الأحد، 29 أبريل 2007

بين الصدق والحقيقة

أحيانا تكون العناوين أكبر مما تشير إليه ، لكن ذلك بحسب الظاهر فقط ، لأن تفاصيل حياتنا مهما كانت صغيرة ، فهي مؤثرة وعميقة ، هل تراني أعتذر الآن عن سطوري القادمة، أبدا ، لكني في رحلة تأمل قصيرة بدءا من العنوان وانتهاء بآخر كلمة في هذه السطور تلك المشاعر المتوهجة التي تغمرنا أحيانا ، فتحجب عنا الحقيقة ، هي مشاعر صادقة، وتداعياتها من بهجة وألم وأمل صادقة أيضا لكنه صدق مراهق لا يبلغ عمق الحقيقة، ليس حقيقة الآخرين لكن حقيقتنا نحن ، هي تكتسح إذا ما استسلمنا لها جمالنا ، وتنسينا في لجة مراهقتها نضجنا ، وحاجتنا إلى أن نجعل صدقنا مع أنفسنا حقيقيا وحكيما
والسؤال هو كيف نتعامل مع مراهقة الصدق فينا ؟ ونجعل عودها يشتد لتوائم حقيقتنا؟
تحضرني الآن الآية الكريمة : واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين
نصبر تأملا في ما يهز جوانحنا ، ونعترف بحاجة ما خلقته ، ونترفق بأنفسنا ونحن نعالجها ، فلا نقسو عليها لوما ، كما لا نترك لها الزمام لتقودنا ، فنصابر لأجل أن نقودها ، وهذه المصابرة ليس منعا محضا بل قد توازن بين العطاء والمنع ، وتستعين ببعض العطاء على عزة المنع ، هذه المصابرة مما يعين عليها صلاة لله تستلهم منه القوة والفهم والحكمة ، ومما يعين عليها أصدقاء يجعلونك دوما أفضل ، وأهل تثق دائما أنك ستجدهم مهما ابتعدت وبعد المصابرة سيشرق النور بداخلك ، النور الذي يرزقك السكينة التي تشفيك من حمى الصدق بترياق الحقيقة . والحمد لله

السبت، 28 أبريل 2007

غيم ومطر

يربطني بها ود واحترام هادئين ، أحب تعليقاتها في درس الأربعاء ، وعينيها المتوقدتين بالتأمل ، قالت لي بعد انتهاء الدرس بابتسامة صادقة وحريصة- تعليقا على حزن سكنني وعجزت عن حبسه بداخلي فنطقت به ملامحي- : مغيمة الليلة يا صفاء لكنها ستمطر قريبا ثقي بذلك.. أهدتني كلماتها ابتسامة كنت أحن إليها : قلت لها : نعم ستمطر قريبا ادعيلي..

أحببت احترامها لخصوصيتي ، وموازنتها بين ذلك وبين حاجتي إلى دعم قلب محب، حكمة ذكرتني كيف أن الخسارة الكبرى هي أن نخسر من يحرصون علينا ، ويضيفون لنا جمالا ، يجعلنا نخرج أحسن ما فينا ، بل نكون أحسن ما يمكن أن نكونه . فأي حمق يجعلنا أحيانا نفقد رفقة هؤلاء الطيبين ؟

الخميس، 19 أبريل 2007

صفاء المعاملة

اللهم حُلَ العقدة ، وفرِج الكربة ، وأذْهِب الحزن ، واقطع مادة الكَرب من قلبي ، واشرح صدري شرحًا يُوجِب لي صفاء المعاملة معك، وحُسن الاستقامة على منهج الصدق في شؤوني كلها، بحيث لا يخالطني التفات إلى غيرك ولا تعلُّق به ، والضَّعف الذي نزل بي أسألُك _اللهم _ بَدَلَهُ قوة من اسمك القوي يَقوى بها قلبي على الارتقاء، وتقوى بها روحي على مدافعةِ الهم والغم ، واجعل عليََّ واقيةً من حِفظك ورِعَايتك تقيني ما لا أستطيع على حمله وما لا أقوى على الصبر عليه . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

الأربعاء، 18 أبريل 2007

الحلال الفكري وارتباكات القيم

سمت حديثه الهدوء الشديد الذي يقترب من الخشوع ، هكذا وصفته لي ، فإذا ما تحدث عن الفضيلة تألقت عيناه ، ورق صوته ، واتسعت ابتسامته ، ولانت ملامحه ، وكان الدين هو محور حديثه مهما تشعب ، قالت لي : لكني دوما كنت أشعر بشيء من عدم الصدق في هذا الرجل ، قلت لها : أختي تقول : المبالغة في الأدب كقلة الأدب ، لأن كليهما خلل وزيف بل ربما تكون قلة الأدب أكثر صدقا .

تقول صديقتي: عرفته عبر مجموعة حوارية أسبوعية، وتبادلنا كمجموعة أرقام الهواتف النقالة، وإذا برسالة منه بعد منتصف الليل، يقول فيها إنه في هذا الوقت يصلي صلاة القيام ويدعو لي ! قالت: تعرفين ؟ الأمر كله يتلخص في كلمة واحدة ( الأصول ) ، الناس لم تعد تراعي ( الأصول ) .

كلمة صديقتي وضعتني على أول طريق التأمل في سلوكيات العلاقة بين الجنسين ، القول بحل العلاقة في ( المجال العام ) ، بلا خلوة ولا فحش من القول ، يواجه ارتباكات قيمية كبيرة ، نحن أمام واقع مرتبك فعلا ، مرتبك من حيث أن هذه العلاقات فرضت نفسها في ظل سياقين متباينين :

سياق لا يلقي للحكم الشرعي بالا، باعتبار أن الشرع حظر أي علاقة بين الجنسين مطلقا عدا ما كان منها في إطار المحارم أو الزواج، وبالتالي يجنب الدين هنا لأنه غير واقعي وغير ملائم للحياة المتجددة.

وسياق آخر منفتح على القول الأكثر سماحة في الدين ، والأقرب إلى روح الشرع ومقاصده ، من حل العلاقة بين الجنسين مطلقا ما دام لا خلوة ولا فحش ، وهذا السياق الارتباكات فيه أنكى، لأن أصحابها يلتبس عليهم الحق بالباطل ، و تغدو القيم مهدرة لديهم أو مشوشة ،فالدين لم يعد مرتبطا ارتباطا وثيقا بالخلق ، مع أن الدين كله خلق ، فما يزيد على المرء في الخلق يزيد عليه في الدين ، كما يقول ابن القيم رحمه الله .

وهذه الارتباكات نجدها عند من اعتقدوا حلال هذه العلاقات فكريا دون تهيئة قيمية ومجتمعية ، بل نجد في بعض الخطابات الدينية تشنيعا على التمسك بالعادات ، هكذا إجمالا ، رغم أن العادات فيها الحسن الذي يؤصل ويربي على مكارم الأخلاق ، والذي يؤدي إهداره إلى فساد الدين والمجتمع .

وإذا كان الإسلام يبيح العلاقة المتزنة ، التي لا تنطع فيها ، في المجال العام ، فإنه بذات القدر يؤكد على الثبات على هذا القدر ، وعدم تجاوزه ، ويضبط ذلك العرف السليم ، الذي يخلق رقابة مجتمعية متزنة ، لكن أين هو هذا العرف في مجتمعنا اليوم ؟ فالمجتمع تربى غالب أفراده على الحظر ، وانتقال المجتمع إلى الحل هو انتقال فكري لا قيمي ، أين هي المرجعية المجتمعية ( العرفية ) لمثل هذه العلاقات ، هذا السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ، كيف نستفيد من سلاسة العلاقات في المجتمع الحجازي القديم ؟ من يرفع الغبار من علماء الاجتماع عن قيم مجتمعنا آنذاك ، لنستعيدها اليوم ، وكيف يمكن أن نستفيد من التجارب العربية في هذا المجال ، أحيانا تقدم المسلسلات المصرية نموذجا جيدا للقيم الأصيلة التي تضبط العلاقة بين الجنسين ، رغم الخلل الموجود في واقع تلك العلاقات في المجتمع المصري .

فإذا أضيف إلى الواقع الحقيقي المرتبك قيميا ، واقعا افتراضيا عبر شبكة الانترنت كان من البدهي أن نجد الارتباكات هنا أشد ظهورا ، فمفهوم الخلوة هنا ارتفع إذ لا خلوة حقيقية – وهذا ينبغي إعادة النظر في حكمه الشرعي - والحديث يمكن أن يتم في ساعات متأخرة من الليل أو مبكرة من الصباح ، وترتفع الكلفة ، لتقرب الألفة بين المتحادثين ، وتخرج الأحاديث عن السياقات الجادة إلى الكثير من اللغو ، وفي مثل هذا الجو ، قد لا يجد الرجل حرجا في وعد بالزواج ، يتراجع عنه بعد وقت لأنه ببساطة كان في سحر خاص ، لم يألفه ، جعله يقول كلاما لم يحسن النظر في عاقبته ، قالت لي : هو إنسان متدين ، وداعية محترم ، وقد وعدني صراحة ، قلت لها : متى وكيف ، قالت : في محادثة ليلية طالت على الشات ، قلت لها : إذن انتظري أن ينقض كلامه بعد أيام. وقد كان .

الله عز وجل يقول :( ولا جناح عليكم فيما عرضتكم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن و لكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ، ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ، واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم ( قال ابن عباس : من الوفاء والإخلاف ) فاحذروه ) البقرة : 235.

فإذا كان الحال اليوم أن يكون الدين فكرا لا قيما، ولم يعد للعرف المجتمعي قيمة، لأنه في طور تخلخل، وغفلة عن وجوب تشكله راسخا أصيلا. كان مثل هذا السلوك وسواه لا يعد جريمة ولا انتهاكا للفضيلة ، وفي السياق ذاته نجد من يتزوج معددا بحجة أن الشرع أباح له ذلك ، مهدرا قيما تتراوح بين الوجوب والندب ، فهو يحرم عليه التعدد شرعا إن كان يعلم من نفسه عجزا عن العدل ، كما يكون التعدد أصالة بحقه غير مستحب لأنه يضيف على نفسه حقوقا جديدة قد لا يؤديها ، ومسؤوليات الله عز وجل سيسأله عنها ، وسيحاسبه عليها . وهو يهدر قيما مهمة إذا ما كان تكراره الزواج ترفها ، يهدر قيم الوفاء والصبر والإحسان ، وهي قيم غابت عن الحس الديني ، وأكد غيابها عدم الالتفات للعرف المجتمعي الأصيل في حسن المعاشرة .

وليس الرجل فقط هو المتهم هنا كما قد يتبادر إلى ذهن القارئ ، بل لكل واحد من الجنسين نصيبه من الارتباكات القيمية في مجتمعنا ، ولا بد من تضافر علماء الاجتماع مع علماء الشريعة المحققين لتبيان ( أصول ) العلاقات الإنسانية في مجتمعاتنا ، وأن يسهم في ذلك كل ذي عقل وقلب يقظ ، و ذلك لن يكون مع التشنيع على الكتابات التي تقدم توصيفا للواقع ، بل الاستفادة منها ، بما يساعد على خلق توجه جمعي لصياغة قيم معتدلة .

حرر في :

10/4/2007م

نشرت في إسلام أون لاين يوم الأربعاء : 18/4/2007م

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1176631676151&pagename=Zone-Arabic-CyberCounsel%2FCCALayout

الأربعاء، 11 أبريل 2007

التعامل مع المبتدع بين رد بدعته ومراعاة حقوق إسلامه

هذه دراسة قيمة للدكتور الشريف حاتم العوني ، تتناول تحقيقا جديدا - فيما أعلم - في منهج السلفيين في تعاملهم مع من يسمونهم أهل البدع ، المقالة أثارت لدي سؤالي القديم الذي أرجو أن أحقق جوابه ، وهو أليس القول بالبدعية نسبي إلا ما ورد النص على بدعيتهم كالخوارج . وعليه فالكلام حول البدعة وعدمها ينبغي أن لا يعدو ساحة النقاش العلمي المنصف ، المقر بظنية النصوص ، واحتماليتها ، ثم إن الكاتب ضرب مثالا بأئمة الأشاعرة ، والسؤال أليس هؤلاء كانوا دعاة لبدعتهم إن صح وصم المذهب الأشعري بالابتداع ويحضرني الآن قول الشيخ محمد أبي زهرة رحمه الله : إن مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور أهل السنة . حسنا لست اجزم بشيء في هذا الموضوع لكن ما أجزم به فقط أن الخلاف في الظنيات عقيدة أو فقها لا ينبغي أن يجرنا إلى فساد الحياة سلما وجمالا . فإذا كنا نقبل الكفار غير المعتدين ألا نقبل المسملين المخالفين؟ والله المستعان . رابط الدراسة التي أسال الله أن يجزي كاتبها خير الجزاء هو

http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=8957

الاثنين، 9 أبريل 2007

وَلَد طَرفَة

هذا هو عنوان الكتاب الشعري الأول لأحمد العثمان، وهو شاب سعودي لم يجاوز منتصف العشرينات من عمره، وقد اختار أن تكون بداية عطاءاته الأدبية باسم صاحبة العطاء الأعظم في حياته والدته طَرفَة التميمي .

أعطتني أختي فاطمة الكتاب ، وقالت لي : أتصور أنه سيعجبك . وقد أحببت بعض الأبيات فعلا، وأعجبني مجمل التجربة الفنية الوليدة ، والروح المهذبة والمتألقة التي كتب بها المؤلف مقدمة كتابه، ولست ذات خبرة ، وإنما أتحدث عن إحساسي كقارئة فقط . وهذه بعض السطور من الكتاب :

أوّاه :

أوّاه من وجع ٍ شب في عينيك وشاب في أضلعي .

رسائل:

لا رسائل جديدة ،

ولا مشاعر جديدة ...

حتى المشاعر القديمة ليست هناك هي الأخرى ...

لست موجودا أنا ، وأنت أيضا لست موجودة...

الساعة قاربت الثانية عشرة ليلا،

واليوم يوشك على الفرار من يدي

لا يوجد متسع من السعادة حتى لنَفَسٍ واحدٍ أخير .

كيف

كيف تخبر أحدا أنك

تشاطره السكون ،

دون أن تثير وحشته ؟!

وتشاطره الزمان ،

دون أن تثير غروره ؟!

وتشاطره المكان ،

دون أن تثير رهبته ؟!

وتشاطره الفرحة ،

دون أن تثير أنانيته ؟!

كيف تخبره أنه الأول والآخِر

ولا يبتعد .

أفلحوا لو تركوا لها أمرها

هذه المقالة للأستاذة إلهام باجنيد من قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز، نشرت بجريدة عكاظ اليوم الاثنين

تتحدث المرأة السعودية عن حرمانها من قيادة السيارة وكأنها ألفت حصولها على جميع حقوقها وعدم حرمانها منها سوى هذا الأمر. طابور من علامات الاستفهام يتقافز من وسائل الإعلام المختلفة، ومن العالم أجمع ما الذي يحول دون السماح بذلك ؟ فيأتي إيضاح الملك عبدالله بأن الدولة مستعدة لتوفير المناخات اللازمة لأية قضية يوافق عليها المجتمع، لتكثر علامات الاستفهام حول الحائل إذا لم يكن الدين، أو السلطة !! الملفت للنظر إلى درجة العجب وضع المرأة السعودية هذا المطلب في قائمة أولويات مطالبها إلى حدّ الإيحاء بأن عدم مساواتها بنظيرها السعودي يقع فقط في دائرة الحرمان من قيادة مركبة الأحلام. الأمر لا يستحق هذه الضجة النسائية، والإعلامية المبالغ فيها باعتباره أمراً لا يمنعه الشرع، أو السلطة، ما يستحق كل ذلك الحائل الحقيقي المتستر خلف جدران النظرة المجتمعية المجحفة بالمرأة. التكريس النسوي، والإعلامي الأوْلى به أن يوجّه للمطالبة ببدهية مساواة المرأة بالرجل على المستوى الإنساني، إلى خلق نظرة منصفة تعترف بها كائناً إنسانياً له احتياجات وحقوق كغيره من بني البشر الذكور، هي بحاجة إلى توفيرها، وقبله الإحساس بها كائناً حياً قادراً على القيام بنفسه وعدم التبعية للآخرين غير عاجزٍ، أو مشلولٍ يتوكأ على أكتاف القادرين. المرأة بحاجة إلى الانفكاك عن النظرة المرتابة في قدرتها على الإجادة دون تدخل الرجل، تلك النظرة التي فُرضت عليها قضاءً، وقدراً ولم تُجدِ كل النماذج النسائية السعودية المشرفة المسؤولة في أرقى درجاتها في نفيها. هي بحاجة إلى رؤية ترتفع بها عن مجرد النظر إليها كأنثى خلقت فقط إرضاءً للرجل، وإشباعاً لحاجاته. الإطار الشرعي يحدّد قوامة الرجل على المرأة في حدود الزوجية، والمستوى الاجتماعي يتعدى الحدود ليعطي كل رجلٍ في المجتمع نفسه حق القوامة على كل امرأة فيه. حتى في أرقى المستويات العلمية تظل المرأة السعودية تابعة لنظيرها المكافئ لها في الدرجة العلمية والمسمى الوظيفي إلى حدّ الوقوف عاجزة أمام اتخاذ قرارٍ يخص شؤونها وشؤون من تتولى من بنات جنسها دون المرور بالمرجعية الذكورية. في ثنايا حديث تجاذبت أطرافه مع أحد محارمي سألني عن حق المرأة الشرعي في قيادة السيارة، فأجبته بالإيجاب لعدم وجود ما يدل على المنع، ووجود مؤيد من سيرة النساء في عصر الرسالة، وما بعدها اللائي ركبن الدواب، وخرجن لأعمال خارج البيت كمن كانت تجذّ نخلاً لها ترتزق منه، فما كان منه إلاّ أن قال: لو حدث وسمح للنساء بذلك، ووجدت إحداهن في طريقي سأحطم رقبتها. من يعتقد أنه كلام شاب طائش، أحمق، لا يتفاهم إلاّ بمنطق العضلنة سيذهل كما فعلت عند علمه أنه شاب متعلم، على درجة من الوعي والذكاء، والسماحة، ودماثة الخلق. المهم في ذلك أن هذا الحوار لفت نظري إلى ضرورة إعادة صياغة للمجتمع ذكوراً، وإناثاً من منطلقات تربوية يكون فيها الرجل أقل أنانية، وعنفاً، وأكثر إنصافاً، وعدلاً، وتربى المرأة على أن تكون أكثر ثقة بنفسها، وإيماناً بقدراتها. يتحقق ذلك متى سُمح لها أن تكون مسؤولة ذات اختيار تتحمل تبعاته سلباً، وإيجاباً دون أن تقوم الدنيا على رأسها وتقعد متى أخطأت في قرار، أو يستدعي تراثا ضخما كُرّس ذكورياً كشاهدٍ على عدم غرابة وقوع الخطأ منها؛ إذ لها فيه سوابق لا تحصى ولا تعد. الخطأ في اتخاذ قرارٍ ما كالإصابة فيه، المرأة ليست بدعاً فيه بالاعتبار الإنساني الذي يتساوى فيه الرجل والمرأة، تلحقهما جميعاً مسؤوليته الدنيوية أمام المجتمع، والأخروية أمام الله عز وجل. قول الملك عبدالله حفظه الله: الدولة عليها تهيئة المناخات اللازمة للقضايا التي يتفق عليها المجتمع، إشارة مدركة للأسباب الحقيقية كشفت بجلاء عن عدم وجود المانع الشرعي، أو السلطوي، كما أزاحت الستار عن حاجة المجتمع إلى تهيئة تستند إلى مقومات تربوية أخرى للرجل، والمرأة قوامها احترام فعلي للمرأة يتعدى حدود النظرية غير المجدية.

الجمعة، 6 أبريل 2007

حماية الحق في الاختلاف

نشرت هذه المقالة لي يوم الخميس 4/4/2007في جريدة عكاظ

كانت الطالبة الوحيدة التي تكشف عن وجهها في إحدى المدارس الثانوية في المكلا في حضرموت قبل ست سنوات ، كان الأساتذة من الجنسين ، وفي حضرموت كشف الوجه ليس مظهرا مألوفا ، كما أن التفاعل بين الطالبات والأساتذة نقاشا وسؤالا قليل جدا ، كان أمامي شهر كامل فقط لأستطيع أن أقدّم شيئا ما لطالبات الصف الأول الثانوي ، وحصل أول كسر للحاجز المتين المقام بيني وبينهن بسؤالها إياي بعد الدرس : أليس من حقي أن أكشف وجهي ؟ الشيخ القرضاوي أفتى بجواز ذلك .

قالت زميلتها : لكن العرف يا أستاذة في البلد هو تغطية الوجه فلا بد أن تلتزم به . قلت لهما : أبحث وأعود إليكما بالجواب في الدرس القادم . وبحثت وسألت مشايخي وكانت النتيجة التي لم أجد اختلافا حولها هي أن الأحكام التي اختلف فيها العلماء تظل احتماليتها ثابتة، وليس للعرف أن يلغي حكما ظنيا لحساب آخر ظني أيضا ، وليس أحد القولين من وجوب تغطية الوجه وجواز كشفه بأولى من الآخر قلت لها : لكن إن غطيت وجهك للخروج من الخلاف فهذا أفضل ، ولو عادت بي الأيام لما قلت لها ذلك ، ليس فقط لأن في قاعدة الخروج من الخلاف خلاف ، لكن لأن هناك توجها جمعيا ليس في حضرموت فقط لكن في بلدنا أيضا لجعل تغطية الوجه شعارا للتدين، وسبيلا إلى التفريق بين المسلمين ، بحيث تتهم من تكشف وجهها بقلة الدين ، و عدم الحياء ، فتنقلب سعة الشرع في التشريع إلى تضييق ونمطية ، تنميط يحرم الناس حقهم في الحياة التي تحفظ لكل فرد خصوصيته واختياراته في طريقة الحياة التي تلائمه.

ذكر هذا المعنى الشيخ علي جمعة في كتابه البيان لما يشغل الأذهان، وقال أن النقاب في مثل هذه الحال أي إذا جعل علامة على التفريق بين الأمة، أو شعارا للتعبد والتدين، فإنه يخرج من حكم الندب أو الإباحة إلى البدعة المذمومة.

ومثل النقاب أي حكم فيه للمسلمين سعة وأريد قصر الناس على رأي واحد فيه ، باعتماد فقه الأرجحية، وحصر الناس في خط واحد إذ ما سوى الراجح اتباعه خلل وتهاون، هكذا في تعميم مخل بمقصد الشرع في رفع الحرج.

وإذا كان الدين يكفل للآخذ بالقول الأكثر يسرا حقه في ذلك ، فهو أيضا لم يحرم الآخذ بالقول المتشدد حقه في الاختيار ، فنرى أن حفل الزفاف مثلا مع كون إجابة الدعوة إليه واجبة عند الجمهور، فإن هذا الوجوب يسقط إذا كان فيه ما اختلف في حله وحرمته ، كالمعازف مثلا ، فمن يعتقد حرمة المعازف ، تسقط عنه الإجابة حينئذ ، وله أن يعتذر إلى أخيه ويبين له اختلافه معه ، وعلى الداعي أن يحترم حق المدعو في الاختلاف فلا يشق عليه بجفوة أو غضب لا حق له فيه .

حماية حق الاختلاف في الظنيات هو حماية لقطعي من قطعيات الدين ، أسقط كثيرا مقابل الخلط البين بين الفقه والوعظ خلطا يفسد كلاهما ، وكثيرا ما تنقل عبارات عن القدماء تفهم على غير وجهها فتصب في جريمة انتهاك حق الاختلاف من ذلك لفظ البدعة ، وإطلاقه على عواهنه ، وقراءته قراءة مبتسرة ، ينقل عن الإمام أحمد أن القنوت في الفجر بدعة ، فيمتنع بعض الناس عن الصلاة خلف إمام شافعي لأنه مبتدع يقنت في صلاة الفجر ، و يشنع على من يجتمعون لقراءة المولد النبوي الشريف لأنها بدعة لم ترد ، والمسألتان وغيرهما من الظنيات التي اختلف العلماء فيها اختلافا ينبغي أن يحترم ، وبدلا من أن يرجع كلام الإمام أحمد إلى سياقه الصحيح ، بحيث يحمل على أنه قال ذلك في معرض النقاش العلمي لا الإنكار على المخالف ، يتخذ لفظ البدعية سيفا مصلتا على رقاب المخالفين . وكثير من المسائل التي شاعت بدعيتها هي من المسائل التي يسوغ الاختلاف فيها ، فيهدر هذا الحق ، ويفقد المخالف الأمن الذي كفله له الدين .

بل يسري هذا الهدر لحق الاختلاف في قضية التراتبية في الأحكام الشرعية ، بحيث ينظر إلى تارك السنن مثلا نظرة دونية في أوساط الملتزمين بالشعائر الظاهرة ، دون التفات إلى أن الطرق إلى الله تتعدد بتعدد استعدادات البشر ، فقد يقصر أحدهم في الصلوات المسنونة لكنه يسبق غيره في الصدقة أو حسن الخلق، فالأحكام الشرعية جعلت مراتب بحيث تكون دائرة الإلزام فعلا أو تركا ضيقة،وذلك لأنها شرعت بما يسع اختلاف الطاقات النفسية والروحية فضلا عن طبيعة الظروف الاجتماعية والاقتصادية . أتذكر أني سمعت محاضرة قبل سنوات طويلة للشيخ سعيد حوى-رحمه الله رحمة الأبرار- يتحدث فيها عن نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في التربية وأنه لم يكن يطالب أصحابه كلهم بمستوى واحد من الترقي مثلا لم يأخذ العهد إلا على بضعة نفر منهم أن لا يسألوا الناس شيئا فكان أحدهم إذا سقط السوط من يده وهو على ظهر الدابة لم يسأل أحدا أن يناوله إياه ، هذا الخلق لم يطلبه النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه جميعا لئلا يكلفهم مالا يطيقون، لم أنس أبدا عبارة الشيخ سعيد حوى رحمه الله:إن لكل إنسان سقفه الذي قد تفتنه في دينه إن حاولت أن ترفعه فوقه. لقد كانت توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم تؤكد على مراعاة الخصوصيات الفردية على مستوى التعامل مع النفس أو الغير، ومن جميل ما قرأت في هذا المعنى ما أورده العلامة الكتاني في كتابه التراتيب الإدارية عن رابعة العدوية قولها:" إن كان صلاح قلبك في الفالوذج فكل منه، فرب مشبع لا يريد الشبع وإنما يريد المصلحة،وليس كل بدن يقوى على الخشونة".

حماية الحق في الاختلاف واجب شرعي ، وفريضة تحتاج منا إلى تدارس ومجاهدة لتفعيلها ، مع التنبه إلى صلاح النيات في ذلك .

والله من وراء القصد .

رابط المقالة:

http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20070405/Con20070405100943.htm

الأربعاء، 4 أبريل 2007

بين الود والجمال .. بدايات ونهايات

يتحدث ربنا عن الزواج فيقول وهو يحثنا على التفكر والتأمل : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم21

ثم إذا تكلم عن ختم هذه العلاقة المقدسة : قال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً }الأحزاب49

علاقة بدؤها ود ورحمة وسكن ، وختمها – حال الطلاق- جمال وبر، إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ، يكون فيها الأصل الفضل لا العدل ، والمسامحة لا المشاحة ، ميثاق غليظ يؤكد الله عليه ، ويحث الأزواج على الالتزام به ، فهم تزوجوا بأمان الله ، كما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :" اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله " أمان هو أساس العلاقة من الزوج تجاه الزوجة، يؤمنها فلا تخاف ، ويكرمها فلا تهن ، وتسكن إليه كما يسكن إليها .

قالت لي : لم جعل الله المنزلة العظيمة للزوج حتى أنه قال عليه الصلاة والسلام ما معناه : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها . ولم يجعل مثلها للأب مثلا . قلت : وهل يقال ذلك إلا عن زوج متحقق بصفات الرجولة ، وأخلاق القوامة ؟ فإذا كان كذلك فمن يروي حاجة المرأة إلى السكن النفسي سواه ؟ فكيف لا تطيب نفسا أن تسجد له حبا وإكبارا ، إذا أمرها ربها بذلك ، وهل في سجودها له حينها إلا مزيد رفعة لها عنده ، ومزيد تقدير ، ومزيد حب وإعزاز، وهي حينها لن ترى في سجودها انكسارا بل عزة ، ولا ضعفا بل قوة . في علاقة تنبض حبا وودا واحتراما وسلاما نورانيا .

القيم المشتركة

هذه مقالة قيمة للعلامة الدكتور عبد الله بن بيه نفع الله به ، نشرت في موقع الإسلام اليوم ، وعنوانها : " القيم المشتركة " ، وأحب أن أتحدث قبلا عن الشيخ لأني تواصلت معه عن قرب ، كانت محاضراته في جامعة الملك عبد العزيز بجدة مستواها عال جدا ، كنت أجد صعوبة في فهم ما يقول ، وقد كنت أحضر مستمعة ، بعد أن تخرجت من جامعتي في المكلا في حضرموت ، كنت أتصل به من حين لآخر لأسأله عن مسائل فقهية تعترضني في تحضيري لدرس الأربعاء ، وقد كان حفظه الله دوما واسع الصدر ، حسن الخلق معي ، أذكر أنه مرة أعاد شرح إحدى المسائل لي ثلاث مرات حتى استحييت ، وكان يقول لي كل مرة : لا تخجلي إن لم تفهمي سأعيد عليك ، فأعجب من صبره ، وجميل خلقه ، رغم تقدمه عمرا ، أطال الله في عمره في عافية ، وجزاه عني خير الجزاء،أذكر أني لما كنت أدرس أحكام النظر ، اتصلت به لأسأله سؤالا لا يحضرني الآن ، لكن ما أذكره أنه قال لي بعد أن أجابني : المسألة التي لا بد لك من بحثها هي هل يجب على المرأة أن تغطي وجهها حال الفتنة، أي إذا لمحت أن الرجل ينظر إليها نظرات سيئة ، أنا هنا أنقل معنى كلامه لا نصه ، قلت له وأنا أشعر بالفرح لأني سأبدو أمامه مجتهدة : نعم يا شيخ ، الشافعية يوجبون تغطية وجهها في هذه الحال ، والمالكية لديهم لديهم أقوال ثلاثة : أحدها : هو الوجوب والثاني : أنه لا يجب عليها تغطية وجهها بل يجب على الرجل غض بصره ، والثالث : التفريق بين الجميلة وغيرها ، فيجب على الجميلة ولا يجب على غيرها . قال لي : وأين يذهب القائلون بالوجوب من حديث الفضل ، والشيخ يشير إلى الحديث الصحيح الذي في البخاري الذي جاء فيه نظر الفضل رضي الله عنه إلى المرأة كاشفة الوجه التي كانت تتحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغطية وجهها ، بل كان يصرف وجه الفضل عنها .

والشيخ مع ذلك كله لا يعرفني ، وكل مرة أذكره باسمي لكنه يبدو أنه لا يحتفظ بالأسماء ، فالسائلون له كثر، ورقم هاتفه متاح ليجيب عن الأسئلة بين المغرب والعشاء ، وقد عرفت أنه يستضيف في بيته طلبة العلم ، ويقريهم ، ويعلمهم ، بارك الله فيه .

لا تنسوا أن تقرأوا المقالة ، فهي ( تضبط المزااااج ) تماما ! ما شاء الله .

http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=8931

الثلاثاء، 3 أبريل 2007

الله عودك الجميل فقس على ما قد مضى

قس على ما قد مضى وأقبل قائلا حنانيك ربي ، بك ألوذ ، وعليك أتوكل ، فإذا ما كان الهم مازال آخذا بتلابيبك ، فاستعن عليه بحديث مع قريب (يحبك بجد) ، وبعطاء صغير تفرح به قلب أحد ممن حولك ، استمع لأنغام وهي تغني (القالك حد ) وتأمل عظم نعمة الله عليك في أهلك ، ثم اقرأ لأستاذ عبد الوهاب مطاوع –رحمه الله - ودع روحه تحتضن روحك لتهبك السكينة والأمل والقوة كما الحب والاعتزاز بجميل القيم ، ثم اختم بفيلم راق يهبك إشراقة تخلد بعدها إلى النوم وفي وجدانك يقين بأن الله عودك الجميل فلن يضيعك .

الاثنين، 2 أبريل 2007

أول السلم

سألتني هل : أنت معلمة ، قلت لها : لا ، لا أعمل حاليا في وظيفة ثابتة ، قالت : تعلمين ؟ أقوم حاليا بكتابة بحوث صغيرة في موضوعات تهم الأسرة ، لكن نظرا لكثرة التزاماتي ، وعدم قدرتي على استعمال الكمبيوتر فأحتاج إلى من يساعدني . ما رأيك أن تفعلي . ابتسمت ابتسامة متحفظة وقلت لها : أي نوع من المساعدة ؟ قالت لي : تجمعين المواد وترتبينها وتقومين بصياغتها ، وأرتني بحثا صغيرا لديها ، اقتصر فيه العمل تقريبا على الجمع . قلت لها : لكن ألا ترين أن كتابة بحث ما تحتاج إلى أن يضيف الباحث شيئا ما إلى الموضوع محل البحث ، قالت لي : نعم أريد أن تقدمي في البحث فكرا ينفع الناس . قلت وابتسامتي لا تفارقني : لكني لكي أقوم بذلك لا بد أن يكون العمل منسوبا إلي لا إلى غيري . قالت لي : لكني لا وقت لدي وإلا قمت بالعمل وحدي . قلت لها : لا يناسبني ذلك . فردت بابتسامة خجلة : لا بأس . حوارنا اليوم تلقيته بروح هادئة ، وابتسامة ثابتة ، ولو كان الأمر قبل سنوات لأحسست بمرارة وغصة ، لكن الأيام علمتني كيف أرفض من علو دون تشنج داخلي ، والعجيب أني لم أشعر بالحنق على الدكتورة التي طلبت مني ذلك ، أحسست فقط أني لقنتها درسا هادئا بهدوء حبي لها ، وإشفاقي من سوء التقدير الذي جعل على بصيرتها غشاوة منعتها من رؤية حقيقة بدهية هي أن العمل الفكري لا يقابل بمال ، ما يقابل بمال هو الجهد ، لا إثبات العمل لصاحبه . قبل سنوات حصل لي الموقف ذاته ، مع مديرة إحدى الهيئات الفكرية ، قالت لي : ورقة العمل التي قدمتها لي ستكتب باسمي وهكذا كل ورقة عمل تقدمينها ضمن لجنة البحوث، لم أستوعب حينها كلامها ، وأخذت أناقشها بهدوء كيف ينسب العمل لغير صاحبه ، فلنضع اسم الهيئة عليه ، قالت : أنت لا تعلمين طبيعة العمل المؤسساتي ، عندما كنت في عمرك كان رؤسائي ينسبون أبحاثي إليهم ، هذه هي طبيعة العمل ياعزيزتي ، ولا بد من ذلك خدمة للإسلام والمسلمين ! هدوؤها لم يدم مع جدلي الذي كان يرفض أن يصدق أن يتحدث إنسان بهذا المنطق رغم نسبته إلى التدين والدفاع عن الحقوق ، وقالت : ستظلين صغيرة طول عمرك ، لو لم تتعلمي كيف تصعدين السلم . قلت لها: فلأظل في أول السلم إذا كانت الضريبة هي فقدان مبادئي ، واحترامي لذاتي . لم يكن القرار سهلا ، الانفصال عن المكان الذي وجدت فيه روحي ، لكن كان لا بد منه ، وتعلمت بعد ذلك من مواقف مشابهة مع غيرها ، أن لا أنخدع بالشعارات التي يتشدق بها من نظنهم كبارا ، وأن الكبير حقا يكشف عنه سلوكه لا منصبه أو حلاوة لسانه أو عمق فكره . كما حمت هذه التجارب قلبي من الشعور بالمرارة كلما سمعت عرضا كهذا ، وصارت إجاباتي أقل حدة ، وأكثر ترفعا ، وأنضج من حيث قدرتي على الموازنة بين نقائص هؤلاء وفضائلهم . قالت لي أختي : ألا ترين أنك تبالغين في حتة ( الفكر ) دي ؟ قلت لها : أبدا ، لأني أعتقد أن كتابة بحث ما إما أن تضيف شيئا أو لا تضيف ، ولست أرضى أن أشارك في عمل لا طائل من ورائه ، وما كان مفيدا فلا بد أن ينسب لأصحابه لا إلى سواهم .

الأحد، 1 أبريل 2007

كثير من الصدق ..كثير من الألم الجميل

الألم الجميل هو ذاك الألم الذي يحتضن أرواحنا وأشواقنا وأمانينا يحتضنها ليهديها الرفعة والطهر والسمو ، ألم لا نملك إلا أن نحبه لأنه يجعلنا أكثر يقينا بقيمنا التي طالما تمسكنا بها رغم العاديات ، ألم يجعلنا أقوى وأقدر على الاقتراب من جمالنا الداخلي ، وإزاحة الضباب الذي يصر على زيارتنا حينا بعد حين .

ألم يجعلنا أجمل ، و يحفظ لنا صفاءنا ، ويجعلنا نقبل على الحياة و معنا ربنا يحفظ لنا قلوبنا وعقولنا وجوارحنا ، فلك الحمد ربنا على الألم الجميل الذي به عرفنا به أن المنع هو شهود لقهرك ، فأنت به متعرف إلينا ، مقبل بجودك علينا ، أليس المنع من ربنا عين العطاء ؟