رعاية لا ندية :
في
قصة بعنوان : ( أمي والتدخين ) تحكي المؤلفة عن طفلة اتخذت كافة الوسائل لكي تتوقف
أمها عن التدخين . تبدأ تلك الوسائل بإظهار التأذي من تدخين الأم في الغرفة لتنتقل
الأم إلى التدخين في الشرفة . وتذكر المؤلفة على لسان الطفلة أنها ستفعل كل ما في
وسعها لتمنع أمها من هذه العادة الضارة كما أن أمها تمنعها من الأفعال الضارة
والسيئة وتنفذ الطفلة ما عزمت عليه بتخبئة
( علب السجائر ) و (القداحات ) لتضطر الأم كل مرة إلى البحث ثم الشراء عند عجزها
عن أن تجد ( سجائرها ) و( وقداحاتها ). وتكتب الطفلة رسالة لطيفة إلى الأم ترجوها
فيها أن تبتعد عن التدخين وتعدها أمها بالمحاولة الجادة .ثم بعد فترة تكتشف الأم مخبأ عشرات ( السجائر ) و ( القداحات ) في
أحد الدواليب فتضحك وتحتضن طفلتها وترمي (
السجائر) و( القداحات ) في سلة المهملات . وتتوقف بعدها عن التدخين بفضل طفلتها . ( أمي والتدخين . سمر محفوظ برّاج . )
يغيب
عن هذه القصة مبدأ تربوي مهم ، وهو أن الطفل كما هو بحاجة إلى تعامل يحترم عقله
ومشاعره واستقلاليته هو أيضا بحاجة إلى أن يتعلم أنه في سن التوجيه والرعاية، وأن
عليه أن يحترم سلطة والديه،وأنه ليس ندّا لهما ، وإدراكه لهذين الأمرين سيحفظ توازنه النفسي،
وشعوره بالأمان، ويعلمه احترام خيارات الآخرين
، ويحميه من آفات الأنانية، والتلاعب .
الدلال
المفرط والابتزاز العاطفي :
لا
شك أنه من المهم أن تستمعي إلى طفلك، وتمكنيه من الدفاع عن نفسه ، كل ذلك في إطار
احترامه لسلطتك كأم ، وإدراكه أنك المتحكمة في زمام الأمور ، وأن التزامه نحوك
يقتضي احترامه لأوامرك. أما إذا وجدت أن توجيهاتك لطفلك تتحول إلى سبب لبدء
مفاوضات طويلة ومعقدة ، وعندما ترغمين نفسك على محاولات تبرير قرارات أساسية
بالنسبة إليك كأم لطفل في التاسعة من عمره ( مثلا) . ويبدأ الطفل بالتلاعب
بالمبادىء التي علمته عبر سنوات أهمية احترامها ، مبادىء الحوار، والإنصاف ،
والعدالة ، والثبات ، ليجعل هذه المبادىء سبيلا للتملص من واجباته ، والمواقف التي
لا تعجبه دلالا وتنمرا حينها لا بد أن يتوقف الحوار و هذه هي اللحظة المناسبة لكي تقولي ( لأنني
قلت ذلك ) بثبات مصحوبا بابتسامة بسيطة
تتبعها حركة من حركات لغة الجسد التي تشير إلى أنك انتهيت من الحديث عن الموضوع .
إن
لم يتعلم الطفل أن رغباته يجب أن تكون منضبطة وفقا لمصلحته ، ووفقا لقواعد التعامل
السليم مع الآخرين ، فسيفقد إحساسا مهما بالثقة بكفاءتك ، وسيحرم شعورا بالأمان
يحتاجه إذا واجهته مشكلة حقيقية . ( طفلك مزعج وأنت السبب. إلين روز جليكمان .) .
الدلال
المفرط يجعل الطفل غير قادر على التعامل مع الحرمان والإخفاقات ، وتتكون لديه
توقعات غير واقعية عن أن الحياة ستقدم له ما يريده دون تنازلات منه ، وهذا يجعله
غير متوازن عاطفيا ، بل وقد يكون مدار علاقته بالآخرين هو الابتزاز العاطفي لتحصيل
ما يريده منهم لحماية نفسه من حرمان لم يتعود التعامل معه . (الابتزاز العاطفي . د. سوزان فورورد ) .
العقاب
الانفعالي :
التأديب هو الطريق الأمثل لتنشئة
الأطفال تنشئة صالحة ، وهذا التأديب إن لم يكن منضبطا بعقل واع ، وقلب حاضر ، يصدر
منهما تصرّف المربي فإنه ينقلب إلى عقاب انفعالي لا يسلم الطفل من ضرره .
والأطفال العنيدون لديهم قوة
احتمال عالية للصراعات، وغالبا ما يكون الصراع نفسه مكافأة ومنحة لمثل هؤلاء
الأطفال . فإذا كان انضباط المربي في تأديبه للطفل مطلبا ضروريا في حق جميع
الأطفال فهو في حق الأطفال العنيدين أشد ضرورة .
إن الانفعال الزائد يعزز عناد
الطفل ، كالإسفنج الذي يمتص الماء . ولذلك فاتخاذ القرار التأديبي ينبغي أن يكون
في حال هدوء المربي ، ولا ضير في أن يؤجل المربي اتخاذ القرار فذلك أفضل من قرار آني غير حكيم . والطفل تعلمه
ليس شرطيا ، والتأخير سيجعل الأمر أكثر تحققا بالاحترام اللائق برصانة والديه. ( حاول أن تروضني . راي ليفي وبيل
أوهانون . ) .
وقت كمي
أيضا :
قضاء وقت نوعي مع الطفل مهم جدا
في بناء علاقة متينة ، وذكريات جيدة ، تساعد الطفل على التوازن ، واستدعاء البهجة
في أحلك الأوقات . لكن الوقت النوعي غير كاف للقدرة على التربية المتوازنة للطفل
العنيد بل يجب على المربي قضاء وقت جيد طويل مع طفله العنيد لكي يكون لديه في نفس
الطفل رصيد كاف يسمح له بتوجيهه بما يتسق مع طبيعته . ( حاول أن تروضني . راي ليفي
وبيل أوهانون . ) .
التعاطف
والعاقبة الأخلاقية:
الطريقة المثلى لتعديل سلوك الطفل
العنيد هو جعله يتحمل عواقب أفعاله ، فإذا ما حرم الطفل من مميزات معينة بسبب
عناده فإن هذا الحرمان سيكون هو الخبرة الكافية التي ستعلمه كيف يكون إنسانا صالحا ، وحينها فإن التعليق بعبارات
التعاطف الصادقة والحازمة حيال وطأة عاقبة تصرف الطفل هي التصرف اللائق بحفظ
كرامته لا اللوم الذي قد يفسد علاقة الطفل بالمربي، وكذلك يحول بين الطفل وبين
الانتفاع بهذه الوسيلة التأديبية . (
التهذيب الإيجابي . جان نيلسن ولين لوت وستيفن جلين) .
اختلاف
فلسفة التربية بين الزوجين :
يظن البعض أن اتفاق الزوجين في
فلسفة التربية هو أمر أساسي ولا شك أنه أمر محبذ لكنه لا يشكل عائقا أمام التربية المتوازنة إن
اتفق الزوجان على احترام طريقة كل واحد منهما
ما دامت الطريقتان ليس فيهما عنف أو أذى للطفل . وعلى الوالدين أن يحدثا الطفل عن أنه ينبغي أن
يستجيب باحترام لكلا الطريقتين . ويستطيع الطفل أن يتأقلم مع أكثر من أسلوب تربوي.
وهذا الأمر يكثر قلق الوالدين منه حال الانفصال خاصة ولا ضرر منه مادام التعامل
بين الوالدين قائما على الاحترام كما تقدّم.
( حاول أن تروضني . راي ليفي وبيل أوهانون . ) .
رحلة طويلة
:
التعامل مع الطفل العنيد هو رحلة
طويلة تحتاج من الأبوين إلى كثير من الصبر ـ، والتعلم ، وقد حاولت في هذه المقالة
تسليط الضوء على بعض القواعد التربوية المهمة التي يحتاجها الوالدان للتعامل مع
طفلهما العنيد . والمراجع التي ذكرت في المقال فيها معلومات وقواعد وأساليب لا غنى للوالدين عنها لإنارة رحلة تربية طفلهما
. ولا بد أن نذكر أنفسنا كآباء أننا بشر ، نخطىء ونصيب ، لكن حسبنا أننا نبذل
جهدنا لنؤدي واجبنا ، ويجب أن نتعلم أن نعذر أنفسنا ، وأن نعلم أطفالنا احترام
جهودنا وعواطفنا . والله الهادي لنا ولهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق