الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

رمضان والحب .. وللحلول الوسط بهجتها أيضا

رمضان يحبني .. هكذا فكرت في العام الفائت.. وأجدني أجد البهجة ذاتها وأنا أفكر في أن الله أكرمني برمضان جديد.. رمضان جديد.. يعني فرصة جديدة لقلب أفضل.. وعمل أفضل.. أيام تغمرنا بالحب .. والرحمة . . والبر.. تريد منا أن نتعلم كيف نبر أنفسنا .. نجدد أرواحنا.. ونصل أرحامنا .. فالصيام لا يقبل من قاطع رحم .. ونبر صداقاتنا التي قصّرنا معها أو نالها منا كدر .. ونصل المحتاجين ليصل الله ما بيننا وبينه ..
قالت لي صديقتي : سأركز في رمضان على أن تكون عبادتي الفرح بالله .. فقد أعطاني أشياء كثيرة تستحق الفرح .. والبهجة .. والأمل .. لن أجعل ما ينقصني يحجب عني جمال ما أعطاني ربي ..
وأجدني أفكر أن قلوب العاشقين ستجد سلواها عن الهجر في رمضان.. فلئن حالت بينها وبين من تحب حوائل فالله الكريم الرحيم هو من أراد ذلك وهو من قدّره وهو يحبنا أكثر منا .. رمضان رسالة من ربنا يقول لنا فيها حسنوا ظنكم بي فأنا أحبكم .. أعطيتكم رمضان .. فعيشوا بهجة الحب .. لتنالوا عطاياه .. كيف ستكون تلك العطايا.. هل سيجمعهم بمن يحبون .. وكيف يكون ذلك .. هل سيرزقهم بأنس جديد؟ الله وحده يعلم الأجمل لكم ..
الأحلام المتعثرة لن نراها كذلك إذا نالتنا بهجة رمضان .. الحياة تستحق أن نعيشها بكل " حلولها الوسط" ونعيش لذة أن نكتشف جمال ذلك ..
ثم رمضان إذا كان شهر الحب ، فنحن نحتاج أن نعبد الله وقلوبنا تمتلىء حبا ورقة وشوقا وذلك باختيارنا للعبادات التي نكون فيها أكثر إحساسا بمشاعر القرب من الله ..
ومن عجيب ما نقل عن سيدنا ابن مسعود أنه قيل له : وإنك لتقل الصوم ، قال : إنه يشغلني عن قراءة القرآن ، وقراءة القرآن أحب إلي منه ، وحكى القاضي عياض عن ابن وهب من أئمة المالكية أنه حلف أن لا يصوم يوم عرفة أبدا ، لأنه كان في الموقف يوما صائما وكان شديد الحر فاشتد عليه ، قال : فكان الناس ينتظرون الرحمة وأنا أنتظر الإفطار ، نقل ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات (مج1-2/ ج2/ ص447) والشاهد أن كل واحد منا قد يحس قلبه بعبادة معينة من المستحبات أكثر من عبادات أخرى ، سواء كانت تلك العبادة تتعلق بالذكر أو الصلاة أو القرآن أو الحقوق المندوبة للناس .. ( أما الفرائض فنؤديها مهما كانت حالة قلوبنا ولكننا نجتهد في أن نخشع ونقترب من الله ) .. فليركز كل واحد منا على أن يكثر من العبادة التي تجعل قلبه أكثر إحساسا بمعاني الحب لله ، والخشوع ، والأنس .. ورمضان كريم .

الخميس، 5 أغسطس 2010

عن كتاب الذاكرة التاريخية .. مراسلات مع د. جاسم سلطان ( الجزء الثاني)

كتبت صفية :
الدكتور الفاضل : جاسم سلطان :
أشكرك جزيلا على شرحك لي ما غمض علي ّ ، بارك الله في وقتك وعلمك ، اليوم يا أستاذي قرأت كتابكم :" الذاكرة التاريخية" ... مقدمة الكتاب يا دكتور ممتازة ومحفّزة جدا ، وعبارة :"التعامل مع العلوم الإنسانية كأدوات" ( ص 10) مهمة جدا وتصلح كشعار نهضوي يلخّص منهج حياة ..

هناك عبارة مهمة أقترح التهميش عليها ، وهي قولكم :" لهؤلاء نكتب ونستصحب كل من يعتقد أنه منتم لهذه الأمة دينا أو حضارة " ( ص 6) . ف( أو) هنا لا ينبغي أن تترك دون تهميش لأنها قد تفوت على القارىء غير المدقق، فضلا عن اتصالها بقضية تماسك النسيج الاجتماعي ।
بالنسبة لتعريفكم لمفهوم الحضارة ، فالفكرة التي طرحتموها عميقة رغم أن ظاهرها بسيط ، فكلامكم عن أن البدو تحكمهم حاجاتهم وعاداتهم، بخلاف الحضر الذين تحكمهم قوانين متحضرة هي نتاج تراكم معرفي ، هذه الفكرة ليست بسيطة أبدا – فيما أفهم- فالتراكم المعرفي محصلته تلبية حاجات الإنسان ومواءمة عاداته والإسهام في تشكيلها ، الفكرة يا أستاذي تبدو لي مركبة ، ومقابلتك بين الحضارة والبداوة لم توضح التعريف بل زادته غموضا عندي ، ولعل المشكلة عندي فأرجو أن تكرمني بشرح ما غمض عليّ।
الرسوم البيانية مهمة جدا ، وساعدتني في تركيز فهمي .
في ص( 60) ذكرتم عبارة لا أراها مقنعة علميا بالنسبة لي وهي قولكم :" إن معرفة تاريخ الحضارات في صورته الزمنية ، يعطي القارىء شيئا من الإحساس بأن العالم لم يبدأ من هذا القرن ..." هل الحديث عن الإحساس هنا مقبول علميا ؟ أم أن هنا أمر قد غمض عليّ فهمه ؟
قولكم أيضا ( ص 60) إن الكثافة السكانية في أوروبا من أهم أسباب الإبداع، غير مقنعة هنا، وإن كنت قد فهمت لاحقا أن هذا مرتبط بطبيعة العصر ، وطبيعة ظروف أوروبا في ذلك الوقت واستفادتها من الثقافة الإسلامية واكتشاف الأمريكيتين ، فحبذا لو وضحتم هذه الفكرة ابتداء، لأن الفكرة مهمة ، أي فكرة أسباب النهوض الحضاري وأن بعض هذه الأسباب تخضع لظروف خاصة وليست قوانين عامة تطبق على كافة الظروف ।
قولكم (ص 60 ) إن البندول عائد إلى الشرق لا محالة ، لم أجد سببا مقنعا لهذا التأكيد حتى بعد إتمام الكتاب، فقط لدي يقين ديني بذلك لكن لم أجد – فيما فهمت- إثباتا علميا يدل على ذلك ।
في ( ص 83) ذكرتم إن غريغوس السابع منع تدخل الملوك في تنصيب رجال الدين ، فهل غريغوس السابع هذا قسيس؟ هذا ما استنتجته ، واعذر جهلي ، فثقافتي التاريخية ضحلة فعلا।
عندي إشكال بخصوص تعامل العثمانيين مع الدول العربية، وعدم اهتمامهم بها، محمد الفاتح مثلا، هذا الرجل الذي زكاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف لا يكون أداؤه كاملا، أمر عجيب ، ويحتاج إلى تأمل، وأن نفهم ما يدل عليه هذا القصور। أيضا ما دور العلماء العرب آنذاك لم لم ينبهوا العثمانيين إلى حق العرب في العدالة ، وأن ينالوا نصيبهم من الحضارة؟
أعجبتني فكرة معرفة المنتظم الإسلامي، فكرتك هذه تشبه فكرة الدكتور علي جمعة في كتابه النفيس" الطريق إلى التراث الإسلامي، مقدمات معرفية، ومداخل منهجية " حول أهمية إدراك علماء الاجتماع للنموذج المعرفي الإسلامي، وأعتقد أن النهضة في عصرنا تحتاج إلى إدارك النموذج المعرفي في القيادة كما في العلوم الإنسانية فضلا عن العلوم الشرعية ।
بالنسبة للتواريخ ما رأيك يادكتور لو قابلت كل تاريخ ميلادي بتاريخ هجري أليس هذا فيه مزيد ربط للقارىء بتصور متكامل ينطلق من كينونتنا التاريخية ؟
ختاما : جزاك الله عني خير الجزاء . مع خالص تقديري واحترامي صفية الجفري كتب د. جاسم سلطان : كلمة حضارة في التداول الأكاديمي تستخدم بثلاثة استخدامات أولها الانتقال من البسيط للمركب في البناء الاجتماعي فحين انتقل الراعي للاستقرار بدأت الحضارة وتشكلت النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وظهرت الكتابة ...والثاني هو مقابلة الحضارة بكلمة الثقافة وهي جملة ما أنتجه مجتمع ما من قيم ومعارف وفنون وعلم وأشكال معمار ...الخ والثالثة استخدام عنصري بمقابلة كلمة حضارة بكلمة تخلف أو وحشية وهي منتشرة في الكتابات الانثروبولوجية ।
موضوع الزمن هناك تقسيمين للزمن فهناك الزمن المادي ففي اليوم 24 ساعة بالتساوي وهناك الزمن الحسي وهو إحساسنا بالوقت فالساعة الهنية تمر كدقيقة والدقيقة الكئيبة تمر كثانية وفي التاريخ كأداة استخدم الغرب مفهوم التاريخ الحسي لردم عشرة قرون من التخلف عبر التلاعب بنسب المادة التاريخية فاليونان قد يحظون في الكتاب بخمسين صفحة والرومان بخمسين ثم تأتي العصور الوسطى فتأخذ خمس صفحات ثم تأتي العصور الحديثة فتأخذ مئة صفحة مثلا وعندها يحس الطالب بأن الفجوة التي شكلتها العصور الوسطى يسيره وأن التاريخ هو تاريخ التقدم الأوروبي وهو موضوع شرحته زيجرد هونكه المستشرقة الألمانية في كتابها شمس الله ।
الكثافة السكانية تلعب دورا كبيرا في توفر المواهب فمن ناحية رياضية كلما زاد العدد ازدادت فرص الحصول على متميزين وموهوبين ففي دولة تعداد سكانها مئة ألف احتمال وجود لاعب موهوب ينخفض عن دولة فيها خمسين مليون رياضيا ...الجانب الآخر تزداد حدة التنافس عندما تكون الفرص قليلة والعدد كبير وبالتالي تبرز المواهب أكثر من بيئة قليلة العدد كثيرة الفرص
।غريغورس السابع هو بابا روما 1085 وهو من أعلن أن الكنيسة هي مالكة العالم وأنها تستمد سلطانها من الله
।البندول الحضاري هو ملاحظة تاريخية لحركة الجغرافيا التداولية وهو يعطي أمل بحسب قانون التداول القرآني لكل القارات ولكن عودته للشرق لا تعني بالضرورة المسلمين فقد يعود للصين أو للهند والأيام دول
।موضوع محمد الفاتح وتاريخ العظماء عادة ما تمنع الهالة النظر الموضوعي إليهم خاصة لو تسلحت الفكرة التاريخية بالمقدس الديني النصي وهو ما يمنع التقويم لحياة الصحابة وحوادث الفتن ...ولكن مفهوم التاريخ الصغير والكبير كافي لشرح المشهد الإنساني ॥
।أما علاقة الترك بالعرب فلم تكن الدولة التركية تنظر للعرب على وجه التكافؤ بل هم رعية لا غير وقابلية الاستماع لهم كانت بعيدة ...وهم أنفسهم لم يكونوا في البدايات يعتقدون باي حق إلا مع ظهور الحركة القومية العروبية ...و الامبراطورية العثمانية هي دولة امبراطورية إسلامية وليست دولة الخلافة كما يحلو للبعض ان يردد وهو يستحضر عمر بن الخطاب مثلا ।
كتابة التاريخ بالهجري والميلادي أرجو أن يحدث في المستقبل سلامي لك....
مع فائق التقدير والاحترام د.جاسم السلطان

الاثنين، 2 أغسطس 2010

مزيدا من الأسئلة .. مزيدا من العمل .. مراسلات مع د. جاسم سلطان ( الجزء الأول)

مزيدا من الأسئلة التي تدفعك إلى مزيد عمل هذا هو " النور" الذي خرجت به من دورة د। جاسم سلطان( من 25/ 7/2010 إلى 27 /7 /2010) ، سألتني صديقتي الجميلة فوز- التي بادرت بإقامة الدورة مفتتحة بذلك الديوانية الثقافية المنبثقة عن ملتقى ( ن) للإعلام الجديد- بعد انتهاء الدورة عما استفدته من د. جاسم سلطان، قلت لها : أحتاج أن أفكر لأرد عليك ، لكن "نورا " ما أحسه انبعث في قلبي ، قال لي والدي: الانطباعات لا تكفي ... ا

لقد احترم د। جاسم سلطان وقتنا ووقته ، واحترم عقولنا، واحترم الرسالة التي يحملها، وهذا دفعني إلى أن أقتني كتبه الستة التي تمثل الحزمة الأولى من دورة إعداد القادة التي حضرناها معه، وقرأت في ظرف أسبوع كتابين منها، سأنقل لكم محاوراتي مع د. جاسم سلطان بشأنها بعد سطور .
هل أجبت عن سؤال " النور" إذن ؟
أن تجد إنسانا يقدّم لك فكرا راقيا ، من حيث التأصيل، ذكيا ومشوقا من حيث الطرح، لا يستخف بعقلك ولا بوقتك ، ويحترم أخلاقيات التعامل، ويكون تعامله تطبيقا للرسالة التي يتبناها، هذا كله بات قليلا في أيامنا هذه ، ومن هنا كان هذا " النور" الذي حدثتكم عنه . أحد الأسئلة المهمة التي خرجت بها من دورة " نظم عقلك " هي : هل الأفكار هي التي تخلق النهضة ، أو بعبارة أخرى هل عالم الأفكار هو المؤثر فعلا في عالم العلاقات وعالم الموارد كما طرح الدكتور جاسم موافقا في ذلك المفكر الكبير مالك بن نبي رحمه الله ।؟
الذي أعتقده تماما أن الأفكار وحدها لا تكفي ، وأن الأخلاق القويمة لا بد أن تقترن بالفكر ليحصل التأثير المطلوب ، ومن العجيب أن تنبهني نهى بنت عمي إلى ضرورة أن أقرأ " القاهرة الجديدة " – للأستاذ نجيب محفوظ رحمه الله- لأنها ستأخذها معها إلى الرياض، فأجد في هذه الرواية تأكيدا للفكرة التي حدثتكم عنها، وأهمية الاقتران بين الخلق القويم والفكر القائد ، الأستاذ نجيب محفوظ في روايته يجعل الفلسفة تتبع الأخلاق، ففاسد الخلق، سقيم النفس، يكيّف الأفكار وفق هواه، كما أن صحيح النفس ، طاهر القلب ، ينشد من الفكر ما يوافق الطهر الذي يملأ نفسه ولو كان الإلحاد هو خياره ، لن أفسد عليكم الرواية ، لكن الأستاذ أبدع فيها بما يجعلني أن أرشح الرواية لتكون من روايات مشروع النهضة التي يتبناه الدكتور جاسم سلطان، فكرة أخرى ركزت عليها الرواية لا يسعني أن أتجاوزها ، لقد ذهب الأستاذ نجيب محفوظ إلى أقصى مدى مع من يفترض أن التخلي عن الأخلاق قد يقود إلى النجاح الدنيوي ، وقدّم بذكاء جوابا قصصيا على ذلك مفاده أن القدر لا يجمع على المؤمن(والإيمان هنا يشمل الإيمان بالله والإيمان بالقيم الفضيلة ) شقاءين ، شقاء الروح وشقاء الفقر والعجز ، لكنه ببساطة قد يجمع على الكافر كل الشقاءات ، فالإيمان خيار نافع في كل الأحوال !
والآن بين يديك عزيزي القارىء ما كتبته إلى الدكتور جاسم سلطان بعد قراءتي لكتابه " فلسفة التاريخ " وجوابه على ما كتبت ، أنشرها بعد أن استأذنت الدكتور وذلك لتعم الفائدة ، وتحفيزا لمزيد من النقاش ॥
قالت صفية : أستاذي الكريم : أنهيت اليوم كتابك :" فلسفة التاريخ" ، أعجبتني طريقة كتابتك جدا، وأعجبني التركيز على الأفكار الرئيسية من حين لآخر، والرسوم التخطيطية، والعملية في الطرح، وعدم تشعب الأفكار في الكتاب ، كما سررت بذكرك قاسم أمين ضمن قادة التغيير ، هذا الرجل الذي ظلم في كتابات بعض الإسلاميين، والذي اكتشفت مؤخرا من قراءتي لكتابه :" تحرير المرأة" وبعض كتاب :" المرأة الجديدة " أنه لا يحاد الدين ، وأهم فكرة أرى أن الله وفقكم إليها هي الانتقاء من النتاج الإنساني في مجال الفكر ما يخدم غاية الدين في عمارة الأرض ، وخلق فكر جديد من الأفكار التي ولدت في مناخات فكرية مختلفة ، لقد كان ذلك رائعا بالنسبة لي ، ومستفزا لعقلي ، وأعجبتني نقولاتكم عن الجابري رحمه الله ، وهيكل . فبارك الله فيكم. لكن لو تسمح لي يا أستاذي ، هناك أفكار كانت بالنسبة لي تحتاج مزيد توضيح ، فنظرية هيجل غير واضحة، والمثال لم يكن كافيا بالنسبة لي لترسيخ وضوح الفكرة، كما أن المثال لم أفهم هل ذكره هيجل نفسه أم أن حضرتك أتيت به . وهناك أفكار مهمة تحتاج لمزيد تأكيد ، وتأصيل ، وتركيز ، كفكرة أننا يجب أن نعدل مع الآخرين كما نحب أن نعامل بعدالة ( ص 159 ) ، لقد تكلمت في الدورة عن التعايش مع أهل الكتاب بتأصيل رائع ، فحبذا لو أضفته للكتاب، أيضا فكرة أن المراجعات ينبغي أن تكون بهدف تصحيح المسار ولا تتضمن تجريم الأشخاص أو إذلالهم ( ص 155) . وعند كلامكم على ضمان عدم الشيخوخة( ص 45) أقترح أن تضاف فكرة تعزيز الاستغناء المادي لئلا تغلب أمور الحياة والمعيشة على التفكير. عند الكلام على الحضارات المقابلة للحضارة الغربية لم أفهم كيف أن الحضارة الصفراء لا تحمل قيما معادية للقيم الغربية ، وأن الإسلام يحمل قيما معادية ، لم أفهم هذه الفكرة . الكلام على عدم اختلال الميزان الاجتماعي يحتاج إلى مزيد أمثلة تربطه بالواقع المعاش . وختاما أشكرك يا دكتور على هذا الكتاب المهم ، وبإذن الله أنتقل غدا إلى الكتاب الذي يليه । خالص تقديري واحترامي
قال : د। جاسم سلطان :
صفية ...بوركت موضوع هيجل هو ما يطلق عليه الفلسفة المثالية وهيجل ممن يؤمنون بالنظرية الخطية في التاريخ أي أن شأن الإنسانية دائما لارتقاء وسبب الارتقاء هو ما يطلق عليه جدل الأفكار فأي فكرة تخرج للوجود مادامت إنسانية فهي تحتوي في داخلها على قصور وهذا القصور يولد فكرة جديدة تحاول أن تعالج هذا القصور وتبدو نقيضة لها لأول مرة ويبدأ صراع بين الفكرة القديمة والفكرة الجديدة فتنتج فكرة ثالثة تحتوي على محاسن كلتا الفكرتين ...ولكنها بطبيعتها إنسانية وتحتوي في داخلها على قصور فتخرج فكرة مضادة لها وتتولد عن الصراع بينهما فكرة ثالثة تجمع محاسن الفكرتين وهكذا تتقدم البشرية ...لنأخذ مثلا الصين المعاصرة كمثال فهي بالأساس دولة خاضعة للدول الغربية تصارع للبقاء ويفرض عليها بالتدريج النظام الرأسمالي من القوى المحتلة ...وبرزت الشيوعية كنقيض للفكرة الرأسمالية وقامت الصين الشيوعية الماوية باعتبارها الحل لأمراض الرأسمالية ...ولكن الفكرة الشيوعية فاشلة اقتصاديا فولدت فكرة ثالثة وهي الجمع بين الفكر الاشتراكي الحاكم للصين والفكرة الرأسمالية التي يدار بها الاقتصاد الصيني ولكن عبر خط متدرج سمح للصين ان لا يكون مصيرها كمصير الاتحاد السوفيتي...وحسب نظرية هيجل الفكرة الجديدة سيظهر فيها قصور ولو بعد حين وستصارعها فكرة أخرى وسيلد الموقف فكرة ثالثة ...وهكذا ...وسميت الفلسفة المثالية لأنها اعتمدت عالم الأفكار كمقياس لحركة التقدم الإنساني وتقابلها المادية الجدلية عند ماركس ।أما الحضارة الصفراء فالصين تاريخيا ليس بلدا غازيا أي لم يخرج في فتوحات ولم تزعم الفكرة الصينية أنها صالحة لكل العالم فلم تخرج لمنافسة الفكرة الغربية أو تهدد أراضيها أما الفكرة الإسلامية فهي تعتقد أنها الفكرة العالمية الأصوب وخرج أتباعها كفاتحين للعالم وهي بطبيعتها فكرة لا تقبل الذوبان في الآخر ...فالصينيين مثلا لا يوجد لديهم حماس لنشر الطاوية او البوذية في العالم بالقوة على كل حال ... والمخيال الغربي يرى في المسلمين نقيض الحضارة الأوربية في مواضيع الحرية والديموقراطية والعلاقة بالعلم والمرأة سواء بسوء فهم أو بقراءة الواقع المعاش...فما نجسده على الأرض اليوم هو ما يعتقده الغربي عنا بغض النظر عما نعتقده عن أنفسنا ...ذلك هو المخيال من وجهة نظر الغرب عن الإسلام والمسلمين وهو بالمناسبة ليس مخيالا جديدا فقد تولد عبر أحقاب وغذته الكنيسة من عصور الأندلس । بقية الملاحظات إن شاء الله تجد لها مكانا في كتب قادمة
lمع فائق التقدير والاحترام / د। جاسم سلطان
انتهى الجزء الأول من المراسلات ، وسأوافيكم بالجزء الثاني قريبا ، شكرا لوقتكم

الأحد، 1 أغسطس 2010

عقولهم ترللي ( إعادة نشر)

إن النساء عقولهن ترللي" !
هل سمعتم هذه العبارة من قبل؟ لا أعتقد، لأنها من(بنات) أفكار والدي الحبيب، وهو يستخدمها في سياق خاص لا يوافق على استخدامها في غيره ॥هذا السياق هو التلطف والترفق واستجابة الطلب من زوجته أو إحدى بناته حين لا يكون موافقا عليه، لكنه ينفذه(مكبرا دماغه)، فـ(النساء عقولهن ترللي) فلم نشتد معهم؟ لنترفق بهم ॥والآن كبر أخي الوحيد وبلغ العشرين من عمره، وأصبح يستخدم العبارة ذاتها في السياق ذاته ॥ لكن ما موقفنا نحن-البنات وأمهن- من هذه العبارة؟الابتسامة التي تغمر وجه أبي أو أخي وهما ينطقان بهذه العبارة مُعدِيَة، فتتسلل إلى شفاهنا أيضا لتعلن أنه لا بأس فالغاية أن تنفذ رغباتنا بطيب نفس آمنتما برجاحة عقولنا أو ترلليتها
॥في المقابل تشتد بعض الفتيات أو الزوجات مع آبائهن أو إخوانهن أو أزواجهن في النقاش إثباتا لدورهن وحقوقهن التي أعطاها الإسلام لهن أصالة، والطرف المقابل لا يمنعهن إياها سلوكا وتطبيقا، لكنه يرى أنه يفعل ذلك من باب كرم الأخلاق لا إعطاء لحق شرعي
। على سبيل المثال: حكت لي صديقة عن نقاش حاد دار بينها وبين زوجها حول واجبها في إعداد الطعام للأسرة، فقد سمعا معا من شيخ فاضل في إحدى القنوات الفضائية أن الشافعية لا يوجبون على الزوجة الطبخ للزوج، فراح الزوج يسفه كلام الشيخ، فغضبت صديقتي لذلك، ونصبت نفسها محاميا عن حقوق المرأة غير المعترف بها، قلت لها: ولكن أليس زوجك كريم النفس، طيب الخلق، يتغاضى عن الطعام المحترق أو نصف الناضج، أليس يعفيك في كثير من الأحيان من الطبخ رفقا بك ويقول: لا تتعبي نفسك سأحضر الطعام من الخارج। قالت: نعم ॥
قلت لها: إذن ما الداعي لأن يثار هذا النقاش أصلا؟ ألم يكن الأولى بك أن تكبري دماغك، وتقولي بابتسامة واسعة: "إن الرجال عقولهم ترللي" ॥