الخميس، 26 فبراير 2009

تأملات عن الحب والدين والزواج

الزواج كشراكة
كان حوارا طويلا دار بيني وبين إحدى الصديقات ، كنا نتحدث عن ( الاحتياج للشريك ) ، الإحساس بهذا الاحتياج ، وكيف نتعامل معه ، وكيف نفعله بحيث يكون حافزا للحصول عليه ، لاحظت أننا في حديثنا ابتعدنا غالبا عن وصف ( الزوج ) واستبدلناه بوصف ( الشريك) ، حسنا لم ألاحظ ذلك أثناء الحوار الممتد لثلاث ساعات تقريبا ، لكن اليوم وبعد استرجاعي لأجزاء من الحوار لاحظت ذلك ، ووجدتني أقول : يبدو أن كلمة (الزوج ) أصبحت ملتبسة- في واقعنا السعودي على الأقل- بمعان لا تغلب عليها الشراكة بل الحصول على مساحة أكبر من الاختيار بشكل ما ، من حيث تسلم إدارة الشؤون المنزلية ، والحصول على فرصة أكبر للسفر والخروج .. ناهيك عن ظلال القوامة بما تعنيه في واقع الحال من تسلط بشكل أو بآخر .. كنت أفكر لماذا ترغب إحدانا في الزواج ؟ أ لأجل المساحات الأوسع التي تحصل عليها بشكل ما ؟ وجدت أن فكرتي عن الزواج ملتبسة فعلا ، وبدأت أحررها بداخلي، أكتشف حاجتي الحقيقية .. المساحات الأوسع يمكن الحصول عليها بمزيد من الاستقلال المادي ، ومزيد من الحكمة في إدارة العلاقة مع الأهل .. لا أقبل أن يكون الزواج هو وسيلتي لتحقيقها ، لا أعيب من تقرر أن الزواج هو وسيلتها لذلك ، هذا خيارها ، ونظرة الناس إلى ترتيب شؤون حياتهم وخياراتهم مختلفة ، لكني ك(أنا ) وجدت أن فكرة الزواج بعد تحريرها عندي تصب في مسألة ( الشراكة ) ، هل أنا مستعدة لاقتسام حياتي ومكاني واحتياجاتي وشؤوني مع شخص آخر ؟ هذا هو السؤال الأساس بالنسبة لكل من تريد علاقة ترتبط بجوهر فكرة الزواج ، وتقول الدكتورة شيري كارتر سكوت في كتابها الذي أجده قيما :" إذا كان الحب لعبة فهذه هي قوانينها " أن الصدق مع النفس في إجابة سؤال كهذا مهم جدا لضمان نجاح الزواج .. رافقني كتاب د. سكوت لأيام ، ورغم أني قد قرأته قبلا ، إلا أن القراءة الجديدة له هذه الأيام ، أمدتني بمعان مختلفة ، من الكتب ما يكون في تكرار قراءتها مزيدا من الاكتشاف لمعان جديدة ، أو فهم معان قديمة لديك بطريقة مختلفة ومؤثرة ، ولعل هذا مرتبط تماما بجهد الكاتب ، وعمق تحضيره لمادة الكتاب ، بحيث لا تكفيها قراءة واحدة ..

لا بد أن تحب ذاتك أولا

القانون الأول التي تتحدث عنه د। سكوت هو أنك لتستطيع أن تحصل على حب شخص آخر لابد أن تحب ذاتك أولا ، حب الذات يكون بتقديرها بحيث تعطيها ما تستحقه من وقت ومال واهتمام ، إذا اهتممت بذاتك بشكل كاف فستجد شريكا يهتم بها ، لأننا نعطي الآخرين النموذج الذي يتعاملون به معنا من خلال تعاملنا مع ذاتنا ॥ مزيد من الوقت والاهتمام والمال بشكل متوازن ، لا يجنح نحو التضخم ، هذه إضافة صديقتي أروى الدرويش .. لو تعاملنا مع تقصيرنا في جو ملىء بالاتهام ، فسيعاملنا الآخرون كذلك ، ولو لم نحترم رسائلنا الداخلية ونقدرها فلن يحترمنا الطرف الآخر .. تتحدث د. سكوت عن أن الحب ينجذب لأولئك الذين يرغبونه لا إلى الذين يحتاجونه . الاحتياج التي تعنيه د. سكوت هنا هو أن يحتاج المرء شريكا يعطيه ما تقاعس هو أن يعطيه لذاته من اهتمام وعناية وتقدير واحترام. الحب المقدم من الشريك لا يمكن أبدا أن يحل محل حب المرء لذاته وعنايته بها .. الكتاب ثري .. وما حدثتكم عنه هو صفحات قليلة من صفحاته البالغة (253) صفحة .. وأرى أن اسمه قد ظلمه بشكل ما ، لأنه أكثر ما يكون ابتعادا عن ابتذال فكرة ( الحب) أو احترام قداستها في حياة الإنسان .. قالت لي صديقتي : المشاعر أقدس من الجسد ॥ أفكر الآن في كلمتها التي لم أناقشها فيها في حينها .. المشاعر أقدس ممن الجسد لأن تقديسها وعدم بذلها إلا بعد وعي تام بكونها صادقة ، وبكونها لا تعارض مع احترام المرء لذاته ، وبكون الطرف الآخر يستحقها حقا .. عدم بذلها إلا بعد التأكد من ذلك كله سيقود تبعا إلى التعامل مع الجسد بقداسة

الدين والحب

الكلام عن الحب قد يكون جريمة وتفسخ عند بعض الناس أو كثير منهم ، وأرى ذلك في عصر كعصرنا هو مجافاة للغة فرضت نفسها ، وبات الاحتشام عن الخوض فيها بما تستحقه من فكر ونظر واحترام ، هو احتشام في غير موضعه ،،ووضع الشيء في غير موضعه ظلم ، هو ظلم للدين ، وتكريس للانقسام بين طبيعة الحياة في هذا العصر وبين الدين أشعر حقيقة بالمسؤولية التي تجعل تخصصي الشرعي حملا ثقيلا أنطلق منه تحديدا للحديث عن موضوعات معجونة بهموم الناس وحياتهم ، ويتغاضى عنها الخطاب الديني أو يتحدث عنها بطريقة خجلة أو متحفظة ، وأتساءل مما نخاف ؟ هل نخاف من الناس الذين يرفضون أن يصدر الحديث في مثل هذا الأمر من منبع له ارتباط بالدين ؟ أليس الخوف يؤكد بعد الناس عن الدين ، ونظرتهم إليه كأنه يتسامى عن احتياجاتهم ، وهل جاء الدين إلا بمراعاتها واحترامها ؟

هناك 7 تعليقات:

غير معرف يقول...

الحب والزواج..أشياء تحدث في حياة الناس يجربونها، يعيشونها بتصورات قبلية مختلفة، يغلب عليها الرومانسية والوردية أحيانا، لكن واقع الحياة يغيرها بكل تأكيد، والطامة تحدث مع بعد التوقعات عن الواقع.
الزواج شراكة نعم، لكن لمن لديه استعداد للشراكةوهو استعداد يمكن له أن ينمى الحب في هذه الشراكة يدوم إذا تحول إلى مودة ورحمة وسكن ولكي يحدث هذا فيجب على المشاعر أن تتحول إلى سلوك يترجم الحب وهذا معنى المودة، واهتمام والاهتمام يعني اقتسام الهم كما يعني السكن أن يكون الشريك مكمن ومأمن سر شريكه وتأتي الرحمة كالبلسم الذي يشفي كل منا من بعض ما قد يعتريه في المواقف الصعبة من قساوة في القلب أو غلظة في السلوك..كل هذا طبعا..معادلة صعبة تحتاج إلى دربة وإعداد قبلي يقلل من احتمالات الفشل، ويعظم من احتمالات النجاح
خالص التحية
مجدي سعيد

غير معرف يقول...

مذهل ..
أضفت لي ياصفا..
بشتري الكتاب ..:)

غير معرف يقول...

استاذتي العزيزة

مقال جميييييييييييييييييل
اشتقت لمقالاتك

وفقك الله

صفية الجفري يقول...

مرحبا بكم جميعا
د. مجدي
أوافقك على مسألة الاستعداد ، والكتاب يتكلم عنها بشكل مفيد جدا، ومع الاستعداد والتأهل يحتاج المرء أن يستصحب دوما النور الذي هداه للاختيار لأجل مزيد من الود والمسؤولية والصبر لأجل نجاح الزواج

فوز
أشكرك جزيلا صديقتي العزيزة .. ستحبين الكتاب وأعتقد أنه سيكون صديقا لروحك الذكية والشفافة
لانا
سعدت بتعليقك واشتقت أنا أيضا للكتابة .. وفقك الله وأكرمك بما تحبين كما تحبين وزيادة

صفية الجفري يقول...

مرحبا بكم جميعا
د. مجدي
أوافقك على مسألة الاستعداد ، والكتاب يتكلم عنها بشكل مفيد جدا، ومع الاستعداد والتأهل يحتاج المرء أن يستصحب دوما النور الذي هداه للاختيار لأجل مزيد من الود والمسؤولية والصبر لأجل نجاح الزواج

فوز
أشكرك جزيلا صديقتي العزيزة .. ستحبين الكتاب وأعتقد أنه سيكون صديقا لروحك الذكية والشفافة
لانا
سعدت بتعليقك واشتقت أنا أيضا للكتابة .. وفقك الله وأكرمك بما تحبين كما تحبين وزيادة

غير معرف يقول...

شكرا لاضافتكم الذهبية فى هذا الموضوع .. استفدت منها حقااا..

لو اقدر احصل على اسم الكتاب و الناشر .. اكون شاكرة لكم ..
وبالتوفيق دائما

صفية الجفري يقول...

أهللا بك إيمان .. شكرا لتعليقك .. الناشر العربي للكتاب هو مكتبة جرير وقد اشتريته من جرير في جدة .. الكتاب اسمه كاملا ( إذا كان الحب لعبة فهذه هي قوانينها _ عشرة قوانين للتوصل إلى الحب وتوطيد علاقات صادقة تدوم طويلا )
خالص تقديري
صفية