الأربعاء، 21 مارس 2007

تعدد

أذكر أن الجامعة التي كنت أدرس فيها قد استضافت إحدى الداعيات لتتحدث عن التعدد في الإسلام وحكمته .. وكان مما قالته: إن من يتزوج زوجها عليها فتطلب الطلاق أو تعترض على فعله ، وتتغير عليه بسبب ذلك ، فهي تعترض على حكم الله في تشريع التعدد مما يعد خروجا على الدين ، وسخطا مستلزما للكفر ..

قلت لها يومها .. لا بد أن نفرق بين ما هو سخط واعتراض على حكم الله أصالة .. وبين عدم قبول وضع خاص لا ترتضيه لنفسها ..نعم نقول لمن ابتليت بمثل ذلك فلتصبري وتحتسبي ولك الأجر الجزيل، والصبر لا يعني عدم التألم ولا تنقضه فلتات الضعف البشري من غيرة وتنغيص مادمت لا تعترضين على ابتلاء الله لك ، وإن قدرت على مقام الرضا ففي ذلك خير كثير .. أما أن نتوعدها بالويل والثبور إن لم تقبل بل إن لم ترضى فهذا ليس من الدين في شيء .. وكلامك عن وجوب الرضا الكامل لكل من تزوج زوجها عليها لا يتسق مع ملائمة أحكام الشريعة لطبيعة البشر .. ولو كان الأمر كما ذكرتِ لما كان للزوجة –وفقا لمذهب الحنابلة – أن تشترط أن لا يتزوج زوجها عليها ، وتعطى بموجب ذلك حقا في فسخ الزواج إن لم يلتزم بالشرط ..

( وأزيد اليوم : "بل إن القول بأن الكمال هو في البقاء مع الزوج فيه نوع إطلاق ، فقد يكون الكمال في الانفصال عن الزوج إن علمت الزوجة أن بقاءها معه سيجرها إلى نوع ظلم لنفسها أو للزوج أو لضرتها . أو علمت أنه سينالها من الظلم ما سيذلها ويهينها ولا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه والصبر هنا قد لا يكون فضيلة مع إمكان رفع الظلم ..

المسألة إنسانيا وتبعا لذلك فقهيا شديدة التعقيد واختزالها في أحكام مطلقة سطحية الدين منها براء . ناهيك عن أن الشافعية والحنابلة جعلوا إقدام الزوج على الزواج بأخرى غير مستحب لأنه يضيف على نفسه حقوقا قد لا يستطيع أداءها ، بل قد يكون محرما إذا علم عجزه عن أداء الحقوق الواجبة عليه ، هذا فقه مغيب للأسف ، في خضم تضخيم حقوق الرجل دون التأكيد على ما يقابلها من مسؤولية ثقيلة أمام الله عز وجل ." )

لم يعجبها ما قلت .. وقالت بإصرار: لا تقولي مثل هذا الكلام فأنت تجرئين الناس على شرع الله !

وعجبي !!!