الأحد، 21 أبريل 2013

وهم كظل



بخطوات رشيقة تسير بهما الساعات، يتقاسمان فيها حلو المعاني، وبديع الانتقاءات التي تلامس عندهما الروح والقلب، وتأسر الوجدان ..
          وهم يتبدى حقيقة يظل بها القلب منبهرا.. والنفس متعلقة .. وهم خادع .. ظلام لا نور.. وكدر لا نقاء.. وشهوة خفية استعارت لنفسها ثوب زور .. فإذا المرء يظن الوهم رقيا.. ويظن الوهم طهرا .. ويظن الوهم حبا جارفا لا طاقة له بمقاومته ..
          إنه وهم كبير .. فمشاعر الحب مقدسة مكانها الحقيقي إشراقة الصباح .. تأبى الظلال .. وتأبى المساحات الرمادية .. ولا تعترف إلا بالتقارب المسؤول .. تلك المسؤولية التي تظهر معدن الإنسان .. وتبين عن أخلاقه الحقيقية .. مسؤولية تعتز بالصواب.. وتعترف بالخطأ دون مواربة لتصوغ علاقة مضيئة يتذوق فيها المرء الصدق في تقلباته كلها.
" ... وكثيرون هم الذين يعانون الآلام والمتاعب في سبيل ما يتمثل في نفوسهم من أوهام ( "التطوع للعذاب" من المجموعة القصصية "فتوة العطوف"  للأستاذ نجيب محفوظ) .
          وكثيرون هم الذين استسلموا للوهم .. صدّقوه لأنهم أرادوا ذلك .. فصار في حسهم حقيقة تستبد بعواطفهم، وتعبث بهم وجعا وبؤسا .. وكيف يكون حقيقة ما لم تختبره المواقف، وتزنه بموازينها تقلبات الأحداث اليومية ؟ إنه وهم يتغوّل في وجدانهم فيستسلمون لجاذبيته وتألقه دون تجربة فاحصة يتبين بها صدق مشاعرهم وأصالتها.. مشاعر قوية عاصفة مؤلمة وفي ذات الوقت غير ناضجة .. فإذا ما أفاقوا أو اضطروا إلى أن يفيقوا بقيت آثار الوهم القديم تؤرقهم .. وقد شوهت شيئا ما في وجدانهم .. أحافير قديمة لا زالت تنال من صفاء أرواحهم ..
          لكن هل يحس الإنسان نعمة البهجة إلا إذا كانت عقب حزن أو ركود .. وهكذا كثيرون أيضا بعد أن تخدش أرواحهم بجروح الأوهام .. وتنال الظلال منها كل منال .. فإنهم إذا ما أشرقت قلوبهم بنور ربها .. وسماحة الأقدار.. لم يعودوا يسمحون للمشاعر الموهومة أن تعصف بهم .. فإذا ما ألحت في الزيارة أداروا لها ظهورهم في كل مرة  فلن يرضوا لأنفسهم أن يكونوا الأوغاد من جديد.. وهم يدركون أن تلك المشاعر الموهومة ظاهرها قوة وباطنها خيبة وزيف .. التسامي عنها يجعلها تضمحل .. ليعيشوا حياتهم في نور لا وهم فيه ولا ظل.. 

ليست هناك تعليقات: