السبت، 19 نوفمبر 2011

مع منال الزهراني حول : الحجاب .. أسئلة الثابت والمتغير(1) ( من الفيس بوك إلى المدونة )

قالت منال :

خلاصة جيدة يا صفية ، كنت أتساءل إلى أي حدّ يمكن أن يؤثر المقصد الكُلي في تنزيل حكم محدد، الأهم من هذا السؤال: إلى أي حد يؤثّر المقصد في قطعية دلالة النص؟ أنتِ تُرجعين الحُكم في قطعيّة الدلالة على تفسيرات العلماء لذات النص ومن جهة الثبوت أيضاً ، وهو مالا أؤمن به ، وأعتقد أن النص يتعالى عليه ... وما زلت أحاول الفهم .. بينما أمرّ هذه الأيام على كتاب " مشاهد من المقاصد" لابن بيّه...

قالت صفية :

إلى أي حد يؤثر المقصد في قطعية النص؟

ولعل الجواب هو أن النصوص هي بنية كثير من المقاصد كما أن من النص قد يكون مقصدا .. و المقاصد والنصوص تشكل معا كليات الشريعة وقواعدها

من زاوية أخرى : هناك فكرة طرحتها في المقالة واعيدها هنا وهي أننا لا بد لنا ان نفرق بين النص كمطلق وبين تطبيقات النص في حياة البشر لان التطبيقات التي سماها الشاطبي بالعوارض التي تطرأ على النص هذه التطبيقات متغيرة ونسبية وليست مطلقة

ومن ثم فإن المقصد يؤثر في تطبيقات النص المطلق وبدون ذلك لن يحصل اتساق الأحكام في الشريعة.

... أما كلامك عن ( تعالي النص على التأويلات ) فيحتاج إلى تحرير لمفهوم النص .. فإن قلنا إن النص هو كلام الله مطلقا من أي قيد .. فأنا معك أن النص الظني تأويلاته قد لا تنقضي وكل من يمتلك الأهلية من حقه تفسيره .. لكن من المسلّم ان هناك قطعيات محكمات في الشريعة هذه القطعيات تدل عليها النصوص القطعية .. وهنا تأتي الحيرة .. اللغة محتملة فكيف نصل الى القطع .. بحثت هذه المسألة وتوصلت الى ان هذا السؤال ليس صحيحا على اطلاقه لان القول بصحته اطلاقا يؤدي إلى هدم ضرورات التخاطب بين الناس كما قرر أستاذ اللغويات محمد يونس في كتاب له لا أذكر اسمه الآن .. الحاصل : ان اللغة كما هي محتملة فهي قد تكون قطعية وسيل التوصل الى القطعية هو القرائن الحالية والمقالية . والا لم يفهم أحد أحدا..

لكن هناك مشكلة في التوصل الى قطعيات الشريعة من جهة ان هذه القطعيات لم تجمع في كتاب .. وتركت لتداول العلماء .. وهذه المشكلة تناولها الامام الشاطبي في مقدمة الموافقات.. والحاصل اني للتوصل الى مقاربة للتعرف على القطعي اعتمدت طريق ان اختلافات العلماء المؤهلين في تأويل نص ما دليل على عدم قطعيته ..

ختاما ارجو ان اكون قد اقتربت من الاجابة على ما طرحت .. وشكرا لك.. اما كتاب الشيخ بن بيه فهو عميق جدا.. تعلمين يامنال طريق تعلم المقاصد هو دراسة اصول الفقه جيدا لا سيما القياس والعام والخاص.

قالت منال :

بلا شك يا صفية عملية تدوير النص من التشريع إلى المقاصد أو تأثر تنزيله بالمقصد مفروغ منها ، لذلك السؤال كان: (إلى أي حد) يُسمح للمقصد سواء كان خاصاً بالحُكم أو عاماً في تحكيم قطعية النص ابتداءً ، وتفسيره انتهاءً؟ بالمثال: الحجاب من أصله وليس شكله ، إلى أي حدّ يمكن أن يتأثر بالمقصد الخاص منه؟ أو بمجمل المقاصد الشرعية، سمعت من شرعيين ينفونه احتكاما لانتفاء المقصد الخاص منه وهو التفريق بين الأَمة والحُرّة... طبعا هذا الاحتكام تطرقه اعتراضات وجيهة لذا لا يهمني المثال بل عموم فكرة (حد) تأثر قطعية دلالة/تفسير النص ..بالمقصد *التعالي الذي أقصده ليس على التأويل وما ذكرتيه صحيح ومنطقي قبل أن يكون لغوياً ..فعلا سيسقط التخاطب، ولن يُفقد المعنى فحسب بل حتى المادة ستُفقد لأننا نعيد توصيفها واستحضارها عبر اللغة وليس الحواس.. التعالي الذي قصدته يكون على طريقة التأويل، لأنني أجد أن المقاصد كطريقة تأويل أعلى من الاجتهاد الفقهي، وهي فيما تبدو ألصق بالنص منه ، خاصة في النصوص المُشكِلة أو التي راعى الشارع فيها لغة تمثل بيئة جيدة لخلق احتمالات تأويل.. سعدت بإضافتك عزيزتي صفية وأشكرك.

قالت صفية:

هل تقصدين : هل المقصد هو أحد طرق التعرف على النص؟

أما مسألة تفسير النص فالمقصد يتدخل فيها قطعا الى اي حد هذا يختلف بحسب رؤية المجتهد لان المسألة هنا تنتقل الى ساحات الظنيات الرحيبة .. مع الاخذ في الاعتبار ان العمل بالقطعي هو مقصد كما حرر ذلك نقلا عن الامام الشاطبي االعالم الجليل عبد الله بن بيه في تعريفه للمقصد في كتابه مشاهد من المقاصد

ليست هناك تعليقات: