الأربعاء، 7 مارس 2007

مخمخة مع الإمام الغزالي

كنت دوما أقلد القول بإباحة الغناء والمعازف دون فهم متمكن لوجه الحل ، وذلك في توجيه المجيزين للمعازف حديث البخاري ( يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) على أن المراد هو حرمة المعازف حال اقترانها بالخمر والفجور ، لم أكن أفهم هذا التوجيه ، لكني كنت أقلد القول بإباحة المعازف لأني لا أطيق سواه ، أذكر أن صديقة لي منذ سنوات عشرأو اكثر ،هجرتني لأني ( لا فائدة ) مني كما قالت ، فكلما امتنعت عن الاستماع للغناء عدت إليه قلت لها : هذا الإسلام الذي تحدثيني عنه لا أطيقه ، فدعيني مع إسلام الشيخ القرضاوي ، وسأحكي لربنا بعد ذلك إن كان الشيخ القرضاوي على غير الصواب ، سأحكي لربنا عجزي وهو يتولى أمري وتعلمت على يد االعالمة الفاضلة الدكتورة شادية كعكي في جامعة الملك عبد العزيز بجدة( شيخها العالم الجليل الشيخ أحمد فهمي أبوسنة ) أن الذين يقولون بحل المعازف علماء لهم وزنهم ، وان تقليدي لهم يرفع عني الحرج ،لكني لم أستطع أن أفهم رغم قراءتي كلام القرضاوي بل وكلام الغزالي في الإحياء .. واليوم أعادني درس الأربعاء في كتاب الوليمة للمسالة وفهمت ، راجعت المسالة في عدة كتب أجمعها هو شرح الإحياء المسمى : ( إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين ) للإمام الزبيدي ، ويا ألله ما أجمل وما أجمع ما كتبه الإمام الزبيدي في الغناء والمعازف ، الإحياء مع شرحه ضبطوا مزاجي في المسألة ، وألله عليك يا إمام يا غزالي : ببساطة الإمام الغزالي بيقول إن الصوت الحسن لم ينكره الشرع سواء صدر من حنجرة الانسان أو من آلة ومن ثم أبيح الدف لكن هناك آلات مخصوصة ( المعازف ) ذوات الاوتار هي التي حرمت لعلة تفهم من حديث البخاري وهي ان المعازف مرتبطة بالخمر ، ومقدمة له ، كما أن الخلوة بالأجنبية مقدمة للزنا ومن ثم حرمت لاجل ارتباطها بالخمر يذكر علة ثانية في التحريم يقول إنها حرمت لاجل أن حديث عهد بترك الخمر تهيجه المعازف الى الخمر وتذكره اياها ، والعلة الثالثة هي أن الفساق هم الذين يتخذون المعازف مقترنة بالخمر . إذن الإمام الغزالي لم يجر الحديث على ظاهره وإنما ربط بين مجموع الادلة ، الأصل في الصوت الحسن الحل ، بل ورد استحسان الصوت الحسن في السنة ، استثني من ذلك المعازف لم ؟ رغم اباحة الدف وهو الة تصدر صوتا حسنا ، إذن لا بد من علة هنا وهذه العلة هي ارتباط المعازف بالخمر . إلى هنا توقف الإمام الغزالي وقال بحرمة الأوتار لكن المجيزين قالوا إذن التحريم ليس لذات المعازف وإنما لاقترانها بالخمر والفسوق فالتحريم للصورة الواردة في الحديث لا سواها وأعجبتني دقة عبارة الشيخ القرضاوي ، قال : الأحاديث الواردة في تحريم المعازف إما صحيح غير صريح ، او صريح غير صحيح . عبارة جامعة مانعة ، ولست هنا للاستطراد في أدلة المجيزين لكن أعجبني ما روي من دخول ابن عمر على عبد الله بن جعفر وكان معه أو مع جارية له عود فقال عبد الله ابن عمر : أهذا ميزان شامي ؟ ( شوفوا الخبرة ) قال عبد الله بن جعفر او لعله الزبير ليست بين يدي الكتب الآن المهم قال : توزن به العقول ... ياسلام ع الرد الموزون .. ويتحدث الإمام الغزالي عن أن استغراق الإنسان وقته في الغناء والمعازف ينقل حكم السماع من الاباحة الى أن يصبح معصية صغيرة ، ويرد عليه جماعة من العلماء قوله هذا بحديث الاعرابي الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيقتصر على الفرائض دون سواها فقال عليه الصلاة ولاسلام أفلح إن صدق . فقالت عمتي حماس : كلام الإمام الغزالي وجيه :أليس الله تعالى يقول : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) قلت لها : إذن المدار على السرف المضر بمصالح المرء .. لكني الآن أرى أنه يجب أن أراجع تفسير الآية .. لفتة أخيرة مع حديث البخاري ( يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) ابن حزم كما هو معلوم لم يصح عنده ، هنا : علقت : إن القول بأن البخاري جميع ما فيه صحيح هو قول أغلبي ، أو باعتبار ما ذهب إليه جمع من العلماء لان هناك احاديث في البخاري لم يصححها غيره من العلماء كما في حديث المعازف ،وكما في حديث دخول والد الرسول صلى الله عليه وسلم النار فرد السيوطي وغيره هذا الحديث لأسباب منها أنه يخالف نصا قطعيا وهو ( وما وكنا معذبين حتى نبعث رسولا ) وأبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الفترة فالحكم على الحديث تصحيحا أو تضعيفا سندا او متنا هو حكم اجتهادي وقد يصحح المحدّث ما يضعفه الفقيه لمخالفة القياس القطعي مثلا

ليست هناك تعليقات: