الجمعة، 27 ديسمبر 2024

المحدوديّة حياة الحب

حب الآخر، يعني فرصا غير محدودة، هذا في بادي الرأي ، لكن عند التدبّر، أن تعطي أحدا فرصا غير محدودة يعني أن تقوّض الحب كمبدأ.

‏حبك للآخر لا يمنحه الأمان إلا إن لم تهدر حبك لنفسك. وتجعل هذا الحب - أي حبك لنفسك-أساسا ومنطلقا لعلاقتك بها ثم بكل من سواك وكل ما سواك .

‏"الحب" المطلق للآخر، يكرّ على حقيقة الحب بالبطلان، المحدودية حياة الحب، تصونه، وبها يزدهر.

‏حبك لآخر  ينبغي أن تكون نهايته عند نفاد قدرته على أن ينفك عن " الانشغال الشديد بنفسه الذي يحرمه القدرة على التعاطف"  .

"فستان الشيفون" وأكثر

 

هدى حمد ⁦‪@hudahamed81 في " سأقتل كل عصافير الدوري " قدمت عملا قصصيا مهما، أجده فارقا ، كتابة من عمق البيئة العمانية ، بيئة المكان والزمان والثقافة، وفي نفس الوقت هناك مشترك إنساني لا ينفك عن هذا العمق المحلي.

          شعرت أني أعيش في عُمان، أتنفس هواءها، وأبصر شجرها وصحراءها وحقولها، ويلفحني حرّها وبردها، وفي نفس الوقت أنا هنا في مكاني في جدة ، والأفكار تشبهني ، تشبه تأملاتي في الناس، والأقدار، وتشبه الالتباسات الفكرية التي أفككها كلما نضجت خبرتي في الحياة.

          منذ بداية قصة : ( غابة تحيط ببيت) قلت لنفسي ، أنا أمام كتابة محكمة، وسرد منساب، وتمر السطور، لأضيف وذكاء أيضا، وعناية في اختيار الكلمات لتشبه شخصيات القصة ، ،ما هذه البراعة ، ورغم أن القصة لا تشبه ما أميل إليه من قصص ، إلا أني وقعت تماما في أسر الكتابة البديعة ، إلى أن انتقلت للقصة الثانية: " أولاد الجن يلعبون"، هنا وعي نفسي عال، وخبرة بتعقيدات النفس الإنسانية ، ثم وصلت إلى القصة الثالثة ، " فستان الشيفون" ، أقرأ وفي داخلي فضول ، هدى حمد كاتبة تثير في داخلك حماسا معرفيا لما ستقدمه لك نصوصها .

          " فستان الشيفون" قصة مكتوبة ببراعة سردية ، ومع ذلك بدت لي كمقالة فكرية مهمة، وهذه قدرة عالية لا يمتلكها إلا قليل .

          هدى حمد في " فستان الشيفون" تقول إن قولبة العلاقة بين الجنسين في صيغة معينة على أنها الصيغة الوحيدة التي تحفظ للمرأة حقوقها الإنسانية ومن ثمّ تؤدي بها إلى العلاقة المتوازنة مع الرجل ، هذه القولبة تفتقر إلى النضج والتواضع معا، فقد تجد المرأة في الزواج بطريق تقليدي ما لا تجده في الزواج عن حب ، بل إن القصة تشير إلى معنى أبعد وأعمق ، وهو أن القوالب وسيلة وليست غاية، والتعامل معها على أنها غاية يحرم أصحابها من اتساع الرؤية ، وفيه جمود ، وتصبح الوسيلة حاكمة على الغاية .

          نعتد أحيانا برحابة تفكيرنا المنعتق من إكراهات التقاليد، فنقع أسرى لإكراه جديد ، وهو إكراه القالب التجديدي ، يحجبنا عن رؤية روح العلاقة الإنسانية، تكبلنا مفاهيمنا التجديدية بقيود التعالي ، وتحجبنا عن رؤية سعة التجربة الإنسانية، وأن التقاليد القديمة كانت خيارا إنسانيا نافعا في وقت ما،        ولا يمنع ذلك من أن تستمر كذلك في حالات نحتاج إلى التواضع للاعتراف بها واحترامها وإلا تحولنا إلى أغبياء مقيتين كما هي صاحبة الفستان الشيفون الذي أهدته إلى جارتها القديمة.

‏الدفء الإنساني في العلاقات هو أمر أعلى وأقوى من كل القوالب الحقوقية التي نتبجح بها أحيانا.هذا بعض ما يمكن أن يقال في قصة " فستان الشيفون" وهو بعض ما يمكن أن يقال في جمال ونضج وقوة هذه المجموعة المهمة للكاتبة العمانية هدى حمد .

‏ولي عودة بإذن الله مع قصة " غبطة وتفاهة" من المجموعة وربما مع قصص أخرى .

 

الأمومة والكتب والمكان الثاني*

 

عندما تصفحت كتاب :" التهذيب الإيجابي"[1] لأول مرة في مكتبة جرير، عرفت أن هذا الكتاب سيكون مرجعا مهما لي في تربية ابنتي آمنة[2]، وقد كان. يقع الكتاب في 307 من القطع الكبير، وكل صفحاته مزدحمة بالمفاهيم والإرشادات التربوية ، بخط صغير ، كان الكتاب أمامي ككنز علي بابا، بكل التفاصيل التي تضمنها الفهرس: ( التساهل والصرامة، ما قل ّ ودلّ، قرر ماذا ستفعل، الاختيارات والعواقب، الروتين اليومي، اترك الفرصة لأطفالك لحل المشكلات، الملل، العناد، التدريب على الحمّام، ...الخ).

أهميّة الكتاب تكمن في وضوح الرؤية التي كتب بها، فغاية التربية تتلخص في أمرين: بناء طفل يحترم ذاته، وتنمية المهارات الحياتية التي تجعل منه طفلا متوازنا نافعا لنفسه وللآخرين. وتتسق التوجيهات التي يتضمنها الكتاب مع الرؤية العامّة التي يتبنّاها.

كان أمامي خياران، أحدهما: أن يكون الكتاب مرجعا للطوارئ، بحيث ألجأ إليه كلما استجدت مسألة تربوية أحتاج إلى المساعدة فيها . والخيار الثاني: هو أن أقرأ الكتاب كلّه متتابعا، ولا أنجّمه بحسب الحوادث التربوية الطارئة، وهذا ما فعلته، فجعلت لي وردا يوميا من الكتاب أقرؤه بعد وردي القرآني صباحا، وكانت الفائدة كما نصح الكتاب: سوف تستفيد من قراءة جميع المواضيع، وإن كان بعضها لا تحتاج إليه وقت قراءتك له، ستتسع مداركك، وتصير لديك ملكة تربوية جديدة ، توجّهك في المواقف الحادثة، وسيفكر عقلك فيها منطلقا من قيم الرحمة والتفهم والاحترام، وكل ذلك سيساعدك على تربية طفل متوازن، يقظ الضمير، حسن التصرّف. اهـ بصياغة جديدة للعبارة.

وقد ظننت أني سأستغني بهذا الكتاب عن غيره ، حتى طرأت على حياتنا مسألة العناد، ولم يكن الكتاب كافيا في مساعدتي في التعامل معها، وأنقذني  كتاب: "تربية خالية من الدراما"[3]، وفيه مسائل مهمة تتعلق بفهم دور الدماغ في توجيه سلوك الطفل.

الكتاب -رغم التفاصيل العلمية التي يتضمنها -سهل العبارة، ويجمع بين المعلومة العلمية ، وحكمة التجربة، فقد ألّف الكتاب زوجان ( دانيال جي. سيجيل، وتينا باين برايسون) نقلا لنا برحمة خلاصة تخصصهما العلمي ، وخلاصة تجربتهما الثرية.

          وفي التربية الجنسيّة كان كتاب: " كيف تتحدث عن كل ما يخص الجنس مع الأبناء"[4] قائما بفرض الكفاية في موضوعه، وخطة الكتاب هي أن يقرأه المربّي أولا، ثم يشرح ما ورد فيه للطفل ، وقد بيّن الكتاب بلغة مناسبة المعلومات التي تصلح لكل مرحلة من مراحل الطفولة.

 قرأت الكتاب كاملا في جلسة واحدة، وشرحته لابنتي عبر السنوات وفقا لخطّة الكتاب. الموضوع حسّاس نعم، وما يساعد هو أن تستحضر كمربي مسؤوليتك الدينية والأخلاقية، وأن تمتلئ شعوريا بإحساس أن الخجل هو المعيب، وأن الحديث إلى طفلك هو جزء مهم من رحلة بناء سوائه النفسي فضلا عن حمايته من غوائل المعلومات المشوّهة ، وأمر آخر هو أن قدرتك كمربّي على الشرح لطفلك تعتمد على أن تكون علاقتك بطفلك غنيّة بالألفة والرفقة الحلوة، وأن يمتد بينكما جسر من الحوار الدائم والقريب، وأن تكون روح هذا الحوار احترامك لعقل طفلك وعدم الاستخفاف به.

ساعدني أيضا في إعداد ابنتي لمرحلة البلوغ، كتاب :"حدث غير متوقع"[5]، أسلوب الكتاب قصصي مشوّق، ويلمس قلق الفتيات اللاتي يقتربن من البلوغ ، ويطمئن هذا القلق، ويعالج موضوعه معالجة علمية نفسية اجتماعية، قرأت مع ابنتي الكتاب في سن التاسعة، ثم قرأته بنفسها مرتين وهي تقبل على سن العاشرة. حسنا، لم أتوقع أن تهتم به صغيرتي لدرجة أن تعيد قراءته مرتين.

كتب المكان الثاني[6]

البحث عن كتب تساعدنا في التربية يتوجّه أولا إلى الكتب المتخصصة في التربية، لكن هناك كتب تلهمنا تربويا وتعلّمنا، وربما بطريقة أوقع في النفس، يزدهر بها المكان الثاني، وهو عندي رمز لكل ملاذ وجودي نختار أن نتجدد به أو نتجدد معه، في المكان الثاني كتب تربية خارج التصنيف المعتاد، مثلا، قصص الأطفال هي كتب تربية، والكتب التي تتناول العلاقات الإنسانية هي كتب تربية، والروايات أيضا كتب تربية.

عندما بلغت آمنة السابعة من عمرها قرأت معها كتاب :" 365 يوما مع خاتم الأنبياء"[7]، يقع الكتاب في 388 صفحة من القطع الكبير، وقد قسّمنا الأيام في الكتاب على أيام السنة كورد يومي.  ولأن آمنة أحبت الكتاب؛ فقد أنهينا قراءة الكتاب في تسعة أشهر، وكان جواب آمنة لمّا سألتها عمّا استقر في عقلها من قصص الكتاب، أنها لا تتذكر قصّة بعينها، لكنّ الكتاب جعلها تتعرّف على شخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه بعبارتها: "قوي، ويعرف كيف يتصرّف، ورحيم جدا".

لقد كانت قصص كتاب " المشاعر الكاملة، ما الذي تعنيه؟"[8]-وهو كتاب يصلح لسن السابعة[9]-سببا لحكايات جديدة أسمعها من آمنة عن مواقف مرّت بها في المدرسة في المراحل المختلفة (الروضة، والتمهيدي ، والصف الأول الابتدائي)، علاقتي بآمنة فيها الكثير من الحكي، لكن هذا الكتاب ذكّرها  بمشاعر مرّت كالسحاب على عقلها واختزنتها ذاكرتها الشعورية، وكانت تحتاج إلى نصوص ملهمة تساعدها على استدعاء هذه المشاعر، وتفكيكها ، والتعامل معها.

 القراءة المنتظمة لطفلك فعل محبّة وعناية واحترام، يصله ذلك ويستقر في وجدانه، وهي كذلك فعل تنوير ووعي وبناء روحي وعقلي ونفسي ولغوي . 

رسائل تربوية

من المسائل التي شرحها تفصيلا كتاب :" التهذيب الإيجابي"  مسألة أهمية العناية بأن نوصل لأبنائنا أن حبنا لهم، واحترامنا أيضا، لن يتأثر بتقصير منهم، أو قصور، سواء في جانب الأخطاء عموما، أو في جانب التعثّر الدراسي، وهكذا فلم أقل لابنتي يوما افعلي كذا لأحبك، أو أنا لا أحبك لأنك فعلت كذا أو لم تفعلي كذا ، بل كنت أذكر حبي لها في وقت التأديب، وأذكّرها دوما أنها في مرحلة تعلّم، وأن الخطأ لا يصمها، وكل ذلك مع ترتيب عاقبة على تصرّفاتها .

ثم نبهني كتاب المساعدة الذاتية :" لا بطعم الفلامنكو"[10] إلى أهمية أن أراقب  الرسائل الباطنة التي قد تتسلل من حيث لا أشعر إلى ابنتي ، تلك الرسائل التي تنبثق من اللاشعور لدي، والذي تشكّل عبر سنوات على المطالبة بالكمال، والاختزال الضال لقيمة الإنسان في تفوقه، وهذه الرسائل تأتي عبر كليشيهات عامة نتداولها في تمجيد الاكتمال، مما يشوّش على الطفل، ويوصل إليه رسائل متضاربة.

وفي رواية: " مكان ثان"[11] تتحدث بطلة الرواية عن أن طفولتها كانت مكبّلة بالانتقاد المستمر من أبويها، وأن هذا جعلها تتقلّب في العلاقات المسيئة لأن الإساءة هي الشكل الوحيد من العلاقات الذي شكّل هويتها، فكانت لا تشعر أنها مرئية في علاقة صحيّة ؛ فالانتقاد المستمر وحده هو ما يشعرها أنها مرئية.

قرأت في كتب التربية المتخصصة عن الأثر السيء للانتقاد المستمر على نفسية الطفل، وكيف أن هذا يخل باحترامه لنفسه، لكن رواية " مكان ثان" جددت قوة هذه الفكرة في داخلي.

إن "الوالديّة" إضافة جديدة في بنية العقل، يقرأ الوالدان بعين الإنسان، وبعين الوالديّة معا، و يجدان ملمحا تربويا في كل كتاب أدبي أو معرفي ، ولكأن الكون كلّه يتطوّع لمساعدة المربّين في هذه المهمة الوجودية التي تشغل عقولهم وقلوبهم.

*نشرت المقالة في العدد 85 من مجلة الجوبة الثقافية، أكتوبر/ 2024م

 

 

 



[1] التهذيب الإيجابي، جان نيلسن ولين لوت وستيفن جلين ، ترجمة مكتبة جرير، الناشر: مكتبة جرير.

[2] آمنة اليوم في الحادية عشرة من عمرها.

[3] تربية خالية من الدراما، دانيال جي. سيجيل وتينا باين برايسون، ترجمة مكتبة جرير، الناشر مكتبة جرير.

[4] كيف تتحدث عن كل ما يخص الجنس مع الأبناء، هبة حريري، نشر ذاتي. والكتاب متوفر في مكتبة جرير.

[5] حدث غير متوقع، رحاب ملاه، دار أسفار للنشر والتوزيع.

[6] اقتبست الاسم من رواية مكان ثان للروائية الكندية راشيل كاسك، ترجمة : محمد نجيب، دار المحروسة.

[7] 365 يوما مع خاتم الأنبياء، نوردان ملا، ترجمة: زينة إدريس، الدار العربية للعلوم ناشرون.

[8] المشاعر الكاملة ما الذي تعنيه؟ ،جنيفر مور- ماليونز وجوستافو مازالي، ترجمة مكتبة جرير، الناشر: مكتبة جرير.

[9] هذا تقديري، وإلا فإن العمر المقدّر في النسخة الإنجليزية من أربع إلى ست سنوات. وخلت النسخة العربية التي ترجمتها جرير من تقدير العمر.

[10] لا بطعم الفلامنكو، محمد طه، دار الرواق للنشر والتوزيع.

[11] مكن ثان، راشيل كاسك، ترجمة محمد نجيب، دار المحروسة.

حضن غير مرتبك

 

يعطي الحزم الطفل وضوحا في رؤيته للصواب والخطأ، والوضوح أمان، كما أن التذبذب يخلق فوضى داخلية تربك علاقة الطفل بنفسه وبوالديه.

       والحزم وسيلة وليس غاية؛ وهو لا يؤتي ثمرته إلا إن صاحبه التعاطف. الحزم وسيلة لتنمية مهارة الانضباط الذاتي لدى الطفل، وإذا أردنا أن يكون انضباط الطفل نابعا من ضميره -أصالة- لا من خوفه من والديه، أو طمعه في مكافأتهما، فالتمهيد لذلك يكون بعلاقة غنية بالاحترام والعاطفة بين المربّي والطفل. فإذا حصل موقف ما، يحتاج إلى ضبط سلوك الطفل، لم يسارع المربّي إلى فرض الانضباط بالتهديد أو مباشرة التعنيف، وإنما يتواصل مع الطفل بهدوء ورويّة وعاطفة ، ليصبح الطفل قادرا على الاستماع إليه، ومن ثمّ يُلزم الطفل بالتصرّف الصائب.

      لا يخلّ بالحزم أن نقول للطفل إننا نتفهم غضبه، ونتمنى لو أننا لم نضطر إلى إلزامه بالعاقبة الثقيلة عليه، لكن تحمّل مسؤولية الخطأ سيجعله إنسانا أفضل، ولا مانع هنا من الحضن بل هو معمّق لفكرة اتساق الحزم مع التعاطف.

       ما يحوّل الحزم إلى قسوة هو غياب الفِكر قبل الفعل التربوي. لكي يؤتي التوجيه ثماره، لا بد أن نفكّر في طبيعته، وما سيترتب عليه معا، بما يناسب طبيعة الطفل. وقبل ذلك لا بد أن نفهم دوافع الطفل وسياق تصرّفه.

       حسنا، الأمر دين أيضا، سيسألنا الله عن حق الطفل في تربية تؤمّنه، ولا تخلق في داخله خوفا أو تشوشا أو هوانا.

       يتحوّل الحزم إلى قسوة عندما نُتبع التوجيه بالاعتذار عنه. هذا فعل قسوة؛ لأنه يشوّش الطفل فيختلط عليه أمر الصواب والخطأ، وفوق ذلك يحرمه هذا التذبذب من القدرة على الثقة بنا، وبالتالي يتزعزع داخله الشعور بالوالدين كسند وأمان.

      أن يكون المربي محل احترام الطفل ليس ترفا، بل هو رافد مهم لحاجة أساسية وهي حاجة الطفل إلى أن يقارب ما يتعلّمه عن أساسيات موقفه المعرفي تجاه الوجود.

       الحزم وسيلة لمساعدة الطفل على النمو المتوازن، وليس غاية في حد ذاته، والتعاطف كذلك، وكلاهما الحزم والتعاطف هما حق للطفل، وهما جناحا توازنه الداخلي. هذا ليس سهلا لكن هل مسؤوليتنا كمربّين إلا المحاولة ، والثبات على المحاولة.

       وفي كل مرة نتحدّث فيها عن أخطائنا التربوية ‏لا بد أن نذكّر أنفسنا أن الخطأ جند الصواب؛ لأننا نتعلم من أخطائنا مهارة جديدة لتجنّبها، ونتعلّم من أخطائنا أن نتواضع ونراجع أنفسنا وممارساتنا التربوية، كما تساعدنا أخطاؤنا وتساعد أطفالنا على فهم أعمق لكيفية إدارة التواصل بيننا.

وأخطاؤنا بعد الاعتذار الصادق عنها، والمحاولة الجادة لتجنبها، من أهم ما يحمي أطفالنا من شبح الكماليّة فلا ينخر أرواحهم.