السبت، 14 يونيو 2008

يوم ممطر آخر

لا أتابع المسلسلات عادة إلا في أوقات متباعدة من السنة ، وعادة لا أتابع سوى المسلسلات السورية ، لا سيما لو كان المخرج هو أ/حاتم علي، أوأ/ هناء شوربتجي التي عرفتها في المسلسل المحكم : غزلان في وادي الذئاب، والتي يعرض لها حاليا على قناة دبي مسلسل يبدو ممتازا بعنوان : يوم ممطر آخر ، اليوم أردت الجلوس إلى والدتي ، وجدتها تتابع المسلسل التركي ( نور) ، كنت شاهدت حلقتين منه مع بنات خالتي ، وأتذكر تعليق بطة بنت خالتي ، الأتراك كالعرب ، وأضافت هناء: كالعرب اللبنانيين ، إشارة إلى خروجهم عن التقاليد الشرقية في كثير من السلوكيات ، ولا أريد أن أقصر الأمر على الجانب الديني وحده ، أصلح الله أحوالنا جميعا. لماذا أردت أن أحكي عن نور .. الليلة أعجبني موقف لها، حين تأخر عنها زوجها ، وكان القلق ينتابها ، لتوتر علاقتهما مؤخرا بسبب قصة قديمة بين زوجها وحبيبته السابقة ، قد عادت لتظهر من جديد ، انتظرت نور وقتا طويلا ، قبل أن تتصل لتسأل زوجها ، لماذا تأخر، أعطته مساحة كاملة وجيدة ، بعد ذلك اتصلت ، لتفاجئ باعتذاره عن الخروج معها ، لم تجلس نور في البيت وتسمح للقلق أن ينهشها ، لبست قرطيها اللذين خلعتهما بعد أن طال انتظارها ، واستعدت للذهاب إلى السينما ، سألتها أخت زوجها : ستذهبين وحدك ، أليس ذلك قاسيا؟ نحن نحتاج إلى رفقة أحد في السينما قالت لها نور : نعم ، ساذهب وحدي ، أنت قلت لي مرة : الحياة لا يجب أن نتركها تمر ، ونحن بانتظار شخص ما .. ذهبت نور إلى السينما وحدها، وتوقفت متأملة أمام زوجين كبيرين في السن ، اختلط لديها الألم بالأمل .. الوحدة بالأنس المرتجى ، أحيانا يكون الأنس المرتجى حاضرا معنا ، يؤنسنا طيفه القوي قبل حضوره .. هذا الأنس المرتجى ليس بالضرورة أن يرتبط بالدنيا ، الجنة هي محل أيضا لأنسنا المرتجى ، قد نختار ذلك ليس فقط عقلا ، لكن قلبا أيضا ، لا أفهم معنى لفصل القلب عن العقل في أحيان كثيرة ، لأن القلب السليم ، يعين المرء على اتخاذ قرارات سليمة ، ربما يحتاج فقط المرء أن يتوقف ليفصل ( شهواته ) عن الرغبات الصافية ، نعم قد تبدو كلمة ( الشهوة ) هنا فجة ، لكنها دقيقة تماما للتعبير عن كل شعور ناب عن الذوق السليم ، هي عامة تصلح أن تطلق على عموم الشهوات المباحة وغير المباحة ، لكن عادة ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن شهوات القلب أو النفس ، تلك المذمومة منها .. المذموم هو كل ما من شأنه ألا يصون المشاعر الصافية عن ( الهوى ) المذموم أيضا، ذلك الهوى الذي يخل بقيم نبيلة ، وحرصنا على أناس يستحقون مراعاتهم، الأمر ليس سهلا أبدا ، يحتاج إلى الاستعانة بالله أولا ، والاحتماء بدفء العائلة ، وبعث للقيم التي طالما رافقت المرء في حله و ترحاله ، وصداقة جيدة أيضا ، وتجديد للإيمان بأن الدنيا ليست نهاية المطاف ، والوقت .. ما الوقت ؟ فلنملكه ، ولا ندعه يملكنا .. رضوى كتبت كلاما توقفت عنده بإعجاب، بعنوان ، لليوم فقط ، دائما ما أُعجب باحترام شديد من يتقن الخوض والحديث في تخصصه ، لا سيما إذا رافق ذلك لغة سهلة لا تقعر فيها ، أحاول أن أكون كذلك فأخفق في كثير من الأحيان .. قالت لي أ/ وزيرة مرة : إن الصبر هو الخلق الذي نفتقده في هذا العصر، حقا ، الصبر ، حتى في العلاقات نحتاج إلى كثير من الصبر ، قبل أن نأتي برد فعلا ما ، بل إن العلاقات الإنسانية أشد ما تكون حاجة إلى الصبر، والتريث، ورفقة النفس أولا ، من لا يصبر أعتقد أن أكبر مشكلة عنده - وأنا هنا لا أبرىء نفسي أبدا- هي أنه لا يحسن رفقة نفسه ، النفس ، تحتاج إلى أن نصادقها أولا ، هناك عبارة سمعتها من قديم عند أهل التصوف ، اعرف نفسك أولا ، فإن من عرف نفسه ، عرف ربه ، نعم حقا ، من عرف نفسه ، عرف كيف يقودها إلى الله عز وجل على بصيرة ، لكن كيف سنعرف أنفسنا إن لم نصادقها ، ونعتني بها أولا ، كما نعتني بصديق مقرب ، نعتذر إليها لو قسونا عليها ، أو أوردناها موردا لا يليق بها ، أو لم نعطها حظها من الوقت ، والصحبة ، كما نعذرها إذا زلت ، ونحاول أن نستوعبها ، ونستعين على ذلك بالدعاء لها ، دعاء ملحا في جوف الليل ، ومشورة صديق حكيم يفهمك جيداويحبك .. و.. تصبحون على خير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق