الأربعاء، 27 مايو 2020

عن ( ميرامار)

قال لي والدي –حفظه الله – مرة : هل قرأت رواية ( ميرامار) لنجيب محفوظ ؟ قلت له : لا . قال لي: إذن افعلي فهي في تقديري من أفضل رواياته بعد الحرافيش .
وهكذا فقد اخترت ( ميرامار) لتكون رواية عيد الفطر لهذا العام ولم تخيبني . لقد خرجت قبلها من رواية عظيمة هي ( التحول) لستيفان زفايغ ، وقلت لنفسي هل ستكون ( ميرامار) في قوة التحول من حيث التناول المتين فكرا وعاطفة  ؟
لست في معرض المقارنة بين الروايتين ، لكن ( ميرامار) زاخرة بشخصيات متعددة وحيواتهم وكشف أحاديثهم الداخلية باقتدار  .
الرواية الجيدة تحوّل الأفكار المجردة إلى تجربة شعورية ينفعل بها الوجدان . ولذلك فقد تكون ذات أثر عميق في تهذيب النفس، وقد تهبها بصيرة حكيمة تسترشد بها في مجاهل العلاقات الإنسانية.
و( ميرامار) رواية جيدة وأكثر ، فهي فوق ما قدمته لي من تجربة فكرية وشعورية ، فقد آنستني حقا بلغتها الرشيقة، وبنائها الذكي، ووصفها الجميل للإسكندرية .
إنها رواية تنحاز للقيم النبيلة ، والكفاح الأصيل، ومجاهدة الهوى ، والتحقق بالافتقار إلى الله عز وجل ، كل ذلك دون وعظ ساذج ، بل تتسلل إليك هذه المعاني ضمن انفعالات تفلح الرواية في جعلها تجيش في قلبك ألما، وتساؤلا ، وحيرة ، مع حس إنساني عال، يضع الرحمة في موضعها، والقسوة في موضعها أيضا .
لقد حاولت أن أكتب عن الرواية دون أن أفسد على من لم يقرأها حقه في قراءة بكر أو شبه بكر. فقط أود أن أقول إن شخصية منصور باهي قد حيرتني ، هل هو شبه وغد ؟ أم أن عقله قد تأثر فعلا بأحداث قاسية اختل معها شعوره، وتشوشت بصيرته ؟ فهو من أهل الأعذار لا الأكدار؟






ليست هناك تعليقات: