السبت، 26 يناير 2008

في جدة التطوع وأشياء أخرى

مما أكرمني الله به دراستي على يد الفقيهة الفاضلة د. شادية كعكي في جامعة الملك عبد العزيز قبل (11 ) عاما تقريبا ، تتلمذت على يد الدكتورة في الفقه رغم أني كنت أحضر محاضرات الفقه كمستمعة، وكانت تعطيني من وقتها ما لا يقل عن ساعتين في اليوم- عدا المحاضرات - في الجامعة ، وفي المنزل عبر الهاتف، أدرس على يدها مسائل في الفقه المقارن ، ومسائل كانت تمثل لي تشكيلا لنمط الحياة ، كان منهجها هو دفعي للبحث ، والتفكير ، والموازنة . وظللت على صلة علمية معها حتى بعد دراستي النظامية في جامعة الأحقاف ، فكنت أتصل بها لأقرأ عليها أو أسألها عما يشكل علي ، ولم أجد جوابا عنه يشفي عند أساتذتي في الأحقاف، وإلى اليوم لازالت شيختي التي لا تبخل علي بوقتها وعلمها في تواضع حقيقي ، والمتواضع هو من لا يرى أنه يتواضع أصلا لأنه لا ينسب لنفسه فضلا ، وإنما يستصحب دائما أن ما لديه هو من توفيق الله له الحديث عن التطوع في جدة ربما كان غالبا يتناول زوايا مختلفة ، لكن أحدا – على حد علمي-لم يتناول التطوع العلمي قبل أسبوع دعاني أ/ محمد السليمان لحضور تعريف بدورة تدريبية تربوية بعنوان : تعالوا نتغير، ينظمها مركز دانة العلم ،سيقوم بها مجموعة من المدربين المتخصصين في التربية ومهارات التفكير والشريعة والصحة الغذائية ، البرنامج سيقام لمدة ستة أسابيع للأطفال من سن السابعة إلى الثانية عشرة ، والبرنامج الذي يقدم للطفل سيكون معه برنامج مواز للآباء ، لكي تكتمل التهيئة التربوية للطفل ، يقول الأستاذ محمد السليمان إن البرنامج هدفه إخراج طفل رشيق قلبا وعقلا وجسدا ، وستتم متابعة الطفل لمدة خمس سنوات ، لقياس نجاح البرنامج . والذي يستحق الوقوف عنده حقا أن جميع المدربين والمدربات في البرنامج متطوعين ، وأغلبهم لم يجاوز الأربعين من العمر، وكانوا يناقشون الزوايا التي تطرح ، وكيف يصلون إلى أقصى فائدة يمكن تقديمها للطفل وأسرته ، وكانوا يتحدثون عن أهمية بناء التفكير لدى الطفل ، وإكسابه المهارات الحياتية المتنوعة ، وعن التدريب بالترفيه ، وعن زرع الشعور بالمسؤولية والإيجابية في نفس الطفل ، وتحويل ذلك إلى سلوك عبر تطبيقات عملية يومها تمنيت حقا أن لو كان لدي خبرة يمكن أن أفيد بها ، وقلت : قد أفيدكم بشيئين :أوصلكم بصديقات مهتمات بهذا المجال ولن يبخلوا بالتطوع ، والأمر الثاني بحث قرأته عن التعامل مع الأطفال الكبار كتبته أختي فاطمة اعتقد أنه جيد في مجاله شعرت اليوم بشيء من الإحباط ، بعد نقاش دار بيني وبين إحداهن ذكرت لي فيه أني أمثل جيلا انقرض ، هكذا بالحرف الواحد ، فلا أحد يكترث – كما تقول – بالعمق الذي أحرص عليه ، شعرت بانطفاء لحظتها ، لكني أصررت على عدم التنازل عما تراه هي عمقا لا داعي له ، وأراه ضرورة يحتاجها المجتمع تذكرت مجلسا حضرته قبل أسابيع مع الأستاذ أحمد الشقيري، وأنا أقدر فعلا عمله المتميز ، رغم تحفظي على بعض ما يطرح مما أراه يفتقر إلى مراجعة فقيه متخصص ، وقد ذكرت له ذلك وقلت له حلقاتك في خواطر ليست بمعزل عن الفقه بل لا بد من ضبط المواقف فقها قبل تنفيذها ، ومن ذلك : ناقشته صديقتي إلهام باجنيد ، أستاذة الفقه في جامعة الملك عبد العزيز بجدة ، في حكم التعزير بالمال وعدم جوازه إلا لولي الأمر أو من يقوم مقامه ، وذلك تعليقا على الحلقة التي قام بأخذ خمسين ريالا ممن لم يضعوا أحذيتهم – أكرمكم الله – في المكان المخصص لها أمام المسجد . وعد الأستاذ أحمد بمراجعة ذلك ، وقلت له : هذا لا يقلل من أهمية ما تقوم به ، لكن واجبنا أن ننقد ، وقديما قالوا : من كتب فقد استهدف . وأنت تعرض عملك أمام الناس فلا بد أن توضح الصورة في نقاش جماعي أيضا دون أن يكون في ذلك غضاضة عليك وجعتني ليلتها حالة الانبهار السائدة ، كلام الأستاذ أحمد كان يمر دون فلترة إلا مني ومن صديقة لي كانت تحضر معي الجلسة ، لم تكن محاضرة كان حوارا مفتوحا ، وكان النقاش المتأني لكلام يُطرح بشكل مختزل، يظهر كأنه تحذلق ، ليلتها أدركت كم هو خطر هذا الأمر أن تكون شهرة إنسان ما حاجبة للعقول عن نقد كلامه صديقتي عزمت على عدم الحضور مع مجموعة لا تهتم إلا بالمعالجة السريعة للأمور ، قلت لها : عندك حق ، لكن من زاوية أخرى لعلنا نضيء شمعة بحضورنا . قلت لها بالأمس لماذا لا نكون مجموعتنا الخاصة ولو كانت كلها من الإناث، ليس ضروريا أن تكون مختلطة . قالت : من ستختارين ، قلت لها : سأفكر
حواري اليوم مع الأخت التي عدتني نموذجا منقرضا، أشعرني بالإحباط ثانية، ثم إني تذكرت النماذج العلمية التي حدثتكم عنها ، وتذكرت قريباتي العشرينيات طروب ويسرا وتذكرت صديقات أعتز بفكرهن وعمقهن، فعادت لي إشراقتي ، وعزمت على أن أخلق البيئة التي لدينا مقوماتها أصلا ، وأتواصل مع الطاقات الموجودة ليكون لنا لقاءات دورية تبعث فينا روح الإيجابية فكرا وتفاعلا مع قضايا الناس ، وخدمة لها. فكرت الآن في أمر أن خدمة الناس لا بد لها من الطرح العميق والسهل معا ، هذا لا بد من تعلمه لنستطيع التواصل الفعال، ولكي لا تكون الأفكار الجيدة والمتأنية بمعزل عن جمهور الناس ، هذه مسؤولية حقيقية ، والله المستعان

ليست هناك تعليقات: