الأحد، 23 أغسطس 2020

عاقبة لا عقاب

 ‏"عندما يخطىء طفلك وترتب على خطئه عاقبة كحرمانه من شيء يحبه لبعض الوقت من المهم أن لا تلقي عليه حينها محاضرة للنصح أو العقاب بل أظهر تعاطفك معه فهذا يزيد من تعلمه من خطئه بشكل أكبر ويعزز فكرة أنك تعلمه بحب ولا تنتقم منه أو تقصد إهانته." منقول بتصرف من كتاب التهذيب الإيجابي.ص١٢

الجمعة، 14 أغسطس 2020

مراجعات في فقه المرأة ، مسألة التعطر و العدة نموذجا.

سأضع بين أيديكم نقلا كتابيا لكلام نفيس لفضيلة الشيخ مولود السريري . قامت بالنقل الأخت الفاضلة : طروب الجفري . يتحدث الشيخ السريري عن أهمية وجود عالمات مجتهدات في الفقه وذلك لأجل عمل مراجعات لما تقرر من أحكام اجتهادية تتصل بحياة النساء . ووجه الحاجة إلى المراجعة هو أن بعض هذه الأحكام قرر بعيدا عن فقه الضرر لأن من قرره فقهاء لم يحصل عندهم تصور مكتمل لهذه المسائل لأنهم لم يستشعروا الضرر المتصل بهذه المسائل فجاء تقريرهم لأحكامها بعيدا عن مراعاته وفعلهم هذا ليس تحيزا ظالما وإنما نتج عن قصور في إدراك البعد النفسي – والاجتماعي- المتعلق بهذه المسائل . والبعد النفسي -والاجتماعي- الذي يترتب عليه ضرر بيّن معتبر شرعا .

 

يقول الشيخ السريري : ( لأن الإحساس بالضرر لا يكون إلا لمن لَحِق به، وليس ممن يقرره، لأن من يقرره قد يرى أنه غير موجود، ولكن إذا جاء من يحس به فسيثيره ويبيّنه.)..

ثم إن فضيلة الشيخ السريري يمثّل بمسألتين – كل ذلك جاء في سياق كلامه على مسألة تطيب الرجل لصلاة الجمعة – إحداهما : مسألة عدة من يتقطع حيضها , والثانية: مسألة تعطر المرأة عند الخروج من المنزل . وسأقتصر هنا على تناول مسألة التعطر ( كما فهمته من كلام الشيخ)  وسأكتفي بمنصوص كلامه في مسألة العدة . يقول الشيخ السريري : إن ندب التطيب عند الخروج لصلاة الجمعة يشمل الرجال والنساء . ولا يصح القول بمنع النساء خاصة من التطيب لكونهن فتنة . لأن الفتنة تحصل من الجنسين للجنسين.   (وما ورد من نهي للنساء عن التعطر فإن ذلك النهي ينبغي أن يكون متعلقا بمن قصدت الإغواء قال : هذه مسألة تحتاج إلى التدقيق الفقهي). فيتحصل من كلام فضيلته - كما فهمته-أن التعطر إنما يحرم على الرجال والنساء إذا  كان على سبيل التبرج والإغواء أما التعطر لأجل التزين الذي تقبله الطباع السليمة فلا حرج فيه – أقول: بل قد يكون مندوبا -. وكلام الشيخ السريري -حفظه الله – يقارب ما قرره شيخنا في فقه الشافعية في جامعة الأحقاف الشيخ علي مديحج – رحمه الله – في مسألة تعطر المرأة عند الخروج وكان يقول لنا : تخرج المرأة بريح طيبة وإنما يحرم تعطرها إذا قصدت الإغواء لما ورد في بعض الروايات : ( ليجدوا ريحها) .

وهنا نص كلام الشيخ السريري – حفظه الله - :

القارئ: "ونُدب طيب لغير نساء في الثلاثة"

 

الحقيقة أورده للرجل لأنه قال: "لا يغتسل الرجل" -لأن المرأة أصلاً لا يجب عليها الجمعة- "ويدّهن من دهنه"، والمرأة أيضاً تذهب للجمعة، لماذا لا تدّهن؟ قال لأنها تفتن الناس، وهذه مسألة الفتنة حتى للرجال في الحقيقة، التهمة يفتنوا النساء.

 

لماذا العلة وردت في النساء ولم ترد في الرجال؟ لأنه لم يكن هناك مجتهدات في الفقه، لو كان هناك عالمات مجتهدات قبل أن تكون المذاهب تعينت لكنّ ناقشنكم في التعليل الذي أوردتموه هنا.

 

(إذا كنا نفتنكم بالطيب، وانتم دايرينه، وبعضكم يشمه من بعضٍ، ونحن نشمه منكم، أنتم لستم فتنة؟

هذا الطيب الذي فيه الفتنة، ستكون فيه الفتنة في كل الأحوال! للرجال والنساء! وإذن فلا بدّ أن نعمم الحكم؛ إما لنا جميعاً وإما أن يُمنع جميعاً، فيكون مباحاً بالأصل، ومطلوباً ... بالأصل، وممنوعاً بعارض الفتنة، من الرجال والنساء).

 

لو كان هناك المجتهدات الفقيهات كثير من هذه العلل التي تنسبونها للنساء سوف تناقش فيها النساء كثيراً، في مشكلة ما عندناش عالمات فقيهات مع إن هذا الشيء مطلوب جداً جداً! لأن كثيراً من خبايا الفقه استترت عن الرجال إلى الآن؛ كثير من الأمور التي لا يمكن أن تفهمها إلا النساء الآن بقيت بدون بيان!

 

بعض الناس يقول لك: لا، إيش هذا اللي تقوله؟ّ

 

هذه هي الحقيقة! .............مثلاً في باب العدّة؛ يقولك المرأة تبقى أربع سنين، وتنتظر العدّة إذا كانت لا تأتيها العادة إلا في عام مثلاً مريضة، تبقى أربع سنين حتى تخرج من العدّة! هل هذا ممكن؟! فين هي قواعد الضرر؟! فين هي ما يترتب على ذلك من تطويل العدّة مع أن الشرع منعها؟! لماذا منع الشرع أن تُطلّق المرأة في حالة العذر إلا من أجل أن تُمنع من تطويل العدة وهم طولوا عليها العدة وجعلوها أربع سنين!

 

السبب في ذلك كله أنه لا يوجد من يُناقش من الجهة الأخرى هذه الأحكام، لأن الإحساس بالضرر لا يكون إلا لمن لَحِق به، وليس ممن يقرره، لأن من يقرره قد يرى أنه غير موجود، ولكن إذا جاء من يحس به فسيثيره ويبيّنه.

 

 

هذه المسائل يجب أن يُنظر فيها؛ أن تُمنع المرأة من ال....... لأنها تغري الرجال، وكيف المرأة لا يجوز لها أن تتطيّب لأنها تفتن الرجال، فلماذا الرجل يتطيب ويخرج للأزقة بأغلى ما في الدنيا من الطيب، ويغري النساء، ويغري الجن والإنس؟!

 

.......................

 

 

سؤال من أحد الحاضرين: ألم يكن الصحابة يتطيبون؟

طيب الصحابة لم يكن بهذه الطريقة، إيش من طِيب عن الصحابة.

الخلق، العنبر والمسك يخلطوها. حتى وإن كان الصحابة يتطيبون، وإن كان النساء، لا بدّ أن تُنزل القواعد الفقهية على كل فرد كيف ما كان نوعه.

 

في هذه المسائل لا يمكن أن يشرّعوا هم الحلال والحرام في محل العلل، العلل هي التي تحكم. لكن هم يديروا على سبيل النقل، والنبي شرع وقرر، وإحنا معرفناش هل استخدم الصحابة الطيب ولا لأ يوم الجمعة؛ لا ندري؛ لا يوجد دليل.

 

 

سؤال من أحد الحاضرين: النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أمر به، أمر بالطيب؛ حثّ عليه؛ كان يحبه، لكن نهى النساء أن يتطيبن! " أيما امرأة خرجت....." الحديث

نهى المرأة أن تفعل ذلك إذا خرجت؛ خرجت لذلك؛ لأن هذه من حالة من تغري الرجال بنفسها.

 

السائل: أي امرأة خرجت فشم رائحتها لا تجد رائحة الجنة.

ولكن هذه المرأة الذاهبة اللي مطلوب منها أن تدّهن يوم الجمعة، لأنه قال وسببٍ دهنه، قالوا: وما علة عدم ذلك هو الفتنة.

أليس هذا الرجل أيضاً قد تكون فيه الفتنة؟

السائل: وهل المرأة تُفتن بهذه الرائحة من الرجل؟

نعم، أيوة تُفتن. تُفتن، والرجل أيضاً يُفتن بالرائحة؟

السائل يجيب: رائحة المرأة، نعم.

الشيخ: رائحة الطيب!

السائل يجيب: إذا صدرت من المرأة نعم.

 

الشيخ: معذور، يعني تفتن تفتن لها ريحة، ....... 

 

السائل: جاء في الحديث من طريق أن الرواية أنه في رواية زادها وتغتسل غسل الجنابة.

هذا أجمع الناس على أنه ... فقه باطل، الإجماع على خلافه.

السائل: إذا مرت بقوم شمّوا رائحتها.....

أجمع الناس على أنه لا يُعمل به، إجماع العمل على خلافه.

 

سائل آخر: استدلوا بهذا الحديث أيما امرأة تعطرّت ثم مرّت على قوم ليجدوا ريحها.....

"ليجدوا ريحها"

هذا يدل على القصد؟

"ليجدوا ريحها" هذه المسألة تحتاج إلى تدقيق فقهي؛ لأنه ما يمكن.......

 

 

سائل آخر: ألا يمكن أن يكون ....... المبادرة، والمبادرة تكون من الرجال ولا تكون من النساء، يعني التجرؤ على الزنا، هذا في الغالب يكون في الرجال؟

كان ذلك يوماً ما! الله يهديكم، ما انتوا عايشين في هذا العالم؟! كل شي متاجر الآن! الله يحفظ ويصافي. إذا معرفتوش في مشكلة.

 

 

سائل: غالب النصوص التي وردت في الشرع في الفتنة وردت في جهة النساء؛ ما تركت فتنة أضرّ على الرجال من النساء؟

فتنة ......بحالها، والرجال إذن فتنة، كل شيء فتنة؛ "وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً"، فتنة فين ما مشيت.

 إذا نظرنا إلى أصل المسألة سنبدأ من القرآن، قال تعالى: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ" ، "قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ" فسوّى بينهم في الحكم، وأمر الجميع أن يترك سبب الفتنة، وسبب الإثارة، ووسائل الوقوع في الفاحشة، هذا أصل، ثم لا بدّ لهذا الأصل أن يكون مُستَصحباً؛ فحيث ما وُجدت الفتنة يجب أن يُعمّم هذا الحكم؛ يجب أن يعمم هذا الحكم! وهذا ......، ولا بدّ أن يؤخذ به في هذه الجزئية أيضاً.

 

إذن الإنسان يدير أمر الذي لا يمكن أن يُضِرّ بالناس من الرجال ومن النساء إلى آخره، هذا هو الوجه في المسألة، والله أعلم.

 

خلاصة الكلام أنه قال أن الدُّهن أيضاً مطلوب، ويمسّ من طيب بيته "إن وُجد" –في بعض الروايات- "إن وُجد" لأن الصحابة لا يوجد عندهم هذا الطيب كثيراً، "إن وُجد" في بعض الروايات."

 

* ملاحظة: تعذر علينا فهم بعض كلام الشيخ بالدارجة المغربية ووضعنا نقاطا مكان الكلام الذي لم نفهمه.  

المصدر: https://www.youtube.com/watch?v=WXCcY1hU53s

 


الأحد، 2 أغسطس 2020

الابتزاز العاطفي (2) / آليات التعامل

الفهم وحده لا يكفي :

                   بعد كلام طويل مع د. سوزان فورورد  مؤلفة كتاب ( الابتزاز العاطفي) فهمت ماريا أن ما يفعله زوجها جاي معها هو شكل من أشكال الابتزاز العاطفي، فأي اختلاف بينهما في الرأي تكون فيه متهمة بأنها لا تقدّر قيمة الحياة الزوجية ، ولا تشكر لزوجها المعروف الذي يقدمه لحياتهما ، وتعلق ماريا دوما في الشعور بالذنب كلما واجهها بنظراته المؤنبة لأنها قالت كلاما لا يوافق عليه ، فتجد نفسها تدور في حلقة مفرغة من التساؤلات عن مدى التزامها الأخلاقي تجاه زوجها ، تساؤلات لا تنتهي وتصطدم بتعنته وقسوة كلماته فلا تصمد أمامها ويزداد شعورها بالذنب رسوخا.

 قالت لها د.سوزان : لقد فهمت الآن يا ماريا أن أساليب جاي تهدف في النهاية إلى جعلك ترضخين لرغباته دون أي احترام لرغباتك, وأنك في سبيل التزامك بواجبك الآخلاقي تجاه زوجك تنسين واجبك الأخلاقي تجاه نفسك وحقها أن تعيش حياة صحية لا تستغل فيها ولا تكون رغباتها المشروعة رهن رغبات الطرف الآخر بشكل غير عادل .

وتابعت د. سوزان : لكن يا ماريا هذا  الفهم وحده لا يكفي ، ولن يسعفك في التصرف بشكل مناسب عندما تتعرضين لضغط الابتزاز العاطفي . لا بد من تعلم آليات محددة تستطيعين من خلالها الاستقبال النفسي الواعي والمتوازن للابتزاز العاطفي والتصرف المنصف حيال ذلك .

أنا أستطيع التحمل :

          تسمي د. سوزان هذه العبارة ( تصريح القوة ) وتعدها الخطوة الأولى في تهيئة النفس في مواجهة المبتز عبر تكرارها في  سرنا.

هذا التكرار يساعدنا على تخفيف التشوش الذي يصيبنا جراء الكلمات الملتبسة التي يوجهها المبتز إلينا والتي تشعرنا بتقصيرنا الأخلاقي . ( نحن ننطلق من المثال الذي أوردته المؤلفة عن ماريا وجاي وهناك أمثلة أخرى لصور مختلفة للابتزاز العاطفي ) .  

          كمسلمين أظن أن عبارة :(أنا أستطيع التحمل ) يمكن أن نضيف إليها : اللهم قوّني في رضاك .

          المطلوب إذن هو التكرار الداخلي لتصريح القوة لتعزيز انتباهنا حيال الكلمات الذي يقولها المبتز كأننا نستعين بها على إزاحة الضباب الذي ينثره في وجوهنا ويضلل به تفكيرنا .

 

تحليل الخطاب :

          وعي ماريا بأنها أمام كلمات ليست صادقة يجعلها  قادرة على رؤية أكثر تبصرا . عقلها يكرر ما أسمته دكتورة سوزان تصريح القوة : (أنا ستطيع التحمل)  وهذا يساعدها على الانفصال  إلى حد جيد عن أثر كلام جاي على مشاعرها ..

          هنا يأتي دور تحليل كلام المبتز إلى ثلاثة محاور : المحور الأول : هو مضمون الكلام، والثاني : هو أسلوب  الكلام ، والثالث : هو ما يترتب على تلبية طلب المبتز من ضرر حالي أو مستقبلي ويتضمن ذلك حماية الصورة الاجتماعية والصحة البدنية والعاطفية والحماية من الاستغلال.

          هذه الإجراءات النفسية والعقلية للتعامل مع خطاب المبتز وهو هنا ( جاي) تجعل ماريا قادرة على اكتساب مسافة عاطفية تمكنها من قراءة تصرفات ( جاي) قراءة واعية .

 تنبه د. سوزان هنا أن الطلب قد يكون مشروعا و لا يترتب على الاستجابة لمضمونه ضرر حالي أو مستقبلي لكن المبتز تحدث بأسلوب مهين أو مزعج أو فيه تهديد هنا لا يصح التغاضي عن ذلك لأن التغاضي يعزز سلوك الابتزاز .

          وتنبهنا د.سوزان إلى أن السماحة مهمة وضرورية في العلاقات المتوازنة أما في العلاقات غير الصحية فإن السماحة فيها تكريس للتعامل السيئ ، واختلال لميزان العشرة الطيبة: تقول في ص 209 ( لا تشكك في حقك في رفض شيء يبدو غير مهم نسبيا. إن الدفاع عن نفسك في المسائل الصغيرة سيعطيك الفرصة لتطوير المهارات التي تحتاج إليها للصمود عندما تكون المخاطر أكبر ) .

أدوات فعّالة :  

          كيف تتعامل مع مبتز غير منطقي التفكير أو سريع الاستثارة أو يعاملك بطريقة تزعجك؟

 لقد تعلمنا التكرار الداخلي لتصريح القوة : ( أنا أتحمل)  كخطوة أولى تكسبك مسافة عاطفية تجعلك قادرا على مواجهة الضباب الذي ينثره  المبتز ويضلل به تفكيرك . ثم بعد ذلك تأتي خطوة تحليل خطاب المبتز لننتقل من مرحلتي التفاعل الوجداني : ( تصريح القوة  ثم تحليل الخطاب ) إلى مرحلة التفاعل الخارجي . وهنا تعطينا  د. سوزان أدوات مهمة تغير ميزان القوى في العلاقة لإنهاء الابتزاز العاطفي . ثم إنها تؤكد أن هذه الأدوات لا يمكن استخدامها في علاقة غير آمنة جسديا ، فإذا كنت تشعرين بخطر محتمل فينبغي أن تغادري إلى مكان آمن .

وسأتعرّض في هذه المقالة إلى أداة واحدة من الأدوات الفعالة لإنهاء الابتزاز العاطفي وهي : التواصل غير الدفاعي .

يفرض المبتز وهو هنا ( جاي )  رغباته بالصراخ والعبوس ولعب دور الضحية والاتهام واللوم ، لكن ماريا ذهنها غير مشوش الآن بعد أن عبرت مرحلتي التفاعل الوجداني إلى مرحلة استعمال أداة التواصل غير الدفاعي .

لقد جربت ماريا كثيرا أن تدافع عن نفسها أمام جاي لعله يتغير ويتعامل معها بطريقة منصفة، لكن جهودها كانت تضيع هباء، لأن جاي في الحقيقة لا يركز سوى على مطالبه ويرى في دفاعها تبريرا لرغبتها في الوقوف أمام مصالحه وهو غير مكترث أصلا بمشاعرها واحتياجاتها لأنه يرى أنها تتعارض مع رغباته . نعم المبتز ليس إنسانا نزيها هذه الحقيقة يجب أن تظل ماثلة بقوة .

قالت د. سوزان لماريا : لا بد أن تنتقلي من محاولة تغيير الطرف الآخر عبر الدفاع عن نفسك إلى أن تغيري طريقة الحوار لكي يكون تصرفك فعالا في إنهاء ابتزازه .

ثم ذكرت د.سوزان عبارات تصلح كنماذج لردود غير دفاعية تقال بنفسية هادئة منفصلة عاطفيا عن الموقف بعد اجتياز مرحلتي التفاعل الوجداني :  ( تصريح القوة / تحليل الخطاب) . وهذه العبارات هي لب التواصل غير الدفاعي : ( أنا آسف أنك منزعج / أنا أتفهم الطريقة التي تنظر فيها إلى الأمر/ الصراخ ،التهديد، الانسحاب أساليب لم تعد تجدي نفعا ولن تحل أية مشكلة . وأهم أسلوب غير دفاعي هو : أنت محق تماما من زاويتك لكن نظرتنا للأمور مختلفة ولا تزد على ذلك.

من المهم أن تجعل هذه العبارات جزءا من كلامك ، تدرب على قولها بهدوء ، وأبقها في وضع الاستعداد ولا تبرر أو تدافع عن قرارك كاستجابة للضغط .

ربما يطلب الطرف الآخر منك أن تقدم تفسيرات فتعتقد أن هذه فرصتك لتشرح الألم الذي ألم بك ، وعدم مراعاة الطرف الآخر لمشاعرك ، فالمبتز يقول لك إنه مستعد لسماعك ، وغالبا هو يفعل ذلك لأنه تنبه إلى أنك في سبيل التخلص من تأثير أساليبه عليك ولذلك إياك أن تستسلم وحافظ على تركيزك منصبا على هدفك وهو إيقاف عملية الابتزاز . لن ينتهي الابتزاز إن لم تكسر نمط سلوك المبتز في اللوم والتهديد والاتهام أو الاعتذار بالكلمات دون الأفعال، وكسر هذا النمط يكون بأن توقف رغبتك في شرح مشاعرك أو الدفاع عن نفسك أو مناقشة رغبتك في السلام والإحساس بالأمان.

عندما يقول لك المبتز ما الذي غيرك أو لماذا تتصرف بهذه الأنانية فليكن جوابك أنك لست سعيدا بذلك لكنك لست مستعدا للتفاوض .

لقد شرحت نفسك كثيرا من قبل فلم يزد المبتز إلا إمعانا في أذيتك وحان الوقت لأن تتصرف بطريقة توقف ظلمه لك دون أن تفقد نزاهتك .

وضوح الأمور:

          عندما استطاعت ماريا عبور الضباب ووقف التنمر العاطفي الذي يمارسه جاي عليها ، رحل ارتباكها وتوبيخها لذاتها وحل محلهما إحساس جديد من الثقة واحترام الذات .

          لقد حاولت في هذه المقالة أن أسلط الضوء على بعض آليات التعامل مع الابتزاز العاطفي ، لكن التحقق بهذه الآليات والانتفاع بها يحتاج إلى قراءة مركزة للكتاب الذي اقتبست منه هذه المقالة ، وهو مليء بالقواعد والأمثلة والشروحات والمهارات التي  تساعد على تحرير النفس من أذى الابتزاز العاطفي      واستعادة ثباتها الانفعالي وتقديرها لذاتها وقدرتها على التعامل بحكمة مع المبتز.