الأحد، 18 فبراير 2007

رفات حب

..مقدمة لا بد منها الحديث عن العلاقة بين الجنسين قبل الزواج وإن كانت ضمن مقدماته يكون ظاهره خروج عن إطار الشرع ناهيك عن التقاليد المحافظة . لكن تأملا هادئا يكشف لنا ، أن الشرع اعترف بالضعف الإنساني ذنبا أو تقصيرا ، وأرشد إلى معالجة الخطأ بحكمة مع النفس ومع الآخرين ، بحيث يظل الإنسان دوما على صلة بربه انكسارا وطلبا للسداد ، ولا تنقطع صلة إخوانه به دعما وعونا ، ومن سبل المعالجة الحديث بشفافية عن المنازل التي ينزل فيها القلب، وتتقلب فيها المشاعر ، والتي قد تتقاطع فيها التجارب الإنسانية ، وتتشابه ، فتستنير البصيرة ، وينضج بها إدراك المرء لذاته ومن حوله من خلال كلمات كتبت عن حكايا تهديه الحكمة والفهم والتسامح ثلاثية المغادرة " إنه لا يهتم بك بما يكفي ، إنه لا يحبك " كان نقاشا مثريا في البرنامج الشهير أوبرا حول كيف نشفى من علاقة حب تستنزفنا، قال ضيف البرنامج( ولا أذكر اسم الضيف ) : عندما تبدئين في اختلاق العذر تلو العذر لإهمالاته المتكررة لك ، وعندما لا يجد كلاما حقيقيا يقوله وتحسين بصدقه ، فاعلمي حينئذ أنه لم يعد ( يحبك ) لأنه لم يعد ( يهتم بك إلا بما يكفي لعلاقة تبقى باهتة ، يتمسك بها ، ليعود إليها عندما لا يجد شيئا آخر يهتم له وبه حقيقة ) ، فلا تغرقي أكثر في بحر عشق تخبو به ومعه روحك ، وتفقدين الإحساس بجمالها بسببه يوما بعد يوم . " إنه لا يهتم بك كفاية ، إنه لا يحبك ، إنه لا يستحقك " ثلاثية نحتاج لتذكرها دوما ، لكن بحكمة ، لننزلها منزلتها ، ففي اللحظة التي يتحول فيه الحب إلى استجداء للاهتمام ، والتفهم ، والتقدير ، يكون قد وصل إلى محطته الأخيرة ، ومحاولات استبقائه ستزيد سرعته في طلب المغادرة . مغادرة حب قد دبت في مراياه الشروخ ، تتطلب تجديدا لحياتنا ، نستبدل تلك المرايا المشروخة بمرايا أخرى لامعة تستمد لمعانها من استفاقتنا ، وفهمنا ، وإدراكنا بأن الحب المشروخ لم يعد حبا بل بات مشاعر شائهة تظل تنهش دواخلنا قبر ورخام وشجاعة "لتشفى من حالة عشقية يلزمك رفات حب ، لا تمثالا لحبيب لتواصل تلميعه بعد الفراق، مصر على ذياك البريق الذي انخطفت به يوما . يلزمك قبر ورخام وشجاعة لدفن من كان أقرب الناس إليك ، أنت من يتأمل جثة حب في طور التعفن ، لا تحتفظ بحب ميت في براد الذاكرة ، اكتب لمثل هذا خلقت الروايات . " أحلام مستغانمي . أحلام تقدم تفصيلا آخر يمكن أن نغني به حياتنا ، نحتضن مشاعرنا كتابة ، نحيي فيها اعتزازنا بأنفسنا ، ونصون ذاكرتنا من الاحتفاظ بجثة حب ميت ، بل ننقلها من براد الذاكرة إلى حرارة آفاق الكلمة ، وسلطان الكتابة الذي يقوينا بعزته ، و النور الذي ينبثق به ، فيكشف لنا عن سعة الحياة التي يمكن أن نحياها بعيدا عن مواصلة تلميع تمثال الحبيب بعد الفراق . نعم هو رفات حب ، هذا التصور الذي ينبغي أن نصطحبه في مخيلتنا ، نقاوم رغبته المقاتلة في التشكل تمثالا ، نقاومها بتهميش حقيقي لمن كنا في هامش تفكيره أو عطاءاته . الحسم والنزاهة وتبين المشاعر ، وحسم مواقفنا تجاهها ، لنكون أكثر تبصرا ، ونزاهة، وقدرة على تعامل متزن مع من حولنا بما يلائم طبيعتنا ، يعين على هذا التبين توبة، وتجديد للصلة بالله عز وجل ، وهذا التجديد ( التوبة) لا يرتبط فقط بالذنب كما قد يتبادر إلى الذهن ابتداء ، ولكن هو فعل دائم للقرب من الله عز وجل، بما يعنيه ذلك من قرب من الكمال الإنساني،جمالا وسلاما يملأ وجداننا ، فإهمالنا طلب الكمال الخاص بنا ، هو قصور في السعي نحو الله .. وعلاقة التوبة ب(التجديد) ، علاقة وثيقة ، تجديد نمط الحياة المعاش، ثورة حقيقية حانية حتى في أبسط التفاصيل كتجديد طريقة اللبس مثلا ، هذا فضلا عن تواصل -تنبض فيه قوة ( التجديد) -مع ذوي الأرحام، والأصدقاء ، والأصفياء ،وفي كل ذلك نحن في الحقيقة نرى الله ، نتصل به ، نقوي قلوبنا به، ثم امتدادا لذلك تنبض قلوبنا بحب ( جديد ) لذواتنا ولمن يطلب مودتنا

ليست هناك تعليقات: