الأحد، 22 يونيو 2008

بلا إجابات

هي، صديقة لبعض قريباتي، منذ زمن طويل، مكافحة ، وناجحة في عملها ، وتحرص دوما على أن تضيف إلى نفسها علميا وثقافيا ، قبل أيام رأيتها ، كانت مختلفة ، خسرت الكثير من وزنها .. احتضتني بشدة ، قلت لها : رائع ،ما شاء الله، ما الذي فعلته ، لتكوني بهذه الرشاقة؟ قالت بضحكة أرادتها أن تكون مرحة لكني أعجز عن التقاط مرارتها : لقد عقد طليقي قرانه ، وهجرني من أحب طليقها ، تزوجته عن قصة حب ( مكافحة جدا) ، لكن لأن الكفاح كان من جهتها فقط، ولم تكن قادرة على رؤية عيوبه ، التي كان الجميع حولها يحذرونها منها، اكتوت بنار بذلها له، لا سيما بعد وفاة والدها ، ونالت روحها الكثير من الآلام ، قبل أن تخالعه ، لأنه لم يدع لها مجالا إلا لأن تصد عنه ، بعد أن جرحها كثيرا ، بشكل بدا دوما غير منطقي ، وغير مفهوم لها .. قلت لها : والحب الجديد؟ قالت : تعرفت عليه من أحد المنتديات الالكترونية، وعرفت فيما بعد أنه صديق لقريب لي،كنا متفقين على الزواج ، وخططنا لكل التفاصيل، و فجأة اختفى.. قلت لها : كيف، قالت : آخر عهدي به ، كانت صورة الكاميرا ، وهي تنقل حركة والدته وهي تقوم بتقطيع الملوخية ، وسكون أبيه وهو يقرأ الجريدة ، وكرة تطير في الجو قذفها أخوه الصغير ، انتهى حوارنا ، ثم لم يعد يرد على إيميلاتي ، شهر كامل، وجواله مغلق، بعد ثمانية أشهر من تقارب شديد ، وألفة كبيرة، وحب وليد يتمكن شيئا فشيئا .. قلت لها :" لعل له عذرا وأنت تلوم ". قالت : لا أعتقد ، لقد خاب أملي ثانيا فحسب . قالت : الأيام تمر ثقيلة ، لكنها تمر، ربما لدي من الأنانية ما يعينني على الحفاظ على قدر جيد من الإنجاز ، كانت لهجتها مدعية، أو هكذا تراءى لي ، لم أجرؤ على التعليق، كنت أود أن تحتفظ بما أرادت أن تحتفظ به أمامنا من شعور بالقوة ، كانت اللاب توب مفتوحا أمامها ، لعل القدر يطمئنها عنه .. تساءلت عن مفهوم القوة حال صدود أحد الشريكين عن شريكه ، أو تغيره ، قالت صديقة كانت معنا : القوة هنا ، هي التجاهل التام ، وإذا رجع إليها فلا تعطيه مساحة ما ، إلا بعد أن يبذل الكثير . قالت صديقة أخرى : بالنسبة لي لا أستطيع ، إلا أن أخرج كل ما بداخلي ، لا أستطيع مثل هذا التجاهل . قلت : لعل مفهوم القوة لا يمكن تنميطه ، كل شخصية تتصرف بالشكل التي يلائمها ، ويعبر عنها ، كيف تستعير قلبا أو عقلا أو تفكيرا ليس لها ، لن تستطيع الاستمرار ، إن لم تتصرف التصرف النابع من ذاتها ، هي فقط تحتاج إلى التبصر والمشورة لتدرك ما يلائمها.. ارتفعت أصواتنا ، ونحن نتحدث عن ألم مثل هذه المواقف ، وردود الأفعال المناسبة حيالها ، كنا نسيج مختلف ، قالت صديقتنا فجأة : لقد جاءني إيميل منه .. كانت فيه كلمات قليلة : أنا متعب ، لا تضغطي علي ، متمسك بك ، وسأعود إليك . صمتنا كلنا ، أحسسنا أن الموقف لا يحتمل كلاما ، قالت : سأرد عليه بكلمة واحدة: براحتك .. قلت لها : نعم ، لكن ضعي في حسابك أنه قد يكون له ظروفه فعلا ، قالت : لا ، لو كان يهتم لأمري حقا ، لطمأنني ، أو أبلغني أنه سيغيب، لكن الأمر انتهى عنده بتاتا،ولن أفهم لماذا، و الكثير من الأسئلة ستظل عندي بلا إجابات، فقط سأضطر لتقبل ذلك . تألمت لألمها ، ولم أملك أن أتحدث بعدها ، ثم جاء المسلسل التركي نور ، ليفتح بابا لنقاشات أخرى في نفس الدائرة .. وتصبحون على خير ..

ليست هناك تعليقات: