور محمد إبراهيم السيف بعنوان : " التربية الجنسية والعلاقات الزوجية في الأسرة السعودية " وقد نشر بعنوان آخر هو : " الجنس الخاطىء يهدد استقرار الأسرة السعودية" في يوم الأحد 25 نوفمبر 2007م
ولم أستسغ العنوان الجديد لقصوره لكن ( مش مشكلة " المهم أن العرض قد نشر عن دراسة تستحق فيما أرى التنويه بها وتسليط الضوء عليها ..
وفيما يلي النص الذي كتبته ونشر على شبكة إسلام اون لاين : " كانت المحاضرة الأولى في فقه العقوبات التي يدرسنا إياها المعيد المتمكن علما القادم من كلية الشريعة في تريم في حضرموت ، كان تدريس الفقه في كلية البنات في جامعة الأحقاف في المكلا يعتمد على الكتب القديمة فكنا ندرس الفقه الشافعي من كتاب فتح المعين بحاشية إعانة الطالبين ، كان الباب الذي وقفنا عنده قبل أن يحضر إلينا المعيد الشاب هو باب الحدود ، وتحديدا الفصل الذي يتحدث عن الزنا، كانت العبارات صريحة ، وكان شيخنا الشاب يعتمد الطريقة القديمة في التدريس قراءة على الشيخ ، العبارات كما أسلفت كانت صريحة ، لكنها لم تكن خادشة ، لأنها كانت محاطة بقداسة العلم ، وهيبته . حضرني هذا الموقف وأنا أقرأ كتاب " التربية الجنسية والعلاقات الزوجية في الأسرة السعودية " وهي دراسة ميدانية اجتماعية تكشف أثر التربية الجنسية الخاطئة على عدم استقرار العلاقات الزوجية في الأسرة السعودية . أعد الدراسة الدكتور محمد إبراهيم السيف ، أستاذ الدراسات الاجتماعية ومناهج البحث في كلية الملك فهد الأمنية . عالج الكتاب القضية التي تناولها بأسلوب رصين وسلس، وفي صفحات قليلة نسبيا مما يحقق الغاية التي ألف من أجلها ، فالكتاب من القطع المتوسط ، ويحوي (97) صفحة، ، ورغم صغر حجم عينة الدراسة ( 190) حالة ، وذلك نظرا لحساسية الموضوع وجدته ، فإن النتائج جاءت مجسدة لواقع طالما سمعنا عنه تداولا بين الناس، وقراءة في المشاكل التي ترد على صفحات المشاكل والحلول في مواقع جادة كإسلام أون لا ين . الكتاب رصد المشكلات الزوجية الخاصة ، وتميز في أمور منها ما قدمته من الأسلوب الرصين السلس الذي يصل إلى عامة الناس دون تكلف. كما أن الكتاب تجاوز الفكرة السائدة بكون الفتاة دائما ضحية لنزوات الشباب ، والكشف عن أن مجتمع الفتيات قد يضم مجموعات لا ترى في العلاقة مع الجنس الآخر هو مجال لإثبات التفوق الأنثوي على الرجل عبر خضوعه لإغراءات الجسد . ونبه الكتاب الآباء والأمهات إلى أساليب تربوية مهمة في تهيئة الأبناء لحياة زوجية خاصة مستقرة .كما سلط الضوء على قيم مجتمعية فاسدة تمجد الذكورة بصورتها الفجة المفارقة للرجولة . وأثر ذلك على الحياة الخاصة بين الزوجين ومن ثم على استقرار الأسرة. وليس كل ذكر رجلا كما نقل الإمام أبو حيان الأندلسي في تفسيره المحيط . الكتاب سلط الضوء أيضا على فكرة كون المرأة مطية لرغبات الرجل دون اعتبار لحقها المشترك في السكن الزواجي ، وهو لم يتطرق إلى كون هذه الفكرة لها سندها في التراث الفقهي ، ومن ثم فمعالجتها تتجاوز المناقشة العقلية والتربوية إلى التأصيل الشرعي . وإن كان نقله الشرعي عن الدكتور إبراهيم الجوير في مقدمة الكتاب يخدم ما ذكرناه ، ولكن لم يكن هناك نقض مباشر للفكرة ، وتم تصويرها على أنها فكرة نابعة من عرف مجتمعي بحت لا علاقة له بالتصور الشرعي. ومن الجوانب المهمة التي نبه عليها الكتاب أثر التغير الهرموني لدى المرأة على العلاقة الخاصة، وأرشد إلى أساليب تربوية مهمة في إرشاد الأبناء الذكور منذ مرحلة المراهقة إلى هذا الاختلاف في طبيعة المرأة . والكتاب ثري بالأفكار المهمة والعملية ، على مستوى التربية الوالدية ، والعلاقة الخاصة بين الزوجين . قراءة واحدة لهذا الكتاب لا تكفي ، فهو حقا يصلح ليكون مرجعا تتداوله الأسرة دون حرج ، ومن المهم في تقديري التنبيه على أن الكتاب على أهميته يعد بداية في تحقيق فرض كفائي مهم ، يصلح به شأن الأسرة السعودية ، مع مزيد من التركيز على دقة المعلومات الطبية ، والتفريق ما بين هو خاص بحالات معينة ، وبين ما هو عام في كل حالة ، وكذا تجاوز الأسباب الظاهرة للمشكلة إلى عمق السبب ، للخروج بحلول جذرية . ولعل موسوعة اجتماعية طبية شرعية تربوية يقوم متخصصون بإعدادها ، وتنبثق من احتياجات مجتمعنا ، ومشكلاته ، سيكون فيها الخير الكثير كمرجع مدرسي وثقافي . وأذكر في هذا السياق أني حضرت مع أسرتي قبل بضع سنوات محاضرة مفتوحة للجمهور للدكتور الشهير أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي ، في قاعة المحاضرات في الغرفة التجارية بجدة تناولت العلاقة الخاصة بين الزوجين بأسلوب راق ، في خطوة مهمة تبنتها الغرفة التجارية . وهذه الخطوة لم تتكرر بحسب ما أعلم أو لعلها تكررت لكن لم تكن الدعاية لها كافية بحيث تصل إلى محيطي . والدعوة إلى نشر مثل هذه المحاضرات الرصينة مما نبه عليه الدكتور السيف في استراتيجيته للتربية الجنسية في المجتمع السعودي والتي ختم بها الكتاب . جزى الله الدكتور السيف خيرا على جهده العلمي الطيب ، وجزى الله خيرا لجنة الإصلاح الأسري في محافظة عنيزة في القصيم التي تولت نشر الكتاب ، وتوزيعه خيريا ، في وعي محمود تشكر عليه. بقي أن أقول أن تاريخ النشر 1428هـ/ 2007م . ولطلب نسخ للتوزيع الخيري الاتصال بالجوال : 0553634050 http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1195032527941&pagename=Zone-Arabic-AdamEve%2FAEALayout

السبت، 15 ديسمبر 2007

بدايات

نحن نختار أن ننظر إلى الخيبات على أنها بدايات أو نهايات !نحن نختار ذلك معتقدا وسلوكا نحتاج إلى الشجاعة لنكون سعداء ..

الخميس، 6 ديسمبر 2007

الأحد، 18 نوفمبر 2007

مداولات في الحجاب

أهداني مشكورا محمد ابن خالي في رمضان المنصرم كتاب :" المرأة بين الشريعة والحياة " للدكتور محمد الحبش ، وبدأت قراءة في الكتاب لم تكن كافية لأحدد موقفي منه ، ثم حالت بيني وبينه عوارض ، حتى أعادني إليه عمرو عزت بمقالته : " ماظهر منها أية معان تختفي وراء الحجاب وتنوعاته ومعاركه " ..وأود أن أقف أولا مع مقالة عمرو .. المقالة رصينة وهادئة ، لكنها ليست محايدة أبدا ، وهذا يحسب لها لا عليها فيما أرى.. لعمرو خلفية دينية واضحة .. مكنته من أن يكتب بروح من اقترب من النصوص الشرعية والتراث الفقهي ، اقترابا ساهم في تشكيل عقله ونفسه ، فجاء طرحه موازنا إلى حد كبير ،بالنسبة لمن لا زالوا متدثرين بالتراث لم يفارقوا ثوابته –وأنا منهم - كتب عمرو : " يمتزج الدافع الدينى مع اعتبارات الحشمة كدلالة للزى المحتشم مع غطاء رأس، فحتى الخطاب الدينى المعتدل أو التوفيقى يعقلن التشريع القائل بفرضية الحجاب، فيذهب إلى أن حكمة التشريع تهدف لـ"حجب الجانب الأنثوي" للمرأة لكى يبقى الجانب الإنسانى فيها - "الحجاب يظهر المرأة كإنسانة وليس كأنثى" على حد تعبير محمد حسين فضل اللـه - وذلك لكى لا تطغى دوافع الغريزة على التعامل بين الرجال والنساء فى المجتمع، ولكى يضع الحد اللائق لزى مقبول وصالح للحياة اليومية وخال من الابتذال. ولكن هذا التبرير لا يذهب فى أطروحته حتى النهاية، فلا يصل إلى أن ذلك قائم بالفعل فى أى مجتمع، حيث يحدد السائد من ملابسه نوعا من الضابط والحد بين ما هو عادى من الملابس، للرجال والنساء، وبين ما هو مثير أو فاضح أو غير لائق، وهو حد يختلف من مجتمع لآخر، كما يتغير زمنيا تبعا للتغيرات التى تلحق بهذا المجتمع. كما أن حجب “الأنوثة” يصلح أيضا تبريرا لأقصى أشكال الحجاب “النقاب”، الذى يرى من يذهب لوجوبه على المسلمة أن الوجه هو عنوان جمال المرأة وجاذبيتها. ولكن بالرغم مما سبق، ففى جانب الممارسة لا يخفى الحجاب "المحتشم" تماما أنوثة المرأة، فقط لا يظهرها بشكل مباشر أو كبير" ولي هنا وقفتان : إحداهما : أن عقلنة الأحكام التشريعية ، وجعل الحكمة التي تظهر للفقيه علة للنص ، يجر لمنزلق كالمنزلق الذي ناقش عمرو فيه كلام السيد محمد حسين فضل الله ، وكلام عمرو كلام وجيه لا غبار عليه ، إذا ما جعلنا الحكمة التي يستنبطها الفقيه علة يدور معها النص حيث تدور ، وأنا هنا لا أتحدث عن خصوص كلام الشيخ محمد حسين فضل الله ، ولا أظن أنه يخفى عليه مثل هذا الأمر ، لكنه نسق في الكتابة المعقلنة للنصوص كنسق الحجب الذي تحدث عنه عمرو عزت ، وهذا النوع من الكتابة لا يصمد في كل حين أمام مداولات العقل. إذن الأمر كما أفهمه له بعد تعبدي ثابت ومجاور للعقلنة ، ومداولاتها ، يثبت التعبد في (اللباس الذي تختص به المرأة والذي اصطلح على تسميته حجابا وسأناقش ذلك في سطوري اللاحقة) ، ويجاور ذلك التأويلات المتنوعة في حكمة هذا التعبد . الثانية : فيما أفهم فإن الحجاب ليس حجبا للأنوثة بل اعتراف بها في سياق الاحتشام : ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) ومن ثم فالزينة المعتدلة ليست مضادة للحجاب بل هي جزء من ماهيته ، وقد وردت أحاديث تدعم هذا المعنى لا تخفى على الباحث المتأمل . ثم إن فهمي هذا مجاور للقول بالبعد التعبدي في الحجاب لا لاغ له . الدكتور محمد الحبش استعرض في كتابه الأقوال الفقهية الواردة في لباس المرأة ، وخلص إلى النتيجة ذاتها التي يؤكد عليها عمرو عزت في مقالته ، ومردها إلى صورة للحكم الشرعي يغيب فيها الجانب التعبدي ، بين عقلنة النص التي تحدثت عنها آنفا أو ربطه بسياقه التاريخي والمجتمعي ربطا يؤول إلى العقلنة . الدكتور الحبش يؤكد على أنه توجد نصوص فقهية تصب في كون الحجاب هو زي محقق للعفاف الاجتماعي وليس هناك ضبط له ، بتغطية الشعر مثلا أو الساق، وقد قرأت القراءة ذاتها التي قرأها الدكتور الحبش من سبع سنين مضت ، وناقشت ذلك مع شيختي فضيلة الدكتورة شادية كعكي فنبهتني إلى ثلاثة أمور : أحدها : الإجماع كضابط لقراءتنا للنصوص ، بحيث لا يقع العقل في عبثية قراءة النصوص . الثاني : أن الأقوال الفقهية لا يصح أخذها دون تمحيص لصحة نسبتها إلى قائلها ، ووزن هذا القول أصوليا وفقهيا . الثالث : أن ما ورد في باب الصلاة من أحكام ستر العورة لا يصح أن نجريه على إطلاقه في مسألة الحجاب مراعاة لروح التشريع . بقيت فكرة أخيرة أحب التنويه عليها ، هذه المداولات في شأن الحجاب ينبغي أن لا تجعل سيفا مصلتا على المخالفين للقول بكون تغطية ما عدا الوجه والكفين والقدمين فرض لازم على المرأة إلا ما استثني عند بعض أهل العلم ( من ذلك : الخطوبة و العلاج ) –والذي أعتقد صوابه وضلال ما عداه- فنتهمهم بها في دينهم ، فنسبة قول ما إلى الضلال لا يقتضي نسبة صاحبه إليه , وهذا مبحث ينبغي أن يولى مزيدا من العناية نظرا واجتهادا .

الجمعة، 9 نوفمبر 2007

خالتي فاطمة

من منا لا يحب فاطمة ..هو عنوان رواية للأستاذ أنيس منصور ، صدتني عن قراءتها أختي فاطمة ، قالت لي :" مش حلوة مرة .. لا تقرأيها أحسن " .. تذكرت اسم الرواية الليلة وأنا أقرأ مقالة الأستاذ عبد الله المغلوث في جريدة الوطن عن أختي فاطمة ، المقالة بعنوان : " خالتي فاطمة " .. حسنا ابتداء لا بد لي أن أشكر الأستاذ المغلوث على ما كتبه عن أختي .. لأنها أختي .. ولأني صدقا أراها تستحق ما قاله، هذا مع كونه لم يقرأ لها كل ما كتبت .. لكن ! ولا بد من لكن هنا.. أحببت لو أن الأستاذ المغلوث قرأ قراءة نقدية ما وصله من كتابات فاطمة .. ولكن .. أيضا .. الأستاذ المغلوث سطوره مع إغراقها في تصوير حكمة فاطمة ، وعمقها ،وهي كذلك – ما شاء الله - غابت عنها ( عشرينية ) فاطمة ، بخصوصيتها التي كثيرا أو أحيانا ما أعجز عن فهمها،وتكون سببا في خلاف لا يرفعه سوى الحب لا الفهم ، أنا أختها بسنواتي الثلاث والثلاثين .. " رؤية عشرينية " للأمور ، وطريقة في المرح ، والحياة ، ليست تختص بها فاطمة ، بل هو نسق عشريني ، وإن كان يبدو ظاهرا أبعد ما يكون عن التجانس إلا أنه متجانس فعلا، مهما اختلفت طبيعة الشخصية التي ينتمي إليها .. أجمل ما في فاطمة كما أراها هو التمسك بالدين والقيم الأصيلة .. تمسك جوهري .. مهما بدا لمن لا يعرفها جيدا خلافه .. أسأل الله لها الثبات والترقي في عافية.. كتبت مرة عن حب جدة ، وجمالها ، لكني لم أكتب أن فاطمة هي التي جعلت إدراكي لهذا الجمال يتعمق ، ويتجذر في داخلي ، كنا نتحدث عن القاهرة ، وطبيعة الحياة فيها ، قالت لي : لجدة نمطها الخاص : " البلد " .. أكملت أنا : " والكبدة التي تباع فيه في شهر رمضان خاصة " ، قالت : ومكتبة جرير ، والكافيهات الهادئة ، والصاخبة ، ومساحات الحرية المنقوصة ، التي نخلق اكتمالها ، فنذوق طعمه المميز .. النوم يداهمني الآن .. وأترككم مع سطور الأستاذ عبد الله المغلوث .. http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=2597&id=2977&Rname=91

الخميس، 1 نوفمبر 2007

حوار ( العقال ) لا العقل

هذه العبارة ذكرها د. عبد الله اليوسف-أستاذ مشارك علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود- في معرض حديثه عن العنف الأسري في برنامج في قناة الإخبارية لا أتذكر اسمه مع كوني لم أشهد الحلقة من بدايتها ، الدكتور ذكر كلاما مهما عن وجوب الاتزان في تناول هذه القضية دون إفراط أو تفريط ، والاتزان يبدأ من تحديد الضوابط التي توصف الحالة وفقا لها أنها عنف أسري ، وكان هذا تعليقه على كلام الدكتورةمها المنيف ، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمان الأسري في مستشفى الملك فهد ، عندما ذكرت أنه في خلال الخمسة أشهر الفائتة وردتهم 45 حالة عنف أسري ، بمعدل حالتين في الأسبوع، 30 % منها هي لحوامل تعرضن للاعتداء . الدكتور يوسف ركز على أهمية ألا تستفزنا العاطفة فنحيد عن النهج العلمي الصحيح في دراسة القضايا ، وإطلاق الأحكام. أو وصف التجاوزات بوصف الظاهرة حتى نكون على ثقة من كونها ظاهرة حقا . ولعل من أهم ما طرحه الدكتور اليوسف هو تأكيده على أهمية مراعاة النسق الاجتماعي عند معالجة قضية العنف الأسري ، لم يفصل الدكتور في ذلك بما يشفي ، ولعل له عذره في ذلك نظرا لنسق الحلقة ! وقد كنت كتبت في مقالتي بعنوان : " أوهام مصرية عن المرأة السعودية " فقرة بعنوان : " حقوق بلا سكينة " : قلت فيها : أنا هنا لا أهون من شأن السلبيات الحاصلة في مجتمعنا، لكني أنبه على أن تنميط حياة المرأة السعودية وفقا لها، فيه جهل مستتر بسنة حياتية لا ينفك عنها مجتمع إنساني، وهي نسبية الحقوق، تبعا للثقافة والزمان والمكان، والأهم من ذلك هو العلاقة الوثيقة بين روابط الود والإحسان والفضل وبين الحقوق وتحصيلها؛ فعدم تطبيقنا لكامل قناعاتنا وتنازلنا عن بعضها تطبيقا لا فكرا أو تعبيرا لا يعد كبتا أو غبنا أو قهرا كما قد يلتبس على البعض، بل قد يكون تحققنا بذواتنا في حفظ ودنا لأهالينا، واحترامنا لأعراف مجتمعنا، وترفقنا في الحديث عما نعده توعية وتبصيرا دون اصطدام أهوج أحمق يطيح بالقيم النبيلة، ويغيب فيه أن لدفاعنا عن حقوقنا وتمسكنا بها، أخلاقا، إذا لم نتشبث بهذه الأخلاق تشبثنا بحقوقنا، فإننا سنتحصل على حقوق جرداء لا روح فيها ولا سكينة." كانت سطوري السابقة في ذات السياق الذي تحدث عنه الدكتور اليوسف ، مراعاة النسق الاجتماعي بناء ، وثقافة ، مثلا لو تحدثنا عن أب اعتدى على ابنته بالضرب ، فمن غير المنصف أن نبادر إلى التهجم على الأب ، دون أن ندرس أسباب اعتدائه على ابنته ، وليس ذلك إقرارا للضرب كوسيلة تأديبية يمارسها الأب مع ابنته البالغة لكن اعتبارا للنسق الثقافي لمجتمعنا ، من حق الأب البر وإن عق أبناءه ، ما مساحة اشتراك الفتاة في أن يعقها أبوها ، أمر آخر ما هو معنى البر ، هل هو الوصل حال الاستقرار والتناغم بين الأبناء والوالدين ، أم هو الصبر على الأذى ، والتجاوز النفسي ، والمجاهدة من قبل الأبناء للوصول بعلاقتهم بآبائهم إلى بر الأمان ، أخطأ الأب واعتدى ، فهل يكون الصواب أن نعالج هذا الاعتداء بطريقة تضاد نسقنا الثقافي ، ونعزف النغمة النشاز للحقوق ، التي تصدر عادة من ثقافة وبناء معرفي لا يتخذ الإسلام كمرجعية ؟ اعتدى الأب فكيف نعالج هذا الظلم الذي وقع منه على ابنته أو ابنه : المعالجة في تقديري لا تبدأ باتخاذ الإجراءات القانونية ضده ، أو فتح الباب مشرعا أمام الفتيات للخروج من منازلهن إلى مراكز الإيواء ، وإنما تبدأ من توعية مجتمعية ، بواجبات الأب ، وحقوق الأبناء، وكذا واجبات الأبناء تجاه آبائهم ، في طرح يعمق معاني الصبر على الأرحام ، ويبتكر الوسائل المعينة على التعامل مع النفسيات والظروف المختلفة التي يواجه فيها الأبناء ظلم الآباء ، وكيف يحافظ الأبناء على استقرارهم النفسي والقيمي في ظل تعامل سيء من الآباء، وكيف يجيدون تحييد مشاعرهم السلبية تجاه ظلم آبائهم ، ويفعّلون المشاعر الإيجابية التي تعينهم على معالجة المشكلة في جو من الستر والحكمة . أتصور أن إنفاق الأموال على أبحاث نفسية وشرعية واجتماعية من هذا النوع ، وتطبيق نتائجها عبر القنوات المختلفة ، والتي منها وسائل الإعلام ، والخطب ، والدورات المفتوحة ، والمحاضرات،وورش العمل ،هو أجدى من الإنفاق على إيواء المتضررات في مراكز إيواء ، هي كمسكنات وقتية يكون ضررها أفدح أحيانا من الضرب ذاته .

الجمعة، 19 أكتوبر 2007

قلق وجودي

صاحبني أسابيع ضاغطا ، وقاتما شتاتا نفسيا ظننت أنه سيحرمني الاستقرار طويلا .. لكن القدر أهداني كلمات عميقة وبسيطة في آن واحد ، لا تكلف فيها ، ولا تشدق، أن ننكر على أنفسنا القلق ، وأن نستغرق في التفكير في محادة قناعاتنا الراسخة ، ونتشكك في أنها تمتزج بروحنا وعقلنا وكينونتنا ، كلاهما ( الإنكار والاستغراق) طرفي نقيض يحرماننا من جمال الوسط الهادىء، الذي يعترف بقلقنا ولا يسمح له بأن ينال من روحنا ، كلمات جعلت نورا هادئا ينبثق بداخلي ، يطمئنني ، ويثبتني ، ويجعلني أكثر رسوخا وارتباطا بهويتي الحقيقية .. اللهم لك الحمد فضلا ، ولك المن شكرا ، وأنت ربنا حقا ، ونحن عبيدك رقا ، اللهم آت نفوسنا تقواها .. وزكها أنت خير من زكاها .. أنت وليها ومولاها .. وصل على سيدنا محمد طب القلوب ودوائها ، وعافية الأبدان وشفائها ، ونور الأبصار وضيائها ، وآله وصحبه وسلم، صلاة يكون من بركاتها صلاح الحال ، ومن نفحاتها حسن المآل ، وأن نرقى بها في مدارج التقى والكمال.

الأربعاء، 17 أكتوبر 2007

إقبال

يقول السيد أحمد بن حسن العطاس- من كبار علماء حضرموت المتوفى عام1334هـ- في كتاب ( تذكير الناس ) جمع السيد أبو بكر العطاس : " إذا حصلتم واحدا مقبلا على ربه ، فخذوا بيده ، وانظروا إلى إقباله ، ولا تنظروا إلى أعماله ، وهي تصلح إذا أقبل"

إبراء للذمة

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه . اللهم إني أؤمن بما تعلم أنه الحق عندك ، وأبرأ إليك مما تعلم أنه الباطل عندك ، خذ جملا ولا تطالبني بالتفصيل، اللهم إن كنت قد قلت شيئا خلاف الإجماع
وخلاف الحق فإني أتوب إليك منه ، وأبرأ إليك منه
ثم إني قد التزمت في غالب مقالاتي أن يجيزها من أثق بفقهه وعلمه أو أكون قد طرحت الفكرة وتمت إجازتهامع وجوب أن يفرق القارىء بين ماكان إشكالا يطرح لا أقرر جوابا عنه ، وبين ما أقرره وأعتمده بحسب ما يستقر عليه فهمي ، ومع ذلك ، فإني أبرأ إلى الله تعالى من كل ما قلته وكان خلاف الحق ، ومقالاتي التي تتحدث عن العلاقات الإنسانية تضبطها المقالات اللاحقة ( الحلال الفكري وارتباكات القيم ، العلاقة بين الجنسين دعوة إلى مركز الوسطية ، أوهام مصرية عن
المرأة السعودية ) أقول ذلك إبراء لذمتي أمام الله عز وجل ، ولئلا يكون ما أكتب حجة علي ووالله ما أردته إلا حجة لي

فيلم سهر الليالي .. أسئلتي تبحث عن إجابة

موقف قد يبدو صغيرا ، لكنه أفسد علي ليلتي أمس الأول ، طلبت من والدتي أن تشاهد معنا أنا وفاطمة فيلم سهر الليالي ، كنت متحمسة للفيلم لأني أراه عملا فنيا فيه قدر محترم من العمق والإتقان في مناقشة قضايا إنسانية مهمة .. غضبت أمي فجأة ، وقالت : هذا ما أنت مستغرقة فيه ، أفلام لا حياء فيها ولا أدب ، هذا ما وصل أمي من الفيلم ، والذي جعلها تطلق عبارتها الغاضبة ، التي لا سند لها من الصحة بخصوص استغراقي في ( متابعة الأفلام ) .. مسألة ( قلة الأدب ) لم أكن أنظر إليها من الزاوية التي طرحتها أمي ، عبارة أمي جعلتني أتوقف لأراجع مسألة ( المرجعية في التقبيح والتحسين ) ، التي تحدثت عنها في مدونة ( الحقيقة المطلقة)، هنا عدة زوايا تحتاج مني إلى فهم لها : - مسألة الحسن والقبيح في الفيلم كنموذج لقضية التحسين والتقبيح في القضايا التي لها منطلقات تخالف منطلقاتنا الدينية .. رأيت في دور جيهان فاضل تجسيدا لضعف الإنسان ( الزوجة ) ، واستسلامه لضغوط الجسد ، وعدم تعامله معها بما ينبغي من نزاهة ، أو تكون النزاهة التي يتعامل بها منتقصة حال انطفاء النور الداخلي الذي يهديه ويقويه ، وعندما يفتقد الصديق المخلص الذي يفهمه ويعينه على تخطي أزماته الطاحنة دون سقوط في الخطيئة ، والدتي رأت ذلك تجسيدا للفجور فحسب .. قراءتي المختلفة عن قراءة والدتي ، هل هو نابع عن نضج رؤيتي وقصور رؤية والدتي ، أم عن صفاء مرجعية والدتي ، وغبش مرجعيتي؟..( أنا هنا لا أتحدث عن والدتي بخصوصها ، بل هي هنا رمز للدين الذي نشأ المجتمع عليه) والدتي لا تفهم أن نرى في ذلك أدبا جديرا بالقراءة والتوقف عنده ، بل ترى ذلك استمراء لقلة الحياء ، والتجرؤ على حرمات الله ، وعدم إنكار المنكر . - وفقا لما تلقيته فقها : الصورة التي نشاهدها في التلفاز لا تأخذ حكم الأصل ، وقد تحدث الشافعية عن أن الرجل له أن ينظر إلى من لا تحل له في المرآة بغير حجاب حيث لا فتنة ولا شهوة ، إذن هل ينسحب حكم ذلك على مشاهدة الأفلام بمعنى أن مشاهدة الرجال المختلطين مع النساء في كافة الأوضاع ليس بحرام حيث لا فتنة ولا شهوة ؟ - هل ما كتبته في الفقرة السابقة شرعنة لما لا يحل ، والسينما مشاهدتها حرام ، ويجب الامتناع عنها ، إلا من جهة متابعة ما يجري على الساحة لا من جهة التذوق الفني للأعمال ؟ وهل نستطيع استصحاب هذا التقبيح لما لا يحل ، أو ما سماه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنكار بالقلب ؟ وهل يصح أن نقول أن هناك فرقا دقيقا بين أن نشاهد هذه الأفلام ونتذوق ما ورد فيها باعتبار كونه أدبا ، ولا يكون في قلبنا إنكار حال المشاهدة ، لأننا نعلم أن من يقومون بذلك لهم قناعاتهم ( أو تجاوزاتهم) التي تختلف عنا ، سواء كانوا كفارا أو مسلمين عصاة . هناك فرق بين ذلك وبين أن نرتضي لأنفسنا ولمسلم بفعل ذلك ابتداء ، فالإنكار في الحال الثانية لا الأولى . هل نحن نقع في الازدواجية؟ - هذه المسائل في صلب ما نعيشه في حياتنا ، ونحن لم نحسمه بعد دينا ، أو لأقل أنا لم أحسمه دينا بعد ، وكثير ممن أعرف يشعرون في داخلهم بالتأثم ، لا أريد أن أحل أو أحرم لأحد ، أنا أريد أن أفهم ، لأستطيع أن أعيش حياتي في سلام داخلي .

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2007

قسوة

أن نكلف من يحبوننا طريقتنا في التعبير عن الحب ، ونشعرهم بالتقصير حيالنا إن لم ينهجوا نهجنا ، ويعتمدوا طريقتنا ، تكليفهم ذلك ، ومحاسبتهم عليه ، أنانية وقسوة وجفاء

الاثنين، 24 سبتمبر 2007

غياب

قررت أن أغيب في الغد عن العمل ،وأن أعمل من المنزل، سيخصمون يوما ، لا بأس ، المهم أن أفعل ما يمليه علي احترامي لنفسي ، ورفقي بذاتي، بجانبي كتاب ( عصرنا والعيش في زمانه الصعب) وعدت مديرتي أن أعيده لها غدا ، سأرسله مع السائق ، تصفحته اليوم ، لم أجد فيه ما يشدني ، معلومات مكرورة ، لكن قراءتي للأستاذ بكار علمتني أن قطعه الذهبية تكون متناثرة في ثنايا حشو كثير ، وأحيانا لا يحوي الكتاب سوى قطعة أو قطعتين ، لكنهما تكونان ذهبيتان حقا ، لن أنام – إن شاء الله – حتى أعثر على القطع الذهبية لـ( عصرنا والعيش في زمانه الصعب ) .. ولعلي أحكي لكم عنها .. بالمناسبة كنت منذ ساعات في أحد الكافيهات برفقة ( العيش في الزمان الصعب) وبينا أنا مستغرقة في تصفح الكتاب بحثا عن القطع الذهبية ، إذا بموسيقى التهنئة بعيد الميلاد تصدح في القاعة ، رفعت رأسي فهزت روحي نظرة في عين الفتاة التي فاجأها رفيقها – أخ أو زوج أو صديق لا أعلم- كانت نظرة صدق حيية وفرحة بلا تكلف أو بهرجة ، مثل هذه اللمسات التي يهديها القدر للوحة الحياة التي أحياها تجعلني أشعر بالامتنان .. وتصبحون على خير

السبت، 22 سبتمبر 2007

تميسو

حسنا إنها جدة .. بجسرها الجميل على الكورنيش ، وجلساته العائلية التي تجمع بين البساطة والنظافة والكلفة الزهيدة، لم أكن أود أن أخرج لولا إلحاح آلاء ، خرجنا سويا أنا وإخوتي وبنات خالتي، ونزلت عن الجسر لأتمشى على الشاطئ ، لفتت نظري لوحة لمحل يبيع فول وتميس ( خبز أفغاني ) ، مكتوب عليها (تميسو) أحببت الاسم وأحببت اللون الأزرق الذي كتبت به لوحات المحلات على الشاطئ ، كم أنت جميلة يا جدة، جميلة بهدوئك وصخبك ، هو ذلك المزيج من الهدوء الصاخب ، أو الصخب الهادىء ، كانت صديقة تحكي لي أنها كانت وخطيبها يقطعان الكورنيش جيئة وذهابا ، ولأن خطيبها في مقتبل حياته العملية ، فقد كان صحن الترمس رفيقهما دوما ، وإذا أرادا أن يمارسا الترف ، فلا مانع من كوب كابتشينو في إحدى الكافيهات الفاخرة من شهر لآخر
إنها جدة .. ستجد فيها مأوى لحلمك فقط إن عرفت كيف تحبها وكيف تستمع لنغمات بحرها ، وسماها ، وأرضها
أعود لـ ( تميسو) وقفت أمام اللوحة وأنا أبتسم ، أحسست أنها تود أن تخبرني شيئا ، أو أني من أردت أن أبثها شيئا ، أحببت الاسم ، وأحببت الخط الذي كتب به ، وأحببت شغب الهدوء الذي يغلفه ، وأحببت أني تعرفت إليه في ليلة من ليالي رمضان لم أشتر من ( تميسو ) ليلتها – الخميس الفائت – كنا قد أحضرنا ساندويتشات من (شاكر ) معنا
ولم يكن هناك مجال لطعام آخر تستقبله معدتي، وشاكر لمن لا يعرفه ، هو من أشهر محلات بيع الشاورما في جدة في منطقة ( البلد) في وسط جدة ، وهو رغم تغير اسمه ( لا أذكر الاسم الجديد، الاسم القديم منذ أكثر من عشر سنوات)، لا زال مهوى أفئدتنا وبطوننا من حين لآخر وجدت عاملة الحمام تقرأ في كتاب، سألتها بعد أن حييتها .. ماذا تقرأين ؟ قالت :اقرأ في قاموس لغة انجليزية .. أراجع لغتي ، قلت لها : من وين أنت ؟ قالت : من الحبشة . قلت لها : فتح الله عليك ، ادعيلي ، ابتسمت بطيبة وقالت : شكرا ، أنت أيضا
كانت ليلة بسيطة في تفاصيلها ، ورغم الحزن الذي كان يغلفني ، إلا أن شيئا ما مس روحي هل هو تميسو ؟ نعم ، الفتاة الحبشية أيضا أهدتني نورا ، أحسست أنها لن تظل في مكانها هذا وأن إصرارها على أن تكون أفضل لن يضيع عند الله وأحسست أن رؤيتي لها في هذا الوقت رسالة من الله لي
عدت إلى البيت ، و قد غدا حزني أكثر صفاء ، وتذكرت كلام صديقتي فوز ، عن الأنس بالله ، وأنها إذا ما أوت إلى فراشها ، كان هو جليسها ، تبثه شأنها كله ، وتحكي له ، دعوت لفوز ، وبثثت ربي ما في صدري .. ونمت

الخميس، 20 سبتمبر 2007

من الأسرار

جاء في كتاب إيضاح أسرار علوم المقربين للسيد محمد العيدروس- من منشورات دار الحاوي- مانصه : " إذا أردت أن تعرف منزلتك عند الله تعالى ، فاعتبر ذلك بمنزلته عندك ، وانظر إلى شدة تعلق سرك به ، واهتمامك بمراضيه ، وكرهك لما يكره، وموالاتك لأصحابه ، ومجانبتك لشرار خلقه ، ابن الأمر على هذا فهو الأصل المعتبر ، ولاتبن الأمر منك ، ولا من غيرك على الأعمال الظاهرة إذ لا اعتبار بذلك ، لأنها قد تكون في الأبرار والفجار ." انتهى

الحقيقة المطلقة

كتبت مرة قالت لي أختي : قرأت الجزء الأول ( ذاكرة الجسد ) فلم يعجبني ، ولم أتمه .. ليست رواية ، ليس هناك حدث قلت لها : هي خليط من الرواية والمقالة والتأملات و النقولات الجديرة بالوقوف عندها .. هي تجليات لمشاعر وقيم ووقائع متنوعة في تطرفها و اعتدالها .. عمقها وهشاشتها.. صلاحها وفجورها .. رقيها وفسادها .. أحس أن قراءة كل ذلك يعطيني نضجا وفهما وخبرة أكبر .. قد يقول البعض ما تكتبه أحلام مستغانمي فساد محض .. لكني لا أوافقهم على ذلك كما لا أوافقها في منطلقاتها أو بعضها .. لكن ما تقدمه أدب حقيقي يجعل الإنسان أكثر عمقا ، ويضيف إلى رصيده فقط لو أحسن التأمل والاستفادة والحكمة ضالة المؤمن وأجدني اليوم أراجع ما كتبت ، فأجد أن إطلاقه فيه تخليط ، فتجسيد الفجور ليكون حيا ، نابضا ، بتفاصيله ، وخصوصيته ، قد يشوش على صفاء التفكر ، وتختلط حينها المعاني فكرا ، فالخطأ السلوكي يغدو ضعفا إنسانيا مبررا للتهاون في ضبط النفس عن الانغماس في الهوى، والقيم المغايرة لقيم ديننا تبدو قريبة للنفس ، يغيب قبحها ، ولا نرى سوى اختلافها ، والتخليط أن نقرأ بفكر يستمد مرجعيته في التحسين والتقبيح من ذاتيته لا من مرجعيته العقدية بأي عين نقرأ ، بل بأي عقل نقرأ ، عقل ينطلق من نموذجنا المعرفي الخاص ، أم عقل تاه في طروحات احترام ظنيات قضايا الفكر والممارسة الإنسانية. ومن ثم نقرأ ونسمع من شباب ينسب نفسه إلى التدين كلاما عن احترام اختيارات الشاذين جنسيا ، والتعاطف معهم فيما يدعونه من حق في اختيار الطريقة التي يمارسون بها حياتهم نموذجنا المعرفي الخاص عقيدة ، يجعل لنا قطعيات لا نخجل من أن نقول لمن يخالفنا فيها أنت مخطىء ، ونحن لا نحترم خياراتك ، ومخالفتك فيها ، والحقيقة التي نعتقدها نعتقد بكونها مطلقة ، هذا هو مقتضى كونها عقيدة آمنا بها ، نحسن ما تحسنه ، ونقبح ما تقبحه ، ولا نترك التحسين والتقبيح لمتغيرات أحكام العقل المتحرر من الضابط العقدي ، والأمر ليس سهلا ، لأن تفعيل محاكمة الحسن والقبح إلى العقيدة في قلوبنا وعقولنا وحياتنا يحتاج إلى شجاعة حقيقية ، ويقظة دائمة ، وإدراك للتمايز ، تحضرني الآن الآية الأولى في سورة الأنعام :الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ، وجعل الظلمات والنور ، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون وأختم بكلام أجده نفيسا أنقله من كتاب :" الطريق إلى التراث الإسلامي ، مقدمات معرفية ومداخل منهجية ". لفضيلة المفتي علي جمعة ... تعليم الإنسان ونقل المعرفة منه وإليه – وكما هو مفهوم من مصادر الشريعة وما عليه المحققون من علماء المسلمين – يجب أن يكون في إطار معرفي محدد ، مصادره الوحي والوجود أما الوحي فهو خطاب الله تعالى للبشر ، وهذا الخطاب مدلول عليه بالقرآن الكريم ، وهو كتاب الله المنقول إلينا بالتواتر بين دفتي المصحف المتعبد بتلاوته ، وبسنة رسوله ، وهو ما صح عنه عن طريق الرواية بصحة الأسانيد ، وثقة الرواة الناقلين ، وبصحة معناه بحيث لا يتعارض مع غيره من أصول الشرع المنقولة المستقرة أما الوجود ففرق العلماء والمفكرون بين الواقع ونفس الأمر ، فالواقع هو ما يدرك بالحواس البشرية، والملاحظ أنه ثابت عبر الأزمان ، فما زال الماء سائلا لطيفا يسبب الري ، وتقبله الفطرة للطهارة والاستعمال، ومازالت الشمس ترى تسير في السماء من المشرق إلى المغرب ، وهكذا ومن الملاحظ أن الوحي وهو يخاطب الجميع يخاطبهم طبقا للواقع ، أي ما تدركه الحواس البشرية من غير واسطة ، بل يبني أحكامه على ذلك ولا يعارض ولا ينهى عن معرفة نفس الأمر أما نفس الأمر فهو مختلف وغير ثابت ، فالمقصود بنفس الأمر ما وراء الحواس البشرية ، أي الحياة المجهرية سواء الميكروسكوبية ، أو التلسكوبية ، فإن نقطة الماء تحت الميكروسكوب ستظهر بما فيها من آلاف أو ملايين البكتيريا مما تعاف النفس البشرية أن تقدم على شربه لو اطلع عليه عموم الناس. والقمر الذي تغنى بجماله الشعراء سطح مخربش قبيح تحت نظر التلسكوب ، وهاتان الصورتان للماء والقمر ليستا نهاية المطاف ، فإن ذرة الايدروجين فيها نواة ، وإلكترون يسير حولها ، والنواة لها مكونات .. وهكذا فإن الحقيقة التي عند الله في وجوده يكتشف الإنسان كل يوم منها ، ولا يحيط بها ، فإن قلنا إن نفس الأمر هو ما عند الله فإن الطريق بين الواقع المشاهد المحسوس بالحواس البشرية وبين نفس الأمر سيمر الإنسان فيه من مرحلة إلى مرحلة ومن اطلاع إلى اطلاع قال تعالى :وفوق كل ذي علم عليم ومن هنا كان لا بد للقيم الأخلاقية والاجتماعية أن تكون أقرب إلى الواقع المعيش الذي يتعامل معه الإنسان لا مع ما أدركه من نفس الأمر ، وكان لا بد أن تكون معرفة الإنسان مقيدة بالوحي والوجود معا ، فالوحي يرشد إلى خير نظام ، لأنه صادر من عليم بنفس الأمر دون أن يجعل نفس الأمر موضوعا ينظره المفكرون ، ولقد أخطأت الفلسفة الغربية حين انهارت أمام نفس الأمر وتشككت في قدراتها في القرن التاسع عشر حتى لم يبق للحقائق معنى ولا ثبات ، فالحق أن الواقع حقيقة ثابتة ، وأن الطريق إلى معرفة نفس الأمر هو المتغير

الجمعة، 31 أغسطس 2007

التعامل بين الجنسين دعوة إلى مركز الوسطية

الحاجة إلى الجنس الآخر واقع إنساني ، كيف يمكن التعامل مع هذا الواقع بطريقة تتناغم مع دواخلنا ولا تربك استقرارنا النفسي الذي قد شكلته روافد ثقافة مجتمعنا وتربيتنا ، وليس الفكر وحده قادرا على إعادة صياغته . من السهل التحدث عن القيم الدينية والفضائل المجتمعية المتعارف عليها ، في ضبط التواصل بين الجنسين ، لكن تجاهل عاديات الواقع المضطرب في العلاقة بين الجنسين يحمل ذات القيم التي نأمل أنه يحرس سياجها ؟ وقد يُقعِّد آخرون لثقافة جديدة في التواصل بين الجنسين بصورة أكثر انفتاحا، في طرح أراه يفتقر للموازنة القيمية ، وكذا الحديث عن الزواج السري بأشكاله المختلفة ولو متعة كما يذهب الشيعة كحل إنساني واقعي في مجتمع غابت فيه القنوات الميسرة لزيجات علنية . لدينا هنا توجهان ، أحدهما يؤكد على السياقات الثابتة لثقافتنا الإسلامية والعربية في التعامل بين الجنسين ، وهو لا يرى أن المتغيرات الجديدة في عصرنا الحالي كثورة الاتصالات ، والتراكمات التي ورثها عصرنا في العلاقات المجتمعية ، بما تحمله من اختلالات عبر ضعف شبكات التكافل الأسري ، وتعسر الزواج ، وتعثر التمسك بالقيم الأصيلة في تشكيل العلاقة المتزنة بين الجنسين . لا يرى هذا التوجه أن هذه المتغيرات تبرر الضعف عن التمسك بالسياقات المتعارف عليها، ويخشى أن أية طروحات جديدة قد تميع الدين ، وتشرعن الحيدة عن القيم الفاضلة . والتوجه الآخر يرى أن النظر في المتغيرات الجديدة يؤكد على وجوب تفعيل ثابت مهم من ثوابت الشريعة ، وهو رفع الحرج ، وأن إهمال ذلك يؤدي إلى تنحية الدين عن واقع الناس ، وحاجاتهم ، ومن ثم فلا بد من تشجيع قنوات التواصل المفتوحة بين الجنسين في إطار مجتمعي ، لئلا يلجأ الشباب خاصة إلى القنوات السرية عبر الانترنت مثلا ، ولا بد من اغتنام مساحات السعة في الفقه الإسلامي بمذاهبه الثمانية ، ليكون في سعة الحلال غنى عن الحرام . لكن هذا التوجه ينقصه النضج الفقهي والقيمي ، وحراسة القيم جزء من الفقه ، لكني ذكرت ذلك استقلالا لأهميته . وهذا التوجه تصدى له بعض المفكرين ، وغاب عنه أهل التحقيق من العلماء ، وإليهم أتوجه بسطوري هذه ، كيف نوائم بين القواعد الكلية في الشريعة كنسق متكامل وبين حاجات الناس ، وتغيرات واقعهم ، وأين موضع العزيمة ، وأين موضع الترخص ، و هل للطروحات الفقهية أن تهمل الفضائل المندوبة باعتبار عدم وجوبها ، وألا يخشى من أن يقود ذلك إلى اضمحلالها من حس المجتمع وواقعه ، وهل الحفاظ عليها داخل في الواجبات الكفائية ،بحيث أن تأخيرها باعتبار دنو مرتبتها عن الواجبات يجب أن لا يؤدي إلى خلو المجتمع منها ؟ وهل من قواعد منظمة لفتيا المفتين ، وطروحات أهل الفقه في هذا الباب، لتكون منضبطة بضوابط الشرع أصالة وامتدادا ؟ دارسة للعرف ، مميزة للصالح منه ، وذلك الذي بات لا يتسق مع حاجات الناس ، ويضاد مقاصد الشرع ، والتعميم هنا فقها لا يغني ، بل لا بد من تفصيل الحوادث ، وكيف يضبط الناس أنفسهم في التعامل معها وجوبا وندبا ، وقد يصبح المندوب واجبا باعتبار المآلات . و يجب أن يعاد للطرح القيمي مكانه البارز في حس الأمة ، بحيث يرتكز على عمق فقهي ، وضبط منهجي ، لا يجعله سطحيا بل موازنا باتزان الفقه الحق . وهذه القضية تحتاج إلى عمق نظر ، ومعرفة بالواقع ، وتمسك بثوابت الدين ، وفقه أصيل فيه ، وليس عالم واحد يكفي هذا الباب ، بل ينبغي أن يحشد لذلك ثلة من العلماء المحققين ، يتباحثون مع المتخصصين في العلوم الاجتماعية والنفسية ، بل والدعاة القريبين من الشباب ، ثم تكون الكلمة الفصل لأهل التحقيق من العلماء بعد النظر والمداولة ، ودعوتي هنا لمركز الوسطية لتبني ذلك . والله الهادي إلى سواء السبيل . *نشر في إسلام أون لاين بعنوان : " دعوة لصياغة جديدة لمحددات العلاقة بين الجنسين " بتاريخ 15/8/1428هـ الموافق 27/8/2007م . الرابط: http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1188043914618&pagename=Zone-Arabic-CyberCounsel%2FCCALayout

الخميس، 23 أغسطس 2007

صداقات جميلة ليست لي

نلتقي بأشخاص ونقترب منهم ، ويقتربوا منا ، فنظن أن مساحات الاقتراب ثابتة ، من حيث الود والأنس المتبادل ، لكن منزلة الأنس هي منزلة فوق الود ، وما سيحمينا حينها من الأسى لا الألم أن نوقن أن هذا النوع من الصداقات جميل لو اكتمل لنا .. لكنه لن يكتمل .. وهو ليس لنا .. فنرضى رغم الألم ..ألم يهدينا صفاء جديدا
وصداقات جميلة أيضا ، لكنها ليست نحن ، لا تعبر عنا حقيقة ، نعرف ذلك في دواخلنا ، لكن جمالها ، وصدقها ، ونقاءها ، يحجب عنا أنها ليست لنا ، وأننا نجبر أنفسنا على أن تكون غير ما هي عليه ، وتحاول أن تنتمي لجمال لا ينتمي إليها ، وتخسر وقتا سيكون أغنى لو أنه كان مع النغمات التي تطرب لها روحها

الأربعاء، 22 أغسطس 2007

أشياء جميلة ليست لي

حكت الأستاذة نعم الباز الليلة للأستاذة منى الشاذلي في " العاشرة مساء " على دريم 2 أن الأستاذ علي أمين رحمه الله غير عنوانا لمقالة لها قبل سنوات طويلة ، فقالت له : العنوان الذي كتبته أنت أجمل ، لكن هذه الكلمات الجميلة ليست لي ، فإما أن تثبت العنوان الأصلي أو ترفع توقيعي عن المقال ، قالت الأستاذة نعم : فأعاد العنوان الأصلي الذي كتبته ، واحترم كلامي .. وظلت عبارة : " أشياء جميلة ليست لي " تعزف موسيقى هادئة متأملة في عقلي وروحي .. أشياء جميلة ليست لي .. إذن أنا لست بحاجة إليها ، واستعارتها تعني المساس بالجمال الخاص لي ، ليس الأخذ بالفضل دوما جميل ، لأنه قد لا يكون ملائما لنا ، ويكون لباس الفضل واسعا فضفاضا يجعلنا نتعثر ونرتبك ونفقد جمال لباس العدل الذي هو أصلح لنا وأنفع .. أقول أحيانا ، لأن أخلاق الفضل ليست كلها رتبة واحدة ، ولأن المقاسات تختلف باختلاف منازل الفضائل ، لباس العدل دوما جميل ، ولباس الفضل قد يكون أجمل ، وقد لا يكون كذلك بحسب مناسبتنا له . أشياء جميلة ليست لي .. عبارة تشدو رضا ، وقبولا للذات ، واعترافا بالجمال لدى الآخرين ، في توازن تطيب به الحياة .. الحمد لله .

الجمعة، 10 أغسطس 2007

سامحيني يا جدتي

هو شعور أعمق من الحب ، هو شعور بالامتداد والانتماء ، بالكينونة ، جزء من كينونتي قد غادر الدنيا ، قصّرت في برها ، كانت علاقتنا طيبة ، لكن هناك حاجز اللغة بيننا، فهي لا تتقن سوى السواحلية ( جدتي لأمي من أوغندا ) ، أما العربية فهي تفهمها لكن ليس جيدا ، ومن ثم كانت لقاءاتنا عبارة عن قبلة على رأسها ، وطلب للدعاء منها ، وأسئلة بسيطة تسألنيها عن عملي ، وإخوتي، وأسألها بالمقابل عن صحتها .. و.. لا شيء بعد .. و منذ سنة تقريبا .. لم يعد هناك حديث بيننا سوى الابتسامة ، وكلمات قليلة ، لا أسمع جوابا عليها سوى بعض الهمس .. واليوم ماتت جدتي ، وأدركت كم قصرت حيالها، ولو كنت بارة حقا لأطلت الجلوس عندها ، ولو صمتا ، بل ولتفننت في حكاياي لها .. ياه .. سامحيني ياجدتي .. كم تستغرقنا ذواتنا وهمومنا عن أهلينا ، من بهم نكتمل ونرتقي ، ونصبح أجمل وأسمى .. يا رب ارزقني برها في والدتي وخالتي وبنات خالتي وأخوالي ، واغفر لي ما مضى ، وأصلح شأني فيما هو آت .. وأكرم جدتي بالفردوس في رفقة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بلا حساب ولا عتاب ..وأرجو ممن يقرأ سطوري هذه أن لا يحرمنا من دعوة صالحة ..

الاثنين، 6 أغسطس 2007

أنا بهم أغنى

أنا بهم أغنى .. اختلفت معهم أم اتفقت ..أغنى دينا .. وأغنى فكرا .. وأغنى عمقا .. معرفتهم ليست تقدر بثمن لأن عطاءاتهم تبني إنسانيتي وتثريني .. اليوم كان يمكنها ببساطة أن تستأثر بالنجاح ، لكنها لم تفعل ، نفسها الكبيرة جعلتها تؤكد على نسبة النجاح إلينا جميعا – وهو كذلك – ثم تقدمني لأن الله أجراه على يدي ،، مواقف تكشف عن معدن المرء ، وبارك الله في نسب انتهى إلى بني العباس ، أصل كريم ، وخلق كريم .. ** ************ انتظرت .. طال انتظاري .. لكنه كان مؤنسي .. طيف رفيق .. يهديني نقاوة الروح .. وصفاء التقى .. فأنهل ما ييسره الله لي .. ثم يغيب .. فيملؤني الشجن .. ليزورني ثانيا .. لأبتسم ابتسامة حانية.. تحن علي ، وتهديني بعض السلام إلى أن يعود .. لكن هل يبقى ؟ ************** وحشني أستاذ عبد الوهاب مطاوع ( الله يرحمه ) .. أقتني مجموعة من كتبه .. لكن وحشني حسه في الدنيا .. إحساسي أنه موجود .. في بلد أخرى لكن موجود .. كنت عزمت أن لو زرت القاهرة أن أزوره لكن .. الحمدلله .. فقد اختاره الكريم الرحيم إلى جواره .. أتراه لا يرحمه وقد كان يعلمنا الرحمة ، ويملأ قلوبنا بالفضيلة ، ونزداد بكتاباته قربا من الله ، وتسامحا إيجابيا مع النفس والناس ، أتراه لا يرحمه وقد كانت كتبه تؤنسني في غربتي ، كنت إذا قرأت له – وأنا في المكلا - هان علي ابتعادي عن أهلي ودنياي في جدة .. اللهم اغفر ذنبه ، وارفع قدره ، وأكرمه برفقة نبي الرحمة ، واخلفه في أهله بخير .. إنك الرحمن الرحيم ..

السبت، 4 أغسطس 2007

انت لسه بتسألي

أسمعها وأتعجب كيف كانت المعاني التي يطرحها هاني شاكر تأسرني، ولكأن العلاقة ولو كانت حبا صادقا بين الرجل والمرأة ستكون بهذا التبسيط .. هذه الأغنية في مجمل سطورها حلم لا علاقة له بالواقع الحقيقي ، الذي يحمل اختلافات وتنازلات وضغوطات وحب يتعثر تارة ويستقيم تارة لكن في كل الأحوال يظل مصرا على الاستمرار لأنه حب .. ولأنه يؤمن أن رسو الروح يحتاج إلى كثير من التعب .. ولأن هذا هو واقع الحياة .. وهذه مقتطفات من الأغنية .. لما ظلك يبقى ظلي .. وتبقي أجمل شيء فاضلي لما أسهر لك تملي ويا طيفك يبقى ليه لما اتحدى الدنيا عشانك لما اتعذب من أحزانك لما أوهب لك وانت مكانك كل اللي انت تتمنيه لما قلبي يدق دقة من حنين وحنان ورقة لما أعيش وأحلم بدنيا .. انت نورها في كل ثانية يبقى أي دنيا تانية مش معاك تسوى ايه انت أحلامي وكوني.. والهوا اللي بعيش عليه .. لما بانسى عمري قبلك .. واتولد لحظة مقابلك

الفرح ويحى حقي

كتب يحى حقي رحمه الله مرة في مجموعة ( قنديل أم هاشم ) عن أن الأعظم من المشاركة في الألم ، المشاركة في الفرح ... وأقول بل التقاط درر الفرح لدى الصديق أو القريب ، والإحساس بتفاصيل الفرح ، كما الإحساس بتفاصيل الألم .. الإحساس بتفاصيل الفرح أو الألم ، أيهما أعمق .. الأستاذ حقي يقول أن الأول أعمق ، وأنا أقول أن التقاط التفاصيل يحتاج إلى عمق في فرحا وأملا .. ألما وانطفاء ..

الخطأ ضرورة

للتو انتهيت من استماع حلقة ( التجربة التركية ) من برنامج ( الحياة كلمة ) لفضيلة الشيخ سلمان العودة حفظه الله ونفع به. وقد أذهلني فقهه،وهو يؤصل لمعنى مهم هو ( فن الممكن)، والإتيان بالمستطاع ، وكون هذه الفكرة مقبولة في الحس الإسلامي على مستوى الأفراد لا على مستوى الأمة ، الصلاة قعودا حال العجز عن القيام ، يقابلها تطبيق ما يمكن تطبيقه من شرع الله إلى أن يُتمكن من تطبيق الشريعة كاملة .. الترقي الاقتصادي من الأصول التي حث عليها الدين ، وتحقيقها مكسب ديني .. ذكرني كلامه بكلام الشيخ القرضاوي في كتابه ( أولويات الحركة الإسلامية المعاصرة ) إن لم تخني الذاكرة ، فقد قرأته من ثلاثة عشر عاما تقريبا ، وأذكر أني طرحت الفكرة ذاتها من الكتاب المذكور ، وهي التدرج في تطبيق الشريعة على إحدى معلماتي في المعهد الشرعي الذي درست فيه قبل الجامعة ، فقالت وقد احمر وجهها غضبا : هذا الكلام غير مقبول ، وليس صوابا أن يتتبع المرء زلات العلماء ، فقلت لها في تعجب من غضبها : ولكن ما أدرانا أنها زلة ، أ لمجرد أنه قال كلاما مختلفا ؟ أجابتني بأن هذه المسألة لا يجوز لعالم أن يخالف فيها .. لم أقتنع .. ولم أبحث هذه المسألة بعدها .. لكنها ظلت عالقة بذهني على أمل أن ألتفت يوما للفقه السياسي وأبحث فيه .. ولم يجىء هذا اليوم إلى الآن
تكلم الشيخ سلمان أيضا عن الدين والحياة ، وكونهما يتكاملان ولا يتضادان ، وأن الدين هو طريق تحقيق الرفاه للإنسان لا النقص والعجز .. أنا اقتطف من كلام الشيخ ما يحضرني ، والحلقة جديرة بالاستماع كاملة ، وأختم بقول الشيخ :" الخطأ ضرورة " .. وهذه لو فقهناها لتخلينا عن طرح ديني يضخم الخطأ ويجعل من سد الذرائع ذريعة إلى إفساد العلاقة بين الدين والحياة .
الحلقة كاملة على موقع الإسلام اليوم ، ودمتم طيبين. الجمعة : 3/8/2007م

الأحد، 29 يوليو 2007

صمت

دفا الأدب الجميل .. شكرا محمد منير

رحم الله الأستاذ عبد الوهاب مطاوع فقد قال مرة إن الأدب الحقيقي هو الذي يكسب النفس جمالا ورقيا وأضيف دفئا وأنسا، لأنه يجعله يفهم أكثر، ويتذوق أكثر، ويحب الله أكثر..

رست روحي الليلة وأنا أستمع إلى ( شتا ) محمد منير تأملا وسكينة .. بين أيديكم كلماتها ، وهذا رابط الأغنية استماعا ...

http://www.mawaly.com/file/play/16580.html

اللي قضَى العمر هزار

واللي قضَى العمر بجد

شد لحاف الشتا م البرد

بعد ماإدى وبعد ما خد

بعد ماهد وبنى واحتد

شد لحاف الشتا م البرد

بعد ما لف وبعد مادار

بعد ما هدَا وبعد ما ثار

بعد ما داب واشتاق واحتار

حط الدبلة وحط الساعة

حط سجايره والولاعة

علق حلمه على الشماعة

شد لحاف الشتا على جسمه

دحرج حلمه وأمله ....

دارى عيون عايزين يبتسموا

اللي قضَى العمر هزار

واللي قضَى العمر بجد

شد لحاف الشتا م البرد

فاصل

الجمعة، 27 يوليو 2007

مع الشيخ الألباني

بعد أيام الغياب الطويلة بأي سطور سأعود ؟ وهل سأجد من يقرأ لي أم أن تأخري سبب في انفضاض السامر عني ؟

لم تكن أيامي التي غبت فيها أقل إنجازا أو ثراء ، لكن الكلمات جافتني ، كنت أشعر بها حزينة وحيدة منطفئة ليست في مزاج يسمح لها بالتحدث ، كنت أظن أن حبها لي لن يجعلها تجفوني لكنها فعلت فقد غرقت في ذاتها ألما وحيرة ، فغفر الله لها .

والعجيب أن الذي أعادها إلي هو حوار طويل استمعت إليه بين الشيخ الألباني رحمه الله وبين أحد السائلين حول أهل البدع ..

هذه هي المرة الأولى التي أستمع فيها إلى الشيخ رحمه الله ، ولست من قديم على ود فكري معه ، لكن لم يكن ذلك عن استماع له بل عنه ، لكن الاستماع إليه كان أمرا مختلفا ، فقد أعجبت بهدوئه ، وتأنيه ، بل وأحببت الروح التي يتحدث بها .

الفكرة التي أكد عليها فضيلة الشيخ الألباني هي التفرقة بين البدعة وصاحبها ، فليس كل صاحب بدعة مبتدع، كما أن ليس كل من وقع في الكفر كافر ، وبمقتضى هذه التفرقة فإنه يقر بفضل الإمامين النووي وابن حجر العسقلاني رغم أشعريتهما ، لأنهما اجتهدا ولم يوافقا الصواب في اجتهادهما ، بل إن الإمام أبا حنيفة كما قال الشيخ الألباني قد أخطأ في مسائل عقدية لكن ذلك لا يخل بفضله وعلمه ..

النفسية التي يتحدث بها الشيخ رحمه الله ، هي نفسية مضيئة إن صح التعبير ، يطمئن معها قلب السامع وإن اختلف مع الشيخ ، لأنه يلمس في كلامه صدقا وتحريا بحسب ما أداه إليه فهمه .

لكن طرح الشيخ يعكر عليه سؤالان :

أحدهما :

لم يكون فهم الشيخ وأسلافه حكما على فهم غيرهم ، بحيث يجعل فهم الشيخ هو الصواب الذي لا شك فيه ، وفهم غيرهم هو الباطل الذي لا شك فيه ، فإن قيل : الشيخ لا يقطع بصواب ما يذهب إليه ، نقول عدم القطع هنا مؤداه يقابله عدم القطع ببطلان ما ذهب إليه الإمامين النووي وابن حجر العسقلاني .

الثاني:

هذه الروح المُجِلَة – بأسلوبها الخاص- لأهل العلم التي تحدث بها الشيخ ، لماذا تقف عند هؤلاء العلماء ، ولا تتعداهم إلى من سواهم ممن ظهر لهم أن قول الإمامين النووي وابن حجر – و أنا هنا أقصر كلامي على الإمامين اللذين تحدث عنهما الشيخ الألباني – هو الأقرب إلى الحق . والقول بأن مذهبهما ظاهر البطلان لا يستقيم إلا عند من كانت وجهته في التفكير كوجهة الشيخ الألباني وسلفه من العلماء الأجلاء أيضا .

ثم لي هنا وقفة ..

عدم القطع بصواب أحد الفهمين لا يقتضي عدم ترجيح أحدهما ، لكن هذا الترجيح لا يجعل المرجح صوابا قطعيا ، ولا القول المرجوح باطلا بطلانا قطعيا .

وعمليا..

كلام الشيخ الألباني رحمه الله عن الإمامين النووي وابن حجر بل عن الداعية سيد قطب رحمهم الله ، والذي يفرّق فيه بين البدعة أو القول الضال وبين كون صاحبه ضالا، إذ قد يكون له عذره في عدم إقامة الحجة عليه ، أو أنه أراد الحق فأخطأه ، لم لا يطبق عمليا بحيث يلتمس للمخالفين للمنهج السلفي العذر بإحسان الظن في قصدهم بأنهم أرادوا الحق فأخطأوه ، وأرى أن مؤدى كلام الشيخ هو الجمع لا الفرقة ، والتقريب لا الإقصاء ، لكن يحتاج ذلك إلى قراءة متأنية، إذ لم يكون التماس العذر لبعض الناس دون بعض ، وهل شققنا عن صدور الناس لنعلم مقاصدهم .

هذا كله إن سلمنا بكون المنهج السلفي هو الصواب الذي لا شك فيه ، وهذا التسليم لا يستقيم كما تقدم فيما هو يحتمل تعدد الأفهام من ظنيات العقيدة أو الفقه .

المشكلة حقا أن كلام الشيخ لا يطبق على وجهه ، بل يتهم المخالف بالضلال ، دون نظر إلى كونه قد يكون أراد الحق فأخطأه ، و دون تفرقة بين القول وصاحبه ، وأنى للعوام بل لغير المتمعنين من طلبة العلم أن يدركوا هذه التفرقة ؟ وهل الحديث في مثل ذلك إلا فتحا لباب الشر والعداوة بين الناس وبين أهل العلم من المخالفين للمنهج السلفي ، وهل يضير العالم السلفي لو بيّن مخالفة المخالف –حسب ما يراه السلفيون - دون وصم له بالضلال ، ليجتنب مفاسد ذلك ؟ والله أعلم .

الخميس، 14 يونيو 2007

شعوذة الأسباب

هذا المصطلح ذكره لي والدي حفظه الله وقال أنه مقابل لطريقة المتواكلين الذين يفهمون التدين على غير وجهه .. ولعلي أعود للحديث عنه

فتاوى الفقه والسياسة صخب بلافهم

المقال أثار عندي جملة من التساؤلات بخصوص طريقة طرحه ومنهجيته ساعود إليها لاحقا بحوله تعالى.. أما كلامه عن رضاع الكبير فأراه جيدا بالنظر إلى كلام العلماء المتقدمين في المسألة ، والرضاع هنا لا يكون بالتقام الثدي كما نص على ذلك الإمام ابن القيم في زاد المعاد بل يوضع الحليب في كأس ، ولا تكشف المراة عن عورتها أمام من لا يحل لها ،وفتوى الدكتور عطية في سياق آخر غير السياق الذي جرى فيه حديث الأستاذ العطار.. غفر الله لنا جميعا وسددنا

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1181062576274&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout

الثلاثاء، 12 يونيو 2007

نشوز الزوج والواجب المهجور

نشرت هذه المقالة لي اليوم في حواء وآدم / إسلام أون لاين، وكنت قد عرضتها على فضيلة المفتي الشيخ علي جمعة حفظه الله فقال عنها وعن غيرها مما عرضت عليه -وسأبينه في حينه -انها مقالات جيدة وأنه سر بها :

" لو جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الزمان ورأى ظلم بعض الأزواج لزوجاتهن فلعله يقول: لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوج أن يسجد لزوجته "

كانت الحرقة تملأ صوت الشيخ أحمد الكبيسي وهو يقول هذا الكلام ، ووجدتني ألوم الشيخ على كلام استفزته إليه مشاعر لا ينبغي أن تحجب عنا قطعيات النصوص في حق الزوج العظيم على زوجته .

قطعيات النصوص ؟ هذا هو ما يظنه طالب العلم المبتدئ الذي يتعامل مع التراث الفقهي تعاملا قاصرا لا ينظر معه إلى سياقات هذا التراث ، ولا يربط بين ما تناثر من جزئياته ، بل ويفصله عن سياقاته الأصولية فضلا عن النفسية والاجتماعية ، ثم هو يقع بعد ذلك بين تطرفين ، إما نبذ هذا التراث بما يحويه من تحقيق وتأصيل ، أو التعامل معه بقداسة لا تفرق بينه وبين النص الأصلي للكتاب والسنة .

بل إن التعامل مع التراث المسطور في كتب الفقه على أنه المصدر الوحيد لفهم الأحكام الشرعية دون ما سواه من كتب التفسير أو شروح الأحاديث هو سبب آخر للجمود الذي ابتليت به الشريعة وهي منه براء.

عود على بدء

التأكيد على النظر في قواعد الشريعة ومقاصدها، هذا هو المعنى الذي فقهته أخيرا من عبارة الشيخ الكبيسي التي قدمت بها . وروح العدل والسماحة هي التي تنبض بها السيرة الشريفة وهي التطبيق العملي الأكمل للقرآن الكريم , ولماذا تصدم كثير منا عبارة الشيخ أحمد الكبيسي إلا لأننا أعملنا حرفية النصوص دون روحها ومقاصدها ؟

نشوز الزوج تأصيلا وواقعا

مما ينبغي التنبيه عليه ما يوجد من ارتباك في التعبير عن حقوق الزوجة تبعا لارتباك مفهوم القوامة الذي ارتبط في حس الكثيرين بالسلطة المطلقة لا الرعاية المسؤولة كما هو التعبير النبوي : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها) رواه البخاري.

ولنبدأ بتقرير حق الزوج في القوامة ولا بد من التأكيد على أن النصوص الواردة في طاعة الزوجة لزوجها ليست مطلقة ، فقيام الزوج بمقتضيات القوامة المادية والمعنوية شرط مهم ، ثم إنه إن تحقق ذلك كان له على زوجته الطاعة في خصوص حق معين ، وهو أن تكون له الكلمة الأخيرة فيما يختلفان فيه من شؤون تخص مستقبل الأسرة ، مع عدم إغفال حقها في الشورى ، وعدم التعنت من قبله في الاستبداد برأي لمجرد العناد ، إذ المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ومقتضى هذه المسؤولية حقها في مشاركة الرجل إدارته لشؤون الأسرة مع تفرده بحق الفصل فيما اختلف فيه ما دام متحققا بصفات الرجولة ، ومقتضيات القوامة .

إذن لفظ الطاعة هنا لا يعني الخضوع المقهور، بل هو الاستجابة الاختيارية أصالة، وتسليم القيادة في مؤسسة الأسرة لمن هو أصلح لها – حال تحققه بذلك -.

ثم يكون التقرير للحقوق والواجبات متكافئا وفقا لتمايز خصائص الذكورة والأنوثة، بحيث تختلف وظائف المرأة أمومة عن وظائف الرجل قياما بما يشق على المرأة القيام به جمعا بينه وبين وظائف الأمومة.

وكما أن إثبات الحقوق للزوج يقتضي إعطاءها إياه طواعية ، وعن طيب نفس ، فإن حقوق الزوجة ينبغي أن تؤدى طواعية وعن طيب نفس ، وهذا هو مقتضى المعاشرة بالمعروف ، ومقتضى ميثاق الأمان الذي تواثق به الزوجان :قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " اتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمان الله " .

ويلزم من ذلك أن أحد الطرفين ليس له أن يسقط حقا للآخر إلا برضاه ، و يجب أن عليه استئذانه فيما إذا أراد إسقاط حق له .

فمن ذلك حق الخروج من المنزل وهو حق مشترك ، وإن كان نصيب الرجل فيه أرجح نظرا لقوامة الرجل ، ومسؤوليته شرعا عن الإنفاق من جهة ، والإنفاق جزء من مسؤولية القوامة، وكذلك لما تقتضيه طبيعة المرأة من قدرة على الرعاية التربوية للأبناء بما يفوق الرجل فضلا عن مقتضيات السير المتزن للحياة ، من توزيع للمهام بما يلائم طبيعة كل جنس .

بعد هذه التقدمة المهمة نأتي لتأصيل حق المرأة في الخروج لما فيه خير أو فضيلة مادام ذلك لا يضر بمصالح الزوج أو الأسرة ، ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" ؟ فيكون في معنى الخروج إلى المسجد ، الخروج إلى كل ما فيه فعل فضيلة أو إقامة سنة ، كما نبه إلى ذلك الإمام ابن عبد البر في التمهيد .

أما حق المرأة في استئذان زوجها لها في الخروج الضار بمصلحتها أو مصلحة الأسرة، فبيان ذلك من جهات :

الجهة الأولى : إثبات أن المعاشرة الزوجية هي حق للزوجين ، وهذا يقتضي أن الزوج ليس له أن يغيب عن المنزل غيابا يخل بحق الزوجة في ذلك إعفافا وسكنا.

الجهة الثانية : العشرة بالمعروف واجبة على الطرفين ، فمن حق الزوجة على زوجها أن لا يتركها وحيدة الساعات الطوال ، وهو ينفق وقته في التلهي مع أصدقائه ، أو حتى حضور مجالس العلم ، إذا كان ذلك سيعطل على الزوجة حقها في الأمن النفسي، واعتدال الحياة ، واستقامتها مع زوجها .

الجهة الثالثة : واجب التربية للأولاد ، هو واجب سيسأل عنه الأب أمام الله عز وجل، إذا ضيعه ، وقول الشافعية أن التربية هي فرض كفاية ، يقتضي سقوط الإثم عن الأبوين إذا قام بالواجب أحدهما ، فإن قامت الأم بما تقدر عليه من هذا الواجب ، وعجزت عن الباقي ، أثم الأب بتفريطه .

والجهة الثالثة لا علاقة مباشرة للزوجة بها إلا من حيث واجبها في النصح والإرشاد للأب المفرّط، وإنما ذكرتها تأكيدا على هذه المسألة التي تغيب عن ذهن بعض الآباء.

فإذا كانت الجهتان الأوليتان تقتضيان حقا للزوجة ، فإن ذلك يلزم منه أن الزوج ليس له أن يسقط هذا الحق إلا برضا الزوجة وإلا كان ظالما لها، والظلم ظلمات يوم القيامة. ويقتضي ذلك أن عليه استئذانها في خروج من المنزل يضر بها ، ويتشاور معها في قدرتها على القيام بواجب تربية الأولاد منفردة حال عدم قيامه به لسبب طارئ ، بحيث يتأكد أنه لن يضيع حق الأولاد الذي سيسأله الله عنه ، وسيحاسبه عليه . فالمسألة هنا إذن تعود في النهاية إلى اتفاق يتم بينهما على كيفية التعامل مع هذا الواجب التربوي.

وإذا كان مثل هذا الكلام يستنبطه أي دارس متخصص من روح الشريعة ومقاصدها بل من سياقات كلام الفقهاء فإن عدم التصريح به فيه ظلم بيّن ليس للمرأة فقط بل للأسرة ككل، بل وظلم لعدالة الشريعة وعمقها وحكمتها.

نشوز الزوج بالغياب المعنوي

ثم إن الغياب عن الزوجة أو الأسرة قد يكون معنويا، كما في الجلوس لساعات طويلة أمام التلفاز أو الكمبيوتر أو مطالعة الكتب مع إهمال حق الزوجة والأولاد.

وقد نهى سلمان الفارسي رضي الله عنه أبا الدرداء رضي الله عنه عن الاستغراق في العبادة ، وتضييع حقوق نفسه وأهله ، فقد روى البخاري في صحيحه ما نصه : ( آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة –أي لابسة ثياب المهنة تاركة للبس ثياب الزينة - فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال له : كل ، قال: فإني صائم ، قال : ما أنا بآكل حتى تأكل . قال : فأكل . فلما كان الليل ذهب الدرداء يقوم ، فقال : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم ، فقال : نم . فلما كان من آخر الليل قال سلمان : قم الآن ، فصليا . فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه .فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "صدق سلمان " ) .

وزاد الدار قطني كما نقل الإمام ابن حجر العسقلاني : " فصم وأفطر ، وصل ونم ، وائت أهلك "

فإذا كانت العبادة الخالصة المندوبة ينهى عنها إذا أدت إلى تضييع حق الزوجة فمن باب أولى يكون النهي عن ما سوى ذلك من أمور الدنيا .

والحياة الزوجية أعقد من أن تحدها قوانين لا مرونة فيها ، و عرض أحكامها ليس معتمده الأوحد قوانين الفقه دون نظر في روح هذه القوانين وارتباطها بمقاصد الشريعة وقواعدها ومن ذلك مراعاة تغير ملامح حياة الناس زمانا ومكانا وأحوالا.

و الجمود على ألفاظ معينة عند تناول أحكام الشريعة في العلاقة بين الزوجين ، ظلم للشريعة و عمقها ، إذ لا ينظر إلى هذه الألفاظ نزعا لها عن السياقات التي وردت فيها ، وعن المقاصد الشرعية جملة .

والقوامة حق زائد خص به الرجل تكليفا وتشريفا إن تحقق بشرائطه ، لا ينكر ذلك إلا مكابر للشرع بل وللطبيعة الإنسانية ، لكن هذا الفضل الذي كلِّف به محدود ومشروط بما قدمنا، ولا ينافي حق الزوجة عليه في عشرة بالمعروف توجب لها حقوقها في الشورى وإدارة البيت وما سوى ذلك من حقوق ، وقد سمى القرآن ترفع الزوج عن ذلك نشوزا ( سورة النساء : آية 128)، كما سمى ترفع المرأة عن أداء حق الزوج نشوزا أيضا ، والنشوز يقابله أداء الحق بسماحة وطيب نفس .

و مثل هذه المقابلة، إبرازها وتسليط الضوء عليها لعله مما يحيي واجبات هجرت عند بعض الأزواج، والله عز وجل سيسألهم عنها، كما أرجو أن يكون فقهها مما يعيد للمرأة المسلمة توازنها في المطالبة بحقوقها دون إجحاف بأوامر ربها، وحقوق الأسرة ككل. ولابد لنا حقا من مراجعة لتراثنا الفقهي ، وطريقة تعاملنا معه ، واستخدامنا لمفرداته ، أو استفاداتنا من كنوزه . و الله الموفق.

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1181062629076&pagename=Zone-Arabic-AdamEve%2FAEALayout

الحجاب وبثينة كامل من تاني

وحشني التدوين بجد ، أفكار تزورني وتلح علي لأسطرها تدوينا فلا يسعفني الوقت ، من ذلك فكرة : المعلوم من الدين بالضرورة هل يعد ثابتا ، أم هو نسبي باختلاف الأشخاص والأحوال ، ألا يعذر أهل البادية والجبال بجهلهم في أحكام الدين ، وأليس مثل هؤلاء بعض المثقفين الذين تراكمت على عقولهم الشبهات ، واختلطت عليهم الاحكام ، ومنهم الشباب المتخبط في اندفاعات عمره ، وما يرد على حمى الدين من أفكار ملتبسة فتراه ينكر ما هو مفروض قطعا بشبهة تمكنت من عقله ، ولبست عليه فهمه ، هؤلاء هل نسل سيوفنا عليهم إقصاء وحربا أم نجتهد في تأصيل ما نعلم أنه حق من ديننا ونقارع شبهاتهم بجلي العلم وراسخه ؟ وهل نسوي بين هؤلاء وبين من سب الدين وقدح في الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لعل هذه قسمة غير منصفة ، وقد تكون دعوة هؤلاء واجبة باللغة التي يفهمونها ، وليس الطريق هو التكفير أو التشنيع عليهم .. وهذه المسالة تختلف أيضا عن قضية الردة ، وكون المسلم ليس له أن يجهر بالكفر ، لأن ذلك حال معرفة كون كلامه كفرا ، من أين جئت بهذا الضابط لا أعلم هذه أفكار تتداعى وتحتاج إلى مراجعة .. أثار هذه الأفكار كلامي عن الإعلامية بثينة كامل وعدها الحجاب من سلوكيات التمييز السلبي في المقالة التي نقل عنها فضيلة المفتي علي حمعة ( فقه المخالطة بين الرياض وجدة )، ووجدتني أتأمل ثانية في حديثي عن نفسية الإقصاء ، وهل يستقيم كلامي ذلك مع من أنكرفرضا معلوما من الدين بالضرورة ، لكني وجدتني أتأمل ثانية هل هو معلوم من الدين بالضرورة حقا في عصر الشبهات الذي نحياه ..وكما قلت آنفا سطوري هذه مراجعة فكرية لم أستقر فيها على رأي وتحتاج مني إلى عرض على عالم ثقة وبحث للمسألةلكني لم أشا أن أضيع إثباتها .. سأتوقف هنا فالنوم يداهمني وإلى لقاء قريب بحوله تعالى

السبت، 9 يونيو 2007

معادلات الفقر والغنى

نشرت مقالة ( معادلات الفقر والغنى ) في جريدة الوطن السعودية في يوم الخميس 12/ 4/ 2007م، للكاتب السعودي محمد حسن علوان ، وقد أضافت إلي عمقا وفهما إنسانيا.وهذا رابطها :

http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=2386&id=70&Rname=27

"قبل سنتين تقريباً، نشرت مجلة الإيكونمست قصة (الرجل الجبلي والجراح) التي أثارت الكثير من الأسئلة الحيوية آنذاك حول نسبية الفقر والغنى. القصة ليست إلا مقارنة واقعية بين رجلين، الأول أمريكي في الستين من عمره، يسكن في مقطورة شحن على سفح جبال ألاباتشين في ولاية كنتاكي الأمريكية، عاطل عن العمل، ويعتاش على مبلغ 521 دولاراً تصرفه الحكومة شهرياً لكبار السن كنوع من الإعانة الاجتماعية، ولا يوجد لديه أي مصدر دخل آخر. وفي الجهة الأخرى من العالم، يقيم الرجل الثاني، وهو جرّاح متخصص، ومشهور، ويرأس قسم الطوارئ في مستشفى حكومي في كانشاسا، عاصمة الكونغو، ورغم خبرته الجراحية التي تجاوزت الثمانية والعشرين عاماً، فهو يتقاضى مرتباً شهرياً يساوي 250 دولاراً فقط، يرفده ببضع مئات أخرى من العمل الإضافي، ولا أكثر! بقية القصة تتناول الحياة اليومية للرجلين، في محاولة للإحاطة بكل الظروف التي يعيشها كل منهما، واستنطاق مستوى التذمر المحتمل حول وضعيهما. كل هذه الأسئلة، حسب محرر المقال، تهدف إلى معرفة أيهما أفضل: أن تعيش فقيراً في بلد غني، أو غنياً في بلد فقير، فكما قد يتراءى لوهلة أن الثانية توفر حياة أفضل بالطبع بسبب رخص تكاليف المعيشة، إلا أن اعتبارات أخرى يجب أن تؤخذ في الاعتبار، اجتماعية وسياسية، فالجراح الكونغوي يعول 12 فرداً من الأسرة، وهو حامل الخبز الوحيد لهم، بينما لا يعول الجبلي الأمريكي إلا نفسه. كما أن الكونغو بلد متقلب سياسياً، ويعاني من حرب أهلية بين الميليشيات المتناحرة على مناجم الماس والذهب، وبالتالي فإن التخطيط المالي لدى الدكتور الكونغوي يعتبر عملاً شاقاً، فالراتب الذي يتقاضاه اليوم، قد لا يتقاضاه غداً، في بلد يتغير فيه السياسيون كل يوم، حسب المزاج الانقلابي للجيش، بينما سيظل الجبلي الأمريكي مستيقناً أن شيكه الشهري يصله في موعده المحدد، لا ينقص سنتاً واحداً، وحتى لو عانى الاقتصاد من حالة تضخم ما، فسيتم أخذ ذلك في الاعتبار. باختصار، هناك الآلاف ممن يقتصر عملهم اليومي على الاهتمام (بالفقراء) في أمريكا، بينما حتى (الأغنياء) في الكونغو لا يستطيعون ضمان وصول الخدمات الأساسية لبيوتهم، كالماء والكهرباء، فأسرة الجراح الكونغوي تجلب الماء في الجرار من البئر، وتستمتع بالكهرباء مرتين في الأسبوع فقط، ولا يحلمون باقتناء جهاز تكييف صغير في بلد إفريقي حار، بينما يقتني ثلاثة أرباع "الفقراء" في أمريكا أجهزة تكييف في بيوتهم! وبما أن الأمر يتعلق بالسعادة والرضا الذاتيين، فكيف ترى الجراح الكونغوي يشعر وهو يتقاضى 250 دولاراً في الشهر، يحسده عليها 99% من بقية الشعب الكونغوي ممن يضطرون للأكل مما يزرعونه حول بيوتهم فقط. أتراه يشعر بأنه محظوظ وسعيد؟ ولكن ماذا لو خطر بباله أن يتصور فقط ما يتقاضاه الجراحون في دول أخرى؟ كم يبدو راتبه مضحكاً عندما يقارنه بهم، رغم أنه يحمل نفس المؤهلات والمهارات، بل ربما فاقهم في عدد العمليات الجراحية التي يجريها في بلد مبتلى بالحروب، والفرق الوحيد أنه موجود في مكان ما، وهم في أماكن أخرى! هذا الجراح، وهو الغني نسبياً في بلده، يوفر لأسرته وجبة لحم مرتين في الشهر، ويعد ذلك ترفاً كبيراً، بينما يتناول الفقير الأمريكي ضعف ما يوصي به الأطباء من البروتين، حيث إن الطبقة الفقيرة في أمريكا، هي الأكثر سمنة بين بقية الطبقات الأخرى! في أوروبا، تستخدم أغلب الدول معايير نسبية لقياس الفقر متعلقة بمعدل دخل الفرد، فالأسرة الفقيرة هي التي يقل دخلها عن نصف معدل دخل الفرد، وهذا مقياس مضلل أحياناً، إذ إنه عندما تزداد الدولة ثراءً، يزداد بذلك عدد الفقراء، ولذلك يستخدم الأمريكيون مقياساً مختلفاً، إذ يقومون بحساب تكلفة الطعام الكافي للأسرة، ومضاعفته ثلاث مرات، واعتباره خطاً للفقر. وتتم مراعاة التضخم السنوي بالطبع، ورغم هذا المقياس الذي يبدو واقعياً ومنطقياً، إلا أن عدد الفقراء ارتفع في السنوات الثلاثين الأخيرة بنسبة 10% تقريباً، ويبرر الباحثون هذه الزيادة في عدد الفقراء بكونها زيادة كمية، وليست نوعية. فعدد الفقراء يزداد بالطبع، والفقراء يظلون فقراء، ولكن حالة الفقراء نفسها تتحسن، ويحصلون على ميزات أكثر، وتزداد معدلات أعمارهم، ويسكنون في بيوت، وبعضهم يملك سيارات، ولديه أدوات منزلية مرفهة. معادلات الفقر والغنى صارت أكثر تعقيداً بازدياد تعقيد النظم الاقتصادية، كيف يمكن تعريف الفقير؟ وكيف يختلف هذا التعريف، بل يتباين تبايناً هائلاً أحياناً، بين دولة وأخرى؟ ففي حين أن الفقراء في الكونغو يشتكون من ارتفاع أسعار الخبز، يتذمر الفقراء في أمريكا من ارتفاع أسعار التأمين على سياراتهم! وكلهم (فقراء!)، وهذا يجعل من المؤكد أن الحياة فقيراً في بلد غني، أفضل بكثير من الحياة غنياً في بلد فقير، على الأقل فإن شبحي الجوع والمرض غائبان عن قائمة مخاوف الفقراء في أمريكا تماماً، بينما يظلان الكابوسين اليوميين لفقراء الكونغو. هذا ما يقوله المقياس الاقتصادي بالطبع، ولكن ماذا يقول المقياس السوسيولوجي هنا؟ إن الفقر في أمريكا يظل وصمة اجتماعية معيبة، والحياة التي يعيشها الجبلي الأمريكي في القصة أول المقال ليست سعيدة جداً، رغم توفر حاجاته الأساسية مجاناً، لأنه موصوم بالفشل في كل الأحوال، ومن أغلب فئات مجتمعه، وهذا عامل مؤثر جداً في سعادته النسبية. بينما الفقير في الكونغو لا يشعر بأي عار وهو يعيش في كوخ من القش، لأن جميع من حوله يعيشون في أكواخ شبيهة، وهذه منطقة أمان اجتماعية تضع بعض الحواجز أمام حضور التعاسة، بينما تحوم هذه التعاسة فوق رأس الفقير الأمريكي بمجرد خروجه في نزهة قصيرة وسط المدينة، ليرى بنفسه كل ما هو محروم منه. إن الأميال، والمقاييس الطولية الأخرى، هي وحدها التي صارت تقرر كيف يعيش البشر في النقطة (أ)، وكيف يعيش البشر في النقطة (ب)، رغم أنهم جميعاً بشر، ورغم أن النقطتين كلتيهما على سطح كوكب واحد!، كم هذا غريب ومنفر. ولكن الشواهد صارت من الكثرة بحيث تعودنا عليها، فلم تعد كما هي في الأصل، غريبة ومنفرة، ولعل هذه الدراسة الأمريكية الإفريقية لا تختلف نتائجها كثيراً لو أنها تناولت واحدة من دول الخليج في الطرف الغني، عندما يتقاضى الجندي في السعودية أكثر مما يتقاضاه اللواء في بعض الدول العربية الأخرى، وفي كوبا، تأكل الحرة بثدييها وبقية جسدها حفنة دولارات ينفقها طفل أوروبي في مطعم المدرسة، وعلى الحدود الأمريكية المكسيكية في كاليفورنيا يمكنك أن تتناول العشاء على الجانب الأمريكي، ثم تتجاوز الحدود إلى المكسيك لتعيش شهراً كاملاً، تتناول فيه ثلاثين عشاء، بنفس المبلغ الذي دفعته للعشاء الأمريكي ذاك. يعيش العالم هذه التناقضات الاقتصادية الهائلة بشكل يومي، ثم يتساءل عن أسباب انتشار الجريمة المنظمة، وتجارة البشر، والرق الجنسي، وكثرة الميليشيات العسكرية في الدول الفقيرة، وتهريب المخدرات في الأحشاء، وكيف يتعلق شابٌ بنغالي بعجلات طائرة متجهة إلى السعودية، ليصل إليها جثة زرقاء متجمدة!

الخميس، 7 يونيو 2007

هوى

(سيروا إلى الله عرجا ومكاسير )سمعت هذه العبارة لأول مرة من أستاذ مادة (السلوك) في الجامعة : زين بن عقيل ، جزاه الله خيرا، ولا زلت أتذكرها كلما غالبتني نفسي فغلبتني ، وكلما تثلم عهد حبي لربي ، ولم أتحقق بمعنى البيت الذي نسب إلى الإمام الشافعي:

أصون ودادي أن يدنسه الهوى / وأحفظ عهد الحب أن يتثلما

مساحات الحلال واسعة ، لكن سعتها ليست لأجل أن يترك الإنسان نفسه ترعى في مراعيها دون قيادة ، وضبط ، لأنه لو تركها سائمة لم تلبث أن تأنف من الانقياد ، فتقود صاحبها بدل أن يقودها ، فتفسد عليه صفاء قلبه ، و أنسه بربه ، وتحققه باسم الله العلي ، فلا يكون حاله العلو عن الشهوات بل غارقا فيها، وسقم فهمه يجد له مسوغا في أنه إنما يتحرك في مساحات الحل ، وليس يفقه أن هذه المساحات منها ما يحبه الله ، ومنها ما يبغضه ، وأن النهج القويم هو في ترك ما لا بأس فيه خشية ما فيه بأس ، هذا الضابط أراه ضابطا خاصا جدا ، يأخذ كل امرىء منه بحسب ما يصلح به حاله مع ربه ، ويكون فيه مالكا لأمر نفسه ، فالأعرابي الذي ذكر لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيقتصر على الواجب ، ويجتنب الحرام ، قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلح إن صدق . ولكأن الاقتصار على الواجبات وترك المحرمات مما يشق على المرء إن لم يستعن على ذلك بترك المكروهات، وفعل المندوبات ، لتتعود نفسه أن تقاد فيسهل عليه ردها إلى الواجب ، وكفها عن الحرام .

ومع ذلك فلو غلبت الإنسان نفسه ، ولا بد لها من أن تغلبه أحيانا : (وسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{133} الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{134} وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{135} أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{136})

فحينئذ عليه أن لا يسمح لليأس أو الإحباط أن يتملكه ، لأنه- كما نبه ابن عطاء في حكمه - ليس الذي يقربه العمل الصالح ، وتبعده المعصية ، بل الله هو الذي يقربه حقيقة ، لأنه هو الذي يتقبل صالح العمل ، ويعاقب على سيئه ، وهو الذي وفقه لصالح العمل بكرمه تعالى ، فلا يجعل أعماله صلحت أو فسدت تحجبه عن الله عز وجل ، ولا يلتفت إليها بقلبه ، بل تكن وجهته إلى الله عز وجل ، طمعا في رحمته ، وتوفيقه إياه إلى التوبة ، وقبولها منه ، فيسير إلى الله عز وجل وإن اختلط قلبه ، وتعثر في ضعف نفسه ، و يفرّح نفسه بالله ، فرحا يجعله يقبل إقبال الطائعين ، ويجاهد نفسه مجاهدة المحسنين ، والله المستعان . فلنسر إلى الله عرجا ومكاسير .