السبت، 27 ديسمبر 2008

يكاد أن يكون أجمل ما قرأت في ارتباطنا بمعاني الهجرة

والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه
بقلم/ الحبيب علي الجفري ِ
الجمعة 26 ديسمبر-كانون الأول 2008 10:44 ص
مارب برس – خاص ِ
في بداية كل عام هجري جديد نحتاج إلى نوع تأمل وتدبر لحكمة توالي الأيام والليالي والشهور، فنحن أمة تضبط أيامها وكل تاريخها بهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد كان من الممكن أن يضبط تاريخها بمولد الحبيب صلى الله عليه وسلم ابتداء أو بانتقاله إلى الرفيق الأعلى انتهاء، أو أن يكون تاريخنا ابتداء من البعثة المحمدية أو من فتح مكة، وكلها أحداث عظيمة ولها أثر كبير في تاريخنا، إلا أن الله تعالى ألهم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجعل مسألة التأريخ تلك مرتبطة بالهجرة، ليرتبط الأمر كذلك في قلوبنا نحن بمعاني ودلالات جمة لمفهوم الهجرة
إذ قد اعتدنا في التعامل مع الكلمات والمفاهيم أن نقتصر على المعنى الأول المتبادر إلى الذهن بادي الرأي، فلا يكاد مفهوم الهجرة – على سبيل المثال – يغادر دلالته المكانية، ويظل مرهوناً بأنه يعني الانتقال من مكان إلى آخر
لكن تأمل كيف تسكن المفاهيم في مواضعها الحقة وتتخذ دلالتها الحقيقية في خطاب الرسول عليه الصلاة والسلام للناس في حجة الوداع :" " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ "( شعب الإيمان، باب أن يحب الرجل لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه 13/455 برقم 10611).
وفي رواية الإمام البخاري :" وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ ( البخاري كتاب الإيمان / باب المسلم من سلم المؤمنون من لسانه ويده 1/11 برقم 10، كتاب الرقاق/ باب الانتهاء عن المعاصي 8/101 برقم 6484)، فمن معانى الهجرة التي نتأملها في هذا المقال هو هجر ما نهى الله عنه، ليستشعر كل واحد منا مع تعاقب الأيام والأعوام، ومع بداية كل سنة هجرية عليه، بأنه مخاطب بأن يهجر الخطايا والذنوب، وأن يهجر ما نهى الله عز وجل عنه.
وإذا كان المهاجر يترك مكانه إلى مكان آخر، فما معنى الهجرة المقصود هنا ؟ وإلى أين يهاجر الإنسان؟ إنه في الحقيقة يهاجر من داخله إلى داخله، من إطاعة نفسه ورغباتها إلى طلب القرب من الله عز وجل، ومن الذنوب والخطايا إلى التوبة والمغفرة، فهو في كل حالة من حالاته ينتقل من مرتبة إلى مرتبة، حتى لتصبح حياته كلها هجرة وطلباً وسيراً إلى الله تعالى.
فارتباط تاريخنا بمعنى الهجرة ينبهنا إلى معنى مهم، وهو أن تاريخنا كأمة إنما يصنعه الذين صدقوا مع الله تعالى في هجر ما نهي الله عنه ، إنما يصنعه الذين عاشوا معنى الهجرة من النفس الأمارة بالسوء إلى النفس اللوامة ثم ارتقوا بها في أعلى مراتب النفس البشرية إلى النفس الملهمة فالمطمئنة فالراضية فالمرضية ، فالذين كتبوا تاريخ هذه الأمة بهمتهم وجهادهم ونصرتهم إنما كانت أحوالهم كلها هجرة عما نهى الله عنه، مثلما لا تجد مجدداً في أي ميدان من ميادين إحياء الأمة إلا وقد كان معنى الهجرة هذا متقداً في قلبه حياً في باطنه مؤثراً به في حال واقعه .
كذلك من الأمور التي تحتاج منا إلى نوع تأمل وإمعان نظر أن الشهور القمرية التي نؤرخ بها للأمة ليست قاطعة الثبوت سواء في الابتداء أوالانتهاء، فلا نستطيع أن نحسبها ونقررها من بداية السنة، فنقول من الآن -على سبيل المثال- أن بداية شهر رمضان للعام المقبل هو يوم كذا شهر كذا من التقويم الميلادي، فالأشهر القمرية تتطلب منا الترقب والرؤية في بدايتها وانتهائها؛ وهي رؤية تشارك فيها الأمة بكل أفرادها وفئاتها، ذلك لأنها أمة حية، أمة مهمتها أن تبقى على صلة بالكون الذي تعيش فيه ، وأن تشعر أن للزمان قيمة في مروره عليها، وأن لها في بداية و نهاية كل شهر اهتمام وانشغال مرتبط بمهمتها في الخلافة والعمران.
ففي ذلك إحياء لمعنى قيمة الوقت عند الأمة وأن الأمة لا تنفصل عن الكون الذي تحيا فيه، لأن أمتنا علمت أن صلاتها بالوجود وبالكون هي صلات عمارة وعمران لأننا خلفاء الله تعالى في أرضه، ولم يخلق الله عز وجل الكون عبثاً ولا يكون لنا أن نجعله بيننا عبثاً بالتدمير والتخريب، فتمسكنا بتاريخنا واستشعارنا لقيمة مرور الأيام والشهور يعني أن لنا في هذه الأرض رسالة سامية ومهمة خالدة ، بدايتها الحقة الحفاظ عليها والتعامل معها بمنطق التسخيرلا بمنطق العلو والاستغلال .
ومن الأمور التي يمكن ملاحظتها في بداية العام الهجري الجديد أن وسيلة اعتبار دخول الشهر عندنا إنما تكون عن طريق أفراد ثقة عدول من الأمة يشهدون برؤيتهم للهلال، فأصبحت صلاتنا بالكون بالتالي صلة تتعلق بأهل الثقة الذين يؤخذ برجاحة عقلهم وبورعهم وأخلاقهم ، فهم الذين يضبطون لنا تاريخنا وأيامنا وليالينا، وبدون الثقة العدول لا ينضبط لنا يوم ولا ليلة، والأمة التي يقل فيها عدولها تضطرب علاقاتها بالكون وتهتز صلاتها بأيامها ولياليها.
فهذا من المعاني التي ننتفع به من رؤيتنا لمفهوم الهجرة، وهذا تنبيه للأمة بأن تاريخها يبنى على أيدي وجود العدول فيها، ثم تأتي مسألة ثانية في نفس المعنى وهي أن هؤلاء الثقة العدول لن يبنوا تاريخاً للأمة إلا إذا تنبهوا، فالعدول في سلوكهم الشخصي والفردي لكنهم يعيشون غفلة عن مهمتهم تجاه أمتهم لا يمكن أن يبنوا تاريخاً لها، فالعدل الذي يبني تاريخ الأمة ينبغي أن يكون يقظاً متنبهاً لمعاني الزمان والمكان.
ثم إذا تأملنا السنة الهجرية عبر شهورها فسنجد أن القاسم المشترك بين أحداث السنة من أولها إلى آخرها هو فعل الخير على أساس الفرح بالله، ولكم أن تستعرضوا السنة من المحرم شهر الله الحرام ، وما فيه من يوم عاشوراء أو يوم النصرين : الانتصار على مستوى الواقع ممثلاً في نصر الله تعالى سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين الصادقين على فرعون .
والانتصار على مستوى النفس ممثلاً في ثبات سيدنا الإمام الحسين سبط رسول الله صلي الله عليه وسلم على الحق بقطع النظر عن قوة وجبروت ما واجهه من زيف وباطل وإغراءات، ليعلم الأمة على كر السنوات والقرون أن الثابت على الحق هو صاحب الحق، ولهذا ابتدأت أول مواسم سنتنا بشهر محرم، وفي شهر محرم معنى النصرة، وأن النصرة لها ارتباط بمعنى الهجرة ، أن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه لندرك أن ما نرومه من نصر من الله تعالى إنما يرتبط بضبط النفس وهجرة ما نهى الله عنه.
ولكم أن تتفكروا في كيفية ارتباط سائر الشهور بفعل الخير على أساس الفرح بالله تعالى، وانظروا كيف ارتبطت سنتنا كلها بمعان وبأحداث حتى نعيش حياة نستشعر بها دلالات مرور الأيام والليالي, فإذا دخل شهر ذو الحجة وجاءت الأيام العشر وانتهت السنة, جاءت فيها المواسم بكثرة مركزة ليتنبه الإنسان إلى عمارة خاتمته, لأنه إذا اعتنى الإنسان بخاتمة سنته, واعتنى بخاتمة شهره, واعتنى بخاتمة أسبوعه, واعتنى بخاتمة يومه، فهذا الاعتناء بالخواتيم يورث الإنسان بركة أن يعتني الله عز وجل بخاتمة عمره.
فلا تأتي ساعة الانتقال لدار الآخرة إلا وقد تحدد للمؤمن معنى الهجرة في باطنه, والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ويتهيأ لأعظم مراحل سفره في حياته وهي مرحلة الورود على الله جل جلاله, فلا تأتي ساعة الوفاة إلا وهذا القلب قد اطمأن لأنه اعتاد أن تكون له خواتيم يقظة وانتباه، ويموت المرء على ما عاش عليه، ويحشر على ما مات عليه.
إذا استشعر المؤمن هذه المعاني فهو المؤمن الذي سيبني أمته, وهو المؤمن الذي سيصطفيه الله تعالى للفرج عن هذه الأمة المحمدية, ونحن على أبواب فرج قريب لهذه الأمة, يوشك أن تروا بأنفسكم هذا الأمر, لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ، والذين سيصطفيهم الله لهذا الفرج المقبل على الأمة هم الذين يعيشون تصديق يقين قلوبهم بما أخبر الله به ونبيه أعظم من تيقنهم بما تخبر به أعينهم ومسامعهم وألسنتهم.
وهذا أمر ينبغي أن نتنبه له, فإن الذين سيصطفيهم الله للفرج القريب المقبل على الأمة هم الذين يعيشون أمثال هذه المعاني, الذين تمر عليهم الأيام والليالي وهم يهاجرون ما نهى الله عنه في أنفسهم و في زوجاتهم و في ذريتهم و في أبنائه و في معاملتهم مع الذين يحيطون بهم, وقد قال صلى الله عليه وسلم : " "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ "( مسند أحمد 8 / 155 برقم 16957).
فإن عشت على هذا المعنى وقلبك مطمئن إلى هذا الأمر وسعيت في هذا الأمر فسيدخل الإسلام كل بيت بعزك أنت, وإن أغفلت هذا الأمر وعشت لدنياك ونسيت آخرتك وأغفلت أنك مسلم صاحب مهمة في نشر هذا الدين, بأخلاقك و باستقامتك و بهمتك فسينتشر أيضاً هذا الدين لكن بذُلِّك أنت، فانظر من بداية هذه السنة على أي حال ستمر عليك.اللهم بارك لنا في عامنا هذا وارزقنا فيه من حسن الإقبال عليك ، وأكرمنا بكمال القبول لديك وبالثبات على ما تحبه وترضاه

ورق قلبي .. ففهمت

كنت أقرأ منذ قليل في مقدمة مواهب الجليل في الفقه المالكي ॥ فوجدت في قلبي رقة وخشية لم أجدها منذ زمن .. واستنار عقلي بفهم جديد في موضوع بحثي .. ثم تذكرت معنى قديما سمعته .. أن للكتب أنوارا تشرق على قلوب من يجالسها كأنوار أصحابها .. وهذا من سداد نياتهم .. رحم الله الشيخ الحطاب .. وجزاه عني خير الجزاء .. كما أني سمعت من أحد مشايخي أن في كتب المالكية وفقههم ما يجعل القارىء متصلا بمعان ربانية شريفة ..
ما أشعر به الآن قلبا ذكرني باتصال تلفوني مع أحد الصالحين – ولا أزكيه على الله – السيد الفقيه زين بن سميط حفظه الله .. طلبت منه أن يدعو لي ، فما أنهيت كلامي معه حتى شعرت كأن نورا ينشق عنه صدري ليغمرني بسكينة وانشراح عجيبين ..
وقد كنت أقلد قولا لأحد الصحابة في مسألة من مسائل الحجاب ، وأجدني الليلة بعد قراءتي لكلام نفيس منضبط نقله الشيخ الحطاب المالكي عن عدم جواز تقليد مذاهب الصحابة ..أجدني أتوقف في هذا التقليد .. وإن كنت أميل فقها بحسب تحصيلي الفقهي الحالي- ولست من أهل الترجيح قطعا - إلى ترجيح الجواز لا المنع في المسألة المذكورة وهو ما ذهب إليه الشيخ عبد الحليم أبو شقة . ولعلي أكتب عن ذلك في وقت آخر ..

الجمعة، 26 ديسمبر 2008

سفر المرأة بدون محرم حال الأمن وماذا عن رضا المحرم؟

فتوى الشيخ العبيكان حول جواز سفر المرأة بدون محرم حيث أمنت الطريق أثارت لدي تساؤلات حول أثر مثل هذه الفتاوى في بناء نمط جديد في العلاقة بين الجنسين في مجتمعنا ، القول بحل مثل هذا السفر هو خطوة نحو مساحات أوسع تتاح للمراة لكن السؤال الأهم في تقديري ما ارتباط القول بحل سفر المرأة دون محرم بإدراك الطرفين لمساحة تدخل الرجل في حياة المرأة أيا كانت قرابته لها ؟ وهل القول بجواز سفر المراة بدون محرم إذا أمنت الطريق يستلزم رضا المحرم بهذا السفر ؟ وما أثر تغيير الفتوى الشرعية على الفعل المجتمعي ؟هنا السؤال الذي ستكون الإجابة عنه أكثر قوة في تغيير إدراك وسلوك كل طرف مع ذاته ومع الجنس الآخر ॥ أنا هنا لا أقرر شكلا ما لهذه العلاقة أنا فقط أفكر :) ومساءكم وئام
* عذرا لدي مشكلة في تنسيق المادة المكتوبة .. وهذا رابط الكلام حول فتوى العبيكان على موقع إسلام أون لاين http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1230121230283&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout

الاثنين، 22 ديسمبر 2008

الشك الشجاع

كان شكا في صلاح الأمور ، ولكنه شك يبحث ويضطرب ، وليس بالشك الذي يستجم ويستكين
هكذا تحدث الأستاذ العقاد في ( عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم ) عن علامات ظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وأكد أن العلامات التاريخية هي العلامات التي دلتنا على تهيؤ العالم لاستقبال الرسالة ، علامات لا التباس فيها ، ولا سبيل إلى إنكارها ..
" شك يبحث ويضطرب ، وليس بالشك الذي يستجم ويستكين " كم هزتني هذه العبارة ، وجعلتني أتوقف أمام شكي ، وشك بعض الأقران ، فيما نشأنا عليه من مسلمات عقدية ، وفقهية .
هل كان شكنا هو شك الباحث المضطرب ، أم شك جبان تقاعس عن خوض صعوبات البحث العلمي الجاد؟
شك يكتفي بخطف المعاني الجديدة التي نكتشفها في كتب الفلسفة ، أو الفكر .. خطفها أو السماح لها أن تخطفنا أو تزلزلنا ، فننهزم أمامها لأنها مختلفة ، ومبهرة ، وتقودنا إلى عالم متحرر لم نعرفه قبلا .
ضرورة مرحلة
أ/ أنيس منصور في ( في صالون العقاد كانت لنا أيام ) يحكي لنا عن مرحلة تشبه المرحلة التي أحدثكم عنها : " في ذلك الوقت كنا نقف على الحافة ، الحافة بين الدين والخروج عليه ، وبين الإيمان والخوف منه . أو بين الفلسفة العلمية ، والدين غير المنطقي- كانت هذه هي التعبيرات المألوفة عندنا نحن الشبان الصغار من دارسي الفلسفة . وكنا نحاول أن ننقل للأستاذ ترددنا وتردينا ، ومخاوفنا واجتراءنا على الحق ، وتأكيد الذات وتضخيمها ، وكان الأستاذ – العقاد- يعرف ذلك كله . ويراه طبيعيا ، ويعبر عن ذلك كله أحسن وأجمل عندما يقول : إنني أقول للحياة نعم .. ولكل شيء آخر لا .. وليس من الحياة أن نرفض الحياة . ولا من الحكمة أن نقول : لا دائما ولا أن نقول : نعم دائما ولكن يخطىء كثيرا من يقول: لا .. كثيرا ، ويخطىء قليلا من يقول : نعم ..كثيرا . "
إذن الأستاذ العقاد كان يرى ذلك طبيعيا ، وكان يحميهم بكلامه من التضخيم النفسي السلبي لضرورة المرحلة ، ضرورة مرحلة البحث عن الحق.
لكن يبدو لي أن الأستاذ كان يثق أنهم سيسيرون في طريق الشك سيرا حثيثا ، سير الباحث الذي لا ينخدع بظواهر الأمور ، ولا يستسلم أمام معوقات الحياة النفسية والمادية ، الباحث الذي يقدّر الحقيقة تقديرا يجعله يبحث عنها بحثا محموما ، عند المتخصصين ، ولا يكتفي بأن يغرق في لجة شكوكه أو كسله أو أوهام التحرر الذي جد على أفكاره .
إيمان كالظن وليس ظنا
هذا في جيلهم هم ، فماذا عن جيلنا ؟ لقد ذكرني كلام الأستاذ أنيس منصور عن المرحلة التي مر بها بمراسلات جرت بيني وبين أحد الأصدقاء ..
كان الشك المستكين الخانع يموج في أسئلته عن المطلق والحقيقة ، لم أكن أملك إجابة لكني قلت له : أنت في القاهرة ، حيث العلماء الذين تشد إليهم الرحال ، فكيف لا تقصدهم ؟ لم يجب . وعدت على نفسي باللائمة ، فأنا مثله ، أين أنا من عقيدة تدعمها الحجج ، وتنقض كل ما يخالفها ؟
قلت له : فليكن إيماننا وجدانيا ، فقال : وهل يكفي ذلك ؟
كانت مراسلات لم يكتب لها أن تكتمل .. لكني اليوم وجدت الجواب ، نعم وجدته في برهان الإمام الجويني : نعم يكفي ذلك ، فالقدرة على نقض المذاهب المخالفة في العقيدة هذا عمل المتخصصين . . أما غير المتخصصين فيكفيهم اطمئنانهم إلى صحة ما يعتقدونه، هو إيمان قطعي شبيه بالمظنون ، وليس مظنونا ، هكذا فرق إمام الحرمين الجويني بين إيمان المتخصص ، المتمكن من الحجج ، القادر على تفنيد ما ينقضها ، وبين إيمان غير المتخصص ..
يقول الإمام الجويني في كتابه" البرهان في أصول الفقه " بعد أن تحدث عن أن الترجيح لا يجري فيما سبيله القطع ، وأن الترجيحات تغليبات لطرق الظنون ، فإن المرجح أغلب في الترجيح ، وهو مظنون والمظنون غير جار في مسلك القطع : ( العوام لا يكلفون بلوغ الغايات ، ودرك حقائق العلوم في المعتقدات ، وإنما يكلفون تحصيل عقد متعلق بالمعتقد على ما هو به ، مع التصميم، ثم عقدهم لا يحصل في مطرد العادة هجوما وافتتاحا من غير استناد إلى مسلك من مسالك النظر ، وإن كان غير تام ، وإذا كان كذلك ، فالترجيحات عندهم في قواعد العقائد قد تجري ، فإن عقودهم ليست علوما ، ومأخذها كمأخذ الظنون في حق من يعلم أنه ظان . وهذا الذي ذكرناه لا يناقض ما ذكره الأئمة ، فإنهم زعموا أن الترجيحات السليمة لا وقع لها في مدارك العلوم ، وما ذكروه حق لا نزاع فيه ، وإنما يكتفى من العوام بعقود سليمة ليست علوما فتجري عقائدهم مجرى الظنون في المظنونات ). البرهان/ دار الكتب العلمية -بيروت / كتاب الترجيح/ ص176.
التحلي بالأدب شجاعة أيضا
ومن العقائد إلى الفقه ، حيث يتقاطع ما هو فقهي مع ما هو عقدي ، فعندما تهتز قناعتي في مرحلة ما في تكريم الإسلام للمرأة عقلا ، وأسلم بها إيمانا ووجدانا ، وأعلن ذلك في مجلة الجامعة ، في مقالة عنونت لها ب(الراية البيضاء) .. تحدثت فيها عن أني أرفع الراية البيضاء استسلاما فالإسلام أعطى الرجل تشريف لم يكرم به المرأة ، ثم أقف عاجزة عن الفهم، كيف يستقيم أن ننبذ تراثا عظيما لصالح تفسيرات حديثة للنصوص تدّعي تكريم الإسلام للمرأة .. هكذا ..
وحين لم أستطع أن أفهم كلام شيخي عبد الله باهارون أيامها عن ابتعاد كثير من نصوص التراث عن نور النص ، ومقاصده . وعن اتخاذ النص الفقهي للمجتهد بمثابة نص الشارع ، وتتراكم النصوص البشرية ، في سلسلة يأخذ بعضها من بعض ، لتكون فقها غريبا عن المقاصد القطعية .
كانت تلك المرحلة هي ضرورة من ضرورات البحث ، بدأت بدراسة ما ورد في كتب التراث ، دراسة الطالب الذي يستصحب الأدب مع أهل العلم .. ولا يمنعه هذا الأدب من السؤال ، والدهشة ، والاستنكار ، لينتهي إلى التسليم بلا فهم ..
لكن الطريق لم ينته إلا ليبدأ من جديد ، والآن بعد مضي سبع سنوات من تخرجي من الجامعة ، أجدني أمام المزيد من الأسئلة ، ومزيد من الإيمان الشبيه بالمظنون وهو ليس بالمظنون . لكني على يقين أن الأدب عصمني أيامها عن الحيدة عن طريق الإيمان .. كنت أتساءل هل الأدب هو الذي عصمني أم الجبن ؟
وأجدني أفهم اليوم أن التسرع باتخاذ موقف علمي ما لطالب لم يكمل بحثه هو الجبن الحقيقي ، هو الجبن عن مواجهة ارتباكاتنا النفسية ، والبيئية ، وتجاوزها صبرا ومصابرة ، لنبحث بجد صادق ، وعزم لا يلين .

الاثنين، 17 نوفمبر 2008

لأجل مريم

ذهبت مريم ، السيدة ( الكبيرة ) التي تعمل في منزلنا ، بعد خمس سنوات من العمل في منزلنا ، اضطرت اضطرارا للسفر إلى الصومال، كم أشتاق إليك يامريم ، وكم أفتقدك ، بكيت لما سمعت الخبر خوفا أن تنالها ( بهدلة ) ما ، هي لا تستحق ذلك ، ليس فقط لأنها إنسان كرمه الله ، لكن أيضا لأنها ( مريم ) لما وضعت ( الكبيرة ) بين قوسين ، لم أكن أعني عمرها الذي جاوز الخمسين ربما ، وإنما أردت أنها كبيرة قدرا أيضا ، كلنا في المنزل نحترم مريم ، نحترم عزة نفسها ، ونحترم ونحب أنها تعد نفسها واحدة منا حقا ، قد نختلف معها ، أو نغتاظ من بعض تصرفاتها ، لكن نحن قطعا رغم كل ذلك نحترمها ونحبها ، الآن أرى أمامي ابتسامتها الواسعة الطيبة المحملة بخبرات السنين ، كيف ستتركيننا يا مريم ؟ أتذكر الآن أني عزمت أن أخبرها أني وجدت القناة التونسية التي قالت لي أن المسلسل التركي نور يعرض عليها، لقد سألتني عن القناة فقلت لا اعتقد أنها موجودة لدينا ، لكني وجدت القناة بالأمس ، فكرت أني سأخبر مريم ، وأن مريم ستسعد بذلك ، أتخيلها الآن وهي تأكل وجبتها الصومالية الخاصة أمام المسلسل ، لكن مريم لم تأت في اليوم التالي ، لم تأت لأنها اضطرت للرحيل لم أتناول تلك الوجبة التي دعتني إلى مشاركتها معها ، قبل يومين ،قلت لها : الآن أكلت فطوري يا مريم ، اعذريني لا أستطيع ، ألوم الآن نفسي لأني لم أتذوقها جبرا لخاطرها ..سامحيني يا مريم مريم تعشق إذاعة لندن ، ويتردد صدى الأخبار في أرجاء المنزل ، لأن مريم في سمعها ثقل ، وتأتي لتحكي لنا بحزن أو فرح ما يستوقفها من أخبار أحيانا ، فرحت مريم كثيرا لأجل أوباما كنت أكلف مريم بمهمة ما بمقابل، فلما تركت عملي ، رفضت مريم أن تقبل مقابلا لتلك المهمة ، قالت لي : أنت الآن لا تعملين ، وأنا من أهل هذا البيت ، ولم أقبل بالطبع ولم تقبل هي إلا بعد إلحاح شديد مني ..فكيف لا أفتقد مريم ؟ هل أنسى النظارة الشمسية الإيطالية التي أهدتني إياها ، وفرحت على استحياء لما قلت لها : حلوة كتير يامريم ، قالت : لقد قلت لأخي في إيطاليا أريد للبنات هدية كويسة بكي البيت كله لبكاء مريم لما ماتت زوجة ابنها التي كانت ترعى بنات مريم الصغيرات في الصومال ، وبكينا الآن لما رحلت مريم ، لأننا حقا قلقين أن لا تكون في الوضع الجيد الذي تستحقه .. لأجلك يا مريم سأصلي لتكوني بخير وأمان وسكن نفس عدت لنا أم لم تعودي .. فهل تدعون معي لمريم ؟

الحجاب أو الطلاق ماذا عن فقه المقاصد

نشرت لي هذه المقالة اليوم على موقع إسلام أون لاين ، تجدونها على هذا الرابط : حين تهدم الفتوى الحياة الزوجية وقد عرضتها على شيختي د. شادية كعكي قبل نشرها ، فقالت لي: : أنت الشاطبية الصغيرة ، أسأل الله القبول والسداد ، وقد حرصت على أن تكون سلسة ، ويسهل فهمها على غير المتخصص ، فهل أفلحت؟
المقالة
نعم للحجاب وإن أدى للطلاق.. هذا ما عنونت به إحدى الاستشارات في موقع إسلام أون لاين ، وقد كتبت إلى الدكتور محمد البنا أن العنوان غير سديد في رأيي ، ولا يصح إطلاق مثل هذه العبارات .. وقد كنت سأكتفي بذلك، إلا أني خطر لي أن مناقشة هذه الفكرة أمر مهم، لتعم الفائدة بتوفيقه تعالى. كم هي مسائل حياتنا معقدة ، كثيرا ما نتداول هذه العبارة ، لكن بحس اجتماعي بحت إن صح التعبير، بمعنى أن إدراكنا لطبيعة حياتنا المعقدة لا يرتبط في إدراكنا بالدين ، الذي أراد الله أن تكون أحكامه تجري على اليسر ، وعدم الحرج ، وتكون ملائمة لطبيعة الحياة المعقدة التي نحياها ، لكن هذا عندنا مستقل عن الشرع، في كثير من الأحيان ، لأن كثير من الناس يظنون أن هناك مسائل فقهية لها حكم شرعي واحد فقط مهما تنوعت حالة الإنسان. فلنأخذ حكم الكذب مثالا، فخلافا لما هو سائد عند عامة الناس يذكر لنا العلماء أن الكذب يكون محمودا في حالات معينة، مثلا الكذب لأجل حماية إنسان برىء من بطش آخر ظالم مستبد ، أو الكذب لحماية أسرار ائتمننا آخر عليها ولا مصلحة في إفشائها ، وترد هنا تفصيلات عن العلماء في إمكانية اللعب بالألفاظ إن أمكن بحيث لا يكون المرء كاذبا باعتبار اللفظ ، فتكون عباراته محتملة لأكثر من معنى ، ويسمون ذلك تعريضا ، ويقولون : في المعاريض مندوحة عن الكذب ، أي في التعريض ما يغني عن الكذب . نستنتج من ذلك أن الكذب ليس قبيحا مطلقا ، إنما هو قبيح في حالات وحسن في حالات أخرى هكذا يعلمنا الشرع الحكيم ، والعميق، والملائم لتعقيدات حياة الناس .. الإمام الشاطبي يحدثنا عن هذا المعنى في الموافقات في كلامه عن اقتضاء الأدلة للأحكام (الموافقات ج3/ ص71الطبعة التي شرحها الشيخ عبد الله دراز، وعني بها الشيخ إبراهيم رمضان / دار المعرفة بيروت لبنان) فيذكر لنا أن الحكم الشرعي له حالتان إحداهما : يكون فيها خالصا من أمور أخرى ترتبط به، والثانية : يكون مرتبطا بأمور أخرى . ففي المثال الذي قدمت به المقالة ، فإن حكم الكذب أصالة هو التحريم ، لكن إذا ارتبطت به أمور أخرى مثل أن يؤدي الصدق إلى إيقاع الظلم بإنسان برىء ، فالكذب هنا مطلوب ، بل واجب ، وهكذا يتغير حكم الكذب من التحريم إلى الوجوب بسبب الأمور الذي ارتبطت بالحالة الفردية . إذن هناك أحكام مطلقة ، مثل أن نقول أن الكذب حرام ، لكن هذه الأحكام قد ترتبط بها أمور خارجية تجعلها تتغير بحسب ما ترتبط به . هذه الأمور الخارجية تتنوع ، باختلاف الحالات الإنسانية ، وطبيعة التعقيدات النفسية والاجتماعية التي ترتبط بها ، لذلك فإن الحديث عن الحكم الشرعي في مسألة ما ، هو أمر معقد ، ومركب ليس بسيطا أبدا ، لأن طبيعة الحياة كما نعرف معقدة . وكما رأينا في المثال الذي قدمته فإن الكذب الذي هو أمر يعد معرفة تحريمه من الواضحات عند الناس ، ليس الحديث عن حكمه بسيطا كما قد يظن ، لأنه يرتبط بحالة الإنسان . وهكذا فإن الأمر يصبح أكثر تعقيدا عندما نتجاوز الكلام عن الحكم واحد إلى أن نربط بين حكمين شرعيين، فنقول مثلا :" نعم للحجاب ، وإن أدى إلى الطلاق " ، هنا وقعنا في قضية مركبة جدا ، أعطيت عنوانا عاما ، فليس الحديث عن الحجاب وحده، ولكن تم ربط الحجاب بالطلاق ، وتمت صياغة العبارة في صورة قاعدة كلية مثل قاعدة : لا ضرر ولا ضرار مثلا ، مع كون المسألة فقهية جزئية تندرج تحت قاعدة كلية هي أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. إن إطلاق مثل هذه العبارات يرسخ لدى غير المتخصص فهما ظاهريا، يصعب عليه معه أن يفهم حديث العلماء عن مراعاة القواعد العامة القطعية ، والتوفيق بينها ، لئلا يضرب بعضها بعضا . ودعونا نأخذ هذه الاستشارة وعنوانها كمثال لأهمية أن ندرك خطورة تساهلنا في إطلاق الأحكام الشرعية بناء على معلوماتنا العامة في الشريعة، دون نظر إلى الطبيعة المركبة لهذه الأحكام ، تبعا للطبيعة المركبة لحياتنا ، نفسيا واجتماعيا وماديا. نحن دون أن نشعر نعطي لأنفسنا بذلك الحق في أن نفتي ، وما هي الفتوى إلا إنزال الحكم الشرعي على الواقع ، وربطه به ؟ نفتي دون أن نعلم ، لأن هناك أفكار ومعلومات عامة ، أخذناها منذ الصغر على أنها مسلمات ، وهي كذلك فعلا ، لكن في إطار معين ، مثلا الكذب حرام ، الحجاب فرض ، الزواج مستحب، التعدد مباح ، هكذا بشكل عام ، لكن التفاصيل غالبا ما تجعل هذه الأحكام العامة تتغير ،وحينها تنتقل هذه الأفكار التي نظنها بسيطة إلى أفكار معقدة ، تحتاج إلى إدراك لمقاصد الشريعة ، وترتيب المصالح والمفاسد فيها، وهذا ما يحتاج إلى عالم متأهل ، لديه علم بالأحكام الجزئية ، والمقاصد الشرعية معا، مع إدراك جيد لواقع الناس، واستماع جيد لكلام المستفتي ، ليتبين حالته ، ويبين له الحكم المرتبط بها، وفقا للمعطيات التي لديه. في الاستشارة التي سنأخذها كنموذج ، العنوان ( نعم للحجاب وإن أدى إلى الطلاق) لا ارتباط مباشر له باستشارة السائلة، فهي لم تذكر أن علاقتها بزوجها وصلت إلى طريق مسدود ، وأن زوجها يجبرها على خلع الحجاب، غاية ما في الأمر هو وجود توتر في العلاقة، بسبب اختلاف في نمط حياتي كانت تمارسه ، وهذا التوتر يمكن حله بمزيد من والحكمة ، والمناقشة الهادئة ، والدعاء أولا وأخيرا ، فما الداعي إذن لذكر الطلاق هنا ؟ فالعنوان بدا مصاغا بشكل يحرك مشاعر القارىء على حساب سداد المعنى، ولا أرى ذلك مهنيا على الإطلاق، فالموقع متخصص ، والرسالة التي يوصلها ينبغي أن تحافظ على رصانتها ، وتحافظ على المعادلة الصعبة الرصانة وجذب القارىء معا ، دون إخلال بأحدهما، وإن اضطر الأمر فالرصانة لا بد أن تكون كفتها راجحة ، هذا مهنيا ، فكيف وقد ارتبط الأمر بإيصال الدين للناس؟ ما أناقشه في العنوان ليس فقط إدراج لفظ الطلاق رغم أنه لم يرد ذكره في استشارة السائلة ، لكن هو إطلاق العبارة كقاعدة كلية كما تقدم بيانه . وأود أن أطرح الصورة الأكثر حدية التي لم تطرحها السائلة ، لتصب في قضية الجزئي والكلي في الأحكام الشرعية ، والحكم الشرعي في حالته غير المرتبطة بعوامل خارجية ، وفي حالته المعقدة ، المرتبطة بعوامل متعددة ، فلو ذكرت الزوجة أن زوجها ينهاها عن الحجاب ، والأمر وصل لمفترق طرق بينهما ، فهل يصح أن يؤخذ الأمر بمثل هذا التبسيط ، ونقول لها " نعم للحجاب وإن أدى للطلاق"؟ وهنا لا بد من توضيح أمر مهم ، هو أن الأحكام الشرعية رتبها العلماء وفقا لأهميتها في الشرع في مراتب ، ووضعوها تحت مظلة ثلاثية إن صح التعبير، هذه المظلة الثلاثية تشمل جميع الأحكام الشرعية الواجبة والمندوبة والمباحة والمحرمة والمكروهة ، وهي متفاوتة أعلاها هي مرتبة الضروريات، ثم الحاجيات ، ثم التحسينيات . والفقيه حين يوازن بين المسائل والحوادث ، لا بد له من معرفة مرتبة كل مسألة ، أين تقع هل في المرتبة الأولى ( الضروريات ) أم الثانية ( الحاجيات ) أم الثالثة (التحسينيات). فلا نقدم ما هو في مرتبة التحسيني على ما هو في مرتبة الضروري . وليس يعنينا الآن أن نشرح تفصيلا كل مرتبة من هذه المراتب، لأن هذا هو شأن المتخصص، ويطلب من مظانه ، لكن سأذكر مثالا يوضح هذا الترتيب الذي تحدثت عنه : وضع العلماء إزالة النجاسة ، وستر العورة في مرتبة التحسينيات، وهما واجبان ، وإقامة الصلاة في مرتبة الضروريات ، فلو كان المرء لا يجد ما يزيل به نجاسته ، أو يستر به عورته ، هل تسقط الصلاة عنه ؟ قالوا لا بل يصلي بالحال التي تتيسر له ، ولا يترك الصلاة . وفي مسألتنا هذه لو خير الزوج زوجته بين الحجاب واستمرار زواجهما ، فالجواب لا يكون دون النظر في الحالة الخاصة التي طرأت ، ولا يصح أن نعمم الحكم . فهذه المسألة تتعلق بها قواعد كلية ، ومقاصد شرعية ، تضبطها ، فينظر في حال تلك المرأة ، وما يترتب على انفصالها عن زوجها من مفاسد ، على المستوى المادي ، أو الاجتماعي، مثلا إذا كانت لا عائل لها ، وستتضرر حياتها تضررا يوقعها في حرج شديد ، فهل نقول لها: ( نعم للحجاب وإن أدى إلى الطلاق)؟ ألا يكون هنا من طاعة الخالق أن تقدم ما فيه مفسدة أقل وهو ترك الحجاب ، على ما فيه مفسدة أعلى وهو اختلال نظام حياتها كما شرحت آنفا ؟ فيتخلف عن قاعدة ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وهو نص الحديث الشريف، يتخلف عن هذه القاعدة بعض جزئياتها لأنها اندرجت هنا تحت قاعدة كلية أخرى وهي : (يرتكب أخف الضررين اتقاء لأشدهما ). إذ يخشى في مثل هذه الحال أن تضطرها الحاجة إلى تصرفات هي أعظم مفسدة من ترك الحجاب فضلا عن كون التمسك بالحجاب إن أدى إلى انتقالها إلى حال تكون فيه في حرج شديد لشدة حاجتها ، وتعثر حياتها ، هو من باب التمسك بأمر تحسيني الذي هو ستر العورة في مقابل إهدار أمر حاجي وهو استقامة حياتها كما ذكرت في المثال . وقد يقول قائل كيف يمكن للزوجة أن ترضى بتحكم الزوج في خياراتها ، لا سيما أن الشرع هنا يدعمها تماما، وتخضع للزوج لمجرد حاجتها المادية إليه، في تصوري أن طرح المسألة بهذا الشكل أيضا يختزل اختلاف حالات الناس ، وتنوع حاجاتهم ، وطبيعتهم قوة وضعفا. بل وإن كانت ماديا لا إشكال لديها ، لكن بينهما أولاد يحتاجون إلى رعاية أمهما ، والطلاق سيؤثر في تمام تلك الرعاية واستقامتها لما تعلمه من تعنت زوجها أو قسوته أو عدم عنايته بولده كما يجب لهم والطلاق سيجعله يحول بينها وبينهم ، فيتعارض هنا حفظ لمقصد حاجي وهو حفظ النسل مع مقصد تحسيني وهو الحجاب فكيف نقدم هنا التحسيني -ستر العورة ويراجع في ذلك الموافقات للشاطبي – الذي هو المقصد الثالث في ترتيب المقاصد التي جاءت بها الشريعة على الحاجي وهو المقصد الثاني في ترتيب المقاصد الشرعية ( ينظر مقاصد الشريعة الإسلامية للطاهر بن عاشور) ؟ وكيف نقول في مثل هذه الحال : ( نعم للحجاب وإن أدى إلى الطلاق) وقد فرق العلماء بين ما أوجبه الشرع لذاته ، وبين ما أوجبه لأنه وسيلة لتحقيق واجب مقصود لذاته، ( ذكر ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات ونقله الشيخ عبد الله بن بيه في كتابه – صناعة الفتوى وفقه الأقليات - عن الشيخ ابن تيمية ) فالحجاب وسيلة لتحقيق العفاف وحفظ النسل، وهي وسيلة واجبة ، لكن هذا الوجوب هو في مرتبة أدنى من وجوب حفظ النفس من الوقوع في مفسدة الفقر الشديد أو الحاجة الشديدة أو مفسدة ترك الأبناء بدون رعاية تربيهم التربية الصحيحة . ويمكن مقاربة الحجاب ، بالثياب المحتشمة السابغة ، في مثل هذه الحال، لا سيما أن التعبير القرآني في قوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) فيه مساحة واسعة يمكن من خلالها ضم القواعد الكلية بعضها إلى بعض بما يرفع الحرج ، وليس الابتلاء بالإبداء الذي علل به الحنفية جواز إبداء الوجه والكفين والقدمين بأكثر حرجا من ابتلاء المرأة بإفساد حياتها الزوجية في ظروف اجتماعية قاسية على ما بينت آنفا. الفتوى في دين الله أمر خطير ، وتقريره يحتاج إلى متمكن من القواعد الكلية ، والأدلة الجزئية معا، كما يقرر ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات ، والإعلام صار وسيلة من وسائل نقل الفتوى ، وينبغي أن يكون الإعلام المتخصص في هذه الأمور دقيقا في كل ما ينقله للناس ، فهذا دين، الله تعالى سائلنا عنه

الأربعاء، 22 أكتوبر 2008

الحكم المشدد 3 سنوات والغرامة للمتحرش بنهى .. شكرا يا نهى

كتبت شاهيناز عبد السلام تعليقا على خبر معاقبة المتحرش بنهى رشدي : شكرا يا نهى .. وانا كمان أقولك يا نهى .. شكرا .. لانها تختصر كل الكلمات التي يمكن أن نقولها عن الموقف الشجاع والمهم اللي وقفتيه..أرجو أن تقرأ نهى كلماتي هذه ..

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2008

من تاني .. خطوات جديدة

خطوات جديدة رائعة رحاب بسام ، وسامية جاهين ، خطرت ببالي في ليلتي هذه ، أشعر أن روحي تحتاج لرفقة هادئة ، ثرثرت مع أختي ابتسام حتى غلبها النوم ، تركتها غصب عني، أشعر بحاجة أكيدة للأنس بصداقة جميلة جمال كلمات رحاب، ودافئة ومليئة بالعزيمة والأمل كصوت سامية ، أكتب وأستمع للنص للمرة الرابعة الليلة:" ... المرة دي اليوم الشمس .. أخدت بنت خالي وأخويا..هما الاتنين جايين من أماكن برد، والشمس كويسة ليهم. الشمس دايماً كويسة لينا. ساعات بأحس بالشمس داخلة على قلبي عِدل. أنا كنت عاوزاهم يخزنوا شوية شمس في قلبهم علشان الأيام المغيمة اللي جاية. الشمس يومها كانت كريمة معانا والجو كان ذوق. اتكلمنا كتير، وعيطنا، وحضنّا بعض، وشربنا عصير قصب. حسينا بعد كده إن كل حاجة مهما كانت وحشة هتعدي. دلوقتي كل ما أفتكر الجبل ده أفتكر اليوم الشمس ده. كل حاجة هتعدي طالما الشمس في قلبنا. كان لابد من غروب جديد ينسيني القديم " أترككم لتستمعوا إلى خطوات جديدة

التحرش .. نقاط محددة

أحرص على متابعة علامات عمرو عزت ، اليوم وضع عمرو حوارا مهما نشرته جريدة اليوم السابع مع نهى رشدي وهي فتاة تم التحرش بها من أحد المارة ، وقد جاهدت حتى قادت المتحرش إلى الشرطة ، رغم استهجان الناس حولها ، الحوار مهم في تقديري، وشجاعة نهى تجعلني أشعر بالإصرار على أن أكون إيجابية مثلها ، حديث نهى عن قصور مفهوم التدين لدى الناس ، هزني كثيرا ، لأن نهى وضعت يدها تماما على الجرح ، أن تلام من وقع عليها الاعتداء إذا أصرت على أخذ حقها هذا فعل مرتبط تماما بثقافة مجافية للدين ، كرستها نصوص دينية فهمت في غير سياقها ، ذكرني ذلك بمن يبحلق في وجه النساء في أسواقنا أو حتى الحرم الشريف ويقول بكل عنجهية غطي وجهك يا امرأة ، أفكر الآن أليست بحلقته تلك هي نوع من أنوع التحرش ؟ أشعر بأذى حقيقي الآن ، وأسئلة عدة تتبادر إلى ذهني ، وأريد أن أحصل على إجابات محددة وواضحة لها ، ما هي أشكال التحرش ، وكيف أتصرف حيال متحرش لم يشهد أحد فعلته سواي ، وما هي الإجراءات القانونية التي تسندني في حال وقوع تحرش ما علي . ما هو المتاح حاليا في مجتمعنا لحماية نفسي من التحرش ، أو التصرف الملائم لردع المتحرش ، ما الذي ينقصنا من إجراءات قانونية أو مجتمعية للتعامل مع هذه الجريمة. أسئلة تحتاج إلى الإجابة أولا ، ثم الفعل الإيجابي

الأحد، 19 أكتوبر 2008

غربة الراعي .. شوق ولد الليلة

ولد شوقي الليلة إلى قراءة :" غربة الراعي " السيرة الذاتية للدكتور إحسان عباس رحمه الله – توفي عام 2003م - ، فسطور قليلة من مقدمة كتاب د. إحسان عباس : "شذرات من كتب مفقودة في التاريخ "من منشورات دار الغرب الإسلامي. جعلتني أتوق للتعرف إليه وهذه هي سطوره التي أسرتني- نقلا عن موقع الوراق - :" هنالك كتب يقول من يجوس خلال رياضها:حقاً لقد وقعت على كنوز متعددة متنوعة، لا على كنز واحد. من تلك الكتب تاريخ دمشق لابن عساكر وبغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم. وقد عايشت هذا الكتاب الثاني سنوات طويلة وكنت في كلِّ مرة أكتشف فيه أشياء جديدة. ...وعلى مدى الأيام أصبح كتاب بغية الطلب صديقاً مؤنساً، تارة أفهرس المواد التي أجدها فيه مفيدة لي في أبحاثي، وتارة أحاول ترتيب القرى المذكورة فيه ؟ أرتبها على حروف المعجم وأعرِّف بها بالمقارنة مع المعاجم الجغرافية الأخرى؛ ولكن أكبر ما أقدمت عليه بوحي منه هو التعرف إلى مصادره الكثيرة، وكثير منها نادر. وكان أن أخذت أجمع النقول المأخوذة من كتاب واحد، وأضعها في نطاق، لكي يتمَّ لي تصوُّر المصدر الأصليّ الذي عنه أخذت، ومصادر بغية الطلب تعدّ بالعشرات، ولهذا كان عملي في البداية " ألهية " تؤدي إلى المعرفة وترسخها، ثم تطورت هذه الألهية حين حاولت أن أتجاوز بغية الطلب، وأبحث عما نقل في غيره من هذا المصدر أو ذاك." انتهى كلام الدكتور إحسان عباس مختصرا
ثم إني وقعت عرضا على مادة تعرض لسيرته الذاتية كتبتها سوسن الأبطح لجريدة الشرق الأوسط في 3/8/2003 : فهو يعترف ـ وهذا يجب أن يسجل له ـ بأنه لم يتمكن وزميل عمره الناقد محمد يوسف نجم من أن يلحقا بركب الثورة الحديثة في النقد الأدبي، وما حملته البنيوية والتفكيكية والحداثة وما بعد الحداثة لأن: «هذا كله قد جدّ بعد الفترة التي كنا من روادها ومعاصريها وليس في مقدورنا أن نعيش عصرنا وعصر الأجيال التالية لنا». وما يتحسر عليه عباس، بصدق نادر، ليس الجهل بأمر هذه المدارس التي اطلع عليها هو الفضولي المطارد للمعرفة، وإنما عجزه عن ان يكون داخلها وفيها وجزءاً من ديناميكيتها. فالرجل طموح وجهده الذي أثمر ما يزيد على ثمانين كتاباً ما بين تأليف وتحقيق وترجمة لم يكن كافياً ليخلصه من غصص كثيرة شابت حياته لعل أبرزها تضحيته بنفسه كشاعر وإفناء العمر في دراسة شعر الآخرين كناقد بدل أن يؤرق إبداعه الآخرون ...كم مرة علينا أن نقرأ «غربة الراعي» هذا الكتاب الهادئ الرصين الذي يرفض لغة الإثارة لكن كل حكاية فيه مثيرة للعجب والإعجاب برجل بلغ صدقه حد قبول نقد أحد طلابه في الخرطوم وهو يصيح في الصف: هذا الفلسطيني ما له وما لنا؟ لماذا يشغل نفسه بتدريسنا ابن الرومي، لو كان ذا قدرة لبقي في وطنه يدافع عنه أما جواب إحسان عباس على هذا الاتهام الجارح فقد جاء متسامحاً حد الاستفزاز: صدق عبد الكريم في كل ما قاله، ولم يكن به حاجة إلى الاعتذار، ولو عرفت يومئذ معنى إشارته، لأنصفته أكثر. هذا ما وجدته عرضا عن الكتاب ، ودفعني إلى البحث عنه قصدا ، فوجدته هنا ، وزادتني مقدمته المنشورة على الموقع شوقا للتعرف على هذا الإنسان الذي جمع بين غزارة العلم وجمال الروح ..رحمه الله رحمة الأبرار ..وصباحكم صفا

السبت، 11 أكتوبر 2008

سماحة السيد محمد حسين فضل الله : أحرم سب الصحابة

ليس الحديث عن تحريم سب الصحابة هو المعلم الأبرز في هذه المقابلة التي أجراها د. عبد العزيز القاسم مع سماحة السيد فضل الله ، فالمنهجية العلمية ، والخلق الراقي نقرأها في سطور هذا العلامة الجليل، أترككم مع المقابلة لتحكموا بأنفسكم

الجمعة، 29 أغسطس 2008

التفكير بالمقلوب

ضحك عمر ابن أختي ضحكة طويلة ومليئة بالاستمتاع وأنا أطلب منه أن يخلع بيجامته ، ويعاود لبسها بالمقلوب بطريقة نوره ، الطفلة الصغيرة في قصة (سر الصباح ) ، للكاتبة أروى خميس( بتشديد الياء وكسرها) ،من إصدارات دار النبتة أفكر الآن أن أحاول التوصل إلى الكاتبة لأشكرها على الضحكة من القلب التي منحتها لعمر ، ولي تبعا
أفكر في حسناتي الآن ، التفكير فيها يساعدني لأجل الإحساس باسم الله اللطيف ، الكريم، الذي يوفقنا للخير، ثم يثيبنا عليه
كنت أشعر بإنهاك روحي، وجسدي بالغ، فالليالي الفائتة كان النوم لدي فيها متعثرا تماما ، لكني لم أشأ أن أنام دون أن أكتب شيئا ، الكتابة تساعد على شفاء الروح أحيانا
لن أذهب إلى الجامعة في الغد ، فلدي كتابين للشيخين الألباني والبرازي ، وفيهما تخريجات حديثية أحتاج لدراستها ، يبدو أن يوم غد ، سأقضيه معهما ، ومع كتاب ( تدريب الراوي) في مصطلح الحديث، أحتاج تماما لمراجعة ما درسته في هذا العلم ، أشعر ببعض الأسف لأننا في الجامعة لم نوله اهتماما كافيا ، درسنا من الباعث الحثيث لابن كثير ، وكان شيخنا يقول إن علم الأسانيد قد كفانا إياه أئمة الحديث، أجد كلامه صحيح من جهة ، لكن من جهة أخرى كنا نحتاج إلى تدريب ، لأجل استخراج كلام الأئمة في الأسانيد من مظانه، كما كنا نحتاج لكتاب أوسع من الباحث الحثيث. وقد تم فعلا تدريس كتاب تدريب الراوي للدفعة التي جاءت بعدنا
أتعلم يوما بعد يوم احترام المنازل التي تتقلب فيها نفسي، وإعطاء كل منزلة حظها من العناية والوقت والرفق والصبر على الألم ، سألت مرة جدي رحمه الله ما معنى الدعاء الذي نقل لنا عن بعض الصالحين : ( اللهم كبر لنا المشاهد ، وصف لنا الموارد ، وبارك لنا في كل صادر ووارد ) فقال لي كلاما بسيطا وجميلا ، قال لي : هذا دعاء بعلو الهمة ، وصفاء أحوال القلب .. يارب.. وصباحكم صفا..

الخميس، 28 أغسطس 2008

رمضان يحبني

باتت أشياء كثيرة بلا طعم حقيقي ، رمضان قادم بعد أيام ، وأود أن أكون له كما هو للناس كلهم كرما واحتواء وعفوا وغفرانا ، كيف يغفل الإنسان عمن يحبه هكذا ، رمضان يحبني، هكذا أقول لنفسي فكيف لاأحبه حبا يليق به ، أهي عادة الإنسان؟ يغفل عمن يحبه ، ويعتني به ؟ أريد أن أعتني بك يا رمضان ، لأني أحتاجك ، أحتاج حبك ، وحنانك ، وصفاءك ، أفتقد عنايتك بي حقا ، أريد أن أحكي لك أمورا كثيرة ، أريد أن تكون أيامك ولياليك صافية لك ، لن أنشغل بسواك ، أريد أن أرتمي في أحضانك ، وأخبرك كم أفتقد السكينة
أشتاق إليك يا رمضان ، وأشتاق إلى تجليات الرحمة فيك ، ياربي ورب رمضان ألق علي منك ودا ورضا وفتحا في عافية وأكرمني ومن أحب بالاستقامة على نهج الصالحين وأخلاقهم ومثابرتهم

الثلاثاء، 26 أغسطس 2008

انطفاء

حاسة أني منطفئة ، لا أعلم تحديدا لم ، أو لعلي أعلم
كلمت الدكتور خلدون اليوم ، كنت أتوقع أن يقول لي أن نسبة الأثر لابن أبي شيبة كافية في تخريجه ، لكنه ذكر أن ( الأولى ) وهذه عبارته ، ( الأولى ) أن أنظر في الكلام حول سنده ، ودلني على طبعتين محققتين من الدر المنثور ، ومصنف ابن أبي شيبة ، قال لي : راجعي الدر المنثور الذي تم تحقيقه بإشراف الدكتور التركي ومصنف ابن أبي شيبة الذي حققه الأستاذ محمد عوامة فهو غالبا تكلم على الأسانيد نصحني أيضا بمراجعة تخريجات الشيخ الألباني للآثار في كتابه جلباب المرأة المسلمة ، ونصحني أيضا برسالة دكتوراه للدكتور البرازي تتناول لباس المرأة المسلمة .. شعرت بنوع إحباط ، ربما لأني لا أميل للعمل على الأسانيد ، كنت أود أن أسير في ( سكة ) أصول الفقه حاليا ، لكن لا مفر ، من الوقوف على أسانيد الآثار ، صحيح أن شيخي قال لي ( الأولى ) يعني أن الأمر ليس حتما ، لكني لا أرتضي بأن يكون في بحثي ما هو خلاف الأولى سألت شيخي عن ما ذكره الإمام السيوطي في مقدمة تفسيره ، من كونه لم يذكر من الروايات إلا ما ورد في كتاب معتبر، قال لي شيخي د. خلدون : هذا غير كاف، وجود الرواية في كتاب معتبر ، ليس حكما بصحتها أو عدمه . كنت قد قرأت كلام الإمام الشوكاني في مقدمة تفسيره ( فتح القدير) وذكر نفس المسألة : أن ذكر الأئمة لروايات في كتبهم ليس حكما على تلك الروايات حيث لم ينصوا على صحتها . لكني أردت أن أستمع إلى ما سيقوله الدكتور خلدون ، فلعله يزيدني علما في المسألة شيخي د. خلدون مريض عافاه الله ، حزنت كثيرا لأنه مريض، سأطمئن عليه غدا بإذن الله
سأبحث غدا صباحا إن شاء الله عن الكتب لعلي أجدها في مكتبة الجامعة ، كتاب ابن أبي شيبة بتحقيق الشيخ محمد عوامة أنا متأكدة من عدم وجوده لأني بحثت عنه تحديدا فلم أجده ، فلعلي أذهب الخميس إلى مكتبة قسم الشباب من جامعة الملك عبد العزيز

السبت، 23 أغسطس 2008

يا هادي

إحدى صديقاتي قالت لي مرة : أؤرخ لذاكرتي العلمية بما قبل الحمل ، وبعده ، قالت : إن الحمل والولادة والتربية يستنزف كل ذلك الكثير من الذاكرة ، حسنا هذه ليست دعوة مضادة للزواج والحمل أبدا ، لكني متأثرة تماما بمهرجان الطفولة الذي احتضنه بيتنا اليومين الفائتين ، اكتشفت أن لدي قدرة جيدة عموما في استيعاب الأطفال ، والتعامل الرائق معهم ، عرفت ذلك من ( الحضن الجامد ) الذي احتضنتني به زينب بنت عمي وبنت بنت خالتي في نفس الوقت ، قرابة زينب المعقدة لي جعلها تتردد بين عدم مناداتي ، وبين مناداتي بخالة ، واستقرت أخيرا بعد الاقتراب النسبي الذي تم بيننا اليومين الفائتين إلى أن تناديني بخالة ، زينب في العاشرة من عمرها ، وكسب قلبها كان مطمحا لي ، هي وأختها فاطمة
اليوم ظهرا قال لي عمر ابن أختي- عمره سبع سنوات-: سننام الليلة عندكم يا خالة ، قلت له : ايش رأيك مش تنام عند ماما أحسن ؟ نظر لي بهدوء وتأثر وقال : يعني يا خالة ما تبغينا ننام عندكم .. اكتسح قلبي بنظرته وكلمته ، احتضنته وأنا أقول معتذرة : طبعا أحب تناموا عندنا حبيبي .. وحاولت أن أعوضه عن قلة ذوقي الذي اكتشفها بقلبه الصافي أحب الأطفال ، وقلبي يخفق رحمة لهم ، وأحب فكرة أن تصرفي الرفيق معهم سيبني شيئا جميلا في داخلهم ، أفكر في ذلك وأنا أتصرف معهم ، وأحمد الله على المكاسب التي أجد ثمرتها في ابتسامتهم الصافية ، لكن ، ولا بد من لكن هنا ، يبدو أن نمط حياتي القائم على رفقة النفس ، يجعل التواصل المستمر لساعات طويلة أمر مجهد جدا ، سواء كان مع الكبار أو الصغار بعد هذين اليومين ، أجد ( دماغي بيضا خالص) ، أحتاج فعلا إلى تجديد علاقتي بالبحث الذي أعمل فيه ، يفترض أن أذهب إلى النوم الآن ، لكن ( مش هاين ) علي أنام ، وأترك خلوتي بنفسي
رفقة النفس.. كم هو مهم أن تكون صحيحة ، لكي تعطي نتائج إيجابية ، تحدثنا أنا وفاطمة عن ترتيب الأولويات في حق النفس، وكيف يكون درء الرهق النفسي مقدم على الحرص على تواصل مع من ينهكك نفسيا التواصل معه ، الأمر دقيق فعلا ، الموازنة بين حق النفس وحق الآخرين ، مع حرص المرء على أن يكون ( حسن الخلق) ، صفاء ، ونقاء، وبرا ، وعطاء ، المسألة معقدة ، اللهم إني أسألك باسمك الهادي أن تهدينا إلى ما يرضيك عنا من خلق حسن في عافية .. شكرا لوقتكم

الثلاثاء، 12 أغسطس 2008

أنا عاملة ايه؟

سئلت انت عاملة ايه ، صحيح أنا عاملة ايه ؟ هذه الليلة كانت دافئة ومشبعة بكل المقاييس ، دفء العائلة ، الأنس بتألق قريبات لي يدرسن بالخارج ، ويقضين الصيف هنا ، أحضان حقيقية لقريباتي ، أحبهم حقا .. أحبهم بتنوعهم ، واختلافهم ، أحب فكرة أننا عائلة مهما تباعدت خطانا ، لكنا تجمعنا دوما فكرة (العائلة ) والواجب.. ليس واجبا ثقيلا أبدا ، يظهر ذلك متى اجتمعنا .. افتقدت أسماء بنت عمي كثيرا .. لعلها تقرأ سطوري هذه.. بنات خالتي أيضا .. هن الآن في القاهرة .. قلت لسهى : احضرن السهرة التي تقام تأبينا لمحمود درويش ..قالت لي : لا أعتقد .. كم أفتقدكن يا بنات خالتي غدا لدي لقاء موسع مع المذهب المالكي ، انتهيت من المذهب الحنفي، كل المراجع التي بين يدي، وفي مكتبة الجامعة راجعتها ، وانضبطت تقريبا لدي قضية ضوابط الفتوى ، لا ليست كلها ، لكن الجزء الذي كان يعنيني منها ، بعد سبعة أيام سأتم شهرا بعد إجازة الخطة من قبل المجلس العلمي ، وأريد أن أقدم مادة مكتوبة لشيخي .. أعتقد أن العقبة الآن هي في اجتياز المذهب المالكي ، أما المذهبين الشافعي والحنبلي ، فلا أعتقد أن قلقا ما حيالهما سينالني ، لكن لعل كتاب الفروع في المذهب الحنبلي يأتي بجديد ، لا أعلم ، فلم أراجعه بعد ، كنت قد راجعت بشكل مبدئي المذهبين الحنبلي والشافعي ، وتقريبا مطمئنة إلى أن لا قلق منهما في الحقيقة راجعت المذهبين الحنفي والمالكي أيضا .. لكن كتابين من كل مذهب لا يكفي أبدا ولو ابتداء .. لأني بعد أن اطلعت على كتاب د. محمد الحبش وجدت أنه ينقل أقوالا في المذهب الحنفي لم يعتن بها كتاب "بدائع الصنائع"، ولم يتضمنها " الهداية" .. المذهب المالكي بحره غريق جدا ، ودائما أجد نفسي أشيل هم السباحة فيه، لكنه مذهب جميل حقا ، رغم غرابته ، سواء بالنسبة للأحكام أو المصطلحات، بالنسبة لي على الأقل أنا التي تعودت على سلاسة كتب الشافعية والحنابلة.. أفكر أني أتعلم الآن وأنا أبحث ، كيف ينبغي للباحث أن يتحرك ، سأسجل ذلك، تجربتي ، لينتفع بها الآخرون .. سأخصص له تدوينة مستقلة .. إن شاء الله .. كنت سألت من حولي ممن سبقنني وأتممن الماجستير والدكتوراه .. فكن يقلن لي : خوضي الأمر .. ستتضح لك الأمور .. لم أجد نصحا مقننا إلا قليلا.. فعلا يحتاج الباحث الشرعي إلى من يأخذ بيده بمنهاج منظم .. استفدت طبعا من د.خلدون الأحدب كثيرا جدا ، لكن أعتقد أني قصرت في كمال الاستفادة منه أود أن أناقشه فيما توصلت إليه ، لكني أريد أن أنهي شيئا مكتوبا متكامل الأفكار
الليلة أنشدت عمتي قصيدة جميلة في الثناء على سيدنا رسول الله ، وفيها حسن ظن بالله عظيم ، انشرح صدري لذلك جدا ، وتذكرت :" أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" .. ياودود يا رحيم يافتاح . ألق علي منك ودا تظهر بركاته في حسن خلق ، وعافية في العقل والدين والقلب والبدن ، حسية ومعنوية، وارحمني رحمة تغفر لي بها ما مضى مني ، وتعصمني من التقصير خسيسه وعظيمه ما بقي من عمري ، وافتح لي حتى أنتفع بالعلم فتوح العارفين همة ، وبحثا ، وتلقيا، وكتابة ، وتدريسا ، وعملا مقبولا .. وأعط من أحب و ذوي الحقوق علي مثل ذلك ، ومن يقرأ سطوري هذه .. دعواتكم أيضا و تصبحون على خير ..

السبت، 9 أغسطس 2008

قال لي : هل تذكريني ؟

في الصيف اللي فات .. رأيته .. في الخامسة عشرة من عمره تقريبا .. كان واقفا أمام أحد محلات العطور في (الأندلس مول) ، يوزع بطاقات عطرية، لا أدري ما الذي دفعني للحديث معه ، ربما نظرة التردد في عينيه ، راودني إحساس ما ، أنه غير مقتنع بما يفعل ، قال لي : أنا أعمل الآن ، هذا أفضل من أن أضيع وقتي في اللعب في الشارع ، كان يتكلم بلهجة فيها اعتذار ، قلت له وقد تملكني شعور بالرغبة في الاحتواء والدعم : لا تعتذر ، تبريرك يوحي أنك خجل ، لا تخجل بالعكس ، تكلم باعتزاز عن عملك ، العمل فخر لك ، حقا أنا أشعر أني أعتز أني تحدثت مع شاب مجتهد مثلك .. قال لي بطيبة : نعم ، يجب أن أعتز بذلك . قلت له : أكيد
اليوم ، كنت في الأندلس مول، ذهبت لأن فوز استأجرت طاولة ، تعرض عليها منتوجات يدوية لها هي وبعض صديقاتها - كم أحترم دأب فوز – كنت بجوار طاولة فوز – المجهزة بشكل جميل وأنيق- حين كلمني : هل تذكرينني ، التفت إليه ، لم أتذكره ، وجهه يشبه وجه إيهاب جاها – إيهاب أخ عزيز ، كنا نلتقي كل جمعة في مجموعة من الإخوة والأخوات ونتناقش موضوعات مختلفة- قال لي : لا تذكريني ، الصيف الفائت كنت أقف في الدور الأول ، وقلت لي : ( الشغل مو عيب ) ، لقد شجعني كلامك ، وهذا الصيف أنا أعمل أيضا .. كان يتكلم ، وهو يشعر ببعض الخجل ، يا ألله كم فرحت لكلامه ، ومبادرته ، طبعا فوز كانت بجانبي ، وتحمست جدا للأمر ، سألته : في أي مرحلة أنت الآن ، قال : في السنة القادمة سأكمل الثانوية العامة ، وناوي أصير مهندس . قلت له : ممتاز ، الله يوفقك .. سألته هل ينوي التقديم للابتعاث خارج المملكة ، فذكر أنه يفكر في ذلك ، قلت له : إذن تحصن أولا بصلة قوية بالله عز وجل، وصحبة طيبة ، وقراءات تنمي حصانتك الفكرية والإيمانية . أحببت جدا روحه الطيبة ، التي تشع من عينيه ، وهو يتحدث معي، وشكرت له تواصله معي.. تصرف أصيل .. قلت له : أحب أن أطمئن عليك ، سأعطيك رقمي ، سجل : أبله صفية الجفري، أنا أكبرك سنا بكثير، أنت كأخي الصغير، قال : طبعا ، ألم تسمعيني وأنا أناديك يا أبله .. ابتسمت ، وأعطيته رقمي .. وحمدت ربي على هديته إلي ، هذه الهدايا التي قد تبدو صغيرة ، تجعلني أصبح أفضل ، إيمانا بأن أحافظ على نقاوة الكلمة قلبا ولفظا وتواصلا.. بعد دقائق جاءت أمي ، وحكيت لها عن أحمد ، قلت لها : أريد أن أعرفك عليه ، عرفتها عليه .. فلما عدنا إلى البيت : قالت لي : ولد صغير؟ في الثانوية ، وتقولين ولد صغير ، قبلت رأسها وأنا أضحك وأقول : والله يا أمي ولد صغير!تصبحون على خير

الجمعة، 8 أغسطس 2008

حرف القاف

كم كنت أحب هذه الأغنية ، وأجدها مميزة جدا وساحرة ، عندما كنت صغيرة .. فرحت لما لقيتها..هل تذكرون أغنية حرف القاف من برنامج افتح ياسمسم، أترككم معها

البارحة - سعدون جابر

وجدت القصيدة على موقع الشاعر زهير الدجيلي ، وقد غناها سعدون جابر ، وكتبها الشاعر 1974م ، وذلك تصحيحا للمعلومات السابقة وهذا هو الرابط ..تصبحون على خير

البارحة ..حنين عراقي

هذه أبيات للشاعر العراقي .. زهير الدجيلي .. كتبها عام 1976م .. لا أعلم إن كانت قد غنيت هذه الأبيات أم لا .. وجدتها صدفة على هذا الرابط .. لكن للأمانة هناك كلمات لم أفهمها إلا من السياق ..أرجو أن تعجبكم القصيدة كما أعجبتني وهذه هي الأبيات وحنيّت إلك بأكبر همومي , البارحة
حنيّت ألك حّنةّّّ غريب ويذكر أحبابه بعد غيبة وسفر
شايف حنين العمر لأيام الصبا , يتمنى يرجع ساعة لأيام الصغر ؟
شايف حنين الصيف لأيامه إذا جاه الشتا هاكثر يلتم حزن مابين الشجر ؟
شايف حنين الأرض في قيظ الزمن تنفطر ملهوفة على قطرة مطر ؟
شايف حنين الطير من يعود في وقت الغروب لعشّه ومايلقى وليفه , والشمس غابت , ولاعنده خبر ؟
حنيّت إلك .. وردتك تعاشرني ابدال أنجوم كانت سارحة
نجمة تسامرني غصب
ونجمة تكليّ رايحة
البارحة
البارحة , وصيّت إلك .. وياما البحر ضيّع وصايا السفن والسّفانة
وصيّـت إلك
وياما الدهر غرّق أشواق العاشق بأحزانه
وصيّت ألك
وياما الوطن ضيّع عناوين الأحبة ويّ عنوانه
وصيّت الك
وصيّت إلك حتى العصافير الزغار الفرحّت دنيانه
طارت أبشوقي أمغبشه ماخذها الهوى فرحانة
ولمّا ذبل ورد الصبر , رجعت لي مهمومة يعيني وهاكثر حزنانة
وطاحت هموم الليل فوق أجفوني وي مجرى الدموع الجارحة .
والمشكلة , نجمة تسامرني غصب ونجمة تكليّ رايحة البارحة
غنيّت إلك كل الأغاني الليّ تحبها , البارحة
وردتك تجي
وكنت أحسب العشاق يلتمّون عندي البارحة
وبلكت تجي
ولميّت ألك كل الأشعار العندي حتى أحكيلك
أحلى الكلام الليّ يبوس أعيونك ويضوي لك
وردتك تجي
لابس قوافي الذهب كلها الليّ صغتها أبحبك
و حتى أشكيلك ..
أشكيلك من الدهر عّذبني بغيابك , ويزعل من أغنيلك أشكيلك من الغدر
من كثر ألأنذال السرقوا أشعاري ومواويلك
أشكيلك من الدنيا ماترضالي أزرع لك ورد بالوطن وأزهي لك
ردتك تجي ..
لكن الظلمة خيّمت , وأسمع أنين العاشقين ابقلب هذا الليل كلمن فاقد أحبابه غصب , وكل يوم يسمع نايحة
البارحة
البارحة , صوتك أسمعه يعتبّ من أبعيد , أسمعه ..
منين ؟ أصيح أمنين ؟
ياصوت النخل بالريح يبكي ودمعي دمعه
منين ؟ أصيح أمنين ؟
ياصوت الوطن مذبوح , وماكو أحدّ يسمعه
منين ؟ أصيح أمنين ؟
يحبيّب , شقيق الروح , ياحلم المحبة , الغرق في دمعه
ياصوت العراق أبكل سجن مسجون ؟ وياقمرة تطلعه ؟؟
منين ؟أصيح أمنين ؟
كأن الدنيا تبعد وأبعد أوياها وأسمعه
البارحة
والمشكلة , نجمة تسامرني غصب , ونجمة تكليّ رايحة
البارحة

الثلاثاء، 5 أغسطس 2008

هديتها إليّ وهي تكنس أوراق الشجر

عدت قبل أقل من ساعة من بيت خالتي ، اقتصرت على العمل في البحث من الثامنة صباحا إلى الثانية ظهرا ، عدت إلى المنزل بمزاج متكدر بعض الشيء، لا أعلم لم ؟رغم أني أسير بشكل يرضيني والحمد لله ، نمت أقل من ساعة عصرا ، استيقظت بعدها ، ومضى الوقت من غير أن أنجز شيئا ، كنت أخطط أن أفكر مساء في منهجية تخص الجزئية التي أتناولها، لم أفعل ، ذهبت إلى بيت خالتي مع والدتي، لكن حديثي كنت أشعر به باردا لا روح فيه .. تصفحت بعض المدونات ، لم أجد ما يشدني.. أعتقد أن البحث يحتاج إلى نفسية معينة، ليست قطعا هي نفسيتي الليلة ، لا بأس من بعض التوقف، الاستيقاظ السابعة صباحا ، والذهاب إلى الجامعة سيغير الأمر بكرمه تعالى، أتذكر الآن ابتسامة العاملة صباحا وهي تكنس أوراق الشجر المتناثرة ، كانت ابتسامتها مشرقة، تنبهت أيضا إلى أني ابتسمت لها ابتداء أو اقترانا ، يحضرني الآن قوله تعالى ( وقليل من عبادي الشكور) ، وقوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدّث) ، كيف لا تؤنسنا نعم ربنا علينا ، ونسمح للكدر أن يحجب انشراح صدرنا بها ، كان والدي في المكلا يوصيني بأن اقرأ سورة الصمد ، كلما ضاق صدري ، كان يقول لي قد قال الشيخ فلان ، لا أذكر اسمه الآن : سرورنا مؤبد / بقل هو الله أحد .. فكنت أتأمل معاني التوكل ، والثقة بالله تعالى ، التي تعلمنا إياها هذه السورة .. "الله يرعانا" .. الحمد لله

الاثنين، 4 أغسطس 2008

بين عنفين

بعد ساعتين ونصف في المكتبة المركزية في الجامعة ، أحسست أني بحاجة لشرب موكاتشينو ، وأكل بعض الشوكولا، عادة ما ينشطني ذلك ، فالمكتبة باردة جدا ، ولم تفلح احتياطاتي في اللباس في درء البرد عني ، لكن المسافة بين المكتبة و الكافتيريا كانت كفيلة بجعل العودة إلى المكتبة ثانية حلما بعيد المنال بالنسبة لي، كانت الشمس عنيفة جدا، أحسست بالحنق والإرهاق، فمن عنف التكييف في المكتبة إلى عنف الشمس الحارقة .. اتصلت بالسائق طلبت منه المجىء قال لي أنه سيصل عندي الحادية عشرة ، ولأن المسافة بين المكتبة والبوابة طويلة هي الأخرى ، هنا الطول يرتبط بعنف الشمس ، يجعل الدقائق مضاعفة ، ذهبت إلى البوابة ، والتقيت إلهام في طريقي قدرا، كانت قد انتهت من محاضرتها ، تحدثنا قليلا ، والشمس تمارس شرورها على رأسينا ، قالت لي: شكلك مرهق تماما ، قلتلها فعلا ، لن أستطيع الاستمرار.. استيقظت من النوم بعد ثلاث ساعات ولازال عنف الشمس يحيط برأسي .. ستحضر فاطمة بعد قليل من العمل، الساعة السادسة والنصف عصرا ، سنذهب سويا إلى ( الجامعة بلازا) ، أعتقد أن شرب (موكالاتا) مثلج بالكريمة من سينبون سيكون مفيدا آمل أن أستطيع بعدها أن أركز في بحثي .. اليوم اكتشفت قولا جديدا في المذهب الحنفي في مسألة الحجاب، يحتاج هو الآخر للتحقيق ، لم أجد الجزء الأول من فتاوى قاضي خان ، والطبعة التي وجدتها للمكتبة الحقانية في بيشاور أشعرتني بروح الكفاح ، فهي مكتوبة بخط اليد ، لا أعرف اسمه خط متداخل ، ديواني ربما، أحتاج أيضا إلى ضبط مسألة نقل الأحكام إلى الناس ، لم يكون المفتي وصيا بأن يوصل إليهم رأيه ،وإن كان مجتهدا ، إذ أن اجتهاده ليس بأولى من اجتهاد غيره ، فلم يقال أنه لا بد أن يفتي بالراجح عنده أو حتى معتمد المذهب، الأقوال بالنسبة لغير المتخصص سواء، المجتهد أو المرجح يرجح لنفسه لا لغيره ، هكذا أفهم الأمر إلى الآن .. وأحتاج إلى مراجعة ذلك ذهبت ، استغرق المشوار نصف ساعة تماما ، تركت الجهاز مفتوحا ، وعدت الآن لأكمل المدونة.. فاطمة قالت لي : لو أردت تقليد قول ما في الحجاب خلاف الأقوال السائدة ، سأوصم بالتساهل، قلت لها هناك فرق بين أن ندرك المساحة التي من حقنا التحرك فيها ، وبين التحرك فعلا ، هنا تدخل اعتبارات أخرى ، أيضا من حقنا أن نراعيها أو لا نفعل ، لكن المؤلم أن نحجب عن الناس الحقيقة كاملة ، لا زلت لا أفهم ذلك ، ربما يتبين لي ما يجعلني أغير رأيي ، لا زلت أبحث.. سأحاول أن أستثمر الوقت .. الموكولاتا بجانبي كصديق طيب .. مساكم إنجاز

الأحد، 3 أغسطس 2008

مساكم دفا

صباحاتي هذه الأيام تبدأ بفطائر هايبر بنده ، وشاي من بيت الدونات ، ورفقة منزوية في المول الصغير( الجامعة بلازا) قريبا من بيتنا .. هل اكتشفتم الفطائر في هايبر بنده باللبنة والجبنة الساخنة ؟ هذا اكتشاف أعطى صباحاتي بداية لطيفة حقا..كنت أطلب اللبنة بالزعتر عادة .. بالأمس رأيت الخباز يعد فطيرة جبنة باللبنة ، شكلها شهي جدا، قلت لفتاة كانت بجانبي : هذا طلبك مش كده؟ شكلها لذيذ جدا .. قالت وعيناها تبتسم ( كانت منتقبة) : فعلا لذيذة ، أنا أجي مخصوص عشان أفطر هنا، أنصحك بها .. الناس تكون رايقة الصبح عادة ... حسنا رفقتي لنفسي اليوم لأعترف أنها لم تكن مؤنسة بشكل كامل ، تمنيت لو لدي صديقة أثرثر معها ثرثرة فيها دفا القرب .. اتصلت بإلهام لكنها لم ترد .. غالبا هي المحاضرة .. عندها ترم صيفي.. فكرت اليوم أن هذا السوق الصغير يتعلم الناس فيه قليلا قليلا أن يحترموا استقلالية المرأة ,, أعتقد أن حينا التقليدي جدا بدأ يتعود على بنات يسرن منفردات أو في مجموعات .. تختلف أنماط حجابهن لمن نثرثر إلا لأعز الناس لدينا ؟ بالأمس أخطأت تقدير حاجة والدي ( للثرثرة) عادة يحب أن نجلس إليه ، ونأكل سويا ، وندردش ، لكنه بالأمس فاجأني لما طلب مني السكوت فجأة على العشاء، أصلا لم أكن جائعة جلست فقط طلبا للأنس ، كان موقفا محرجا ، اعتذرت وانسحبت ، وحاولت أن لا أظهر تأثري، والدي لا يتصرف هكذا عادة ، لا بد أنه مضغوط جدا ، هكذا فكرت ،هو دائما يقول لنا أننا نبره إذا جلسنا معه ، وتحدثنا إليه .. لم نتحدث طوال اليوم ، لكنه أرسل لي عصرا رسالة على الجوال فيها كلمة واحدة : (سامحيني) .. تأثرت حقا ..أجبته : لا عليك ، ( انت تمون) يا بابا ، بل سامحني لأني أثقلت عليك
أفكر أني صرت أثرثر كثيرا هذه الأيام ، أكثر من العادة يعني ، أشعر ببعض السخف، خاصة مع بعض أصدقائي، عندما تكون مقبلا بكليتك ، تشعر حقا بالسخف إذا وجدت أنك متحمس ( زيادة ) عن اللزوم.. فمشاعرك ووقتك الذي تشارك به صديق ما تجد أنك كأنك تهديها إحساسا بالجفا .. أنت لا الطرف الآخر .. في المقابل هناك أصدقاء يعطونك اهتمامهم كله ، لكن القدر يأبى أن يجمعك معهم ، هكذا أنا مع نور صديقتي، كلما اتصلت بي لا تجدني ، والعكس .. سأتوقف عن الثرثرة الآن لأبدأ ثرثرة أخرى مع نور ..أرجو أن أستطيع محادثتها ... مساكم دفا

السبت، 2 أغسطس 2008

أتأمل تغيري

كنت في المكتبة ( الكنز) التي اكتشفتها في ( حارتنا) ، هي ( كنز) لأني بحثت طويلا عن ( تيسير التحرير) ولم أجده إلا فيها ، سألت عن تيسير التحرير فقال البائع : انتظري سأرى إن كان موجودا ، فما كان من أحدهم الذي يبدو أنه زبون دائم في المكتبة إلا أن قال : نعم هو موجود ، تفضلي .. وتقدمني ، وأخرج لي مجموعة من الكتب قال لي هذه أيضا جيدة ، قلت له يغني عنها تيسير التحرير ، قال : في البحث لا يغني كتاب عن آخر، قلت له : معك حق ، لكن أريد أن أكون مكتبة الآن من الكتب الأساسية ، سألت عن كتاب القطع والظن للدكتور سعد الشتري ، فتطوع الزبون ثانية لما سمع إجابة البائع بنفي وجود الكتاب ، وقال : توجد كتب كثيرة تتناول الظن والقطع ، قلت له : أين ، دلني عليها من فضلك ... قال : عندي في مكتبتي ، لم أكن ألتفت إليه وهو يكلمني من قبل ، لكني فعلت لحظتها ، لا يلبس عقالا ، وثوبه قصير ، ولحيته طويلة نسبيا ، هذا المظهر ينبىء عن عقلية تتبنى خطا معينا في التعامل بين الجنسين ، قد أكون مخطئة في الربط بين الأمرين أو تعميم ذلك الربط ، لكن في لحظتها تبادر لي أني لا بد أن أكون حذرة ، فأنا لا أعرف كيف يفكر، فكرت لو آخذ رقمه ، وأستعير الكتب منه ، لكن هذه الفكرة كانت خاطفة دفعها بشدة مظهر الرجل ، وتقاليد المجتمع ، وبالتالي لم أرد عليه ، تجاهلته تماما ، حتى أني لم أشكره ، كانت قلة ذوق مني ربما، عدم شكره أعني ، لا أعلم، أنا ارتبكت لحظتها فحسب.. أدهشني تصرفي ، عادة أتصرف من واقع قناعاتي ، ورؤيتي للأمور ، لكن يبدو أن مجموعة من الصدمات جعلتني أتغير ، لم أدرك هذا التغير إلا حين تصرفت بمثل ذلك التحفظ ، أذكر أن أحد أساتذتي في الجامعة ، الذين أحترم فكرهم كثيرا ، ولم أدرك عمقه إلا بعد أن تخرجت بسنتين تقريبا ، المهم أستاذي هذا قال لي مرة : أنت متحررة يا صفية ، صدمني كلامه ، لأني وجدته مناقضا ل( تحرره ) الفكري ، كانت كلمة ( متحررة ) منه ، فيها انتقاد لم أفهمه ولم أقبله ، قلت له : لماذا ؟ هل لأني أكشف وجهي ، قال لي : ليس ذلك فقط ، أنت لا تتحرجين من المناقشة ، وإبداء رأيك ، عادة البنات لا يناقشن هكذا ! قلت له : وهل في مناقشتي ما يعيب ؟ ألست أتحدث في أمور تتعلق بدراستنا أو حقوقنا كطالبات ، قال : نعم ، لكن هذا غير معتاد .. تأثرت جدا يومها ، وحكيت لوالدي ، تأثر والدي أيضا ، أستاذي هو صديقه الحميم ، حكيت لوالدي لأني أردت أن أضعه في الصورة ، وأني متمسكة بما أنا عليه ، لأني لا أجد أني أفعل جرما ، لأني أتصرف بقوة مع أساتذتي ، هذا لا ينافي الحياء هكذا قلت لوالدي فيما أذكر ، احترمت احترام والدي لطريقتي في التصرف رغم أني أعلم أنه يفضل ربما أن أكون خجولة كلمت أستاذي قبل فترة لأسلم عليه ، قال لي أنه اطلع على مدونتي ، وأنه يجدني كما أنا في كتاباتي.. نفس البراءة ، والدهشة ، هكذا قال ، ربما يقرأ سطوري هذه الآن ، فضلك علي علما ورعاية في غربتي في المكلا لا يمكن أن أنساه يا د. عبد الله ، وسطوري آنفا ليست عتبا بل تأملا بالمناسبة د. عبد الله ، لو سنحت له الأيام بأن يفرغ للكتابة والتأليف ، أو حتى المحاضرات العلمية ، فأنا متأكدة أنه سيضيف الكثير ، عميق جدا ، لكن مشكلته أن لا وقت لديه، أتمنى أن أجلس إليه إذا زارنا ، لكن التقاليد لا تسمح بذلك ، لم أجرؤ على طرح ذلك أمام والدي أو لعلي طرحته فرفض لا أتذكر تحديدا ، رغم أني أجد أنه من المنطقي جدا أن أجلس إلى أستاذي إذا زارنا أذكر أننا درسنا معه فقه الزينة من المجموع شرح المهذب للإمام النووي، وأذكر أنه لما قرأنا كلام الإمام الغزالي عن كراهة الحلق للحاجبين ، وأن التحريم يتعلق بالنتف، قال لنا أستاذنا ( باللهجة الحضرمية): الغزالي فك عليكم، يعني يسر لكم الأمر ، فلا حرج في تقليده (بالمناسبة د. إلهام باجنيد لها بحث جديد عن التجميل مهم جدا نشر في مجلة البحوث الفقهية أعتقد أنها ستضعه على موقعها ). وأذكر أيضا أنه كان ينبهنا إلى أن الحواشي الفقهية فيها ما لا يقبل من البعد عن روح النص ، وأنهم جعلوا نص إمامهم بمثابة نص الشارع ، وتراكمت نصوص من أقوال الرجال ، بعيدة عن روح التشريع ، ونور النص الشرعي أعيش هذه الأيام جمال ( الاكتشاف) على المستوى الشخصي والعلمي ، أكتشف نفسي ، أصادقها ، أتعلم ذلك من جديد ، شعرت أني اغتربت عنها كثيرا .. وعلى المستوى العلمي ، كم هي مبهرة بالنسبة لي اكتشافاتي في المذهب الحنفي، ذهبت اليوم إلى المكتبة ( الكنز) فوجدت كتابا مهما للأستاذ أحمد سعيد حوى ، رسالة ماجستير، المدخل إلى مذهب الإمام أبي حنيفة ، ساعدني كثيرا على موازنة الأقوال ، بكيت عندما قرأت إهداءه لوالده الشيخ سعيد حوى ، أذكر أني كنت أقضي الساعات الطوال في الاستماع إلى أشرطته ، بعد تخرجي من الثانوية ، ورافقني كتابه تربيتنا الروحية وقتا طويلا ، كنت أحبه جدا ، وأدعو له ، حتى أني رأيته أكثر من مرة في المنام ، رحم الله الشيخ سعيد حوى ، وبارك في ذريته ومن يحب .. سأستيقظ مبكرا إن شاء الله لأذهب إلى مكتبة الجامعة ، أحتاج إلى مراجعة ( الفتاوى الخانية ) لقاضي خان من علماء الحنفية ، وكذا كتاب الاختيار، أتمنى أن أجد الكتابين .. تصبحون على خير

الخميس، 31 يوليو 2008

مساحة ما للحزن

كسنوات الطلب الأولى ، كانت مكالمتي اليوم مع د. شادية ، طرحت عليها قراءاتي في النصوص الشرعية والفقهية، كانت تستمع لي بإنصات ، وأقرتني على ما وصلت إليه، وأكدت علي على حرص على التوثيق لكل ما أكتب، لئلا يحمل كلامي على غير وجهه ، ناقشنا جزئيات صغيرة عن (الحجاب) لكنها مهمة وواقعية جدا ، كم هو الشرع رحب ومستوعب، اطمأننت إلى أني أسير بشكل صحيح ، الحمد لله ، الصورة تجتمع أجزاؤها بشكل جيد ، بتوفيقه تعالى ، نعم هناك مسائل تأصيلية تحتاج مني إلى بحث -وافتتحتها بحاشية ابن عابدين ، ثم بتيسير التحرير لأمير بادشاه ، أحب الكتابين بالمناسبة ، وتيسير التحرير من كتب أصول الفقه الجامعة بين الطريقتين - لكني أسير بفضل الله بشكل صحيح وأفكاري رغم كونها معقدة ومتشابكة لكنها ستصنع بناء متينا وواضحا إن شاء الله
ذهبت إلى الاجتماع الأسبوعي في بيت خالتي ، فعقلي توقف عن الاستيعاب بعد خمس ساعات تقريبا ، نفسيا أيضا يغلفني حزن ، يجعلني غير قادرة على التخلص من غصة في حلقي، الارتماء في حضن العائلة يخفف الكثير من الضغط، لذلك حرصت على الحضور اليوم ، أيضا اشتقت إليهم،والآن عدت إلى حزني، الذي يصر على أن يرافقني كلما خلوت ، لا أريد أن أنام ، رغم أن النوم يداعب جفوني
استمع إلى فيروز ، كيفك انت ، جميل حديثها عن عدم تحليلها لكلام من تحب ، ثم ابتعادها عنه لأنها كانت ظاهرية في فهم كلماته لها أعتقد أن المرء بحاجة إلى أن يصادق حزنه ، يسمح له بمساحة ما ،على أن لا يستغرقه ، ثم يفارقه ليعيش نوما أو استيقاظا

الأربعاء، 30 يوليو 2008

عن مفاتيح الفقه الحنفي أبحث

عن مفاتيح الفقه الحنفي أبحث .. هذا البحث إما سيقودني إلى تأكيد الفكرة التي كنت أجزم أنها من المعلوم ضرورة من الدين عن وجوب تغطية ما عدا الوجه والكفين والقدمين ، أو يجعلني أراجع هذه الفكرة ، ويفتح آفاقا جديدة للفهم ، المهم هنا هو تصحيح النية ، والتأني في البحث ، والنظر ، والتلقي عن عالم متمكن، والدعاء بالتوفيق والسداد .. منذ قليل كنت أقرأ في شرح فتح القدير للإمام ابن الهمام ، وقبله في مبسوط الإمام السرخسي ، الكتابان ( دمااااغ) ، لكن غدا- إن شاء الله- سأبحث في مسألة الروايات المقابلة لظاهر الرواية عندهم ، ما هي منزلتها من حيث السند ، والقبول والرد ، والله المستعان ,, عمي مرتضى اليوم أوصاني بأن أكثر من تلاوة قوله تعالى : ( رب اشرح لي صدري ، ويسر لي أمري) .. اللهم لا تكلني إلى نفسي أو إلى أحد من خلقك طرفة عين ولا أقل من ذلك ، وقني شر نفسي والهوى ..ولا تنسوني من صالح دعائكم ...

الأحد، 27 يوليو 2008

الحجاب وصداع الفكرة

أحاول أن لا أجاوز الواحدة صباحا سهرا، لكن أمس كان استثناء، تفسير البحر المحيط للإمام أبي حيان الأندلسي أرشدني إلى طرف أحد خيوط مسألة ( الحجاب) ، ولم أستطع النوم ، رغم النعاس ، فضولي لإتمام كلام العلماء في التفاسير المتوافرة لدي حول ( آيات الحجاب) منعني من ذلك ، كانت الثانية إلا ربعا تقريبا عندما ومضت لي فكرة جديدة ، الصداع يمسك برأسي ، لكني أفكر ، الفكرة كانت تقاوم لتهديني إياها بشكل متماسك ، ظهرت بشكل قريب من التماسك ، أخيرا ، سجدت لله شكرا ، بدون ( خمار) ، وفقا لمذهب الحنابلة ، لكني أحتاج لمزيد من التفكير فيها، أجدني اليوم غير قادرة عليه ، فالصداع لازال يلازمني ، ولا يقوى على جهد مماثل للذي بذلته بالأمس .. أردت أن أبحث (الحجاب) بتجرد محض ، ونظرة هادئة ، لا أسقط أفكاري على النص ، وإنما أجتهد في القراءة ( الحرة ) ما استطعت ، وبقدر احترامي لمناهج الأصوليين والفقهاء ، بقدر ما حرصت على أن لا يقف هذا الاحترام حاجزا أمام تفكير ( حر) في كلامهم في تفسير النصوص ، كنت خائفة في داخلي من الوصول إلى نتيجة مغايرة لما هو ثابت عن العلماء وإجماعهم ، تذكرت قوله تعالى ( إنه فكر وقدر . فقتل كيف قدر . ثم قتل كيف قدر . ثم نظر . ثم عبس وبسر. ثم أدبر واستكبر. فقال إن هذا إلا سحر يؤثر) ، دعوت الله أن لا أزل ، وأن يهديني لما اختلف فيه من الحق بإذنه ، وفي نفس الوقت دعوت الله أن يجعل تفكيري ( حرا) إلا من طلب ( الحق ) ، و( الحق ) وحده . لماذا أكتب ذلك ؟ لأني أردت أن أقيد ( سجالي) مع نفسي في هذه المرحلة ، القراءة الأولية للآيات وكلام المفسرين والفقهاء ، أوصلتني إلى أن الحجاب زي مرتبط بالبيئة ، وصورة ( العفاف ) فيها ، لكن مزيدا من النظر أوصلني إلى نتيجة مغايرة ، لن أتعجل الأمور الآن ، سأبحث أكثر ، فلا تنسوني من صالح دعائكم ..

السبت، 19 يوليو 2008

محمد الذي نعايشه ردا على مقال د. باتريشيا كراون محمد الذي لا نعرفه "

محمد الذي نعايشه .. هو رد الدكتور قاسم عبده قاسم على مقالة د. باتريشيا كراون محمد الذي لانعرفه .. وأنا أجد الرد قويا ومتماسكا لا سيما مقدمته..وبمثل هذه المناقشات العلمية يذب حقا عن سيدنا رسول الله .. ذكرني هذا بمهرجان النصرة الأخير الذي أذاعته الرسالة .. فيه أناشيد جميلة .. لكني كنت أفكر أن الأناشيد تركز على الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولو ركزت على الخلق النبوي وكيف نعيشه في حياتنا بمفردات واقعنا لكان هذا أقرب إلى الفعالية ) والله أعلم لكن يظل كل من اجتهد له )
فضله
أترككم مع المقالة القيمة في تقديري

الثلاثاء، 8 يوليو 2008

في وجه التبسيط

في وجه التبسيط مقالة أعجبتني للدكتور البكار.. أكثر ما أعجبني هو الطريقة السلسة في عرض الفكرة .. لعلي أعود لمزيد تعليق
وأترككم مع رابط المقالة ، مع التنويه أن رابط الجزء الثاني من المقالة لم يعمل عندي وشكرا للأستاذ علاء البرنجي الذي أرسلها لي

الاثنين، 7 يوليو 2008

كتكوتة

بمناسبة كلامي عن ( الكتكتة) .. ذكرت لي صديقتي إلهام اليوم بيتا من الشعر قرأته مرة ، لذيذ جدا ، أحببت أن أشارككم به كتكوتة في الهوى .. سبحان من كتكتك

الأحد، 6 يوليو 2008

حول تاريخية التفسير القرآني

وعدتكم أن أكتب عن كتاب ( تاريخية التفسير القرآني) للأستاذة نائلة الراضوي من إصدارات المركز الثقافي العربي ، والآن أفي ببعض وعدي ، لأن الكتاب يحتاج إلى وقفة أطول وأعمق. منهج الكاتبة كما كتبت هي، يتلخص في نقاط ثلاث النظر في مدى تولد الحكم من النص القرآني . تتبع سيرورة الحكم في التاريخ . الإجابة عن مدى التزام المجتمع بتطبيق النظرية الفقهية . الكتاب صعب بالنسبة لي، رغم أنه مشوق تماما ، ظللت أقرأ وأنا أظن أني أفهم ما أقرأه ، بعض الشيء، ثم تبين لي أن الأمر معقد ،راسلت الشيخ سلمان العودة ليقرأ الكتاب ، ولم يرد علي، شعرت أن الكتاب يحتاج إلى وقفة من عالم متخصص في الشريعة . الأفكار التي تقولها الكاتبة كنتيجة ، لا أستطيع فهم كيف توصلت إليها من خلال قراءتها لتاريخية التفسير القرآني المنهجية في نقد مراحل سير الحكم من زمن الصحابة إلى الآراء الفقهية التي استقرت عليها المذاهب ، هذه المنهجية ليست واضحة بالنسبة لي ، هناك تكثيف للأفكار ، وضغط لها ، بشكل يجعلني عاجزة عن الاستيعاب الكامل ، فضلا عن كون النقد الموجه لمناهج العلماء يحتاج إلى دراسة مفصلة لفهم مدى إحكامه أو تهافته . أعتقد أن دراسة كل موضوع على حدة ثم العودة إلى ما سطرته الكاتبة وقراءته بتأن ربما يكون مفيدا . لكن هنا مجموعة من النقاط التي أحب أن أشارككم بها، وغالبها كنت قد توقفت عندها من قبل نتيجة قراءتي التراثية ، وجاء الكتاب ليؤكد حاجتي إلى دراستها :

ليست كل الأسئلة مجابا عنها في الفقه الإسلامي . وبعض الأحكام تبدو متناقضة

أثر المجتمع على رؤية الفقيه في انتقاء الأخبار وترجيحها

كلام الكاتبة حول أن فهوم الصحابة تختلف عند نقل النص بالمعنى ، ودور ذلك في إقامة حاجز بين النص ومراداته الأصلية ، هذا الكلام لا يصح جعله ناقضا للسنة ، لأن الصحابة هم الذين ارتضاهم الشارع للنقل ، وعليه ففهومهم معتمدة

الإجماع ومستنده هل هو عرفي متغير، أم هو سماع من الرسول صلى الله عليه وسلم

السياق ودوره في دلالة النص

تساءلت الكاتبة عن غياب لفظ " الأسرة " من مصنفات التفسير والفقه . وتحدثت عن أن طبيعة الحياة تجعل الزوج متنقلا ، مما ينتج عنه أن ( لا تجتمع هذه النوى في مصر واحد، وتفسر هذه الملاحظة وجود بعض النوازل ، مثل الرجل الذي يتزوج أخته ولا يعلم ) ثم إنها بعد استدلالات أخرى متعلقة بدور ملك اليمين والولاء خلصت إلى أن المجتمع قائم على الرجل ، وإن أعطي اعتبار في العلاقات بين العشائر فإنما هو قائم على " الأولياء" ، وغابت بذلك المرأة من جميع المقالات تفسيرية كانت أو فقهية باعتبارها كائنا حيا، فتجردت من أنوثتها ، ونظر إليها وقد اختزلت شرف العشيرة أو الزوج ، فحفظت في حجاب، واعتبر النظر إليها دنسا يلحق الزوج أو العشيرة . كما تحدثت الكاتبة عن عجبها من أن المرأة قبلت هذا الوضع ودافعت عنه ، وأن قبولها هذا في حقيقته مظهر من مظاهر البحث عن الحماية والاستقرار. نحن نحتاج حقا إلى تحرير لمفهوم الاستقلالية ، والحضور المجتمعي ، كلام الكاتبة هنا يختزل رؤيتها في هذا الأمر ، التي لا أوافقها في جميع جوانبها ، وإن كنت أوافقها في فكرة أن قيام المجتمع على الرجل له آثاره التي ساهمت بشكل بارز في تغييب المرأة كشريك كامل في اختيارات الحياة في( عموم) مقالات المفسرين والفقهاء. واخترت لفظ ( عموم ) هنا لأن القاعدة الأغلبية أن ما من عام إلا وخصص. والله أعلم

ولعله أن تكون لي عودة أكثر ثراء مع الكتاب ، مع عزمي على إعادة قراءته ، بعد أن أبحث في كلام العلماء ، وأصبح أكثر تمكنا في فهمه ، في المسائل التي تطرقت لها الكاتبة

..صلاة الجمعة ومسؤولية التغيير

كتب عمرو عزت أن الدكتور عبد الوهاب المسيري -رحمه الله- لم يكن يحضر صلاة الجمعة ، لأنه لا يريد أن يضيع وقته في الاستماع ل" هؤلاء الخطباء" .. يبدو هذا لي متناقضا مع المسيري كرجل "تغيير" إن صح التعبير، ذكرني موقف د. المسيري بكلام للأستاذ حسن شاهين* : حكى أنه كان يخطب في صلاة الجمعة ، ويتكلم كلاما حادا حول تفشي المنكرات ، لا أتذكر الموضوع الآن ، لكن كان يتحدث عن مسائل مختلف فيها، وينزلها منزلة المتفق عليه . قال الأستاذ حسن : بعد الصلاة ، ناداني فضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه ، وكان حاضرا الصلاة والخطبة ، وكان قد درسني في الجامعة ، وكنت أعرف له فضله وعلمه . قال الأستاذ حسن : وكلمني الشيخ عبد الله برفق، وبصرني بالصواب ، ووجهني بأدب العالم ، وتواضعه . قال الأستاذ حسن : لقد غير هذا الموقف حياتي تماما . وانتظم بعدها في دروس للشيخ أو كما قال ، وفارق ما كان عليه من تشدد. ماذا لو أن د.المسيري –رحمه الله - وكل من لديه تحفظات على الخطل الذي يقدمه بعض الخطباء أو حتى كلهم، حضر الخطبة، وتحرك الجميع لأجل مناهضة الخطب الضحلة ، ألا يستحق هذا الأمر نضالا ، كما النضال ضد أي شيء فاسد آخر، إذا كنا مؤمنين بصلاة الجمعة كمحطة لمعان كثيرة جيدة وراقية ، فلماذا نوكل مهمة ذلك إلى خطيب الجمعة فقط ؟ ماهي مسؤوليتكم يا ( رجال) تجاه ذلك ؟ ثم كيف نشيح بوجهنا هكذا عن ( الفرائض الثابتة) ؟ لا أفهم حقا لماذا لا يولى هذا الأمر عناية حقيقة ، ليس فقط كمسؤولية دينية ، لكن كمسؤولية دنيوية إن صح الفصل هنا بين ما هو ديني ودنيوي ، فالتجمع الأسبوعي له فوائده المحققة إن أحسن استثماره وتوجيهه ، ولو انحصرت تلك الفوائد في توجيه القلوب نحو أخلاق أفضل ، وتعاملات أرقى
رحم الله الدكتور عبد الوهاب المسيري ، فقد كان من علماء الأمة وفضلائها، وقامته لا تفتقر إلى شهادة مثلي، لكن كل يؤخذ منه ويرد عليه فلا عصمة إلا لنبي
* الأستاذ حسن شاهين أحد الدعاة من الحجاز، وقد قدم في رمضان برنامجا للأطفال يتناول السيرة النبوية عن طريق زيارة الأماكن والآثارالنبوية عرض على قناة الإم بي سي وكان الصغار في العائلة يهتمون بمشاهدته جدا

السبت، 5 يوليو 2008

صباح الخير يا أمل

الساعة الآن الرابعة فجرا ، كيف سأستيقظ للذهاب إلى الجامعة ؟ لكني عازمة حقا على ذلك بكرمه تعالى ، يا ألله كم كان يوما قاسيا في نهاره ، لكن الليل كان صديقا مؤنسا لي ، الله أراد أن يبتسم لي القدر ، وقد فعل ، دفا الأهل لا تصمد أمامه رياح الوحدة ، والنفس الكسيرة ، والإحباط ، والسخط ، مهما كانت تلك الرياح عاتية ، وغير منطقية ، سيقابلها ( لا منطق) أشد قوة بحنانه ، يجعلنا لا نلتفت إلا لمن يحتوينا بصدق ، ويحبنا بكل ارتباكاتنا ، ونزقنا ، وانطفاءاتنا .. الحمد لله

الخميس، 3 يوليو 2008

أكبر من الكلمات .. رحم الله د. عبد الوهاب المسيري

المسيري رحل وما غاب ، عنوان لملف كامل عن د.المسيري في إسلام أون لاين ،أفكر كيف يفوتنا الكثير عندما لا نستثمر وجود العلماء بيننا لنتعلم

الثلاثاء، 1 يوليو 2008

خيارا لا عسفا

يتحدث كثيرون عن احترام الأعراف ، ويغيب عنهم أن الاحترام ينبغي أن يكون خيارا لا عسفا ، وإلا تحول العرف إلى تشريع حاسم ، وهذا مناقض لظنية النص الذي استند العرف إلى بعض دلالاته

تخيل

اقرأ في كتاب : " تاريخية التفسير القرآني" للأستاذة نائلة الراضوي ، لست بصدد الحديث عن الكتاب الآن الذي استفزني كما لم يفعل كتاب آخر منذ زمن ، لكن خطرت لي فكرة ، لا علم لي بمدى تماسكها ، أنا أفكر الآن ، دعونا نتخيل فقيها نشأ في مجتمع العلاقة فيه بين الجنسين تقوم على الندية، وهو مجتمع يختلط فيه الرجال والنساء ، اختلاطا يتم فيه التمييز بين علاقات الصداقة والعمل والزواج ، هذا الفقيه ستكون نفسيته مختلفة عن فقيه آخر - ودعوني أقدم صورة مقابلة – نشأ في بيئة تقصي المرأة ، وتعتبرها تبعا للرجل ، تستمد كينونتها من هذه التبعية . كيف سيقرأ الفقيه في الصورة الأولى، النصوص القرآنية والنبوية الواردة في شأن العلاقة بين الجنسين؟ كيف سيرجح بين الروايات ، وكيف سيوجه دلالات النصوص ؟ لن أتحدث أكثر، لأن ما جاوز ذلك يحتاج إلى بحث متكامل.. سأكمل الكتاب ، ولعلي أكتب لكم بعد ذلك المزيد ولو بعد حين

الاثنين، 30 يونيو 2008

نافذة على كتابات المستشرقين /محمد الذي لا نعرفه

انتهيت لتوي من قراءة مقالة مترجمة بعنوان محمد الذي لا نعرفه ، بقلم باتريشيا كراون وترجمة الأستاذة راشدة رجب ، المقال مهم جدا والمقدمة التي قدم بها المقال من قبل محرر إسلام أون لاين كانت مهمة أيضا ، كتبت تعليقا عن أهمية كتابة دراسات حول المقابلة بين المنهجين الغربي والإسلامي ، أو لعلها موجودة ولا علم لي بها ، تذكرت كتابا قرأته قبل ثلاثة أشهر بعنوان : " الأصولية الإسلامية المعاصرةبين النص الثابت والواقع المتغير" كنت أرى أن هناك خلخلة واضحة في المنهج ، فهمت الآن بشكل أوضح محط ذلك ، اختلاف المناهج التي نعتمدها في أساساتها يوصلنا إلى نتائج مغايرة غالبا .. نحتاج إلى تحقيق ذلك دون انفعال ، وبأسلوب علمي رصين ومتماسك أترككم الآن مع المقالة

الاثنين، 23 يونيو 2008

العام والمطلق ..أخيرا

أول مرة أفهم الفرق بين العام والمطلق، الحمد لله ،نعم يستحق الأمر تدوينه،أذكر أن أستاذي عبدالرحمن السقاف كرر شرح الفرق لي مرارا ولم أستطع الفهم، جزاه الله خيرا ، لقد قرأت عليه أبواب الفقه التي لم أستطع أن أدرسها لمرضي في بداية الدراسة الجامعية، وبدأنا في أصول الفقه لكن لم يتيسر لنا قطع شوط جيد. كان سخيا بوقته وعلمه وكتبه أيضا حفظه الله ونفع به. كتاب الدكتور محمد أديب صالح ، تفسير النصوص في الفقه الإسلامي، ممتاز جدا ، ولغته يسيرة بشكل عام، اليوم كررت كلام الإمام الشوكاني الذي نقله الدكتور محمد أديب صالح عن الفرق بين عموم الشمول وعموم البدل ، حتى فهمت ، نعم التكرار يساعد على الفهم ، والحفظ أيضا يساعد على الفهم ، أذكر أني سألت أستاذي محمد البطاطي عن مسألة في القواعد الفقهية فشرحها لي ثلاث مرات ، فلم أفهم ، قال لي : كم مرة قرأت الكتاب المقرر، قلت له : ولا مرة ، قال لي: اقرئي الكتاب خمسا وعشرين مرة ، ثم تعالي واسألي. لم أفعل بالطبع ، كنا في السنة النهائية في الجامعة ، والهمة قد فترت، ثم إني اقتنعت أن المشكلة بيني وبين شيخي مشكلة تواصل، دماغه كبيرة عليّ، وداد صديقتي كانت تستطيع فهمه أحيانا ، فتشرح لي. أنا لا أزعم أني فهمت الفرق بين المطلق والعام بشكل كامل ، أحتاج لتمرينات ، عشان أدرك الفرق إدراكا تاما، مين ممكن يساعدني ، مش عارفة ، لم أعد كالسابق كنت لا أخجل من أن أسأل مشايخي مهما بدا السؤال ( عبيطا) ، لكني الآن أشعر أني لا أريد أن أثقل على شيوخي ، يحتاج الأمر إلى دعاء مكثف لكي يفتح الله علي بمن يوليني مزيد عناية في التفاصيل التي أعلم كم أكون مملة وأنا أقف عندها .. ربما الخوض في البحث سيجعلني قادرة على التفريق بعد أن التقطت طرف الخيط .. رحم الله جدي أذكر أني كنت أكثر عليه الأسئلة، وكان لا يجيبني إجابات شافية ، بكيت تأثرا مرة ، لما رأيت أنه ضاق بأسئلتي ، قال لي: يا ابنتي أنا في السبعين ، ولم أعد أستطيع أن أخوض جدلا فقهيا ، فاعذريني . اعتذرت إليه وأنا ألوم نفسي أني آذيت جدي، من حيث لا أشعر، غفر الله لي، ورحم جدي رحمة الأبرار .

الأحد، 22 يونيو 2008

بلا إجابات

هي، صديقة لبعض قريباتي، منذ زمن طويل، مكافحة ، وناجحة في عملها ، وتحرص دوما على أن تضيف إلى نفسها علميا وثقافيا ، قبل أيام رأيتها ، كانت مختلفة ، خسرت الكثير من وزنها .. احتضتني بشدة ، قلت لها : رائع ،ما شاء الله، ما الذي فعلته ، لتكوني بهذه الرشاقة؟ قالت بضحكة أرادتها أن تكون مرحة لكني أعجز عن التقاط مرارتها : لقد عقد طليقي قرانه ، وهجرني من أحب طليقها ، تزوجته عن قصة حب ( مكافحة جدا) ، لكن لأن الكفاح كان من جهتها فقط، ولم تكن قادرة على رؤية عيوبه ، التي كان الجميع حولها يحذرونها منها، اكتوت بنار بذلها له، لا سيما بعد وفاة والدها ، ونالت روحها الكثير من الآلام ، قبل أن تخالعه ، لأنه لم يدع لها مجالا إلا لأن تصد عنه ، بعد أن جرحها كثيرا ، بشكل بدا دوما غير منطقي ، وغير مفهوم لها .. قلت لها : والحب الجديد؟ قالت : تعرفت عليه من أحد المنتديات الالكترونية، وعرفت فيما بعد أنه صديق لقريب لي،كنا متفقين على الزواج ، وخططنا لكل التفاصيل، و فجأة اختفى.. قلت لها : كيف، قالت : آخر عهدي به ، كانت صورة الكاميرا ، وهي تنقل حركة والدته وهي تقوم بتقطيع الملوخية ، وسكون أبيه وهو يقرأ الجريدة ، وكرة تطير في الجو قذفها أخوه الصغير ، انتهى حوارنا ، ثم لم يعد يرد على إيميلاتي ، شهر كامل، وجواله مغلق، بعد ثمانية أشهر من تقارب شديد ، وألفة كبيرة، وحب وليد يتمكن شيئا فشيئا .. قلت لها :" لعل له عذرا وأنت تلوم ". قالت : لا أعتقد ، لقد خاب أملي ثانيا فحسب . قالت : الأيام تمر ثقيلة ، لكنها تمر، ربما لدي من الأنانية ما يعينني على الحفاظ على قدر جيد من الإنجاز ، كانت لهجتها مدعية، أو هكذا تراءى لي ، لم أجرؤ على التعليق، كنت أود أن تحتفظ بما أرادت أن تحتفظ به أمامنا من شعور بالقوة ، كانت اللاب توب مفتوحا أمامها ، لعل القدر يطمئنها عنه .. تساءلت عن مفهوم القوة حال صدود أحد الشريكين عن شريكه ، أو تغيره ، قالت صديقة كانت معنا : القوة هنا ، هي التجاهل التام ، وإذا رجع إليها فلا تعطيه مساحة ما ، إلا بعد أن يبذل الكثير . قالت صديقة أخرى : بالنسبة لي لا أستطيع ، إلا أن أخرج كل ما بداخلي ، لا أستطيع مثل هذا التجاهل . قلت : لعل مفهوم القوة لا يمكن تنميطه ، كل شخصية تتصرف بالشكل التي يلائمها ، ويعبر عنها ، كيف تستعير قلبا أو عقلا أو تفكيرا ليس لها ، لن تستطيع الاستمرار ، إن لم تتصرف التصرف النابع من ذاتها ، هي فقط تحتاج إلى التبصر والمشورة لتدرك ما يلائمها.. ارتفعت أصواتنا ، ونحن نتحدث عن ألم مثل هذه المواقف ، وردود الأفعال المناسبة حيالها ، كنا نسيج مختلف ، قالت صديقتنا فجأة : لقد جاءني إيميل منه .. كانت فيه كلمات قليلة : أنا متعب ، لا تضغطي علي ، متمسك بك ، وسأعود إليك . صمتنا كلنا ، أحسسنا أن الموقف لا يحتمل كلاما ، قالت : سأرد عليه بكلمة واحدة: براحتك .. قلت لها : نعم ، لكن ضعي في حسابك أنه قد يكون له ظروفه فعلا ، قالت : لا ، لو كان يهتم لأمري حقا ، لطمأنني ، أو أبلغني أنه سيغيب، لكن الأمر انتهى عنده بتاتا،ولن أفهم لماذا، و الكثير من الأسئلة ستظل عندي بلا إجابات، فقط سأضطر لتقبل ذلك . تألمت لألمها ، ولم أملك أن أتحدث بعدها ، ثم جاء المسلسل التركي نور ، ليفتح بابا لنقاشات أخرى في نفس الدائرة .. وتصبحون على خير ..

السبت، 21 يونيو 2008

كن أنت

عندما تتألم صارح نفسك بألمك لا تكابر، فتضيف إلى نفسك ألما جديدا هو ألم المكابرة ، اعترف لنفسك ولربك بألمك ، وحاجتك ، لا تطلب منزلة من المدد الرباني لم تتأهل لها بعد ، كن أنت مع نفسك ومع ربك ، وسيأتيك المدد هنيا كماء زلال ، تطيب به روحك ، وتسكن ..

الجمعة، 20 يونيو 2008

القيم في الإسلام / فضيلة المفتي أ/ د علي جمعة حفظه الله

القيم في الإسلام ، محاضرة زمنها ليس بالطويل لكنها ثرية حقا بالمعلومات ، وبما يدعو للتفكير، والتدبر..أترككم معها

الثلاثاء، 17 يونيو 2008

ابتدا المشوار

اليوم وصلتني موافقة مشرفي على الخطة ، اتصل بي صباحا، وأبلغني أنه قد أرسل الموافقة خطيا على الإيميل ، فرحت كثيرا ، كان نفسي يشجعني بكلمتين ، لكن صوته كان مشجعا جدا ، هذا كاف ، إلى أن أكون أكثر نشاطا ، حينها سأستطيع أن أتواصل مع شيخي بحيوية أكبر، ودعا لي بشرح الصدر والفتح والقبول ، الحمد لله .. أحب شيخي جدا ، وأسأل الله له كمال التوفيق والسداد والقبول . بقيت إجازة المجلس العلمي للخطة بعد أسبوعين ، وإلى أن يفعلوا في راسي حجات لازم أشتغل عليها ، شرح الكوكب المنير لابن النجار بتحقيق د. الزحيلي، ود. حماد، لازم أمر عليه بتوفيق الله، هذا ما أوصاني به شيخي أشعر بالحماس، والرغبة في الإنجاز ، أشعر أني أستطيع أن أقدم شيئا ما ، وما توفيقي إلا بالله ، سأصلي ركعتي الضحى والحاجة الآن ، وأسأل ربي الحفظ والفتح والتوفيق والقوة والقبول . لا تنسوني من صالح دعاكم أيضا فأنا في أشد الحاجة إليه.

الأحد، 15 يونيو 2008

مقاومة

قالت :أقاوم لأفرح ..وأقاوم لأنجز .. وأقاوم لأكون إنسانة جيدة .. وأقاوم لئلا تحركني مشاعري وحدها.. وأقاوم لأحتفظ بأيام جميلة رحلت ، أحتفظ بذكراها تؤنسني موسيقاها ، وحكاياتها ، والدفء الذي أحاطتني به، وأمحو أثر نهاياتها المشوشة في داخلي .. أقاوم لأستمع إلى منير كل صباح لكي أستمد منه الفهم ، والقوة معا ، أقاوم لئلا أفقد حبي للحياة .. يعينني في ذلك كله قوله تعالى : " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" سورة العنكبوت :69 .
يا قوي يا متين أسألك باسمك القوي وباسمك المتين ، أن تهبها قوة تقتدر بها على كمال أخلاق أهل الهمة العالية في عافيتك ورضاك ومحبتك ومحبة رسولك المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

الواقعية في الاختلاط للأستاذ سامي الماجد

لدي وقفات مع استدلالات الكاتب الكريم ، سأكتبها يوما إن شاء الله ، لكن المقال جدير بالقراءة ، الحرص على المنهجية فيه يستحق الاحترام والوقوف عنده ، بقي أن أقول أن فضيلة الدكتو رخلدون الاحدب قد نبهني إلى قراءته في جريدة الحياة وهذا رابط المقال في الإسلام اليوم http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=37&catid=185&artid=12967

هديل الحضيف

حسنا لم أستطع كتابة عنوان ما سوى اسمها ، وسأضع لكم رابط مقالة الدكتور أحمد بن سعيد التي أبكتني عن هديل .... لا أعرف هديل شخصيا ، ولكني اطلعت على بعض مدونتها ، وأعجبت بروحها القوية والصادقة ، كما سمعت من مقربين عن دماثة خلقها .. رحمك الله يا هديل رحمة الأبرار .. وربط على قلوب محبيك ، وطمأنهم عنك هذا رابط مقالة الدكتور أحمد بن سعيد في إسلام أون لاين http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1212925261550&pagename=Zone-Arabic-AdamEve%2FAEALayout

السبت، 14 يونيو 2008

يوم ممطر آخر

لا أتابع المسلسلات عادة إلا في أوقات متباعدة من السنة ، وعادة لا أتابع سوى المسلسلات السورية ، لا سيما لو كان المخرج هو أ/حاتم علي، أوأ/ هناء شوربتجي التي عرفتها في المسلسل المحكم : غزلان في وادي الذئاب، والتي يعرض لها حاليا على قناة دبي مسلسل يبدو ممتازا بعنوان : يوم ممطر آخر ، اليوم أردت الجلوس إلى والدتي ، وجدتها تتابع المسلسل التركي ( نور) ، كنت شاهدت حلقتين منه مع بنات خالتي ، وأتذكر تعليق بطة بنت خالتي ، الأتراك كالعرب ، وأضافت هناء: كالعرب اللبنانيين ، إشارة إلى خروجهم عن التقاليد الشرقية في كثير من السلوكيات ، ولا أريد أن أقصر الأمر على الجانب الديني وحده ، أصلح الله أحوالنا جميعا. لماذا أردت أن أحكي عن نور .. الليلة أعجبني موقف لها، حين تأخر عنها زوجها ، وكان القلق ينتابها ، لتوتر علاقتهما مؤخرا بسبب قصة قديمة بين زوجها وحبيبته السابقة ، قد عادت لتظهر من جديد ، انتظرت نور وقتا طويلا ، قبل أن تتصل لتسأل زوجها ، لماذا تأخر، أعطته مساحة كاملة وجيدة ، بعد ذلك اتصلت ، لتفاجئ باعتذاره عن الخروج معها ، لم تجلس نور في البيت وتسمح للقلق أن ينهشها ، لبست قرطيها اللذين خلعتهما بعد أن طال انتظارها ، واستعدت للذهاب إلى السينما ، سألتها أخت زوجها : ستذهبين وحدك ، أليس ذلك قاسيا؟ نحن نحتاج إلى رفقة أحد في السينما قالت لها نور : نعم ، ساذهب وحدي ، أنت قلت لي مرة : الحياة لا يجب أن نتركها تمر ، ونحن بانتظار شخص ما .. ذهبت نور إلى السينما وحدها، وتوقفت متأملة أمام زوجين كبيرين في السن ، اختلط لديها الألم بالأمل .. الوحدة بالأنس المرتجى ، أحيانا يكون الأنس المرتجى حاضرا معنا ، يؤنسنا طيفه القوي قبل حضوره .. هذا الأنس المرتجى ليس بالضرورة أن يرتبط بالدنيا ، الجنة هي محل أيضا لأنسنا المرتجى ، قد نختار ذلك ليس فقط عقلا ، لكن قلبا أيضا ، لا أفهم معنى لفصل القلب عن العقل في أحيان كثيرة ، لأن القلب السليم ، يعين المرء على اتخاذ قرارات سليمة ، ربما يحتاج فقط المرء أن يتوقف ليفصل ( شهواته ) عن الرغبات الصافية ، نعم قد تبدو كلمة ( الشهوة ) هنا فجة ، لكنها دقيقة تماما للتعبير عن كل شعور ناب عن الذوق السليم ، هي عامة تصلح أن تطلق على عموم الشهوات المباحة وغير المباحة ، لكن عادة ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن شهوات القلب أو النفس ، تلك المذمومة منها .. المذموم هو كل ما من شأنه ألا يصون المشاعر الصافية عن ( الهوى ) المذموم أيضا، ذلك الهوى الذي يخل بقيم نبيلة ، وحرصنا على أناس يستحقون مراعاتهم، الأمر ليس سهلا أبدا ، يحتاج إلى الاستعانة بالله أولا ، والاحتماء بدفء العائلة ، وبعث للقيم التي طالما رافقت المرء في حله و ترحاله ، وصداقة جيدة أيضا ، وتجديد للإيمان بأن الدنيا ليست نهاية المطاف ، والوقت .. ما الوقت ؟ فلنملكه ، ولا ندعه يملكنا .. رضوى كتبت كلاما توقفت عنده بإعجاب، بعنوان ، لليوم فقط ، دائما ما أُعجب باحترام شديد من يتقن الخوض والحديث في تخصصه ، لا سيما إذا رافق ذلك لغة سهلة لا تقعر فيها ، أحاول أن أكون كذلك فأخفق في كثير من الأحيان .. قالت لي أ/ وزيرة مرة : إن الصبر هو الخلق الذي نفتقده في هذا العصر، حقا ، الصبر ، حتى في العلاقات نحتاج إلى كثير من الصبر ، قبل أن نأتي برد فعلا ما ، بل إن العلاقات الإنسانية أشد ما تكون حاجة إلى الصبر، والتريث، ورفقة النفس أولا ، من لا يصبر أعتقد أن أكبر مشكلة عنده - وأنا هنا لا أبرىء نفسي أبدا- هي أنه لا يحسن رفقة نفسه ، النفس ، تحتاج إلى أن نصادقها أولا ، هناك عبارة سمعتها من قديم عند أهل التصوف ، اعرف نفسك أولا ، فإن من عرف نفسه ، عرف ربه ، نعم حقا ، من عرف نفسه ، عرف كيف يقودها إلى الله عز وجل على بصيرة ، لكن كيف سنعرف أنفسنا إن لم نصادقها ، ونعتني بها أولا ، كما نعتني بصديق مقرب ، نعتذر إليها لو قسونا عليها ، أو أوردناها موردا لا يليق بها ، أو لم نعطها حظها من الوقت ، والصحبة ، كما نعذرها إذا زلت ، ونحاول أن نستوعبها ، ونستعين على ذلك بالدعاء لها ، دعاء ملحا في جوف الليل ، ومشورة صديق حكيم يفهمك جيداويحبك .. و.. تصبحون على خير

الأحد، 8 يونيو 2008

شكرا

يتعجب الأصدقاء عادة من هذه الكلمة ويرونها منافية للأريحية ، ولا أجدها إلا ودودة ومدعمة لإحساسي بنعمة الصداقة . . لكني اليوم أريد أن أقولها عتبا حزينا وحيدا بلا مرفأ... شكرا يا صداقتي التائهة

من أوراقها التائهة

ما زلت بك احلم
ولشوقك اشتاق
وبذكرى صوتك الدافئ أتدثر
مازلت أيضا ، من قربك أخشى وعنك أنأى
وفي غيرك عن معنى فيك أبحث
بين جذب ودفع أتذبذب..غيم وصحو .. عقل وقلب..
لا أظنني أفتش عنك ..أنا أفتش عن بعض نفسي
ثم توقفت هبة عن الكتابة منذ فترة طويلة .. قلت لها اليوم .. كلما قرأت كلماتك هذه كلما أحسست كأني اقرأها لأول مرة ، الدفء ذاته لا يخلق ، متجدد ، وصادق ..
اكتبي ياهبة أرجوك لا تتوقفي عن الكتابة

وأخفى

هناك أمور تظل بيننا وبين ربنا ، هناك في أقصى السر ، القرآن وصفه بأنه: أخفى : فربنا ( يعلم السر وأخفى) ، لم أفهم هذا المعنى سوى اليوم ، هناك في ( الأخفى ) ، بيني وبين ربي دعوات ، ليست لي وحدي، لكن لمن ربما لا يخطر ببالهم أني أدعو لهم هكذا ، دوما أفكر أن من الود الصادق أن تخبر من تحب أنك تحبه ، وتدعو له ،لكني اليوم أدركت تماما أن في مثل هذه المواقف أحيانا ما قد يبتذل حبك ، ودعاءك ، ويعطيه لمسة ادعاء ، بالمقاييس الظاهرة ، وإن كنت تقول كلامك وأنت في عمق الصدق ، يعلم السر وأخفى، حليم ، ودود ، لطيف، كريم ، لا سند سواه ، اللهم صل على سيدنا محمد طب القلوب ودوائها ، وعافية الأبدان وشفائها ، ونور الأبصار وضيائها ، وآله الأطهار ..

الجمعة، 6 يونيو 2008

ولو صمتا؟

لسه الأغاني ممكنة ولو صمتا؟

الثلاثاء، 3 يونيو 2008

مبسوطة

فكرت ما هو أهم ما تعلمته خلال السنة الماضية ، وجدت أني تعلمت الكثير، لكن أهم ما اكتسبته هو صفاء جديد في داخلي تجاه مقربين كنت عاجزة عن مسامحتهم ، وإن كنت أظن أني سامحتهم ، لكني الآن بعد أن صفت نفسي، وعرفت معنى أن تسامح حقا ، عرفت أن التسامح الحقيقي ليس فقط كلاما تردده باللسان أو تجريه على القلب ، لا يمنع المرارة من أن تغشى قلبك إذا ما حصل موقف ما يذكرك بماض ما ، التسامح هو أن يصفو قلبك ، حتى تعتبر كل موقف يطرأ كأنه جديد ، ولا تحاكم المواقف الحادثة إلى المواقف السابقة، وتجتر ألمك وإحباطك القديم .. بعد أقل من ساعة سأتم عامي الرابع والثلاثين ، أشعر بالتحرر من مشاعر كبلتني إما إحباطا ،أو أملا ، أو ألما ، تعلمت معنى جديدا عن رؤية تصرفات من حولي من موقعهم هم لا من موقعي ، مبسوطة لأن صداقات جديدة دخلت حياتي ، صداقات اختبرت صدقها ، وصداقات أخرى توارت لأني أيضا اختبرت أنها تحتاج إلى وقت لأعطيها ثقتي ، وصداقات قديمة تجددت لأني فهمت كم كانت تجتهد لأصفو لها ، وأنا عاجزة عن رؤية ذلك .غفر الله لي. مبسوطة لكل ذلك .. وأشعر أن أدنى شعور سيضيف إلى سعادتي ، سأذهب إلى بيت جدي غدا بعد انقطاع طويل، لأنهم هم أحق الناس أن أهدي إلى نفسي بداية عامي الجديد معهم ..رغم النعاس أود أن أنتظر حتى الثانية عشرة لأبدأ عامي الجديد بالاستغفار .. وكل سنة وأنا راضية ورضية عند ربنا في عافية وهمة وألطاف ظاهرة وخفية .

تجربة

قالت : حسنا أنا حزينة قليلا ، لأني أشعر أن وهجا كنت أظنه قويا قد خفت جدا ، يكاد يتلاشى، كانت "سكرة " حقا ، كم أتأكد يوما بعد يوم أني أفكر بشكل جيد، لكن لا أقوم بتنفيذ ما أتوصل إليه من نتائج ، ولا أستجيب للصوت الداخلي، المرشد، المنعزل عن تأثيرات وهج التجربة ، رغم أني في كل مرة أتأكد من صدقه
قلت لها : لا تيأسي فحسب ، هذا هو الأمر الوحيد الذي سينفعك ، أنت من الناس الذين لا يمكن لهم أن يتعلموا إلا بتجربة تهزهم ، وتجعلهم قادرين على الإحساس بالنتائج، والتصرف بحكمة ، تجربة تعلمهم كيف يفعّلوا التجريد الذي يتسم به تفكيرهم ، و يقرروا التوقف عن تعاملهم مع مشكلاتهم بشكل منفصل عن إدراكهم لها عقلا، فقط ما يهم الآن هو أن تدركي أنك كذلك،وأن التجربة هي التي تجعلك قادرة على الانتقال من الفهم إلى الفعل ، المطابقة بين الفهم والشعور والسلوك ، إذا عرفت ذلك عن نفسك ، استطعت أن تحركي مشاعرك بعد ذلك لتكون خلف عقلك ، لكنك كنت تحتاجين إلى التجربة لمكسب حقيقي في فهم نفسك ، وهو هناك ما هو أغلى من ذلك؟
قالت : عندك حق، لن تتركيني يا صديقتي ؟ قلت : طبعا ، أنا التي أقول لك لا تتركيني ياصديقتي ، دعمي لك في هذه المرحلة يعني دعم لصداقتنا ، فأكون ممتنة لك لو سمحت لي أن أكون برفقتك . وأعدك ألا أسألك عن مشاعرك حتى تحكي لي أنت عنها ابتسمت صديقتي بامتنان هادىء ، وتابعنا السير في صمت

ياما دقت ع الراس طبول

ابتدأ يومي من الرابعة فجرا برسالة من صديقتي أسماء ، تبشرني فيها بحصولها على الماجستير بامتياز في قسم العقيدة ، أسماء بنت عالم ( سلفي) من علماء حضرموت ، يحبه السلفيون كما يحبه غيرهم ، وذلك لتمكنه العلمي ، وخلقه الجم ، رحمك الله ياشيخ سالم ، فقد حاز أخلاق العلم وفضله ، وكان يوصي ابنته أسماء بي ، ولا زالت أسماء تواصلني رغم تقصيري الشديد معها ، قالت : تعلمين ؟ لو لم تتصلي بي، لـ( زعلت) منك جدا ، أنتم (السادة ) متكبرين ، تقول هذه العبارة كلما تحدثنا ، وهي تضحك ، فأضحك وأنا أكرر اعتذاري عن تقصيري معها ، وأنا متيقنة أيضا أنها تربت في بيت يحب آل البيت ، ويكرمهم ، وهي تخجلني دوما بكمال خلقها معي، رغم تقصيري في صلتها .. أحترم أسماء جدا فضلا عن كوني أحبها ، لأنها فوق صفائها ، ونقائها المدهشين ، تمتلك روحا مثابرة ، وعزيمة لا تلين ، لتحقيق طموحاتها ، رغم كل الصعوبات التي أعلم جيدا أنه ليس كل أحد ، يثبت أمامها ، لكنها أسماء، بنت الشيخ سالم ، رباها أبوها على الصبر ، والعزم ، والخلق الطيب ، وإعطاء العلم حقه .. لا تعلم أسماء كم أعطاني نجاحها دافعا نفسيا، بارك الله فيها ، ونفع بها ، وحفظها ، وفتح عليها .. قالت لي حرصت على ألا أتعرض أبدا لموضوعات عقدية فيها حكم على المعين ، وكان موضوعي في تاريخ العقيدة ، وقد أثنى المناقشون على جهدي في البحث ، وقالوا إنه جهد بذل فيه الكثير من المال ، جمع بين التحقيق والطباعة للمخطوط ، وتحويله إلى كتاب، فضلا عن طريقة التناول المتميزة في المناقشة العقلية ، مزيد من التفاصيل سأزودكم بها متى تيسر لي لقاء مطول مع أسماء ، واطلعت على الرسالة بحوله تعالى . أما الدورة التدريبية فكان نصفها الثاني اليوم ، ممتعا ، مع د. خالد حجر ، أستاذ علم الاجتماع في جامعة أم القرى ، وأخيرا ( جاء حد فاهم بجد ) ، بالأمس كانت الدكتورة التي أعطتنا المحاضرة من نفس الجامعة ، وخريجة إحدى الجامعات الكندية ، لكني لم أستطع أن أستفيد منها لأنها كانت تجيب على أسئلتي بالثناء ، مع عبارات لا تسمن ولا تغني من جوع ، شعرت بالغيظ حقا ، فهي تردد الكلام المكتوب في المذكرة التي بين يديها دون أمثلة تطبيقية ، ودون شرح واضح ، اليوم د. خالد حجر ، كان مختلفا ، أعطانا مقدمة في مناهج البحث العلمي ، وكان عرضه مشوقا ، استخدم فيه الصور لإيصال الأفكار المجردة ، سعيدة أني أخذت عنه ، وأنه قبل برحابة صدر أن أتواصل علميا معه ..