الجمعة، 27 فبراير 2009

عن الجانب الجسدي أتحدث / تأملات عن الحب والدين والزواج 2

عرضت تدوينتي ( تأملات عن الحب والدين والزواج ) على صديقة ، فقالت : أعرف كثيرات في مجتمعنا يقدمن على الزواج لأجل العلاقة الخاصة وكفى ॥
قلت لها : وكفى ؟ دون تفكير بما يترتب على الارتباط من مسؤوليات ، وبما يكتنفه من تغيير ، وما يتطلبه من مبادرات ، وخطط ॥ قالت نعم
ذكرني كلام صديقتي بما نص عليه بعض الفقهاء من وجوب الزواج حال خشية الزنا* ، وبالفتاوى التي تحلل الزواج بنية الطلاق ، وهو فيما يحضرني مذهب عامة أهل العلم - انظر تفصيلا حسنا في ذلك هنا -
قلت لها : إن من الخطأ أن نتوقف عند القراءة المجردة للأحكام التي ينص عليها الفقهاء ولا نتنبه إلى السياقات المستقاة من النصوص الفقهية في موضوع الزواج فضلا عن النصوص الشرعية ، ومقاصد الشريعة।
اختصار الزواج في ( العلاقة الجسدية) أراه أمرا كارثيا ، لا سيما في عصرنا المعقد هذا ॥ و (خشية الزنا) لم يعد التغلب عليها معضلة ॥ بل لقد تحدث الفقهاء قديما عن أدوية تخفف من وطأة الشعور الضاغط بالحاجة إلى العلاقة الجسدية لمن ليس لديه الاستعداد المادي للنكاح ।
والسؤال هنا : أليس الاستعداد النفسي والتأهيلي للزواج كعلاقة مقدسة دائمة هو لا يقل أهمية عن الاستعداد المادي ؟
بل إن الحديث حول حرمة العادة السرية قد تجاوزه بعض المفتين اليوم في وعي بطبيعة الضغوطات في عصرنا ..
فصاروا يذكرون ما في المسألة من سعة - كما سمعت من الشيخ سلمان العودة في برنامجه (الحياة كلمة )- أرى أنه يجب أن لا يغيب عنها التأكيد على الأبعاد النفسية المرتبطة بممارسة هذه العادة ، فضلا عن وضع هذه الممارسة في إطارها الصحيح بحيث لا تكون تكريسا لتفكير يكون الجنس هو محوره وغايته.
لن أجنح فأقول إن ( نكاح المتعة ) عند الشيعة الأمامية هو حل قد يكون أكثر نزاهة وعدلا وشجاعة -فالتنصيص على تأقيت الزواج يكون واضحا بلا مواربة -
وذلك إذا أردنا أن نعترف بالحاجات الجسدية بشكل مستقل عن متطلبات الزواج غير المؤقت ، لأن ( نكاح المتعة ) إن لم ينشأ في ظروف ملائمة ، فلا بد من أن مفاسد الإقدام عليه ستكون كارثية في مجتمع يرفضه ، ويعده جريمة شرعية ।
وهذا الرفض المجتمعي مستند إلى مذهب جمهور أهل السنة في عد زواج المتعة حراما يشذ من يعتد به عن الحق ، وينقل بعضهم الإجماع على ذلك ।
الحل السني – أنا هنا أتساءل ولا أقرر- قد يكون بالتصريح بنية الطلاق على أن لا يتضمنها العقد ، فيكون ثمة اتفاق بين الطرفين على تأقيت الزواج -كما هو مذهب الشافعية في الجواز-تجنبا لمفاسد التكتم على النية المبيتة عند الرجل فضلا عن ما في ذلك من غش وخداع ॥
وبقيت هنا فكرتان : إحداهما : أن الكلام عن حل الزواج بنية الطلاق بالنسبة للرجل دون تحميل الرجل مسؤولية التواصل الصادق مع المرأة وأهلها -وهو ما نقل عن الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- في كلام يستحق التقدير حقا وستجدونه في هذا الرابط- هو تكريس لتفكير يغيب المرأة كإنسان وكشريك في العلاقة الزوجية مؤقتة كانت أم دائمة।
والثانية : أن الحديث عن وجوب أو استحباب الزواج حال خشية الوقوع في الزنا لا يختص به الرجل ، بل يشمل المرأة أيضا ، أتذكر أني تساءلت مرة لما قرأت هذا الكلام في أحد الكتب الفقهية القديمة ، وهل الزواج بيد المرأة لكي يتحدث الفقهاء عن وجوب أو استحباب الزواج في هذه الحال ، قالت لي شيختي د.شادية كعكي : تتحدث مع أهلها .
وهنا أجد أن المجتمع بحاجة إلى ثقافة جديدة ، ليست فقط على صعيد الحوار الأسري، لكن على صعيد التمسك بجعل الزواج هو خيار يتفرد به الرجل ، ولهذا حديث آخر ، وتأملات أخرى ॥

* الشافعية في معتمدهم نصوا على استحباب الزواج حال التوق إليه وفقدان متطلباته المادية قالوا لأن الأمر مرتبط برضا الزوجة أو وليها ، وهذا تنصيص في محله . ( مغني المحتاج ج3/ص 168)

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

حسنا، ألا تحتاج هذه التدوينة إلى مزيد من التفصيل والتركيز؟

كنت استمتع أيضا بقراءة "كنت هنا"، حسنا أتفهم أن إغلاقها قد يكون لأسباب تخصك لكن هلا أنشأت مدونة عامة لكتابات أدبية مما تحبين نشره للعامة؟ :)

صفية الجفري يقول...

أولا أهلا بك حقيقة فأنت ممن أعتز بتعليقاتهم جدا ..
ثانيا نعم التدوينة بحاجة إلى مزيد من التفصيل والتركيز كما تفضلت ، لكن لعل التقصير في ذلك معفو عنه إّ " يغتفر في الكتابة التدوينية ما لا يغتفر في غيرها " :)
أغلقت " كنت هنا" لاني كنت أحتاج إلى التفكير في بعض الامور .. وقد أفتحها ثانيا .. لا اسمي كتاباتي ( ادبا ) أجد أن هذا الاسم كبير حبتين .. هي مذكرات يومية وخواطر خفيفة .. لكن لا مشاحة في الاصطلاح .. صدقا شكرا لتشجيعك واهتمامك

غير معرف يقول...

السلام عليكم..

سيدتي سلمت اناملك صدقا من اروع ما قرأت ..لا مبالغة من يدري ربما شاطبي اخر يطل علينا من جديد ...

صفية الجفري يقول...

ادع لي بالسداد والتوفيق ياأخي شوقي ..وغفر الله لي الزلل والتقصير .. شكرا لك