الجمعة، 23 فبراير 2007

في درس الأربعاء

  • منذ سنوات ست تقريبا ، ولدي درس فقهي كل أربعاء ، حسنا ليس كل أربعاء تحديدا ، هناك أيام يتوقف فيها الدرس لأسباب تطرأ، لكن لنقل أنه غالبا كل أربعاء ، التدريس علمني الكثير فقهيا ، وحياتيا ربما ، وبعد أن كان الدرس يغوص في التفصيلات الفقهية التي ( تغص ) بها الحواشي ، أصبح أكثر قربا من النظرة الكلية للموضوع مع عدم إهمال التفاصيل ، تعلمت ذلك مع الأيام ، ساعدني على ذلك توفيق الله أولا ، ثم سؤالي دوما لمن حولي عن أدائي لأستفيد من ملاحظاتهن ، ومن ثم أصبح من المهم لدي مراجعة الفتاوى على إسلام أون لاين والإسلام اليوم وموقع دار الإفتاء المصرية ، أن يكون لديك في درسك عقول تتفاعل وتفكر وتطرح اسئلة تعجز عن الإجابة عنها أحيانا ، فهذا يرفدك بمزيد من القدرة على التفكير المنظم ، أشعر بالامتنان لعمتي (حماس) ، وأختي ( ابتسام )، وعمتي ( بيان ) ، وفاطمة زوجة عمي، وطروب بنت خالي، وهناء بنت خالتي ، والخالة الفلسطينية التي جاوزت الستين و التي لا أتذكر اسمها – كعادتي المخجلة في عدم تذكر الأسماء – والتي تدلي بملاحظات حياتية مهمة في صميم المسالة الفقهية المعروضة، ود.العنود أيضا، ولا أنسى إضافات إلهام باجنيد وعائشة حران عندما تحضران، ووو ، الدرس عائلي بالدرجة الأولى ، لكن يحضرنه بعض الجيران والمعارف أيضا ، الأسماء التي ذكرتها لا سيما عمتي حماس تجعلني متيقظة دوما وأنا ألقي ، أي خلل في السياق سيقابل بنظرة ذكية متسائلة ، أهداني الدرس مزيد من التساؤلات ، ومزيد من الرغبة الأكيدة في فهم فقه المرأة خصوصا ، لا قيود على الأسئلة ، ولا خجل من التصريح بلا ( أعلم ) ، هذا ما يجعلني أشعر أحيانا أن وجودي وكينونتي مرتبطة بالدرس والوجوه المتألقة سؤالا ومتابعة ، ويحميني من السقوط في هوة الاكتئاب اللامتناهي ، فلدي التزامي تجاه جدي رحمه الله الذي أوصى بأن يستمر هذا الدرس ، والتزامي تجاه أهلي ، الذين لا يسمحون لي بالاستسلام لكسلي ، ولعل الله ينفعني بكل ذلك .. حسنا لم أرد التحدث عن الدرس عموما ، أردت التحدث عن درس الأربعاء الفائت ، كنا نتحدث عن الوليمة ، نقاط وقفنا عندها أحب ان أسجلها : أولا كون الوليمة التي هي إطعام طعام لمناسبة أو بغير مناسبة أمر مستحب ، يثاب فاعله ، والمناسبة قد تكون دينية أو دنيوية ، بناء على هذا إذا اعتبرنا أن حفلة عيد الميلاد هي حفلة إطعام طعام ابتهاج بتجدد العمر ، وليست لها أية صبغة دينية ، ولفظ عيد إنما أطلق على سبيل الاستعمال العرفي لا الشرعي ، إذن يكون عمل حفلة عيد الميلاد بهذه النية نية إطعام الطعام شكرا لنعمة الحياة والعمر المتجدد (طاعة) إذا خلت أكيد من الحجات المتفق على تحريمها، وغالبا في محيطنا تكون هذه الحفلات خالية من أي منكر متفق على تحريمه يعني بنات بيرقصوا ويغنوا مع بعضهن وينبسطوا ودا لا حرج فيه إن شاء الله على قول من قال بإباحة المعازف . وقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام " أو كما قال عليه الصلاة والسلام . الوقفة الثانية هي مع نقل ابن الصلاح من كون وليمة العرس يعني عزومة الفرح العشاء يعني يستحب ليلا ، قال : لأنها في مقابل نعمة ليلية ، الله عليك يا ابن الصلاح ، رحمه الله تعالى ، في مقابل نعمة ليلية ، السكن ليلا إلى زوج تطيب به وله النفس بعد حركة النهار ، وانشغالاته ، حين تفتقد الروح إلى أنيس ، وتحتوشها الوحدة ( جامدة تحتوشها لكني وجدتها معبرة ) ، فيكون إطعام الطعام في الليل اللي هو عزومة الفرح مقابل نعمة ليلية هي السكن إلى الزوج. الوقفة التالتة : هي في مسألة كون العزومة فيها منكر متفق على تحريمه، يعني رقص شرقي مثلا أو حتى غربي مختلط رجال وستات يعني ، أو شرب خمر، هل يحضر المدعو أم لا يحضر ؟ قلت لهن : لا بد لنا هنا من وقفة مع فقه المخالطة ، هل نقول بعدم الحضور مطلقا كما هو معتمد مذهب الشافعية ، أم أن الأمر يكون فيه تفصيل بحسب الحال ، عند الشافعية قول آخر وهو ظاهر نص الشافعي بان الأفضل عدم الحضور لكن لا يحرم الحضور ، وإذا حضر المرء فلينكر بحسب استطاعته ، ودي مسألة تانية بالطبع أقصد فقه إنكار المنكر سأتحدث عنها بشكل مستقل، الحنفية عندهم تفصيل جميل قالوا إجابة الدعوة سنة لكن لو حضر المرء تلزمه يعني زي صلاة النافلة لو شرع فيها المرء لازم يكملها ما ينفع يبطلها لأن ربنا بيقول : " ولا تبطلوا أعمالكم "، وبالتالي لو حد حضر دعوة فيها منكر متفق على تحريمه وهو غير مقتدى به ، لازم يصبر وينكر بقلبه، ولا يظهر رضا بالمنكر ،يصبر وما يخرج لأن في حالة حضوره صار في حق عليه لصاحب الدعوة إنه ما يخرج منها ، وتعارض هذا الحق مع المنكر ، الحنفية قالوا : يجب أن يقدم في هذه الحالة حق صاحب الدعوة ، يعني المنكر الموجود لا يسقط حق الأخوة والتواصل ، وما ينفع حد يتكلم عن الاغتراب عن المحيط الفاسد، هذه هي وجهة الحنفية ، لا بد من الصبر على التواصل مع المجتمع المسلم رغم الأخطاء الموجودة ، وقالوا إن أبا حنيفة حضر مجلسا فيه منكر قبل أن يصبح مقتدى به( وسأناقش في مرة تالية إن شاء الله الفرق بين المقتدى به وغيره) وصبر ، وتحدث الحنفية عن حكاية سيدنا الحسن البصري لما أنكر على من لا يحضر الجنائز بدعوى النياحة اللي تكون موجودة ، وقال أنه ما ينفع أن يترك الأمر لأهل المخالفات ، هو لم يقل ذلك بالطبع نصا ، لكن أنا أنقل المعنى هنا ، ومراجعي في المسائل السابقة ، مغني المحتاج ، وفتح الباري ، والتمهيد لابن عبد البر وهو ناقل نص الشافعي ، وشرح فتح القدير في المذهب الحنفي . سألتني ابتسام : ما حكم الشرع إذن في الذهاب إلى مطاعم يقدم فيها خمر ، هل يأخذ نفس الحكم السابق ؟ قلت لها : وهل يختلف الحكم بين بلد إسلامية وأخرى ليست من بلاد الإسلام ؟ لا أعلم ، لا بد لي من مراجعة المسألة . ولم أراجعها إلى اليوم الجمعة .

ليست هناك تعليقات: