الجمعة، 25 أبريل 2008

يارب عونك .. فزعتك

لم أنم مبكرا منذ أسابيع، ولذا فإن قدرتي على الإنجاز ضعيفة ، أمس فعلتها ، ونمت في قبل الواحدة بعد منتصف الليل ، استيقظت بنفس نشيطة فجرا ، كنت أشعر بشوق كبير إلى القرآن ، قرأت ما تيسر لي ، حتى غلبني النوم ، ثم استيقظت بحال عجيبة من الإرهاق الجسدي ، لا أدري سببه ، حاولت القراءة في الكتاب القيم ( الطريق إلى التراث الإسلامي مقدمات معرفية ومداخل منهجية ) فلم أستطع، بالمناسبة الكتاب أقرأه للمرة الثانية لأن قراءة واحدة له لا تكفي ،،، فتور يغزو جسدي كله ، رغم إقبال قلبي على القراءة، لم أستطع الاستمرار، نمت ثانيا ، لتراودني رؤى ، تجعلني أستيقظ بنفس مشتتة ، فهمت سبب فتور جسدي إذن ما الذي يقلقني هكذا ، لا أستطيع تحديد الأسباب جزما ، الله يعلمها ، تذكرت كتاب ( الأذكار ) للإمام النووي، كم أحب هذا الكتاب ، فأجد فيه أحاديث عظيمة : فهذا حديث في سنن أبي داود : " دعوات المكروب : اللهم رحمتك أرجو ، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت
ثم وجدت حديثين في باب( ما يقول إذا غلبه أمر) : أحدهما في صحيح مسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ، احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجزن ، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ، فإن "لو " تفتح عمل الشيطان ." الأخذ بأسباب القوة في تدبير أمورنا أحب الله ، كيف لم أنتبه إلى هذا المعنى قبلا ، أن ينالك غم أو يحيط بك ما يكدر عليك صفوك ، فتأخذ نفسك بالعزم لئلا يغلبك العجز ، فتضيع ما ينفعك ، وقتا وعلما وعملا ، فهذه القوة عمل صالح يحبه الله ، وإذا أحب الله عبدا كان في معيته ، ورزقه السداد ، وأعانه على أمر دينه ودنياه ... استشعار معية الله دواء القلب الكسير العليل
ثم عجبت لتعليق الإمام النووي على الحديث التالي ، واختياره له ليجعل الباب حاويا لحديثين فقط ، هما الأول الذي رواه مسلم ، والثاني هو هذا : قال صلى الله عليه وسلم :" إن الله يلوم على العجز ، ولكن عليك بالكَيس ، فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل " . والحديث في سنن أبي داود . يقول الإمام النووي : قلت : الكيس بفتح الكاف وإسكان الياء ، ويطلق على معان : منها الرفق ، فمعناه والله أعلم : عليك بالعمل في رفق بحيث تطيق الدوام عليه . اهـ هي معادلة إذن تجمع القوة ، التي تجعل الإنسان يوجه قلبه وعقله وسلوكه نحو الحرص على ما ينفعه ، مع الاستعانة بالله ، وطرح العجز ، وهو مع ذلك يأخذ نفسه بالرفق ، فلا يحملها ما لا تطيق ، ويسدد ويقارب في إتيان ما يصلح حاله ، لئلا تنقلب عليه نفسه ، فلا يقدر على سياستها . ذكر اليوم الشيخ سلمان العودة كلاما نفيسا عن استقلالية عبادة الاستغفار ، الكثيرون يقرنون الاستغفار بالتوبة ، قال الشيخ ما معناه : أن هذا الربط بين الاستغفار والتوبة ، كما ورد في كلام بعض الصالحين ، كرابعة العدوية ، هو مقام يليق بأحوال الخواص ، قال : أما عامة الناس فلا ينهون عن الاستغفار مادام يصدر من قلوب نادمة ، خاشعة ، ترجو المغفرة ، والتوبة من الله ، وإن لم تأخذ من أسباب التوبة ، سوى الندم ، قال : فالآثار قد وردت في غفران الذنوب متى أخلص العبد الاستغفار ، ولم تربط ذلك بالتوبة ، والاستقامة الكاملة . ومناسبة نقلي لهذا الكلام ، أن من حسن سياسة النفس ، ألا يحملها الإنسان كمالات لا تطيقها ، بل يعاملها برفق ، متبصر ، يحرص فيه على ما ينفعه ، ويستغفر عما يعجز عن إتمامه ، ويداوم الدعاء لأجل أن يصلح الله له شأنه كله ، ولا يكله إلى نفسه أو إلى أحد من خلقه طرفة عين . ويا رب عونك فزعتك (أي نجدتك السريعة) كما تدعو دوما صديقتي البدوية فوز ...

ليست هناك تعليقات: