لكل
عصر روحه الخاصة به ، وروح هذا العصر أن يتحقق المرء بأقصى قدر من الحرية ، أو
لأقل إن حاجتنا الإنسانية إلى التحقق بالحرية كقيمة قد تجلت في عصرنا أكثر من
العصور السابقة ، ولذلك فإن أي فكر لا يراعي هذه الحقيقة سيصد الناس عنه ..
يقصد
الشرع الشريف إلى تحقيق مصالح العباد ، وهذه المصالح تتحقق بأن يكون المسلم في حال
من التصالح مع ثقافة عصره .
نحتاج
أن نستثمر كمسلمين الثروة الفقهية الواسعة التي تزخر بها مدوناتنا الفقهية في
مساعدة المسلم المعاصر على عيش حياة فيها أقصى مساحة من رفع الحرج ليبقى التقييد
المرتبط بالقطعيات الأساسية هو علامة انتمائه لهذا الدين وهو الحد الذي يحفظ له
الطمأنينة التي هي مقصد التحقق بحريته إذ أن الحرية المطلقة شتات ومفسدة تحرم
المرء سكونه النفسي المرتبط بوجود قدر أساسي من القواعد في حياته.
نعم
استثمار هذه السعة لابد أن يكون منضبطا علميا عبر خطاب رصين يحترم حق الناس في
صياغة الطريقة التي تناسبهم في رحاب دينهم لا خروجا عنه ..
نحن
نحصد الآن ثمرة خطاب دعوي غاب عنه العلم الأصيل ، والفقه بواقع الناس وحاجاتهم
لصالح وعظ مشوش غير ناضج .
فلنجمع
الناس على دين الله ، ولتكن القطعيات الحصن الحصين ، والربط بمعنى التعبد هو
الأساس لخطاب دعوي منهجي لا يصدّر الحِكَم الظنية ويقيمها مقام العلل التي يدور
معها الحُكْم وجودا وعدما في خلط ظاهر بين الأحكام التعبدية والأحكام معقولة
المعنى.
الإسلام
دين يحترم المنهجية العلمية ، ويحترم حاجات الإنسان ، والرحمة هي جوهر تشريعاته ..
والخطاب
الدعوي يحتاج لعلماء وطلبة علم متمكنين لديهم رؤية مقاصدية حكيمة واطلاع على واقع
الناس وثقافة العصر مع تواضع وحسن خلق وضبط للنفس وسماحة فإن كنت عاميا أو طالب
علم مبتدئا أو اقتصر طلبك على الحفظ والفهم القريب لا المتعمق وإن كنت بعيدا عن
واقع الناس وثقافة العصر وإن لم يكن خلقك السماحة فلا تتصدر للدعوة ولا تفسد على
الناس دينهم .
حرر
في : 3/11/ 2020م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق