الثلاثاء، 8 مايو 2012

الباقي من الزمن ساعة ..


.. قبل قليل أتممت رواية :" الباقي من الزمن ساعة " لكن روحي لم تزل متأثرة .. شغف وتأمل وبكاء وشجن ..
كنت أتابع في وقت متأخر من ليلة أمس الأستاذ حمدين صباحي وهو يدافع عن الناصرية .. وإنصافا هو- فيما يظهر- ناصري " متجدد" إن صح التعبير أخذ من الناصرية محاسنها وطرح في برنامجه – فيما يظهر- مساوئها .. لكن الظلم الفادح الذي تعرّض له أحد أبطال الرواية في العهد الناصري، هزني من الأعماق، كان (محمد) كما تحكي لنا سطور الرواية : إخوانيا صاحب عفة وصدق تمسك بالخير والمبادئ القويمة .. ويلقي به عبد الناصر في غياهب السجن ، ليعاني من التعذيب ما يفقده بعض أعضائه ..
ظلم شديد امتد حتى بعد خروجه من السجن .. فقد عجز حتى عن أن  يشرح لولديه المنبهرين بالزعيم عبد الناصر كم ظلم أباهم ، وأذاقه صنوف العذاب ، خشية أن يزل لسانهم في المدرسة فينال الأسرة الأذى الوبيل ..
وتمضي الرواية لتحكي لنا المواقف المتباينة في حب عبد الناصر وبغضه .. ثم حب السادات وبغضه .. تلك المواقف التي تتكون نتيجة تفاعل شخوص الرواية مع الأحداث متأثرين بطبيعتهم النفسية ، وقيمهم ، ومبادئهم ، وضعفهم ، أو قوتهم ..
الرواية تنحاز للإيمان المخلص بالمبادئ ، وتنحاز للقيم الأصيلة ، ولم شمل الأسرة، والتدين الفطري ، وتوجعنا بشدة ، وتؤنسنا بالمشاعر الصادقة، وتهب القلب رقة وتعاطفا مع الأحلام البسيطة التي تمتد عبر الزمن ، وتصدمنا بالمواقف المتطرفة ، وتواسي من طرف خفي من التزم النهج القويم في تربية ولده ، واحترم حقه في الاختيار ، ثم يجني علقما..
رواية ثرية ، ومتوازنة ، ونابضة بالعلاقات الإنسانية المتشابكة ، وفيها مفاتيح للحكمة والسلام الداخلي..
رحم الله نجيب محفوظ .. وجزاه خيرا ... وغفر له زلاته.

فديتك يا ليلى

" دع كل امرئ يدبر أمره من وجهة نظره هو، إنه أدرى بمطالبه ومشاعره، وهو مسؤول عن حياته، وعن نتائج أعماله، وإذا كان لا بد لك من أن تدبّر أمره، فافهم نفسيته، وقدّر مشاعره،  وليكن تدبيرك ما أمكن من جهة نظره، وبطريقة تفكيره ".  يوسف السباعي ، رواية : فديتك يا ليلى ، ص 172 ، مكتبة مصر