السبت، 20 يونيو 2009

كان جالسا على يميني .. مذكرات أصولية

كان جالسا على يميني .. يكتب ..أختلس إليه النظر فأراه عاقدا حاجبيه عجبا وتأملا وغيظا أحيانا من صولات الإمام الرازي في مبحث الإجماع من "المحصول" ..
يرفع الإمام القرافي عمامته ويردها ثانية في توتر ظاهر॥ أتنحنح فيلتفت إلي بابتسامة فيها الكثير من الرحمة الممتزجة بالوقار ..
أقول له : لا أفهم لماذا يفعل بنا الإمام الرازي هذا ؟ أشعر أني ألهث وأنا أجري وراءه وأتبعه من مبحث إلى مبحث وهو لا يكلف نفسه عناء التوقف ليرحمني من ملاحقته ॥ ويوضح لي ولو بعضا مما غمض علي..
لا تفارقه الابتسامة الطيبة الوقورة وهو يقول مشفقا : إنه " الإمام " يا ابنتي ، فقط التزمي الصبر والأدب وسيفتح الله عليك
॥أتذكر أن الإمام القرافي لا يسمي الإمام الرازي إلا " الإمام " ॥
يلملم أوراقه ॥ ثم يعطيها لي قائلا: هذا هو شرحي لمبحث الإجماع -أردت أن أعطيك نسخة بخط يدي- ادرسيه بتأن ستجدين فيه كلاما مهما .. ماذا تقرئين الآن ؟
قلت : اقرأ كلامك على تعريفات العلم والظن والأمارة । . قال لي: جيد ، بعد دراسة نقدي "لكلام الإمام" راجعي تنقيح الفصول ستكتمل لديك الصورة في المسائل التي تدرسينها॥
قلت : حاضر ॥
قال : تابعي يا ابنتي تابعي ।
رجعت إلى القراءة وابتسامة الإمام القرافي لا تفارقني ॥ الابتسام معد بالمناسبة.. لكنها عدوى جميلة تطيب بها الروح .. ألقي نظرة على الأوراق خطه طيب ووقور كصاحبه। .
" إنه الإمام" تظل عبارة الإمام القرافي عن الإمام الرازي تتردد في ذهني- رغم مرور يومين على حوارنا -كنت أقرأ في المحصول من "اللاب توب"॥
تظهر نافذة من الماسنجر ॥ ( الاسم المستعار) :  " العلم بحر لا ساحل له " ..
يقول لي : أنت أمام خيارين إما أن تستسلمي للمباحث الأصولية وتتقبليها كما هي ॥ وحينها ستخيبين أملي.. وإما أن تعملي فكرك تحليلا وربطا وجمعا ।
لا أراك مخيبة ظني ॥
كنت أقرأ الكلمات وأسمع صداها يتردد في عقلي ॥ صوتها له رنة قوية وواثقة وهادئة ..
أحسست أنه " الإمام" وقبل أن أسأله قال لي نعم يا ابنتي أنا الرازي ॥ لا تخذليني فالجري الذي جعلتك تلهثين بسببه لا أريده أن يضيع هباء ..
سألته : لكن لماذا يا " إمام" هذا التناقض...
لم يرد ॥ رحل فجأة كما ظهر فجأة
॥ هل جاوزت الأدب لما وصفت اختلاف أقواله في المسألة الواحدة تناقضا ؟
كتبت له : أعتذر بصدق عن سوء اختياري للكلمات ॥لم يرد ॥ لقد رحل ॥
لكنه سيعود ॥ أنا واثقة من ذلك ॥ هو يعلم كم أقدره ॥ وكم أنا معجبة بعقله॥
الإمام القرافي سيعود أيضا ॥ أشعر بروحه ترافقني الآن فعلا ॥
أنا فعلا أشعر بالشوق إليهما ... وأتوق إلى مجالستهما ॥
أعدكما لن أكثر الأسئلة .. سأستمع أكثر .. لكني أيضا سأسأل.. فقط لن أكثر الأسئلة .. هذا ما أعدكما به .. كتبتها في 20/ 6/ 2009 .

هناك تعليقان (2):

زينب السقاف يقول...

لازال هناك اناس تعشق العلماء الافاضل والكتب القديمة اذن لا ولنا بخير
احببت لغتك العربية ولكن صدكت بكلمة اللاب توب والنيك نيم تمنيتها لو كانت بالفصحى
شعور جميل ان نخالط العلماء ونتحدث معهم ونعيش وكأنهم معنا
لا فض فوك

صفية الجفري يقول...

أهلا أختي الكريمة .. بالنسبة للعشق .. فأرجو أن يكون كذلك .. هو حب نابع من حبي لتخصصي الشرعي وأعتقد أن الإنسان إذا لم يحب تخصصه فستكون لديه مشكلة حقيقية .. بالنسبة لكلمتي اللاب توب والنيك نيم فأحترم وجهة نظرك بالطبع لكني أردت ان تكون هذه المدونة معبرة عن حياتنا بشكل أقرب يعني لو عرّبت ( اللاب توب ) وقلت الحاسوب الشخصي فإنه قد يكون مقبولا .. لكن ( النيك نيم ) إذا عرّبته بالاسم المستعار ففي رأيي أنه سيكون غريبا وسيأخذنا بعيدا عن إحساسنا بواقعية النص وقربه .. هذا رأيي ولعلي مخطئة فيه .. مرحبا بك حقا ياسيدة