لست بصدد الحديث عن خصوص قضية فاطمة ومنصور كقضية حاضرة في أحاديث الناس وهمهم تأييدا للحكم الصادر فيها أو رفضا له ، لأن تناول قضية بخصوصها يقتضي العلم يقينا بكافة تفاصيلها، ما أود تناوله هو عموم مسألة الكفاءة في النكاح كمسألة ظنية اختلف في اعتبارها الفقهاء وارتباط ذلك بالمقاصد الشرعية الكلية ، وكون ذلك جزءا من فقه يغيب كثيرا عند تناول الأحكام الجزئية
النصوص الواردة في اعتبار الكفاءة وعدم اعتبارها - عداالكفاءة في الدين فهي معتبرة باتفاق-متقابلة، وهي ظنية تحتمل تفسيرات متعددة، ومن قال من الفقهاء باعتبار الكفاءة وهم الجمهور اختلفوا فيما يجب اعتباره من المصالح ، فبعضهم اعتبر الكفاءة في العمر مثلا وبعضهم لم يعتبرها ، وبعضهم اعتبرها في المال ولم يعتبرها آخرون لكنها جميعها تصب في مقصد شرعي أساس وهو تحقيق المصلحة للعاقدين كما لأسرهم، مصلحة فردية ومجتمعية
فالشارع عندما أكد على مراعاة الكفاءة فإنه لم يأت بنصوص قطعية في اعتبارها لأنه إنما أكد عليها باعتبار ما تؤدي إليه من مصالح تتغير بتغير أحوال الناس زمانا ومكانا وظرفا اجتماعيا عاما أو أسريا أو فرديا
وعليه فإن ما ورد في مذهب الحنابلة من اعتبار حق الأولياء جميعا في الفسخ ، قد يكون محققا لمصلحة ما في ظرف ما ، لكن لا يقبل القول بأن تطبيق هذا الحكم مطرد في جميع الحالات ، فإن الحكم الفقهي في مسألة ما يختلف باختلاف الأحوال التي تطرأ عليها ، بما لا يناقض مقصد الشريعة في تحقيق المصالح ، وليس هذا في خصوص مسألة الكفاءة في النكاح بل في عموم مسائل الفقه ،فليست النصوص الفقهية التي سطرها الفقهاء في الأبواب المختلفة هي جزر منفصلة عن بعضها لا رابط بينها ، بل هي سلسلة مترابطة تنتظم لتقود إلى غايات ومقاصد إهمالها ينقض عرى الشريعة . والله أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق