الأحد، 6 يوليو 2008

حول تاريخية التفسير القرآني

وعدتكم أن أكتب عن كتاب ( تاريخية التفسير القرآني) للأستاذة نائلة الراضوي من إصدارات المركز الثقافي العربي ، والآن أفي ببعض وعدي ، لأن الكتاب يحتاج إلى وقفة أطول وأعمق. منهج الكاتبة كما كتبت هي، يتلخص في نقاط ثلاث النظر في مدى تولد الحكم من النص القرآني . تتبع سيرورة الحكم في التاريخ . الإجابة عن مدى التزام المجتمع بتطبيق النظرية الفقهية . الكتاب صعب بالنسبة لي، رغم أنه مشوق تماما ، ظللت أقرأ وأنا أظن أني أفهم ما أقرأه ، بعض الشيء، ثم تبين لي أن الأمر معقد ،راسلت الشيخ سلمان العودة ليقرأ الكتاب ، ولم يرد علي، شعرت أن الكتاب يحتاج إلى وقفة من عالم متخصص في الشريعة . الأفكار التي تقولها الكاتبة كنتيجة ، لا أستطيع فهم كيف توصلت إليها من خلال قراءتها لتاريخية التفسير القرآني المنهجية في نقد مراحل سير الحكم من زمن الصحابة إلى الآراء الفقهية التي استقرت عليها المذاهب ، هذه المنهجية ليست واضحة بالنسبة لي ، هناك تكثيف للأفكار ، وضغط لها ، بشكل يجعلني عاجزة عن الاستيعاب الكامل ، فضلا عن كون النقد الموجه لمناهج العلماء يحتاج إلى دراسة مفصلة لفهم مدى إحكامه أو تهافته . أعتقد أن دراسة كل موضوع على حدة ثم العودة إلى ما سطرته الكاتبة وقراءته بتأن ربما يكون مفيدا . لكن هنا مجموعة من النقاط التي أحب أن أشارككم بها، وغالبها كنت قد توقفت عندها من قبل نتيجة قراءتي التراثية ، وجاء الكتاب ليؤكد حاجتي إلى دراستها :

ليست كل الأسئلة مجابا عنها في الفقه الإسلامي . وبعض الأحكام تبدو متناقضة

أثر المجتمع على رؤية الفقيه في انتقاء الأخبار وترجيحها

كلام الكاتبة حول أن فهوم الصحابة تختلف عند نقل النص بالمعنى ، ودور ذلك في إقامة حاجز بين النص ومراداته الأصلية ، هذا الكلام لا يصح جعله ناقضا للسنة ، لأن الصحابة هم الذين ارتضاهم الشارع للنقل ، وعليه ففهومهم معتمدة

الإجماع ومستنده هل هو عرفي متغير، أم هو سماع من الرسول صلى الله عليه وسلم

السياق ودوره في دلالة النص

تساءلت الكاتبة عن غياب لفظ " الأسرة " من مصنفات التفسير والفقه . وتحدثت عن أن طبيعة الحياة تجعل الزوج متنقلا ، مما ينتج عنه أن ( لا تجتمع هذه النوى في مصر واحد، وتفسر هذه الملاحظة وجود بعض النوازل ، مثل الرجل الذي يتزوج أخته ولا يعلم ) ثم إنها بعد استدلالات أخرى متعلقة بدور ملك اليمين والولاء خلصت إلى أن المجتمع قائم على الرجل ، وإن أعطي اعتبار في العلاقات بين العشائر فإنما هو قائم على " الأولياء" ، وغابت بذلك المرأة من جميع المقالات تفسيرية كانت أو فقهية باعتبارها كائنا حيا، فتجردت من أنوثتها ، ونظر إليها وقد اختزلت شرف العشيرة أو الزوج ، فحفظت في حجاب، واعتبر النظر إليها دنسا يلحق الزوج أو العشيرة . كما تحدثت الكاتبة عن عجبها من أن المرأة قبلت هذا الوضع ودافعت عنه ، وأن قبولها هذا في حقيقته مظهر من مظاهر البحث عن الحماية والاستقرار. نحن نحتاج حقا إلى تحرير لمفهوم الاستقلالية ، والحضور المجتمعي ، كلام الكاتبة هنا يختزل رؤيتها في هذا الأمر ، التي لا أوافقها في جميع جوانبها ، وإن كنت أوافقها في فكرة أن قيام المجتمع على الرجل له آثاره التي ساهمت بشكل بارز في تغييب المرأة كشريك كامل في اختيارات الحياة في( عموم) مقالات المفسرين والفقهاء. واخترت لفظ ( عموم ) هنا لأن القاعدة الأغلبية أن ما من عام إلا وخصص. والله أعلم

ولعله أن تكون لي عودة أكثر ثراء مع الكتاب ، مع عزمي على إعادة قراءته ، بعد أن أبحث في كلام العلماء ، وأصبح أكثر تمكنا في فهمه ، في المسائل التي تطرقت لها الكاتبة

ليست هناك تعليقات: