الجمعة، 31 أغسطس 2007

التعامل بين الجنسين دعوة إلى مركز الوسطية

الحاجة إلى الجنس الآخر واقع إنساني ، كيف يمكن التعامل مع هذا الواقع بطريقة تتناغم مع دواخلنا ولا تربك استقرارنا النفسي الذي قد شكلته روافد ثقافة مجتمعنا وتربيتنا ، وليس الفكر وحده قادرا على إعادة صياغته . من السهل التحدث عن القيم الدينية والفضائل المجتمعية المتعارف عليها ، في ضبط التواصل بين الجنسين ، لكن تجاهل عاديات الواقع المضطرب في العلاقة بين الجنسين يحمل ذات القيم التي نأمل أنه يحرس سياجها ؟ وقد يُقعِّد آخرون لثقافة جديدة في التواصل بين الجنسين بصورة أكثر انفتاحا، في طرح أراه يفتقر للموازنة القيمية ، وكذا الحديث عن الزواج السري بأشكاله المختلفة ولو متعة كما يذهب الشيعة كحل إنساني واقعي في مجتمع غابت فيه القنوات الميسرة لزيجات علنية . لدينا هنا توجهان ، أحدهما يؤكد على السياقات الثابتة لثقافتنا الإسلامية والعربية في التعامل بين الجنسين ، وهو لا يرى أن المتغيرات الجديدة في عصرنا الحالي كثورة الاتصالات ، والتراكمات التي ورثها عصرنا في العلاقات المجتمعية ، بما تحمله من اختلالات عبر ضعف شبكات التكافل الأسري ، وتعسر الزواج ، وتعثر التمسك بالقيم الأصيلة في تشكيل العلاقة المتزنة بين الجنسين . لا يرى هذا التوجه أن هذه المتغيرات تبرر الضعف عن التمسك بالسياقات المتعارف عليها، ويخشى أن أية طروحات جديدة قد تميع الدين ، وتشرعن الحيدة عن القيم الفاضلة . والتوجه الآخر يرى أن النظر في المتغيرات الجديدة يؤكد على وجوب تفعيل ثابت مهم من ثوابت الشريعة ، وهو رفع الحرج ، وأن إهمال ذلك يؤدي إلى تنحية الدين عن واقع الناس ، وحاجاتهم ، ومن ثم فلا بد من تشجيع قنوات التواصل المفتوحة بين الجنسين في إطار مجتمعي ، لئلا يلجأ الشباب خاصة إلى القنوات السرية عبر الانترنت مثلا ، ولا بد من اغتنام مساحات السعة في الفقه الإسلامي بمذاهبه الثمانية ، ليكون في سعة الحلال غنى عن الحرام . لكن هذا التوجه ينقصه النضج الفقهي والقيمي ، وحراسة القيم جزء من الفقه ، لكني ذكرت ذلك استقلالا لأهميته . وهذا التوجه تصدى له بعض المفكرين ، وغاب عنه أهل التحقيق من العلماء ، وإليهم أتوجه بسطوري هذه ، كيف نوائم بين القواعد الكلية في الشريعة كنسق متكامل وبين حاجات الناس ، وتغيرات واقعهم ، وأين موضع العزيمة ، وأين موضع الترخص ، و هل للطروحات الفقهية أن تهمل الفضائل المندوبة باعتبار عدم وجوبها ، وألا يخشى من أن يقود ذلك إلى اضمحلالها من حس المجتمع وواقعه ، وهل الحفاظ عليها داخل في الواجبات الكفائية ،بحيث أن تأخيرها باعتبار دنو مرتبتها عن الواجبات يجب أن لا يؤدي إلى خلو المجتمع منها ؟ وهل من قواعد منظمة لفتيا المفتين ، وطروحات أهل الفقه في هذا الباب، لتكون منضبطة بضوابط الشرع أصالة وامتدادا ؟ دارسة للعرف ، مميزة للصالح منه ، وذلك الذي بات لا يتسق مع حاجات الناس ، ويضاد مقاصد الشرع ، والتعميم هنا فقها لا يغني ، بل لا بد من تفصيل الحوادث ، وكيف يضبط الناس أنفسهم في التعامل معها وجوبا وندبا ، وقد يصبح المندوب واجبا باعتبار المآلات . و يجب أن يعاد للطرح القيمي مكانه البارز في حس الأمة ، بحيث يرتكز على عمق فقهي ، وضبط منهجي ، لا يجعله سطحيا بل موازنا باتزان الفقه الحق . وهذه القضية تحتاج إلى عمق نظر ، ومعرفة بالواقع ، وتمسك بثوابت الدين ، وفقه أصيل فيه ، وليس عالم واحد يكفي هذا الباب ، بل ينبغي أن يحشد لذلك ثلة من العلماء المحققين ، يتباحثون مع المتخصصين في العلوم الاجتماعية والنفسية ، بل والدعاة القريبين من الشباب ، ثم تكون الكلمة الفصل لأهل التحقيق من العلماء بعد النظر والمداولة ، ودعوتي هنا لمركز الوسطية لتبني ذلك . والله الهادي إلى سواء السبيل . *نشر في إسلام أون لاين بعنوان : " دعوة لصياغة جديدة لمحددات العلاقة بين الجنسين " بتاريخ 15/8/1428هـ الموافق 27/8/2007م . الرابط: http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1188043914618&pagename=Zone-Arabic-CyberCounsel%2FCCALayout

الخميس، 23 أغسطس 2007

صداقات جميلة ليست لي

نلتقي بأشخاص ونقترب منهم ، ويقتربوا منا ، فنظن أن مساحات الاقتراب ثابتة ، من حيث الود والأنس المتبادل ، لكن منزلة الأنس هي منزلة فوق الود ، وما سيحمينا حينها من الأسى لا الألم أن نوقن أن هذا النوع من الصداقات جميل لو اكتمل لنا .. لكنه لن يكتمل .. وهو ليس لنا .. فنرضى رغم الألم ..ألم يهدينا صفاء جديدا
وصداقات جميلة أيضا ، لكنها ليست نحن ، لا تعبر عنا حقيقة ، نعرف ذلك في دواخلنا ، لكن جمالها ، وصدقها ، ونقاءها ، يحجب عنا أنها ليست لنا ، وأننا نجبر أنفسنا على أن تكون غير ما هي عليه ، وتحاول أن تنتمي لجمال لا ينتمي إليها ، وتخسر وقتا سيكون أغنى لو أنه كان مع النغمات التي تطرب لها روحها

الأربعاء، 22 أغسطس 2007

أشياء جميلة ليست لي

حكت الأستاذة نعم الباز الليلة للأستاذة منى الشاذلي في " العاشرة مساء " على دريم 2 أن الأستاذ علي أمين رحمه الله غير عنوانا لمقالة لها قبل سنوات طويلة ، فقالت له : العنوان الذي كتبته أنت أجمل ، لكن هذه الكلمات الجميلة ليست لي ، فإما أن تثبت العنوان الأصلي أو ترفع توقيعي عن المقال ، قالت الأستاذة نعم : فأعاد العنوان الأصلي الذي كتبته ، واحترم كلامي .. وظلت عبارة : " أشياء جميلة ليست لي " تعزف موسيقى هادئة متأملة في عقلي وروحي .. أشياء جميلة ليست لي .. إذن أنا لست بحاجة إليها ، واستعارتها تعني المساس بالجمال الخاص لي ، ليس الأخذ بالفضل دوما جميل ، لأنه قد لا يكون ملائما لنا ، ويكون لباس الفضل واسعا فضفاضا يجعلنا نتعثر ونرتبك ونفقد جمال لباس العدل الذي هو أصلح لنا وأنفع .. أقول أحيانا ، لأن أخلاق الفضل ليست كلها رتبة واحدة ، ولأن المقاسات تختلف باختلاف منازل الفضائل ، لباس العدل دوما جميل ، ولباس الفضل قد يكون أجمل ، وقد لا يكون كذلك بحسب مناسبتنا له . أشياء جميلة ليست لي .. عبارة تشدو رضا ، وقبولا للذات ، واعترافا بالجمال لدى الآخرين ، في توازن تطيب به الحياة .. الحمد لله .

الجمعة، 10 أغسطس 2007

سامحيني يا جدتي

هو شعور أعمق من الحب ، هو شعور بالامتداد والانتماء ، بالكينونة ، جزء من كينونتي قد غادر الدنيا ، قصّرت في برها ، كانت علاقتنا طيبة ، لكن هناك حاجز اللغة بيننا، فهي لا تتقن سوى السواحلية ( جدتي لأمي من أوغندا ) ، أما العربية فهي تفهمها لكن ليس جيدا ، ومن ثم كانت لقاءاتنا عبارة عن قبلة على رأسها ، وطلب للدعاء منها ، وأسئلة بسيطة تسألنيها عن عملي ، وإخوتي، وأسألها بالمقابل عن صحتها .. و.. لا شيء بعد .. و منذ سنة تقريبا .. لم يعد هناك حديث بيننا سوى الابتسامة ، وكلمات قليلة ، لا أسمع جوابا عليها سوى بعض الهمس .. واليوم ماتت جدتي ، وأدركت كم قصرت حيالها، ولو كنت بارة حقا لأطلت الجلوس عندها ، ولو صمتا ، بل ولتفننت في حكاياي لها .. ياه .. سامحيني ياجدتي .. كم تستغرقنا ذواتنا وهمومنا عن أهلينا ، من بهم نكتمل ونرتقي ، ونصبح أجمل وأسمى .. يا رب ارزقني برها في والدتي وخالتي وبنات خالتي وأخوالي ، واغفر لي ما مضى ، وأصلح شأني فيما هو آت .. وأكرم جدتي بالفردوس في رفقة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بلا حساب ولا عتاب ..وأرجو ممن يقرأ سطوري هذه أن لا يحرمنا من دعوة صالحة ..

الاثنين، 6 أغسطس 2007

أنا بهم أغنى

أنا بهم أغنى .. اختلفت معهم أم اتفقت ..أغنى دينا .. وأغنى فكرا .. وأغنى عمقا .. معرفتهم ليست تقدر بثمن لأن عطاءاتهم تبني إنسانيتي وتثريني .. اليوم كان يمكنها ببساطة أن تستأثر بالنجاح ، لكنها لم تفعل ، نفسها الكبيرة جعلتها تؤكد على نسبة النجاح إلينا جميعا – وهو كذلك – ثم تقدمني لأن الله أجراه على يدي ،، مواقف تكشف عن معدن المرء ، وبارك الله في نسب انتهى إلى بني العباس ، أصل كريم ، وخلق كريم .. ** ************ انتظرت .. طال انتظاري .. لكنه كان مؤنسي .. طيف رفيق .. يهديني نقاوة الروح .. وصفاء التقى .. فأنهل ما ييسره الله لي .. ثم يغيب .. فيملؤني الشجن .. ليزورني ثانيا .. لأبتسم ابتسامة حانية.. تحن علي ، وتهديني بعض السلام إلى أن يعود .. لكن هل يبقى ؟ ************** وحشني أستاذ عبد الوهاب مطاوع ( الله يرحمه ) .. أقتني مجموعة من كتبه .. لكن وحشني حسه في الدنيا .. إحساسي أنه موجود .. في بلد أخرى لكن موجود .. كنت عزمت أن لو زرت القاهرة أن أزوره لكن .. الحمدلله .. فقد اختاره الكريم الرحيم إلى جواره .. أتراه لا يرحمه وقد كان يعلمنا الرحمة ، ويملأ قلوبنا بالفضيلة ، ونزداد بكتاباته قربا من الله ، وتسامحا إيجابيا مع النفس والناس ، أتراه لا يرحمه وقد كانت كتبه تؤنسني في غربتي ، كنت إذا قرأت له – وأنا في المكلا - هان علي ابتعادي عن أهلي ودنياي في جدة .. اللهم اغفر ذنبه ، وارفع قدره ، وأكرمه برفقة نبي الرحمة ، واخلفه في أهله بخير .. إنك الرحمن الرحيم ..

السبت، 4 أغسطس 2007

انت لسه بتسألي

أسمعها وأتعجب كيف كانت المعاني التي يطرحها هاني شاكر تأسرني، ولكأن العلاقة ولو كانت حبا صادقا بين الرجل والمرأة ستكون بهذا التبسيط .. هذه الأغنية في مجمل سطورها حلم لا علاقة له بالواقع الحقيقي ، الذي يحمل اختلافات وتنازلات وضغوطات وحب يتعثر تارة ويستقيم تارة لكن في كل الأحوال يظل مصرا على الاستمرار لأنه حب .. ولأنه يؤمن أن رسو الروح يحتاج إلى كثير من التعب .. ولأن هذا هو واقع الحياة .. وهذه مقتطفات من الأغنية .. لما ظلك يبقى ظلي .. وتبقي أجمل شيء فاضلي لما أسهر لك تملي ويا طيفك يبقى ليه لما اتحدى الدنيا عشانك لما اتعذب من أحزانك لما أوهب لك وانت مكانك كل اللي انت تتمنيه لما قلبي يدق دقة من حنين وحنان ورقة لما أعيش وأحلم بدنيا .. انت نورها في كل ثانية يبقى أي دنيا تانية مش معاك تسوى ايه انت أحلامي وكوني.. والهوا اللي بعيش عليه .. لما بانسى عمري قبلك .. واتولد لحظة مقابلك

الفرح ويحى حقي

كتب يحى حقي رحمه الله مرة في مجموعة ( قنديل أم هاشم ) عن أن الأعظم من المشاركة في الألم ، المشاركة في الفرح ... وأقول بل التقاط درر الفرح لدى الصديق أو القريب ، والإحساس بتفاصيل الفرح ، كما الإحساس بتفاصيل الألم .. الإحساس بتفاصيل الفرح أو الألم ، أيهما أعمق .. الأستاذ حقي يقول أن الأول أعمق ، وأنا أقول أن التقاط التفاصيل يحتاج إلى عمق في فرحا وأملا .. ألما وانطفاء ..

الخطأ ضرورة

للتو انتهيت من استماع حلقة ( التجربة التركية ) من برنامج ( الحياة كلمة ) لفضيلة الشيخ سلمان العودة حفظه الله ونفع به. وقد أذهلني فقهه،وهو يؤصل لمعنى مهم هو ( فن الممكن)، والإتيان بالمستطاع ، وكون هذه الفكرة مقبولة في الحس الإسلامي على مستوى الأفراد لا على مستوى الأمة ، الصلاة قعودا حال العجز عن القيام ، يقابلها تطبيق ما يمكن تطبيقه من شرع الله إلى أن يُتمكن من تطبيق الشريعة كاملة .. الترقي الاقتصادي من الأصول التي حث عليها الدين ، وتحقيقها مكسب ديني .. ذكرني كلامه بكلام الشيخ القرضاوي في كتابه ( أولويات الحركة الإسلامية المعاصرة ) إن لم تخني الذاكرة ، فقد قرأته من ثلاثة عشر عاما تقريبا ، وأذكر أني طرحت الفكرة ذاتها من الكتاب المذكور ، وهي التدرج في تطبيق الشريعة على إحدى معلماتي في المعهد الشرعي الذي درست فيه قبل الجامعة ، فقالت وقد احمر وجهها غضبا : هذا الكلام غير مقبول ، وليس صوابا أن يتتبع المرء زلات العلماء ، فقلت لها في تعجب من غضبها : ولكن ما أدرانا أنها زلة ، أ لمجرد أنه قال كلاما مختلفا ؟ أجابتني بأن هذه المسألة لا يجوز لعالم أن يخالف فيها .. لم أقتنع .. ولم أبحث هذه المسألة بعدها .. لكنها ظلت عالقة بذهني على أمل أن ألتفت يوما للفقه السياسي وأبحث فيه .. ولم يجىء هذا اليوم إلى الآن
تكلم الشيخ سلمان أيضا عن الدين والحياة ، وكونهما يتكاملان ولا يتضادان ، وأن الدين هو طريق تحقيق الرفاه للإنسان لا النقص والعجز .. أنا اقتطف من كلام الشيخ ما يحضرني ، والحلقة جديرة بالاستماع كاملة ، وأختم بقول الشيخ :" الخطأ ضرورة " .. وهذه لو فقهناها لتخلينا عن طرح ديني يضخم الخطأ ويجعل من سد الذرائع ذريعة إلى إفساد العلاقة بين الدين والحياة .
الحلقة كاملة على موقع الإسلام اليوم ، ودمتم طيبين. الجمعة : 3/8/2007م